الاتحاد الدولي للصحافيين يتهم زعيم الحوثيين بتوجيه أتباعه لقتل الإعلاميين

المتمردون يشددون إجراءاتهم الأمنية لمنع خروج الناشطين وعائلاتهم

الاتحاد الدولي للصحافيين يتهم زعيم الحوثيين بتوجيه أتباعه لقتل الإعلاميين
TT

الاتحاد الدولي للصحافيين يتهم زعيم الحوثيين بتوجيه أتباعه لقتل الإعلاميين

الاتحاد الدولي للصحافيين يتهم زعيم الحوثيين بتوجيه أتباعه لقتل الإعلاميين

شدد الانقلابيون الحوثيون وحلفاؤهم من أتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من إجراءاتهم الأمنية لمنع سفر الناشطين والإعلاميين وعوائلهم من المناهضين لهم في المناطق التي تخضع لسيطرتهم، في وقت ما يزال فيه أكثر من عشرة صحافيين مختطفين في معتقلات سرية ولم يسمح لذويهم بزيارتهم، واتهم الاتحاد الدولي للصحافيين زعيم الحوثيين بتوجيه أتباعه بشكل مباشر لقتل الصحافيين.
وقال ناشطون لـ«الشرق الأوسط» إن النقاط الأمنية التابعة للميليشيات شددت من إجراءات مرور المركبات والسيارات وحافلات النقل الجماعية وتقوم بالتحقيق مع اليمنيين وعوائلهم بحثا عن ناشطين وإعلاميين مناهضين لهم.
وأكد الناشطون أن الحوثيين ركزوا في هذه الإجراءات على خط صنعاء مأرب بعد نزوح العشرات من الإعلاميين والصحافيين مع عوائلهم هربا من المضايقات التي يتعرضون لها وخوفا من اختطافهم وزجهم بمعتقلات ومخازن سلاح معرضة لقصف طيران التحالف، وبحسب أبو شدو وهو أحد الإعلاميين النازحين في تركيا فإنه اضطر إلى دفع أكثر من خمسة آلاف ريال سعودي من أجل إخراج أسرته المكونة من زوجته وأطفالهما بعد أن وصلت الحياة في صنعاء إلى مستوى لا يطاق، وأوضح أنه تمكن من الفرار منذ أكثر من أربعة أشهر بعد أن أدرج الحوثيون وصالح اسمه ضمن المطلوبين من الإعلاميين المناهضين لهم، مشيرا إلى أنه انتظر هذه المدة من أجل خروج آمن لأسرته التي خرجت من منفذ الوديعة في رحلة شاقة استمرت أكثر من 12 ساعة.
ويخشى كثير من الإعلاميين الذين نجحوا في الخروج من صنعاء على أقاربهم الموجودين في المدينة، حيث قام الحوثيون بمداهمة عدد من المنازل ونهبوا محتوياتها، إضافة إلى اختطاف أقارب المناهضين لهم كرهائن للضغط عليهم، وهو ما أجبر العشرات من الناشطين على النزوح من العاصمة صنعاء بعد تزايد تهديدات الحوثيين ضدهم، ومن لم يستطع النزوح يلجأ إلى تغيير مكان سكنه والتنقل من مكان لآخر كما يقول الناشطون.
وبحسب أحد الناشطين الذي فروا إلى مدينة تعز وسط البلاد، فإنه اضطر إلى دفع رشاوى للحوثيين لكي يتمكن من المرور من نقاطهم المنتشرة على الخطوط البرية التي تربط العاصمة صنعاء بمدينة تعز، حيث كانت الميليشيات تعرقل كل من يسافر بمفرده وتحتجزه لحين التحقق من عدم وجود اسمه في كشوفات المطلوبين. وكان الاتحاد الدولي للصحافيين حمل زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، المسؤولية شخصيا عن سلامة الصحافيين اليمنيين، وانتقد الاتحاد في رسالة وجهها أمس إلى الحوثي وصفه للصحافيين بأنهم «خونة»، وقال جيم بوملحة رئيس الاتحاد إنه «يجب أن يكون هناك عمل في مواجهتهم»، معتبرا أن الاعتداء على الصحافيين هو خرق للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، مؤكدا أن «تصريحات زعيم الحوثيين توجيه مباشر لأتباعه لقتل الصحافيين المستقلين في اليمن».
كما طالب الاتحاد الدولي للصحافيين في رسالة مماثلة إلى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد، باستخدام سلطة الأمم المتحدة الكاملة، والأدوات القانونية المتاحة له، وأن يضع نفوذ الأمم المتحدة الدبلوماسي للمساعدة في مواجهة المخاطر الجدية التي يواجهها الصحافيون وقطاع الإعلام في اليمن الذين يواجهون مخاطر التعرض للعنف بعد الكلمة المتلفزة.
واعتبر الاتحاد التهديدات التي أطلقها زعيم المتمردين في رسالة متلفزة هي الحلقة الأخيرة في سلسلة العنف المتصاعد في اليمن منذ بداية السنة الذي تسبب بآثار مدمرة على الإعلام اليمني. وقد أورد بيان صدر عن نقابة الصحافيين اليمنيين، المنظمة المنضوية في إطار الاتحاد الدولي للصحافيين، الأسبوع الماضي أن مجموعة تتكون من تسعة صحافيين تم اختطافهم من قبل قوات الحوثيين منذ التاسع من يونيو (حزيران) ويحتجزون في معتقلات الحوثي، ويتعرضون للتعذيب ولمعاملة غير إنسانية.
وقبل ذلك، نشرت نقابة الصحافيين اليمنيين تقريرها نصف السنوي عن حرية الصحافة وثقت فيه ما يزيد على 200 انتهاك لحرية الصحافة وحقوق الصحافيين منذ بداية هذا العام.
وتأتي رسالة الاتحاد الدولي للصحافيين إلى المتمردين والمبعوث الأممي، كجزء من حملة يطلقها الاتحاد الدولي للصحافيين خاصة باليمن هدفها نشر الوعي الدولي حول وضع الصحافيين اليمنيين الحافل بالمخاطر. وسيكون التركيز على الإطلاق الفوري لسراح الصحافيين المختطفين الذين يتعرضون للتعذيب، ومطالبة الأمم المتحدة بمحاسبة الجهات اليمنية المعتدية وتحميلها مسؤولية سلامة الصحافيين العاملين في البلد بما يتناسق مع قراري مجلس الأمن الدولي رقم 1738 (لسنة 2006) و2222 (لسنة 2015).
وكشف الاتحاد الدولي للصحافيين اعتزامه تحريك نقابات الصحافيين الأعضاء في الاتحاد وشركائها لمساندة الصحافيين اليمنيين وعائلاتهم، موضحا أنه سيعمل على تنظيم مؤتمر دولي تضامني يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) في بروكسل بالتعاون مع منظمات ومؤسسات دولية تعنى بدعم الإعلام، يهدف إلى بعث رسالة تضامن دولية مع الصحافيين اليمنيين والسعي إلى تنسيق خطط لدعم الصحافيين والإعلام في اليمن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».