عبر سكان واغادوغو أمس عن ارتياحهم لعودة السلطات الانتقالية بعد فشل الانقلاب الذي شهدته بوركينا فاسو في 17 سبتمبر (أيلول)، بينما ما زالت عدة قضايا عالقة تنتظر الحسم، ومن بين أبرزها قضية نزع أسلحة الانقلابيين.
ومن المؤشرات العملية الأولى على عودة الوضع إلى طبيعته، فتح المصارف ومحطات الوقود، التي كانت مغلقة في الأيام الماضية، أبوابها أمس في أول أيام عيد الأضحى في هذا البلد، الذي يشكل المسلمون 60 في المائة من سكانه. كما تجمع مئات الأشخاص في وسط العاصمة لأداء صلاة العيد، التي أكد خطيب واغادوغو سانا أبو بكر بعدها أنه يصلي من أجل عودة السلام، لكن بعد الصلاة خلت الشوارع من الناس، وعاد السكان إلى بيوتهم، أو تجمعوا في لقاءات عائلية بمناسبة العيد.
وكان رئيس بوركينا فاسو الذي أطاح به انقلاب قبل أسبوع قد عاد الأربعاء للسلطة في خطوة كبيرة على طريق إنهاء الأزمة، وذلك بعد اعتراف زعيم الانقلابيين بأنه «كان على خطأ». وقد أعيد ميشال كافاندو رسميا إلى الرئاسة، وكذلك رئيس الوزراء اللفتنانت كولونيل إسحق زيدا، وكل الحكومة والجمعية الوطنية الانتقالية، وذلك بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات في واغادوغو.
وذكر كافاندو بأن تنظيم انتخابات ديمقراطية يبقى «الهدف الأول» للسلطة الانتقالية، وقال وسط تصفيق مؤيديه إن «رد فعل شبابنا والاستياء العام للأسرة الدولية، والإجماع على إدانة الانقلاب يعزز ثقتنا بأننا على الطريق الصحيح، وإن قضيتنا عادلة مهما حصل».
وبعد ذلك أعلن كافاندو عن استئناف الاستعدادات للانتخابات، التي كانت مقررة في 11 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. لكن الموعد الجديد للاقتراع لم يحدد، بينما تحدث رئيس الوزراء عن احتمال إرجائها بضعة أسابيع، إلا أنه جرى إرجاء أول اجتماع لمجلس الوزراء إلى صباح اليوم بمناسبة العيد.
وقاد الانقلاب ضد كافاندو لواء الأمن الرئاسي، وهي قوات خاصة تابعة للجيش كانت تتولى حراسة الرئيس السابق بليز كومباوري في 17 سبتمبر الحالي.
من جهته، قال زعيم الانقلابيين الجنرال جيلبير ديانديريه عند انتهاء مراسم إعادة تسليم السلطة إن «الانقلاب انتهى ولن نعود للحديث عنه». وعبر الجنرال الذي كان يرتدي بزته العسكرية أمام الصحافيين عن شبه ندم، واعترف بأنه «أخطأ بالقيام بهذا الانقلاب»، الذي قُتل فيه عشرة متظاهرين وجُرح عشرات آخرون.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإعادة النظام الانتقالي. كما رحب الاتحاد الأوروبي أمس في بيان بعودة الرئيس إلى منصبه، وقال إن «عودة الرئيس كافاندو إلى مهامه واستئناف العملية الانتقالية يشكلان مرحلتين أساسيتين على طريق تطبيع الوضع في بوركينا فاسو».
لكن بعد عودة الرئيس والنظام الانتقالي ما زالت هناك قضايا أساسية عالقة لتعزيز الخروج من الأزمة، ومن بينها قضية العفو الذي طلبه الانقلابيون، ومصير لواء الحرس الرئاسي الذي يعد جيشا داخل الجيش. وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء، الرجل الثاني السابق في قوات النخبة هذه، إنه «لا يمكن الإبقاء عليه بهذا الشكل». بينما طالب اثنان من المرشحين الرئيسيين لانتخابات الرئاسية روش مارك كريستيان كابوريه، وبينيويندي سانكارا الأربعاء بحل هذه القوة فورا.
ولتبرير الانقلاب، طالب جنود الحرس الرئاسي بإشراك الأنصار السابقين لكومباوري في الانتخابات بعدما استبعدتهم منها السلطات الانتقالية.
وفي وسط العاصمة أبان المواطنون أمس عن ارتياحهم لعودة الشرعية إلى البلاد، إذ أكد أداما ساوادوغو، وهو في الخمسين من العمر، بأنه واثق في مستقبل بلده، وقال إن «الشعب هو الذي يقرر. إنه لا يريد العودة إلى الوراء. نريد الديمقراطية.. والآن سيعود كل شيء إلى طبيعته».
أما موسى ساوادوغو فقال «عندما تولى بليز كومباوري السلطة كان عمري سبع سنوات، واليوم أنا أب. كومباوري حكمني وحكم أبي.. لكن لا أريد أن يحكم ابني»..وتابع موضحا: «نحن نشعر بالثقة... الانقلاب ممارسة من زمن ولى. الشعب فتي وواعٍ».
وأمس بقي جنود لواء الأمن الرئاسي في ثكناتهم كما وعد زعيمهم، حسبما ذكر صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية، لكن لم تتم تسوية مسألة نزع أسلحتهم التي تبحث حاليا مع رئاسة الأركان، بينما قالت مصادر أمنية إن كل مداخل المدينة مراقبة من قبل الجيش لتجنيب فرار جنود من هذه القوة.
وصرح الخبير السياسي السنغالي بابكر جاستن ندياي بأن إفشال الانقلاب يدل على أن «نظاما عسكريا وقاسيا (...) لم يعد واردا» في بوركينا فاسو.
وتجمع نحو ألف شخص بعد ظهر أول من أمس تعبيرا عن رفضهم إصدار عفو عن الانقلابيين، ومعارضتهم الشديدة لعودة مرشحين قريبين من كومباوري، إذ قال متظاهر يدعى محمدي كواندا إن «الحية تبقى حية. يجب حل لواء الأمن الرئاسي.. وإلا ستعود المشكلة من جديد».
كما تجمع نحو 500 من أنصار الرئيس السابق في ساحة الشهداء، وقال أحدهم ويدعى روجيه زانغريه إن كل سكان بوركينا فاسو «متساوون وهم يريدون منع بعضهم من الترشح. لقد أخذوا على كومباوري أنه يريد تغيير الدستور، وهم يدوسون عليه الآن».
ارتياح يعم بوركينا فاسو بعد انتهاء الانقلاب.. ومصير مجهول يكتنف منفذيه
مئات الأشخاص يتظاهرون تعبيرًا عن رفضهم إصدار عفو عن الانقلابيين
ارتياح يعم بوركينا فاسو بعد انتهاء الانقلاب.. ومصير مجهول يكتنف منفذيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة