هدوء في قندوز.. والجيش يطارد مقاتلي طالبان

قتلى في تحطم طائرة عسكرية أميركية بأفغانستان

جندي أفغاني يرفع يديه بعلامات النصر فوق سيارته العسكرية في قندوز أمس (أ.ب)
جندي أفغاني يرفع يديه بعلامات النصر فوق سيارته العسكرية في قندوز أمس (أ.ب)
TT

هدوء في قندوز.. والجيش يطارد مقاتلي طالبان

جندي أفغاني يرفع يديه بعلامات النصر فوق سيارته العسكرية في قندوز أمس (أ.ب)
جندي أفغاني يرفع يديه بعلامات النصر فوق سيارته العسكرية في قندوز أمس (أ.ب)

يقوم الجيش والشرطة الأفغانيان، أمس، «بتمشيط» قندوز لضبط مقاتلي حركة طالبان، الذين يختبئون فيها بعد استعادة هذه المدينة الاستراتيجية في شمال البلاد. وقال سكان هذه المدينة التي تضم 300 ألف نسمة وتقع على طريق طاجيكستان إنهم «لم يعودوا يسمعون إطلاق نار»، أمس، غداة استعادة المدينة، التي جرت بفضل المساعدة الحاسمة للطائرات الأميركية وجنود حلف شمال الأطلسي.
وكانت طائرة عسكرية أميركية من طراز «سي - 130» تحطمت ليلة أول من أمس في شرق أفغانستان، مما أدى إلى سقوط أحد عشر قتيلاً بينهم ستة عسكريين أميركيين من حلف شمال الأطلسي. وتحطمت الطائرة قرابة منتصف ليلة أول من أمس (19:30 بتوقيت غرينتش) في مطار جلال آباد. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن ستة عسكريين أميركيين وخمسة متعاقدين في شركات تعمل للحلف قتلوا من غير أن يكشف جنسيات هؤلاء الموظفين.
وأوضح الكولونيل في سلاح البر الأميركي براين ترايبوس أن «الطاقم والركاب قتلوا». وأكدت حركة طالبان التي تتمتع بوجود كبير في المنطقة وتتبنى باستمرار بلا أدلة حوادث جوية في أفغانستان، وتبالغ في الأرقام التي تعلنها، أنها أسقطت الطائرة. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان على موقع «تويتر»: «أسقط مجاهدونا طائرة أميركية ذات أربعة محركات في جلال آباد». وأضاف: «استنادًا إلى معلومات جديرة بالثقة قتل 15 من عناصر قوات الاحتلال وعدد من عناصر القوات الدمية».
لكن الكومندان توني ويكمان الذي يعمل في بعثة الحلف عبر لوكالة الصحافة الفرنسية عن «ثقته شبه الكاملة بأن أي هجوم من العدو لم يساهم في تحطم الطائرة». وطائرة «سي - 130 هركوليز» هي طائرة شحن عسكرية ذات أربعة محركات من إنتاج «لوكهيد مارتن»، وتستخدمها القوات المسلحة لنقل جنود ومعدات ثقيلة. والمتعاقدون الذين قتلوا كانوا يعملون لحساب المهمة الجديدة للحلف التي تهدف إلى تقديم النصح للقوات الأفغانية وتأهيلها بعدما أصبحت وحيدة في مواجهة تمرد طالبان منذ انتهاء المهمة القتالية لقوات التحالف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ولم تعد قوات الحلف تضم أكثر من 13 ألف جندي في أفغانستان بينهم عشرة آلاف أميركي. وتقع جلال آباد على محور استراتيجي بين المنطقة الحدودية المحاذية لباكستان، حيث يتمركز الكثير من المتمردين وكابل. وقد استهدف المطار المحلي الذي يضم قاعدة عسكرية مهمة بهجمات عدة مرات. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2012 شن عناصر طالبان هجومًا على المطار كان الثالث في تلك السنة، شمل تفجيرات انتحارية تلتها معارك استمرت ساعات مما أدى إلى مقتل خمسة أفغان هم ثلاثة حراس ومدنيان. ولم يتمكن مقاتلو طالبان من اختراق أول جدار دفاعي في هذا المعسكر الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة. ويأتي حادث تحطم الطائرة بينما استعادت القوات الأفغانية، أول من أمس (الخميس) قسمًا من مدينة قندوز الاستراتيجية الشمالية من أيدي طالبان الذين احتلوها لبضع ساعات، الاثنين. وإزاء هزيمة القوات الأفغانية تم إرسال جنود ألمان وأميركيين وبريطانيين من القوات الخاصة إلى قندوز.
وأعلن الحلف الأطلسي أن جنودًا أميركيين «ردوا» على نيران أطلقها عليهم مقاتلو طالبان أول من أمس، من غير أن يعطي حصيلة لإطلاق النار. كما شنت القوات الأميركية ضربات جوية على المتمردين. وكان عدد من سكان قندوز ذكروا لوكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس أن القوات الحكومية استعادت عددًا كبيرًا من الأحياء الأساسية للمدينة من المتمردين، الذين احتلوها الاثنين بعد هجوم خاطف سيطروا على أثره للمرة الأولى على مدينة كبرى في البلاد خلال نحو 14 عاما. لكن يبدو أن الهدوء عاد أمس.
وقال رجل يدعى ذبيح الله ويقيم في المدينة: «ليس هناك أحد في الشوارع، والمحلات التجارية مغلقة، وليست هناك أي معركة بين طالبان والقوات الأفغانية». وأكد شاهد وهو من سكان المدينة أيضًا هذه المعلومات قائلا: «لم نعد نسمع دوي انفجارات ولا تبادلا لإطلاق النار».
وقال الناطق باسم شرطة الولاية سيد سروار حسيني إن «قوات الأمن انتشرت في قندوز» مستفيدة من هذا الهدوء. وأضاف: «نقوم بتمشيط الشوارع الصغيرة والبيوت للعثور على مقاتلي طالبان. سنجدهم وسنقتلهم». وعلى الرغم من هذا الهدوء، يبدو أن الوضع الإنساني صعب. فقد عبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن «قلق متزايد على رخاء المدنيين ومن نقص المواد الطبية والطواقم».
وأحصت وزارة الصحة الأفغانية منذ الاثنين 60 قتيلاً و400 جريح، بينما تحدث المركز الطبي التابع لمنظمة أطباء بلا حدود أنه يعالج 345 شخصًا بينهم 59 طفلاً.
ولا تشكل استعادة قندوز انتصارا لكابل على الأمد الطويل في مواجهة طالبان التي أظهر مقاتلوها في الأيام الأخيرة قدرتهم في هذه المنطقة الواقعة في شمال أفغانستان، حيث يقاتلون الحكومة على عدة جبهات.
وستبقى سيطرة المتمردين على مدينة قندوز نكسة بالغة الخطورة للرئيس أشرف غني الذي يتولى الحكم منذ سنة بالضبط، وللقوات المسلحة التي باتت وحدها في الخطوط الأمامية منذ انتهاء المهمة القتالية لحلف شمال الأطلسي في ديسمبر الماضي.



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.