ما وراء الحوسبة السحابية... الذكاء الاصطناعي يتوقع المناخ

عبر تحليل بيانات الطقس التاريخية

يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس مجموعة واسعة من القطاعات منها السياحة والزراعة والطاقة (شاترستوك)
يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس مجموعة واسعة من القطاعات منها السياحة والزراعة والطاقة (شاترستوك)
TT

ما وراء الحوسبة السحابية... الذكاء الاصطناعي يتوقع المناخ

يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس مجموعة واسعة من القطاعات منها السياحة والزراعة والطاقة (شاترستوك)
يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس مجموعة واسعة من القطاعات منها السياحة والزراعة والطاقة (شاترستوك)

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في التنبؤ المناخي بسبب سرعة تطوره وامتلاكه القدرة على إحداث ثورة في أساليب التنبؤ تلك.

تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من بيانات الطقس التاريخية ويمكنها التعرف على الأنماط التي يصعب أو ربما يستحيل على البشر اكتشافها، ما يعني قدرات تنبؤية دقيقة وسريعة أكبر من النماذج تلك التقليدية.

تعلم الآلة والتعلم العميق

تدفع تقنيات تعلم الآلة إمكانيات التنبؤ بالطقس عبر الذكاء الاصطناعي إلى آفاق واسعة من حيث تدريب خوارزمياتها على بيانات الطقس التاريخية لتعلم كيفية التنبؤ بالظروف الجوية المستقبلية. وتتمكن هذه الخوارزميات من تحديد العلاقات المعقدة بين متغيرات الطقس المختلفة كدرجة الحرارة والضغط والرطوبة.

تقنية مهمة أخرى هي «التعلم العميق» حيث تكون تلك الخوارزميات قادرة على تحليل كميات كبيرة من البيانات دون الحاجة إلى تدخل بشري. وقد ثبت أن خوارزميات «التعلم العميق» فعالة بشكل خاص في التنبؤ بالظواهر الجوية المعقدة مثل الأعاصير والعواصف.

التنبؤ بإعصار «لي» حدث ذلك بفضل نموذج «Graph Cast» الذي طورته شركة «Google AI» (شاترستوك)

قصة تنبؤ ناجحة

في عام 2023، تمكنت نماذج الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بمسار إعصار «لي» قبل أسبوع من حدوثه وبدقة أكبر من نماذج التنبؤ التقليدية.

فقد تشكّل إعصار «لي» في المحيط الأطلسي في 20 سبتمبر (أيلول) 2023، حيث اشتدت العاصفة بسرعة ووصلت إلى الفئة (4). ثم اتجه الإعصار شمالاً وبدأ في الاقتراب من ساحل نيو إنغلاند.

في 25 سبتمبر، أصدر المركز الوطني للأعاصير «NHC» تحذيراً في المناطق الساحلية في ماساتشوستس ورود آيلاند. وتوقع المركز أن يصل «لي» إلى اليابسة بالقرب من نانتوكيت بولاية ماساتشوستس في 26 سبتمبر. وفي ذلك اليوم تحول «لي» قليلاً نحو الشرق ووصل إلى اليابسة في نوفا سكوتيا في كندا باعتباره إعصاراً من الفئة «2» وتسبب في أضرار واسعة دون وقوع إصابات كبيرة.

نظام التنبؤ بالعواصف الرعدية (TFS) يتنبأ بتكوين العواصف الرعدية بما يصل إلى 6 ساعات مقدماً وبدقة تصل إلى 80 % (شاترستوك)

كيف حدث التنبؤ بـ«لي»؟

حدث ذلك بفضل نموذج «Graph Cast» الذي طورته شركة «Google AI» وهو نموذج لـ«التعلم العميق» يتم تدريبه على مجموعة بيانات ضخمة من صور الأقمار الصناعية وبيانات الطقس الأخرى. النموذج قادر على تحديد الأنماط في هذه البيانات التي يصعب على البشر اكتشافها.

وفي حالة إعصار «لي»، تمكن «Graph Cast» من تحديد نمط في حركة العاصفة يشير إلى أنها ستتجه شمالاً وتقترب من ساحل نيو إنغلاند. لم يكن هذا النمط واضحاً على الفور للبشر، لكن «Graph Cast» تمكن من اكتشافه واستخدامه للتنبؤ بمسار العاصفة بدقة كبيرة.

تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات كبيرة من بيانات الطقس التاريخية والتعرف على الأنماط التي يصعب على البشر معرفتها (شاترستوك)

نموذج «Pangu - Weather»

بالإضافة إلى نموذج «Graph Cast» من «Google AI»، تطور «Huawei Cloud» نموذج طقس آخر مدعوماً بالذكاء الاصطناعي تم تدريبه على مجموعة ضخمة من بيانات الطقس من جميع أنحاء العالم. يستطيع هذا النموذج التنبؤ لمدة تصل إلى أسبوع مقدماً، بدقة مماثلة لأساليب التنبؤ التقليدية، ولكن بسرعة أكبر بكثير.

يستخدم «Pangu - Weather» خوارزمية «التعلم العميق» لمعرفة العلاقات بين متغيرات الطقس المختلفة، مثل درجة الحرارة والضغط وسرعة الرياح. وهو قادر على تحديد الأنماط في البيانات التي تكون معقدة للغاية بحيث يتعذر على طرق التنبؤ التقليدية اكتشافها.

يستطيع «Pangu - Weather» إنشاء تنبؤات عالية الدقة لمواقع محددة، التي يمكن استخدامها لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن أشياء مثل الزراعة والنقل والتأهب للكوارث. ويستخدمه أيضاً المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF) لتحسين توقعاته.

صاعقة تضرب مدينة نافبليو في جنوب اليونان يوم 26 سبتمبر هذا العام (إ.ب.أ)

التنبؤ بالعواصف الرعدية

في عام 2022، طور باحثون في جامعة كاليفورنيا في بيركلي نموذجاً للذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بتكوين العواصف الرعدية بما يصل إلى ست ساعات مقدماً وبدقة تصل إلى 80 في المائة. يُطلق على النموذج اسم «نظام التنبؤ بالعواصف الرعدية» «TFS». وقد تم تدريبه على مجموعة بيانات تضم أكثر من 10 ملايين ملاحظة للعواصف الرعدية من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

يعمل «TFS» من خلال تحليل مجموعة متنوعة من مصادر البيانات، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية وبيانات الرادار ومحطات الطقس الأرضية. ثم يستخدم هذه البيانات لتحديد الأنماط والاتجاهات المرتبطة بتكوين العواصف الرعدية. وبمجرد أن تحدد «TFS» هذه الأنماط والاتجاهات، يمكنها استخدامها للتنبؤ بتكوين العواصف الرعدية في موقع معين وكثافتها ومدتها. لا يزال «TFS» قيد التطوير، ولكن لديه القدرة على أن يكون أداة قيمة للتنبؤ بالعواصف الرعدية وتحسين دقة وتوقيت التحذيرات منها.

استفادات أوسع

يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطقس مجموعة واسعة القطاعات. فهو يساعد المزارعين في اتخاذ قرارات بشأن أفضل وقت لزراعة وحصاد محاصيلهم.

أيضاً يمكّن شركات الطيران من تخطيط رحلاتها بكفاءة أكبر وتجنب الظروف الجوية الخطرة. أما شركات الطاقة يمكنها توليد وتوزيع الكهرباء بكفاءة أكبر بناء على نصائح الذكاء الاصطناعي. كذلك شركات التأمين تستطيع تقييم المخاطر وتحديد الأقساط بدقة أكبر.

لا يزال التنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي في مراحله المبكرة، لكنه حقق بالفعل تقدماً كبيراً كما سبق. وفيما يتم استخدام أنظمة التنبؤ القائمة على الذكاء الاصطناعي الآن، من المتوقع أن تلعب دوراً متزايداً في المستقبل.


مقالات ذات صلة

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

تكنولوجيا شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

أشعل اعتقال بافيل دوروف، مالك ومؤسس «تلغرام»، في فرنسا نقاشاً حول الإشراف على التطبيق ومشكلاته مع قوات إنفاذ القانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جناح شركة «تمارا» التي توفر خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» في السعودية والخليج بمعرض «ليب24» بالرياض (إكس)

«الفنتك» تغزو الهواتف... من السداد السريع إلى استثمار الأموال

تطبيقات التكنولوجيا المالية أصبحت جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه في حياة الجيل الجديد، وحددت «فنتك السعودية» 9 مجالات لهذه التطبيقات.

عبير حمدي (الرياض)
تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا هذه الإضافات متاحة باللغة الإنجليزية فقط وعلى عدد محدود من الأجهزة (شاترستوك)

«غوغل» تقدم ملحقين جديدين لـ«جيميناي» مصممين لهواتف «بيكسل 9»

هذه الميزات حصرية حالياً لأجهزة «بيكسل» الأحدث.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
TT

«تلغرام»... هل هو بوابة لـ«الإنترنت المظلم» في جيبك؟

شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)
شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)

قبل نحو 9 أشهر، وخلال بحث جو تيدي، مراسل شؤون الأمن الإلكتروني في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن قصة صحافية جديدة، وجد نفسه مُضافاً إلى قناة كبيرة على تطبيق «تلغرام» تركز على بيع المخدرات، ثم تمّت إضافته إلى قناة تختص بالقرصنة، ثم أخرى تبيع كل الممنوعات من بطاقات الائتمان المسروقة حتى الأسلحة.

وأدرك تيدي وقتها أن إعدادات «تلغرام» الخاصة به جعلت من الممكن للأشخاص إضافته إلى قنواتهم دون أن يفعل أي شيء، وأبقى الإعدادات كما هي لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، وفي غضون بضعة أشهر تمّت إضافته إلى 82 مجموعة مختلفة.

وبعد أن غيّر إعداداته لإيقاف ذلك، وجد أنه «في كل مرة يقوم فيها بتسجيل الدخول يتلقى آلاف الرسائل الجديدة من عشرات المجموعات غير القانونية النشطة للغاية» وفق قوله.

وأشعل اعتقال بافيل دوروف، مالك ومؤسس «تلغرام»، في فرنسا نقاشاً حول الإشراف على تطبيقه.

وتم توجيه الاتهام إلى دوروف بالتواطؤ «المشتبه به» في السماح للمعاملات غير المشروعة، والاتجار بالمخدرات والاحتيال ونشر صور الاعتداء الجنسي على الأطفال، بالانتشار على موقعه.

الإنترنت المظلم

وحسب تيدي، فلا شك أن الجريمة تحدث على شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى أيضاً، لكن «تلغرام» يسهّل الأمر بصورة تجعل المشكلة «أوسع نطاقاً» وتسبب قلقاً متزايداً للعاملين في إنفاذ القانون.

ويصف مقدم البرامج المتخصصة في الأمن السيبراني، باتريك غراي، تطبيق «تلغرام» منذ أشهر بأنه «الويب أو الإنترنت المُظلم في جيبك». ويعدّ «الويب المظلم» جزءاً من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه إلا باستخدام برامج متخصصة، ويُستخدم في بيع السلع والخدمات غير القانونية.

وفي تعليقه على اعتقال دوروف، قال غراي إن «تلغرام كان ملاذاً للجريمة لفترة طويلة». وأضاف: «نحن نتحدث عن مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، ونتحدث عن بيع المخدرات، ونتحدث عن مستويات من الجريمة لا تحدث إلا على الويب المظلم ولا يفعل التطبيق شيئاً حيالها».

ويحب المجرمون شبكة الويب المظلمة؛ لأنها تسمح لهم بعدم الكشف عن هوياتهم، وهو ما يسمح به «تلغرام». ويقول الباحثون في شركة الأمن السيبراني «Intel471»: «قبل ظهور (تلغرام)، كان النشاط الإجرامي يتم بشكل أساسي باستخدام خدمات الويب المظلمة. لكن بالنسبة لمجرمي الإنترنت من المستوى الأدنى والأقل مهارة، أصبح (تلغرام) إحدى أكثر الوجهات شعبية عبر الإنترنت».

مواد إساءة معاملة الأطفال

تقول هيئة الإذاعة البريطانية: «في حين يستجيب (تلغرام) لبعض طلبات إزالة هذه المواد التي تقدم من الشرطة أو الجمعيات الخيرية، فإن التطبيق لا يشارك في البرامج التي تهدف إلى منع انتشار صور ومقاطع إساءة معاملة الأطفال جنسياً بشكل استباقي، ولا يبذل جهداً كافياً لمراقبة مواد إساءة معاملة الأطفال جنسياً»، وهو أحد الادعاءات الرئيسية من قبل المدعين العامين الفرنسيين.

بدوره، أخبر التطبيق هيئة الإذاعة البريطانية أنه يبحث «بشكل استباقي عن الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك إساءة معاملة الأطفال جنسياً». وقال إن إجراءات «غير معلنة» تم اتخاذها ضد 45 ألف مجموعة في أغسطس (آب) وحده.

عدم التعاون مع الشرطة

ويعد الإشراف على المحتوى جزءاً من المشكلة التي يواجهها «تلغرام»، لكن نهجهه في التعامل مع طلبات الشرطة بإزالة المحتوى غير القانوني أو «تمرير الأدلة» يعد مشكلة أخرى.

ويمكن لـ«تلغرام» قراءة كل المحتوى المتداول عليه، وتمريره إلى الشرطة إذا أراد ذلك، لكنه ينص في شروطه وأحكامه على ألا يفعل ذلك.

وأشارت السلطات الفرنسية، فيما يخص الاتهامات بشأن دوروف، إلى أن الشرطة في فرنسا وفي بلجيكا أيضاً «كانت تعاني تاريخياً» من «انعدام شبه كامل للاستجابة من (تلغرام) للطلبات القانونية».