في عصر أصبحت فيه البيانات بمثابة العملة الأقوى، والابتكار هو شريان حياة الأعمال الرئيسي، تبرز الخدمات السحابية بوصفها العمود الفقري للنظام البيئي الرقمي سريع التطور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أضحت هذه المنطقة سوقاً ناشئة للخدمات السحابية، خصوصاً في السنوات الأخيرة؛ نتيجة النمو الاقتصادي الذي أدى إلى زيادة الطلب على الخدمات الرقمية، بما في ذلك الخدمات السحابية.
ووفقاً لتقرير «IDC» لعام 2023، فمن المتوقع أن تصل سوق الخدمات السحابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 77 مليار دولار بحلول عام 2025. ويرجع ذلك إلى نمو القطاعات الرئيسية في المنطقة، مثل التكنولوجيا المالية، والتجارة الإلكترونية، والحكومة الإلكترونية.
أنواع الخدمات السحابية
يمكن تقسيم الخدمات السحابية إلى 3 أنواع رئيسية، أولها البرامج، مثل خدمة «SaaS»، التي توفر للمستخدمين إمكانية الوصول إلى التطبيقات عبر الإنترنت. كما توفر خدمة «IaaS» البنية التحتية للمستخدمين لإمكانية الوصول إلى الخوادم والتخزين والشبكات عبر الإنترنت. أما المنصة مثل خدمة «PaaS» فإنها تؤمّن إمكانية الوصول إلى مجموعة من الأدوات والمكونات لتطوير ونشر التطبيقات.
في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، على هامش معرض «جيكتس 2023» الذي استضافته مدينة دبي الإماراتية، يقول نضال أبو لطيف نائب الرئيس الأول، والرئيس العالمي لقطاع المبيعات في شركة «أفايا» إن الخدمات السحابية في منطقة الشرق الأوسط تساعد على تطوير خدمات تقنية مبتكرة، وتحديثها دون الاضطرار إلى توقيف العمل بسبب كونه دائماً متجدداً وسريع التحديث.
استراتيجيات أكثر مرونة وتكيفاً
تجبر وتيرة التغير التكنولوجي السريعة، إلى جانب عدم الاستقرار الاقتصادي، والاضطرابات السياسية في بعض الأماكن، شركات التكنولوجيا الكبرى على تبني استراتيجيات أكثر مرونة وتكيفاً. وتركز هذه الشركات بشكل متزايد على تنويع مصادر الإيرادات، والاستثمار في سلاسل التوريد المرنة، وتعزيز تدابير الأمن السيبراني للتخفيف من المخاطر. علاوة على ذلك، تؤثر الاعتبارات الجيوسياسية في القرارات المتعلقة بتوسيع السوق وإدارة البيانات. ويعدّ نضال أبو لطيف نائب الرئيس الأول، والرئيس العالمي لقطاع المبيعات في شركة «أفايا» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن العنصر الأنجع في مثل هذه الظروف هو «الاستماع الدائم للزبون الذي يعدّ البوصلة التي تحرك الأعمال وتبني الاستراتيجيات».
تأثير الذكاء الاصطناعي
يؤدي الاعتماد الواسع على النطاق للذكاء الاصطناعي مثل «ChatGPT» إلى تغيير جذري في المشهد الاستراتيجي لشركات التكنولوجيا الكبرى. بل قام عديد منها بتسريع تحولاته نحو المنتجات والخدمات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يمكنها من فهم تفضيلات العملاء بشكل أفضل، وتخصيص التجارب، وأتمتة الوظائف المختلفة. وتستثمر شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل متزايد في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطويره لتظل قادرة على المنافسة، بينما تواجه أيضاً قدراً أكبر من التدقيق والتحديات التنظيمية في ضمان الاستخدام العادل والأخلاقي للذكاء الاصطناعي. في جوهر الأمر، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في تشكيل الأولويات الاستراتيجية والأساليب التي تركز على العملاء لهذه الشركات، كما يقول نضال أبو لطيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
الذكاء الاصطناعي وخدمة العملاء
تؤثر التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي بشكل عميق على شركات التكنولوجيا المتخصصة في برامج خدمة العملاء وروبوتات الدردشة. وقد أتاحت هذه التطورات وجود وكلاء افتراضيين أكثر تطوراً ووعياً بالسياق، مما أدى إلى تحسين جودة تفاعلات العملاء بشكل كبير. يقول أحمد حلمي، نائب الرئيس الدولي لـ«أفايا» في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إنه أصبح هناك دور للذكاء الاصطناعي في التعرف، ويفهم العملاء أكثر نتيجة المعلومات المتاحة على مختلف طرق الاتصال أو حتى منصات التواصل الاجتماعي.
تعزيز تجربة العملاء
يتفاعل العملاء بشكل متزايد مع روبوتات الدردشة والمساعدين الصوتيين والأنظمة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للحصول على المساعدة الفورية، مما يقلل الحاجة إلى المكالمات الهاتفية الطويلة أو رسائل البريد الإلكتروني. بل يقوم التخصيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي بتقديم استجابات للتفضيلات الفردية، مما يعزز تجربة العملاء. ويرى أحمد حلمي، نائب الرئيس الدولي لـ«أفايا» في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن الذكاء الاصطناعي يعمل على تحويل أسلوب الاتصال نحو زيادة الكفاءة والتخصيص في تفاعلات خدمة العملاء.
تقدّر شركة «ماكينزي» في تقرير نشرته عام 2023 أن تطبيق الذكاء الاصطناعي على وظائف رعاية العملاء يمكن أن يزيد الإنتاجية بقيمة تتراوح بين 30 و45 في المائة من تكاليف الوظيفة الحالية.
كما يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي زيادة رضا العملاء بنسبة تصل إلى 10 في المائة. وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل تكلفة خدمة العملاء بنسبة تصل إلى 20 في المائة، وزيادة فرص البيع المتبادل والبيع بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
دراسات أخرى
وجدت دراسة أجرتها «Verint» هـذا العام أن 80 في المائة من العملاء يتوقعون أن تعمل الروبوتات والذكاء الاصطناعي على تحسين تجاربهم. وفي الإطار نفسه أظهرت دراسة مؤسسة «Gartner» هذا العام أن 58 في المائة من مؤسسات خدمة العملاء تستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي، وتخطط 22 في المائة أخرى للقيام بذلك خلال العام المقبل.
وكانت دراسة سابقة، قامت بها «Dialpad» عام 2022، أشارت إلى أن 77 في المائة من متخصصي خدمة العملاء يعتقدون بأن الذكاء الاصطناعي له تأثير إيجابي في أداء الأعمال. وتشير هذه الأرقام والنسب المئوية إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح ذا أهمية متزايدة في صناعة خدمة العملاء. مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي واعتماده على نطاق أوسع، يمكننا أن نتوقع رؤية طرق أكثر ابتكاراً وفعالية لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة خدمة العملاء.