أجرى وفد من «معارضة الداخل» والمعروفة أكثر بصفة «المعارضة الموالية» محادثات في وزارة الخارجية الروسية حول التسوية السياسية للأزمة السورية. وقد وصل موسكو بدعوة من الخارجية الروسية. وذكرت مصادر مقربة من هذه الأوساط أن الدعوة في الواقع أتت متأخرة، وربما بعد أن عبر عدد من أعضاء الوفد الزائر حاليا لموسكو عن استيائهم من عدم توجيه دعوات لهم للمحادثات في الخارجية الروسية، عندما تم توجيه دعوات لأكثر من وفد من «معارضة الداخل» كان آخرها دعوة الوزير في الحكومة السورية علي حيدر.
وتسعى موسكو إلى خلق مركز ثقل معارض يكون قابلاً للتعاطي بإيجابية مع الرؤية الروسية لحل الأزمة في سوريا، ولا يتفق جزئيا أو كليا مع الموقف الذي يعبر عنه الائتلاف الوطني لقوى المعارضة، ومجموعات أخرى. لهذا الغرض أطلقت موسكو ما يعرف باسم «لقاءات موسكو التشاورية» بين «المعارضة» والحكومة السوريتين، واقتصرت المشاركة في ذلك اللقاء على قوى «المعارضة الحكومية» مع مشاركة من جانب هيئة التنسيق الوطني، وممثلين عن لجنة مؤتمر القاهرة. إلا أن الجهود الروسية اصطدمت بالفشل الذي أصرت موسكو على تجاهله، حيث برزت خلافات حادة بين الشخصيات المعارضة التي دعتها روسيا إلى تلك اللقاءات، فضلا عن خلافات بينها وبين الوفد الحكومي حالت دون التوصل إلى نتيجة. ففي لقاء «موسكو – 1» كان هناك ثقل لتمثيل «المعارضة الحكومية»، فضلا عن زعيم من العشائر، ودعا هؤلاء في تصريحاتهم المجتمع الدولي إلى تجفيف منابع تمويل الإرهاب في سوريا، مشددين على أولوية محاربة الإرهاب، في مجاراة للموقف الحكومي، بل وفي سباق معه، بلغ حد التأكيد على ضرورة أن يتحد الجميع تحت راية الجيش السوري للتصدي للإرهاب، على أن يأتي الحل السياسي لاحقًا.
ومن أجواء خلافات مؤتمر «موسكو - 1» انتقد ماجد حبو العضو في هيئة التنسيق اللقاء، مستغربا كيف تصل ورقة ما يُسمى بـ«مبادئ موسكو» إلى وسائل الإعلام قبل أن يطلع المشاركون عليها. وأضاف حبو في توضيح نشره على صفحته على «فيسبوك»: «وقد جاء المؤتمر الصحافي للسيد فيتالي نعومكن، ميسر اللقاء، مخيبًا للآمال لأنه قدم ورقة قال إنها تمثل المشاركين، وأقر هو بنفسه في اليوم التالي بأنها انطباعات شخصية». واعتبر حبو أن مثل ذلك السلوك «يخرج الدور الروسي من وسيط إلى طرف مؤيد لأطروحات السلطة السورية».
ولم تقتصر محاولات فرض «أوراق»، أو «وثائق ختامية» معينة يتم اعتمادها لاحقة كوثيقة للانطلاق على أساسها، على «موسكو - 1». وبينما يبدو أنها حاجة روسية ملحة للإمساك بورقة تدخل بها كواليس المفاوضات السورية - السورية المرتقبة في جنيف - 3، وتسهم في إضعاف الموقف المعلن للمعارضة السورية الحقيقة، و«تطعيم» صفوف وفد المعارضة بـ«معارضين موالين»، أصرت موسكو على الدعوة للقاء «موسكو - 2». ومن جديد تتكرر قصة شبيهة إلى حد بعيد بالورقة الختامية التي اتضح أنها «مجرد انطباعات شخصية» خرج بها الميسر نعومكن، إذ تم الإعلان في ختام «موسكو - 2» عن التوصل إلى وثيقة تفاهم مشتركة من عشر نقاط بين وفدي «المعارضة» والحكومة، تشكل أرضية للمضي في الحل السياسي السوري - السوري.
حينها سارع حسن عبد العظيم إلى إعلان فشل المؤتمر، واعتبر نتائجه لاغية، وفعل الأمر ذاته سمير العطية، بينما أكد آخرون من داخل الاجتماع أنه لم يتم حقيقة تبني أي ورقة، ذلك أن بعض المشاركين اشترط أن يتم التوقيع عليها بعد الاتفاق مع وفد الحكومة على إجراءات الثقة، وهو ما لم يتم، الأمر الذي يعني أن «الورقة لاغية»، وفق ما قاله حسن عبد العظيم. وقال آخرون إن ما جرى كان أشبه بمسرحية، إذ تمت تلاوة «ورقة النقاط العشر» وصفق بعض الحضور، ليُعلن بعد ذلك أن المجتمعين خرجوا باتفاق تمت بلورته ضمن «النقاط العشر»، التي أطلقت عليها موسكو فيما بعد صفة «منصة موسكو».
على الرغم من كل هذه الخلافات بين «المعارضين» المشاركين في لقاءات موسكو، لا تزال الخارجية الروسية تصر على اعتبار الورقة المسماة «منصة موسكو»، إلى جانب «منصة القاهرة» وخريطة الطريق الصادرة عن لقاء القاهرة، أرضية مناسبة للمضي في التسوية السياسية للأزمة السورية، وتشدد على ضرورة تشكيل وفد يمثل كل أطياف المعارضة والمجتمع المدني، كي تتمكن من الزج بالشخصيات والمواقف المناسبة على طاولة الحوار بين المعارضة والنظام، الأمر الذي سيؤثر دون شك على مسار العملية السياسية بشكل عام، وسيجعل نتائجها لصالح النظام، ودون الحد الأدنى من تطلعات الشعب السوري.
تمسك روسي بمنصة موسكو بين «معارضة الداخل» والحكومة على الرغم من فشلها
تشديد على تشكيل وفد للزج به في الوقت المناسب على طاولة الحوار بين المعارضة والنظام
تمسك روسي بمنصة موسكو بين «معارضة الداخل» والحكومة على الرغم من فشلها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة