دائرة الاتهامات تخنق «رجل فيفا الأول»

بلاتر بات قريبًا من السقوط أكثر من أي وقت مضى

جوزيف بلاتر (إ.ب.أ)
جوزيف بلاتر (إ.ب.أ)
TT

دائرة الاتهامات تخنق «رجل فيفا الأول»

جوزيف بلاتر (إ.ب.أ)
جوزيف بلاتر (إ.ب.أ)

يوم بعد آخر تضيق دائرة الاتهامات بالفساد بمنظومة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وتقترب من الرجل الأول في هذا الكيان وهو السويسري جوزيف سيب بلاتر، الذي باتت نهايته قريبة أكثر من أي وقت مضى بعدما تمت الإطاحة بالفرنسي جيروم فالكه الأمين العام للاتحاد والذي يعتبر الرجل الثاني بعد بلاتر في الفيفا.
وقبل يومين توجهت أصابع الاتهام بصورة مباشرة نحو السويسري بلاتر من قبل مكتب المدعي العام السويسري بحجة سوء الإدارة والاختلاس وتم استجواب رئيس الفيفا بعد اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي وسبقها تفتيش لمكتبه ومصادرة بعض البيانات مما يعني أننا نقف أمام مرحلة متقدمة من التحقيقات مع بلاتر.
بلاتر، الزعيم الذي اهتز عرشه منذ فوزه بولاية خامسة في رئاسة الفيفا نهاية مايو (أيار) الماضي بعد انسحاب منافسه الأردني الأمير علي بن الحسين قبل بدء التصويت في جولة ثانية وفقا للقانون الانتخابي الذي يتطلب الحصول على ثلثي الأصوات في الجلسة الأولى حتى يكسب الجولة وهو الأمر الذي لم يحققه بلاتر الذي تحصل على 133 صوتا مقابل 77 صوتا للمنافس علي بن الحسين.
ورغم فضائح الفساد والاتهامات بالرشى التي هزت منظومة الفيفا قبل ساعات من انطلاق العملية الانتخابية في مايو الماضي فإن السويسري بلاتر تمكن من عبور هذه العقبة وانتصر للمرة الخامسة على التوالي رغم اهتزاز ثقة الشارع الرياضي الدولي به وتحول بعض الأصوات لصالح منافسه الأردني الأمير علي بن الحسين.
وبعد أيام قليلة من انتصاره بالانتخابات الرئاسية للفيفا رمى السويسري بلاتر بورقة الاستقالة وسط ظروف غامضة ومفاجئة، فسرها متابعون مختصون بعدم القدرة على الصمود في وجه الانتقادات التي تجاوزات المنظمات والهيئات الرياضية وامتدت للأوساط السياسية في ظل العدائية الواضحة بين وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة البريطانية وبين بلاتر على خلفية فوز روسيا وقطر بحق تنظيم مونديالي 2018 و2022 على التوالي.
ضغوطات كبيرة من جهات متعددة هي سبب استقالتي بهذه العبارة برر السويسري جوزيف بلاتر سبب تقديمه لاستقالته من رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم في مؤتمر صحافي جاء بعد اجتماع اللجنة التنفيذية في الفيفا حينها، مشيرا إلى أنه يعتقد إلى أن الاستقالة هي أحد الأسباب التي ستساعد الفيفا على تجاوز ما يمر من أحداث قد تشوه سمعة المنظمة الكروية الكبرى.
ورغم المحاولات الجادة التي يسعى من خلالها بلاتر إلى تجاوز عقبة فضائح الفساد التي ضربت كيان الفيفا وتقديمه للتنازلات كرمي ورقة الاستقالة والإعلان عنها بصورة رسمية ولكن في فبراير (شباط) المقبل حيث موعد الجمعية العمومية لانتخاب رئيس جديد يخلفه في الاتحاد الدولي، إلا أن جميع هذه المحاولات يبدو أنها ستبوء بالفشل في ظل الأحداث الأخيرة المتسارعة.
بلاتر المولود في مقاطعة كانتون فاليس في سويسرا في العاشر من مارس (آذار) 1936، لم يعرف في تاريخه أنه داعب كرة القدم كلاعب مشهور بل اكتفى باللعب عدة سنوات في الدوري السويسري للهواة في الدرجة الأولى، قبل أن ينتقل إلى عضوية مجلس الإدارة لنادي نوشاتيل السويسري لمدة خمسة أعوام، ورغم وجوده في ميدان كرة القدم إلا أنه عمل في ذات الوقت في مجال الإعلام حيث وجد كعضو للجمعية السويسرية للمحررين الرياضيين منذ 1956.
وبعيدا عن مجال كرة القدم فقد درس بلاتر في كليتي سيون وسانت موريس، ثم حصل على بكالوريوس إدارة الأعمال والاقتصاد من كلية الحقوق والدراسات التجارية في جامعة لوزان، وبعد تخرجه في الجامعة عمل بلاتر كمسؤول للعلاقات العامة في إحدى الشركات المتخصصة في مجال السياحة في بلده، ثم عمل في فترة زمنية لاحقة كأمين عام للاتحاد السويسري لهوكي الجليد، ثم خاض الكثير من التجارب الإعلامية، قبل أن يختتم تجاربه العملية بعيدا عن الفيفا في تنظيم بعض التظاهرات الرياضية مثل أولمبياد 1972 وأولمبياد 1977.
