إذا كنت من بين أولئك الذين يريدون السفر إلى مختلف الأماكن حول العالم ولكن ميزانيتك لا تساعدك وليس لديك الوقت الكافي للانتقال من قارة إلى أخرى، فما عليك إلا زيارة الهند لمشاهدة نسخ طبق الأصل من سويسرا، ووادي الظباء في الولايات المتحدة الأميركية، والقرى الجذابة الرائعة في فرنسا، وفينيسيا الهندية، ومسطحات بونفيل الملحية في ولاية يوتاه الأميركية، والصحراء الأفريقية، وغيرها الكثير.
إن خاجيار في ولاية هيماشال براديش الهندية بجبال الهيمالايا هي المقابل الهندي لسويسرا الأوروبية.
ترتفع خاجيار نحو 6500 قدم فوق سطح البحر، وتستقر على هضبة صغيرة مع بحيرة يغذيها جدول رقيق في المنتصف. ويحاط أعلى التل بالمروج والغابات. ولقد ساعد ويلي تي. بليزر، نائب المستشار ورئيس مجلس سويسرا في الهند، على إبراز خاجيار على خريطة السياحة العالمية لما وصفها بقوله: «سويسرا الصغيرة». كما أنه وضع علامة صفراء لمسار المشي طويل المسافات التي تعبر عن طول المسافة بين العاصمة السويسرية برن ومدينة خاجيار التي تبلغ 6194 كيلومترا. كما أخذ المستشار حجرا من خاجيار الذي سوف ينضم إلى ملصقة حجرية حول البرلمان السويسري لتذكير الزوار بمدينة خاجيار: سويسرا الهندية المصغرة. وأفضل ترفيه تجده في خاجيار هو المشي حول البحيرة أو الخروج في رحلات سير طويلة في غابات الصنوبر الكثيفة. كما يستمتع الأطفال بذلك المكان كثيرا بسبب حرية الحركة والتضاريس المنزلقة التي تسمح لهم بالانزلاق نحو البحيرة من دون أي إصابات يتعرضون لها. كما يعتبر ركوب الخيل من مواطن الجذب الترفيهية أيضا هناك.
وإذا كنت معجبا بالقرى الفرنسية الرائعة ورائحة الكرواسان الطازج، فما عليك إلا الذهاب لزيارة منطقة بونديشيري.
تلك المدينة الصغيرة الساحرة في جنوب شرقي الهند التي تتمتع بسحر فرنسي خالص وتتميز بعشق الحياة ذلك الذي يذكر الزوار بأنها كانت مستعمرة فرنسية سابقة. ورغم أنها ضُمت إلى الهند في عام 1962. بعد عدة عقود تحت الاحتلال، فإنني مسرور بالإشارة إلى أن البلدة ما زالت تحتفظ بطابعها الفرنسي الفريد، ولا تزال الشوارع تحمل الأسماء الفرنسية، وجُددت المباني التراثية القديمة حتى استعادت مجدها السابق، وتنتشر المخابز الفرنسية الصغيرة التي تعيد إحياء تقاليد صناعة الحلويات الفرنسية. كما تعتبر اللغة الفرنسية حتى الآن هي اللغة الثانية لدى الكثير من السكان المحليين هناك. يستعيد زوار تلك البلدة على الفور ذكريات زمان كانت عقارب ساعاته تتحرك ببطء وتنتشر فيه المنازل الاستعمارية الفاخرة. لا يزال هذا الجزء المتميز من البلدة محتفظا برونقه الأوروبي القديم. حيث تمكن السكان المحليون من الأثرياء، بمساعدة من السلطات السياحية والمؤرخين الفرنسيين، باستعادة الكثير من المباني التاريخية هناك. ولا تزال الطرق تحمل تخطيط الشوارع الفرنسية القديمة مع أسمائها الفرنسية الباقية. ومن أفضل الطرق للبدء في استكشاف الشوارع هو بالسير على الأقدام. حيث يمكنك البدء في مشوارك من حديقة بهاراتي في شارع ماهي دي لابوردونيه، ثم الانعطاف يسارا إلى شارع رومان رولاند، والمسير حتى آخر الشارع، ثم الانتهاء بشارع غوبير أو الشاطئ المواجه للمتنزه. هناك الكثير من المباني الجميلة، والمعارض، والمتاجر، والمقاهي المتناثرة في مختلف الشوارع. ويعد شارع غوبير أو شارع المتنزه هو أبرز معالم بلدة بونديشيري. وفي كل مساء عقب الساعة الخامسة، يُغلق الشارع في وجه السيارات ويُسمح بالمسير فيه للمارة فقط، مما يجعله من مواطن الجذب المحلية للمسيرات المسائية بين سكان البلدة.
إذا كنت تعتقد أن وادي الظباء بالولايات المتحدة هو الأروع على الإطلاق، فليس عليك السفر إلى الولايات المتحدة للاستمتاع بجماليات حقول الزهور الممتدة. تعال إلى وادي الزهور في جبال الهيمالايا، وتحديدا في ولاية أوتارخاند الهندية.
ومن المثير للدهشة، أن وادي الزهور الهندي هو من أجمل عجائب الطبيعة في الهند، وهو معروف بمروجه التي تضم الزهور الألبية المتوطنة، ومجموعات متنوعة من النباتات. وتمتد تلك المروج البهية إلى 87 كيلومترا مربعا، ولقد ظلت تلك الجنة الأرضية الرائعة غير معروفة للعالم الخارجي حتى اكتشفها المتسلق الجبلي البريطاني الشهير فرانك إس. سميث في عام 1931. وهي مدرجة على مواقع التراث العالمية التابعة لمنظمة اليونيسكو، وتقع تلك الجنة على ارتفاع شاهق من جبال الهيمالايا، وتحدها سلاسل الجبال الجليدية المتلألئة المنتشرة والتي تعبر بجلاء عن شخصية المكان وسحر الطبيعة في أبهى صورها. وتلك المنطقة التي لم تفسدها غزوات جيوش الاستعمار يسيطر عليها بهاء الجليد الناصع في فصل الشتاء كما أنها تنتفض بالازدهار والإثمار بحلول شهور الصيف. ويبعث ذلك الوادي الجميل على النعاس وسط الكثير من النباتات الاستوائية الزاهية التي تبدو مثل سجاد طبيعي ممتد ورائع. ومن الأماكن التي تجذب الأنظار هناك الشلالات الصغيرة المنحدرة، والجداول الرقيقة، وفوق كل شيء هناك المروج الخضراء التي تنتظر الزوار عبر الطريق. وفي وجود الأراضي الوعرة الزاهية، والجداول الكريستالية الرقراقة، والقمم المهيبة، فإن تلك اللوحة الفنية المزهرة تستحق المشاهدة والاستمتاع. إن أفضل المواسم لزيارة وادي الزهور هو بين شهري يوليو (تموز) وأكتوبر (تشرين الأول). حيث يكون الوادي موطن الحيوانات النادرة والمعرضة للانقراض والتي تضم فيما بينها الدب الآسيوي الأسود، وغزال المسك، ونمر الجليد الأرقط، والثعلب الأحمر، والدب البني، والأغنام الزرقاء. كما توجد هناك أيضا أنواع مختلفة ومتنوعة من الطيور. ولذلك، يأتي لزيارة وادي الزهور الكثير من السياح من كافة أرجاء العالم.
ونأتي الآن إلى بندقية الشرق، وهي بلدة اليبي الشهيرة ببحيراتها الخلفية البدائية التي تتناثر حولها أشجار النخيل الفارعة.
تقع بلدة اليبي، أو كما يسمونها هناك ببلدة الرب، في إقليم كيرالا، وهي بلدة جميلة ذات قنوات رائعة، وبحيراتها الخلفية، وشواطئها الساحرة، حتى إنها وصفت بأنها من الأماكن التي تعتبر «فينيسيا الشرق» على لسان اللورد كورزون. شيدت تلك البلدة البعيدة المختفية، بأسواقها، على شبكة من القنوات المائية الممتدة. وتنتشر أشجار جوز الهند في كل مكان، وهناك أنشطة لصناعة الليف من ثمار جوز الهند، وبناء القوارب، وعصر الخمور، والمزارع السمكية، التي تعتبر مجموعها عماد الأنشطة الاقتصادي في البلدة. مما يعطي الزائر رؤية حقيقية داخل البحيرات الخلفية في ولاية كيرالا مع لمحة عن حياة سكان البلدة. تعتبر اليبي أقدم البلدات في تلك المنطقة، وتتمتع بشواطئ مشمسة، وخلجان قديمة، وسواحل مفعمة بالحيوية، وقنوات تجوب خلالها بالقوارب ولا تريد التوقف أو الرجوع. عبر السنين، ظهرت تلك الوجهة كموطن لسياحة البحيرات الخلفية الهادئة، حيث تجتذب إليها الآلاف من السياح سنويا. كما يشتهر ذلك المكان كذلك بسباقات القوارب، والعطلات التي يقضيها الزوار في المراكب، والشواطئ الممتدة، والمنتجات الساحلية، وصناعة ليف جوز الهند. وفي كل عام، خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، يتوافد السياح على بلدة اليبي لمشاهدة سباق كأس نهرو للقوارب. وحيث إن الممرات المائية هي وسيلة الانتقال الوحيدة بين منازل السكان، فلست في حاجة إلى حجز التذاكر إلى فينيسيا الشرق كي تعيش تجربة حياتية جديدة كمواطن «مائي».
إذا كانت تعجبك فكرة الرحلات الصحراوية، فعليك تجربة التزحلق على رمال صحراء ثار الهندية الشاسعة - والتي تعكس تحت ضوء الشمس ألف درجة ودرجة من اللون البني. وليس هناك من مكان آخر أو أفضل للاستمتاع برحلات السفاري وركوب الجمال في الصحراء ومشاهدة غروب الشمس عبر الرمال المتحركة والكثبان الرملية في صحراء ثار.
تمتلك الهند أراضي صحراوية جرداء وقاحلة، وكثبانا رملية لا نهاية لها وليالي مليئة بالنجوم الزاهرة. لا داعي لإضاعة المياه في الصحراء. كان في سالف الأيام هناك مدخل وحيد إلى تلك الصحراء الشاسعة، جيسالمر، الذي كان في يوم من الأيام محلا مفعما بالحركة والنشاط على طول طريق الحرير القديم. ولقد كان محل توقف معروف للمسافرين الذي كانوا يفضلون قطع 320 ألف كيلومتر من صحراء ثار بدلا من اجتياز جبال هضبة بأمير في أواسط آسيا. وفي القرون اللاحقة، تلاشى تاريخهم وحكاياتهم من ذاكرة الأيام، غير أن الصحراء لا تنسى. تجسد صحراء ثار الواسعة وغير العطوف بعدا رومانسيا للشعور بالخلود، وهو الشعور بأن الماضي لا يزال حيا في الحاضر. وكجزء من طريق الحرير الذي كان يربط الصيب بكل من تركيا ثم إيطاليا عبر الهند وأواسط آسيا - كانت صحراء ثار شاهد عيان على سراب صحراوي كان أكثر احتمالا لدى المسافرين من الماء ذاته: قوافل الجمال الملونة المسافرة عبر الصحراء والمحملة بالتوابل، والحرير، والمنسوجات، والأحجار الكريمة، والحلي البرونزية، ويقودها التجار الأثرياء من الصين، والشرق الأوسط، وحتى من مصر، والذين راهنوا على حياتهم وثرواتهم للبقاء على قيد الحياة عبر الصحراء القاسية. وإذا حالفك الحظ وحضرت أحد المهرجانات الصحراوية، فسوف تكون تجربة استثنائية رائعة. فليست إلا أعمال شغب من الألوان، والضوضاء، والأقمشة الغنية، وسحرة الثعابين، والجمال الموشاة بأجمال الألبسة خصيصا لتلك المهرجانات. إنها الهند في أفضل حالات جنونها. ولن تتمكن فعليا من إدراك سحر جيسالمر حتى تذهب لزيارتها. فقد تسمع الكثير من القصص عن روعة مناظرها الصحراوية الطبيعية وكثبانها الرملية الممتدة، ولكنك لن تدرك تلك الجماليات إلا إذا ذهبت فعلا لزيارتها وتعلم المعنى الحقيقي لمقولة «حافة العالم».
قبل أن تراودك الأحلام بزيارة مسطحات بونفيل الملحية في ولاية يوتاه الأميركية، عليك فقط المسير عبر مسطحات ران أوف كوتش العظيمة والغامضة.
