إسرائيل تزيح مزيدًا من الفلسطينيين لتوفير العقارات للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية

منعتهم من دخول ثلث أراضي الضفة بدعوى أنها مناطق تدريب عسكري

إسرائيل تزيح مزيدًا من الفلسطينيين لتوفير العقارات للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية
TT

إسرائيل تزيح مزيدًا من الفلسطينيين لتوفير العقارات للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية

إسرائيل تزيح مزيدًا من الفلسطينيين لتوفير العقارات للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية

كشف تقرير إسرائيلي نشر حديثا في تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي يغلق مساحات هائلة من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية بدعوى أنها «مناطق تدريب عسكري»، لكنه في الواقع لا يستخدم سوى جزء بسيط منها (نحو 20 في المائة)، بينما يحتفظ بالبقية لكي لا يستغلها أصحابها الفلسطينيون لتطور بلداتهم، ويتركهم يعانون من نقص شديد في الأراضي والعقارات.
وجاء في التقرير الذي أعدته منظمة «كرم نبوت»، التي تتابع سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة: «في يونيو (حزيران) الأخير صادف مرور 48 عاما على حرب الأيام الستة. وباستثناء تغيير غير متوقع لا يبدو بالعين المجردة، فإن هناك احتمالا جيدا بأن يبقى الوضع حتى في الذكرى الخمسين في يونيو 2017 كما هو. الزيادة الطبيعية للإسرائيليين وراء الخط الأخضر، وتوسيع مناطق البؤر الاستيطانية، والتغيير التدريجي في صورة الجيش الذي يتزايد فيه عدد الضباط المتدينين – كل هذه تحدد حقائق على الأرض، ستصعب جدا إخلاء المستوطنات في المستقبل. إن الأمر الذي لا يتم تقريبا مناقشته بصورة معمقة في هذه الأثناء هو الطريقة المنهجية التي تستخدمها المؤسسة الإسرائيلية لتوسيع سيطرتها وتأثيرها في الضفة الغربية، من خلال تقليص تدريجي لمجال العمل الفلسطيني».
وتوضح المنظمة في تقريرها الجديد كيف يعمل الجيش فتقول إنه يعلن عن إغلاق مساحات شاسعة من الأراضي، والتي تتحول إلى مناطق عسكرية مغلقة. منذ بداية هذا النهج بعد حرب 1967، تم إغلاق الأراضي بذرائع أمنية. ولكن منذ ذلك الوقت أضيفت إلى ذلك الكثير من المعايير الأخرى، وفي مقدمتها مصلحة مشروع الاستيطان. وفي السطر الأخير، فقد بلغت مساحات الأراضي التي تم إغلاقها في وجه الفلسطينيين وبذرائع عسكرية، حتى اليوم، نحو مليون و765 ألف دونم، وهي تساوي نسبة ثلث أراضي الضفة تقريبا (أكثر من نصف أراضي المنطقة C، التي تم تحديدها في اتفاقيات أوسلو، وتخضع اليوم للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وتشكل 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية).
عمليا، لا يتفق هذا التبرير مع الواقع كما يشير إليه التقرير، حيث إن نحو 78 في المائة من كافة الأراضي، التي تم إعلانها مغلقة لغرض التدريبات العسكرية، لا يتم استخدامها لهذا الغرض من قبل الجيش. وأما بقية الأراضي، فتتوزع بين مناطق يستخدمها الجيش بشكل متكرر، حسب وصف التقرير (أي يجري فيها التدريب مرة كل ثلاثة أشهر وتساوي نحو 10 في المائة من الأراضي)، ومناطق يتم استخدامها بشكل قليل (نحو 12 في المائة، بوتيرة أقل من تدريب واحد في الحد الأدنى كل ثلاثة أشهر).