وفي صيف 1975 بدأ بلاتر في العمل داخل منظومة الفيفا وذلك كمدير للتطوير التقني لبرامج الفيفا والتي يشير موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى أن السويسري قام بترجمة مشاريع الرئيس السابق للفيفا هافيلانج، حيث قام بلاتر بوضع أسس لمسابقتي الفئات السنية وبطولات السيدات وكرة الصالات التي مثلت دعما لأنشطة الفيفا العالمية.
وبعد سنوات من العمل داخل المنظومة الكروية الكبرى صوتت اللجنة التنفيذية على وجود بلاتر كأمين عام للاتحاد ابتداء من 1981 قبل أن تتم ترقيته إلى منصب الرئيس التنفيذي 1991، وخلال هذه السنوات أشرف بلاتر على عدد من البطولات الكروية حيث يحضر في مقدمتها نهائيات كأس العالم ابتداء من مونديال إسبانيا 1982 مرورا بمونديالي المكسيك وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا 1998 وذلك من خلال لعبه لدور قيادي في المفاوضات لحقوق النقل التلفزيوني والعقود التسويقية لبطولة كأس العالم.
بعد نهاية الفترة الزمنية للرئيس هافيلانج قدم بلاتر نفسه لساحة رياضة كرة القدم العالمية وأنه مستعد لقيادة هذا الكيان بكل قدرة واقتدار كونه كان قريبا من دائرة صناعة القرار وإدارة الفيفا لسنوات طويلة، ونجح السويسري فعليا في الحصول على أكبر دعم عن منافسيه وتمكن من اعتلاء سدة الرئاسة في مارس 1998 قبل أن تتم إعادة انتخابه لولاية ثانية في مايو 2002 ثم لولاية ثالثة في مايو 2007 وذلك بالتزكية، قبل أن يفوز بولاية رابعة في يونيو (حزيران) 2011 بعد منافسة لم تدم طويلا بينه وبين القطري محمد بن همام، وأخيرا نجح بلاتر في تجديد انتصاراته في سباق الانتخابات بعد فوزه في مايو الماضي بولاية خامسة بعد منافسة شرسة مع الأمير علي بن الحسين.
خلال السنوات التي قضاها بلاتر في منظمة الفيفا تمكن من كسب علاقات أكبر من خلال الدبلوماسية التي يتعامل بها مع كل الاتحادات وخصوصا الآسيوي والأفريقي حيث شهد عهده فوز القارتين بحق استضافة كأس العالم وذلك في كوريا الجنوبية واليابان 2002 ثم في جنوب أفريقيا 2010 وأخيرا في قطر 2022.
بلاتر ابن أوروبا المغضوب عليه في السنوات الأخيرة من قبل صناع القرار في الاتحادات الكروية الأوروبية ويأتي في مقدمتها الإنجليزي الذي يواصل حروبه ضد السويسري بلاتر لأسباب تتعلق بمونديال 2018 الذي فازت به روسيا وترى إنجلترا أنها الأحق بذلك وتحاول جاهدة كشف حقائق تتعلق بقضايا فساد مرتبطة بمنح روسيا حق التنظيم.
وتبرهنت أحقية الصراعات بين الاتحادات الأوروبية وبين السويسري بلاتر في سباق الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جمعت بين بلاتر وبين الأمير علي بن الحسين الذي شهد دعما كبيرا من قبل اتحادات إنجلترا وفرنسا وغيرها من الاتحاد الأوروبية المعادية لبلاتر.
السويسري بلاتر اعتاد على إسقاط خصومه بلا رحمة عندما تتعلق المسألة بالكرسي الذي يجلس عليه، فهو مستعد ليحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم كما فعل مع عيسى حياتو في 2002 والقطري محمد بن همام 2011 وأخيرا الفرنسي ميشال بلاتيني في الانتخابات الأخيرة بعدما أعلن الأخير دعمه للأمير علي بن الحسين، إلا أنه اليوم بات أضعف من ذلك بكثير بعدما طوقته فضائح الفساد من كل صوب.
في يوليو (تموز) الماضي تعرض بلاتر لموقف محرج أمام عدسات الكاميرات وفي بث حي ومباشر بعدما قام الفكاهي البريطاني لي نيلسون بنثر حفنة من الدولارات على السويسري بلاتر الذي كان يجلس على منصة المؤتمرات استعدادا للحديث في المؤتمر الصحافي الذي جاء بعد اجتماع المكتب التنفيذي في مشهد خطف الأضواء وهز من كبرياء بلاتر الذي غادر القاعة مرتبكا من الحادثة التي كانت تشير إلى قضايا متعلقة بالرشى والفساد.
لم يكن أكثر المعادين لبلاتر يتوقع أن يكون هذا المشهد الساخر بحدة يمثل أحد فصول النهاية للرجل الذي أمضى أعواما من العمل داخل المنظمة الكبرى للعبة كرة القدم، فالرئيس الفائز بولاية خامسة لإدارة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) كان يتجاوز كل العقبات التي تقع أمامه على الطريق وينجح في المضي قدما لكسب مزيد من الولاء والتفوق على خصومه ومنافسيه إلا أن الفضائح التي هزت عرش الفيفا مؤخرا لم يتمكن بلاتر من الصمود أمامها وبات يقترب أكثر وأكثر من الخروج عبر الباب الصغير للفيفا.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».