عملية نوعية للقوات المشتركة تحرر «باب المندب» وجزيرة ميون في البحر الأحمر

مستشار هادي لـ {الشرق الأوسط} : الملاحة الدولية أصبحت آمنة * قائد المقاومة الجنوبية: نتصدى بالتعاون مع دول التحالف لعملاء إيران

مقاتلون موالون للرئيس اليمني يتجهون نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية في العالم إلى جانب قناة السويس ومضيق هرمز (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني يتجهون نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية في العالم إلى جانب قناة السويس ومضيق هرمز (أ.ف.ب)
TT

عملية نوعية للقوات المشتركة تحرر «باب المندب» وجزيرة ميون في البحر الأحمر

مقاتلون موالون للرئيس اليمني يتجهون نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية في العالم إلى جانب قناة السويس ومضيق هرمز (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للرئيس اليمني يتجهون نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية في العالم إلى جانب قناة السويس ومضيق هرمز (أ.ف.ب)

سيطرت قوات مشتركة من الجيش الوطني اليمني وقوات التحالف، أمس، على مضيق باب المندب الاستراتيجي وجزيرة ميون، على البحر الأحمر، وذلك في عملية عسكرية سريعة ومباغتة، استهدفت الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح في المضيق الهام والمناطق والجزر المجاورة له.
وقالت مصادر عسكرية في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن العملية جرى التخطيط لها منذ فترة وإنها نفذت، أمس، بهجوم كبير، شاركت فيه قوات مشتركة، يمنية ومن دول التحالف، وهي بحرية وجوية وبرية، حيث كثفت طائرات التحالف، وضمنها طائرات الأباتشي، قصفها للمنطقة، إضافة إلى قصف من القطع البحرية المرابطة قبالة السواحل اليمنية، في حين تقدمت القوات البرية في المناطق المحيطة بالمضيق المائي الهام على مستوى العالم.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من عناصر الميليشيات والقوات الانقلابية قتلوا وجرحوا في العملية العسكرية المباغتة، وأن عشرات آخرين استسلموا وجرى أسرهم. وذكرت المصادر أن العملية العسكرية جاءت في أعقاب غارات جوية مكثفة لطائرات التحالف، نفذت على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وتمكنت من ضرب أهم تحصينات القوات الانقلابية.
من جانبه، كشف اللواء جعفر محمد سعد، مستشار الرئيس اليمني للشؤون العسكرية لـ«الشرق الأوسط» جانبا من العملية التي جرت لتحرير مضيق «باب المندب» وجزيرة ميون من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
وقال اللواء جعفر إنه «وبعد رصد واستطلاع لفترات منذ قيام الانقلابيين باحتلال عدد من المواقع الاستراتيجية، تأكد بأن هناك نوايا مؤكدة ومبيتة لإيران لاستخدام القوات الانقلابية في احتلال جزيرة ميون والتي تعتبر عنق الزجاجة لباب المندب»، وأنه وفي ضوء عمليات الرصد: «قامت القوات البحرية للجيش الوطني والدفاع الساحلي بالاشتراك مع القوات البحرية للتحالف بقياده السعودية وبقية دول التحالف، بتأمين الممر الدولي من عبث إيران، من خلال القيام بالإنزالات داخل جزيرة ميون وتمشيط الجزيرة التي أصبحت تحت سيطرة كاملة لقوات الشرعية والتحالف».
وأكد مستشار الرئيس اليمني للشؤون العسكرية أن الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، باتت مؤمنة وآمنة، وأن «جزيرة ميون أصبحت خالية من القوات الانقلابية التي استسلمت للقوات المشتركة»، مشيرا إلى «الأهمية الاستراتيجية للممر المائي الدولي في البحر الأحمر».
من ناحية ثانية، اتهم قائد المقاومة الشعبية الجنوبية، العميد شلال علي شايع، إيران بالسعي إلى تدمير اليمن، كما هو الحال في عدد من بلدان المنطقة، وقال شلال، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية تهريب الأسلحة الإيرانية للميليشيات الحوثية في اليمن، والتي أحبطتها دول التحالف في البحر، هي محاولة إيرانية فاشلة لإطالة أمد عمر ميليشيات الحوثي المنتهية الصلاحية وهذه المحاولات سوف تتصدى لها قوات التحالف العربي العيون الساهرة على أمن المنطقة العربية».
وأضاف العميد شلال أن «حقد إيران على الأمة العربية والإسلامية ليس وليد الحاضر بل منذ القدم وفي التاريخ لم نرَ موقفا لإيران مع العرب والمسلمين»، مؤكدا أن إيران «تستهدف العرب في العراق واليمن وسوريا وتمول التنظيمات الإرهابية في الدول العربية لزعزعة الأمن والاستقرار وتغذي مرتزقتها بالسلاح والمال وما يحصل في اليمن جزء من هذا المخطط».
وأردف العميد شايع أنهم «في المقاومة الشعبية الجنوبية، ومنذ سنوات، تحديدا مع بداية التدخل الإيراني في اليمن، أعلنا في أكثر من مناسبة أننا سنضرب بيد من حديد على أي ذنب لإيران في اليمن والجنوب»، وأشار إلى الحرب الأخيرة التي دارت على أرض الجنوب.
وقال قائد المقاومة الجنوبية: «لقد حولنا سهول ووديان الجنوب وشوارع مدنها إلى مقابر لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح وأذقناهم كؤوس الهوان والذل ومن كتبت له النجاة منهم هرب يجر أذيال الهزيمة والعار عائدًا إلى كهوف مران».
وجدد العميد شلال علي شايع الشكر والامتنان لـ«السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وبقية دول التحالف العربي، على الموقف الشجاع والدعم العسكري والطبي والإغاثي بكل أنواعه وهذا الجميل دين علينا ولن نكون في المقاومة غير أوفياء مع الأشقاء وسنبادل الوفاء بالوفاء».
يذكر أن القائد شلال ومعه زميله القائد العميد عيدروس الزبيدي، يجريان، حاليا، مباحثات في الرياض مع قيادة قوات التحالف بشأن ملفات هامة في جنوب اليمن، وفي المقدمة عدن، ويحتل الملف الأمني الصدارة في هذه المباحثات والزيارة جاءت بدعوة من قوات التحالف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.