و«كرم نبوت» هي منظمة يديرها شخص واحد هو درور أتاكس، الباحث في شؤون الاستيطان. وهو يتعقب المستوطنات منذ نحو 20 عاما، في البداية كناشط في «سلام الآن»، ومن ثم في تنظيمات أخرى. ويعتبر تقريره الجديد الذي يحمل عنوان «حديقة مغلقة – الإعلان عن المناطق المغلقة في الضفة الغربية»، أحد أكثر التقارير المفصلة والشاملة التي أصدرها. وحسب التقرير فقد تم توقيع أمر الإغلاق الأول في الثامن من يوليو (تموز) عام 1967، بعد أقل من شهر من انتهاء الحرب. والحديث عن «الأمر 34»، الذي يعلن عن الضفة الغربية كلها أراضي عسكرية مغلقة.
ولا يزال هذا الأمر ساري المفعول، لكنه يتم استخدامه بشكل قليل لأن الدولة تفضل استخدام أوامر أكثر عينية. منذ ذلك الوقت تم توقيع آلاف الأوامر الأخرى، رغم أن عددها الدقيق ليس معروفا، بسبب كون غالبيتها تتعلق بمناطق صغيرة نسبيا وتسري لفترات محدودة. ولكنه صدر إلى جانبها مئات من أوامر الإغلاق الدائمة لمناطق واسعة، ولأغراض متنوعة.
ولقد كانت الأهداف الأساسية لهذه الأوامر هي إغلاق حدود الضفة (مع الأردن في الشرق، ومنطقة اللطرون في الغرب)، ومن ثم إغلاق المنطقة الفاصلة، في جزء كبير من المنطقة الواقعة غرب الجدار الفاصل؛ إغلاق مناطق نفوذ المستوطنات، وإغلاق مناطق أمنية حول عدة مستوطنات، وإغلاق مناطق اعتبرها الجيش ضرورية لأغراضه. وهكذا بات أكثر من نصف المناطق C في الضفة (تصل إلى نسبة 61 في المائة من مجمل أراضي الضفة) يعتبر رسميا مناطق عسكرية مغلقة.
وجاء في التقرير أن هذه الأوامر تسمح بتقييد قدرة الفلسطينيين على التحرك بحرية واستخدام مناطق واسعة بشكل آمن. ويكتب أتاكس أن «إغلاق الأراضي هو الوسيلة الإدارية التي أثرت أكثر من أي وسيلة أخرى على تقييد تحركات الفلسطينيين وقدرتهم على استخدام موارد الأرض، رغم أن قسما كبيرا من هذه المناطق مغلق أمام الإسرائيليين، أيضا». ويصف التقرير كيف تم إغلاق غالبية المناطق العسكرية، والتي تبلغ مساحتها نحو مليون ونصف مليون دونم في أنحاء الضفة، خلال العقد الأول بعد حرب 1967.
وفي البداية، تم الإعلان عن مناطق للتدريب في غور الأردن، وتم إغلاق منطقة اللطرون القريبة بعد الحرب. وفي مطلع السبعينات من القرن الماضي، تم إغلاق القطاع الشرقي من الضفة الغربية، من أريحا حتى الجنوب، ما جعل خريطة مناطق التدريبات تلامس في عام 1972 خريطة «خطة ألون» تقريبا، التي كانت تهدف إلى ترسيخ السيطرة الأمنية الإسرائيلية على سفح الجبل وفي غور الأردن.
وتدل الصور الجوية التي يعود تاريخها إلى تلك الفترة، على أن الفلسطينيين كانوا يعيشون في قسم من المناطق التي تم إغلاقها ويفلحون الأراضي الزراعية أو يرعون فيها مواشيهم. وبعد توقيع اتفاقيات أوسلو، وتحديدا بين سنوات 1993 إلى 1995. تم تسجيل تغيير ملموس في الاتجاه المعاكس بالذات. فقد أعاد الجيش الإسرائيلي انتشاره وأخلى المناطق A التي انتقلت إلى السلطة الفلسطينية الكاملة (رغم أن هذه المنطقة تعرضت إلى التآكل مجددا طوال فترة الانتفاضة الثانية)، وحافظ على السيطرة الأمنية فقط في المناطق B.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».