من مكان عقد «قمة الذكاء الاصطناعي» في «بلتشلي بارك» التي تقع بين العاصمة البريطانية لندن ومدينة ليستر، يظهر مبكرا رمزية اختيار المكان الذي شهد فك شفرات القوات النازية في الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى تغير مسار الحرب للأبد.
وقالت الصين يوم الأربعاء إنها تريد العمل مع شركاء دوليين لإدارة الرقابة على الذكاء الاصطناعي، وذلك في الوقت الذي اجتمع فيه الزعماء السياسيون والمسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي الافتتاحية في بريطانيا لرسم الطريق للمضي قدما.
وحذر بعض رؤساء التكنولوجيا والقادة السياسيين من أن التطور السريع للذكاء الاصطناعي يشكل تهديدا وجوديا للعالم، ما أثار سباقا بين الحكومات والمؤسسات الدولية للبحث عن وضع ضمانات وتنظيم للمستقبل.
وفي خطوة أولى بالنسبة للجهود الغربية لإدارة التطوير الآمن للذكاء الاصطناعي، انضم نائب وزير صيني إلى قادة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب رؤساء التكنولوجيا مثل إيلون ماسك وسام ألتمان من «تشات جي بي تي».
وقال وو تشاو هوي في بداية القمة، وفقا لترجمة رسمية، إن «الصين مستعدة لتعزيز الحوار والتواصل بشأن سلامة الذكاء الاصطناعي مع جميع الأطراف، والمساهمة في آلية دولية بمشاركة عالمية في إطار الحوكمة التي تحتاج إلى توافق واسع النطاق». وأضاف أن «الدول بغض النظر عن حجمها تتمتع بحقوق متساوية في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي».
ومن جانبه، قال إيلون ماسك، الذي حذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي، إن القمة أرادت إنشاء «طرف ثالث محكم» للشركات التي تطور التكنولوجيا، حتى تتمكن من دق ناقوس الخطر عندما تتطور المخاطر، وبالتالي غرس الثقة في الجمهور.
ويعد الاجتماع، الذي عقد في بلتشلي بارك، موطن خبراء فك الشفرات البريطانيين في الحرب العالمية الثانية، من بنات أفكار رئيس الوزراء ريشي سوناك. ويريد أن يكون لبريطانيا دور كوسيط بين الكتل الاقتصادية للولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.
وتركز القمة على نماذج ذات أغراض عامة ذات قدرة عالية تسمى «الذكاء الاصطناعي الحدودي»، وخرجت الحكومات المشاركة بـ«إعلان بلتشلي»، حيث اتفقت 28 دولة والاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى الشفافية والمساءلة من الجهات الفاعلة في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الحدودي، بما في ذلك كيفية قياسها، ومراقبة وتخفيف القدرات الضارة المحتملة.
خطة جماعية
وقالت وزيرة التكنولوجيا الرقمية البريطانية ميشيل دونيلان إن مجرد جمع هذا العدد الكبير من اللاعبين الرئيسيين في غرفة واحدة يعد إنجازاً. وقالت للصحافيين: «للمرة الأولى، لدينا الآن دول تتفق على أننا بحاجة إلى النظر ليس فقط بشكل مستقل ولكن بشكل جماعي في المخاطر المحيطة بالذكاء الاصطناعي الحدودي».
وتعد الصين مشاركا رئيسيا، نظرا لدور البلاد في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تساءل بعض المشرعين البريطانيين عما إذا كان ينبغي أن يكون هناك نظر لانخفاض مستوى الثقة بين بكين وواشنطن والكثير من العواصم الأوروبية عندما يتعلق الأمر بالمشاركة الصينية في التكنولوجيا.
وأوضحت الولايات المتحدة عشية القمة أن الاتصال ببكين جاء في المقام الأول من بريطانيا، وقالت سفيرتها في لندن جين هارتلي لـ«رويترز»: «هذه دعوة المملكة المتحدة، هذه ليست الولايات المتحدة».
وتحدثت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أيضاً في لندن يوم الأربعاء، بعيداً عن القمة، موضحة موقف حكومتها من الذكاء الاصطناعي، بعد أن وقع الرئيس الأميركي جو بايدن على أمر تنفيذي يوم الاثنين.
وأثار توقيت ومكان خطاب هاريس الدهشة بين البعض في حزب المحافظين الحاكم في المملكة المتحدة، الذين أشاروا إلى أن واشنطن تحاول أن تلقي بظلالها على قمة سوناك، وهو اتهام نفاه المسؤولون البريطانيون، قائلين إنهم يريدون أكبر عدد ممكن من الأصوات. ومن المقرر أن تجتمع هاريس مع سوناك في وقت لاحق يوم الأربعاء، وأن تحضر اليوم الثاني للقمة يوم الخميس.
واستغلت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو القمة للإعلان عن إطلاق معهد أميركي لسلامة الذكاء الاصطناعي، وقالت إنها ستتعاون مع المعهد الذي أعلنت عنه بريطانيا مؤخراً.
وقال وزير الابتكار والعلوم والصناعة الكندي فرنسوا فيليب شامبين إن الذكاء الاصطناعي لن يكون مقيداً بالحدود الوطنية، وبالتالي فإن قابلية التشغيل البيني بين اللوائح المختلفة التي يتم وضعها أمر مهم. وقال لـ«رويترز»: «الخطر هو أننا نفعل القليل جدا وليس الكثير في ضوء التطور والسرعة التي تسير بها الأمور».
ويتضمن جدول الأعمال موضوعات مثل كيفية استخدام الإرهابيين لأنظمة الذكاء الاصطناعي لبناء أسلحة بيولوجية، وإمكانات التكنولوجيا في التفوق على البشر وإحداث الفوضى في العالم.