تماما على غرار دولة بوليفيا أو ولاية يوتاه الأميركية، فإن مسطحات ران أوف كوتش الهندية الواقعة في ولاية غوجارات الغربية الهندية توفر لك نفس المشاهد الصحراوية الملحية البيضاء. قبل عدة سنوات، عندما توقفت عند حافة «صحراء ران البيضاء»، أصابني الدوار من أكبر صحراء ملحية في العالم، حيث تتلألأ البلورات الملحية تماما مثل الماس تحت أشعة الشمس الحارقة وحيث يبدو اتساع المكان بلا نهاية أو حدود ويتمتع بغرابة شديدة تحت وهج البدر الأزرق الناصع. ومن دون جداول الرحلات المكتظة بمواطن الجذب السياحي المتعددة و«الأشياء» التي ينبغي فعلها، وبمزيد من الأهمية، ومن دون تشتيت الانتباه على شبكات الهواتف الذكية، يعتبر أحدنا حرا تماما في كل شيء هناك، حرا في قراءة أحد الكتب بكامله، أو حرا في إطلاق العنان للأفكار والتصورات، أو التعبير عنها بالكلمات، أو بمنتهى البساطة، الحرية في ألا تفعل شيء على الإطلاق. هناك الهدوء الصحراوي المهيب الذي تمتصه ويستوعبك هنا، وتسمح له بإبطاء حركتك العنفوانية الجريئة، ويتيح لك الاستمتاع بالتأمل، بعناية وباهتمام، ولجزء لا بأس به من الساعة، هروبا من تصرفات بعض الحشرات غير اللطيفة، والانقضاض السريع والارتفاع الخاطف لطيور السنونو، أو مجرد الاستماع إلى النشاز الخفيف لتغريد العصافير الصاخبة التي ترفرف من أحد الأكواخ إلى الآخر. في بعض الأحيان، تكون أعلى ضوضاء مسموعة في المكان هي النسيم الذي يتلامس مع أذنيك. وبكونها استراحة من حياة المدينة، فإنها تجربة تعد مهربا ثريا ومترفا. ومن واقع أنها تجربة للبقاء على قيد الحياة، فهي تجربة مرعبة بحق. لا مجال للأخطاء - فرغم معالمها الساحرة، لا تزال صحراء ران من قوى الطبيعة الشرسة. إن السفر إلى صحراء ران لا يعني بالفعل إلا السماح لها باختراق ذاتك، والنخر في عضد قواك، والتأمل في ضراوتها المرعبة، وقدرتها المخيفة على استنزاف قوتك، وتجفيف منابع الحياة في عروقك، وقذف الرؤى الغريبة في ضميرك ومخيلتك. إنها موطن الطيور المهاجرة من مختلف الأنواع، مثل القبرات وطيور النحام، وموطن الحمير البرية الآسيوية المهددة بالانقراض. كما أنها مشهورة بين السكان باسم ران أوستاف، وهو المهرجان السنوي بعروضه الموسيقية والراقصة، ورحلات السفاري على ظهر الجمال، ومهرجانات الطعام، الذي يمتد من ديسمبر (كانون الأول) وحتى مارس (آذار).
وإذا ما كنت لا تستطيع قطع الرحلة الطويلة إلى غراند كانيون الأميركي عبر رحلتك الأخيرة إلى ولاية كاليفورنيا، فقم بزيارة غانديكوتا في جنوب الهند.
فهي تقع وسط الغابات البرية والمناظر الطبيعية الخلابة، وتتمتع بالكثير من الموارد الطبيعية الهائلة، وكثيرا ما يُشار إليها بأنها غراند كانيون السري بالهند. وتوجد في ولاية اندرابراديش الجنوبية الهندية، فإن غانديكوتا تستلهم اسمها من ذلك الحصن القديم المتاخم للخليج العميق في تلال ايرامالا. يمتد الخليج العميق مسافة 4 كيلومترات وهو بعمق 700 متر. وإلى الأسفل بمسافة مائة قدم، يتدفق نهر بينا الذي يتسع لـ300 قدم ما بين ضفتيه عند سفح التلال الحمراء. وليست هناك متعة أروع من أن تترك العنان للطبيعة كي ترشدك إلى استكشاف جمالياتها. وليست الرحلة إلى غانديكوتا سوى الاستمتاع بذلك، فهناك شيء ما في تلك الوديان يدعوك للتوقف وإعادة تقييم حياتك. لا تشح برأسك بعيدا، بل كنت متيقظا وطالع الأراضي الشاسعة من حولك. إن الروعة والبهاء تحيط بكل ركن من أركان ذلك الحصن، لاحظ البوابة المعدنية الضخمة ذات المسامير. والبوابة بارتفاع 20 قدما كما يضم الحصن الكبير بداخله عددا من الحصون الصغيرة. وهناك صومعة للحبوب بالقرب من الحصن. وبداخلها هناك اثنان من المعابد الجملية ومسجد ذو عمارة مدهشة يسمى مسجد جاما. اطلب من حارس البوابة أن يسمح لك باستكشاف الحصن. ومن أعلى المسجد سوف تشاهد منظرا رائعا للخليج. وتوجد حول المسجد بركة مياه - يسميها السكان المحليون بركة كاثولا كونيرو أو بركة السيوف، ويقولون إن الملوك اعتادوا غسل سيوفهم فيها قبل الخروج للحرب.
فرنسا وسويسرا والبندقية.. كلها في الهند
بلاد تختصر زيارات العالم وتوفر عليك التنقل من قارة إلى أخرى
فرنسا وسويسرا والبندقية.. كلها في الهند
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة