مهى فتوني... غناءٌ بعد صمت وشهرةٌ بعد خجل

ديو مفاجأة مع أحمد سعد و«الصبر جميل» صارت «ترند»

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
TT

مهى فتوني... غناءٌ بعد صمت وشهرةٌ بعد خجل

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)
حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)

في غرفةٍ مزدحمة بالخرائط والمساطر والحواسيب وسائر أدوات الهندسة، كانت تجلس مهى فتوني عندما انتصرت جرأتُها على مخاوفَ عمرها 22 سنة. حدث ذلك خلال جائحة كورونا والحجر المنزليّ. قررت أن تُخرج صوتها من القمقم وتشاركه مع الناس، أصدقاءَ كانوا أم غرباء، عبر منصة «تيك توك».

كل ما حصل بعد ذلك لم يُشبه ما سبقه في حياة الشابة اللبنانية. أحدثُ تلك التحوّلات تقديمُها استقالتها من وظيفتها كمهندسة داخليّة في الكويت، وإصدارها منذ أسابيع ديو مع الفنان المصري أحمد سعد كان بمثابة مفاجأة لمتابعيها.

«لم يخطّط أحد للأغنية»، تؤمن فتوني بأنّ الصُدفة غالباً ما تأتي بأفضل النتائج. في حديثها مع «الشرق الأوسط»، تكشف كواليس التسجيل. كان سعد في زيارة إلى ستوديو في القاهرة حيث كانت تسجّل إحدى أغانيها. هو على معرفة سابقة بصوتها ويتابعها على «تيك توك». تقول: «سجّلنا على سبيل التسلية. حتى فيديو الأغنية هو تصوير عفويّ ومن دون تعديلات». أثمرت هذه العفويّة مئات آلاف المشاهَدات، كما أنها جمعت فتوني بفنانٍ لطالما ردّدت أغانيه وأعادت تسجيلها بصوتها.

المغنية اللبنانية مهى فتوني والفنان المصري أحمد سعد (صور فتوني)

تمرين عبر التلفزيون

كانت فتوني مُقدّرةً للدرس، وللدرس فحسب. هي الآتية من عائلة تؤمن بالعلم ومن أبوين مدرّسَين، لم يكن الفنّ احتمالاً وارداً بالنسبة إليها. ومع أنهما ربّياها على الطرب وصوت فيروز، هي لم تسمع يوماً أحداً يقول لها: «صوتك حلو». لم تقف على خشبة مسرح المدرسة لتغنّي في حفلة نهاية السنة؛ «خانتني الجرأة، وخجلي كان أقوى». احتفظت بصوتها لنفسها، لكنها صقلته سراً، على طريقتها؛ «كنت أتابع برنامج ستار أكاديمي وأتدرّب عبر شاشة التلفزيون برفقة الأستاذة التي كانت تعلّم الطلّاب».

الفتاة التي لم يؤمن أحد بموهبتها كبرت اليوم لتتشارك المسارح مع «نجوم الصف الأول»، ولتحصد أغانيها ملايين الاستماعات. لكنّ ذلك لم يكن ليتحقق، لولا لحظة الجرأة تلك التي قلبت حياتها رأساً على عقب عام 2020. جمعت كل ما في حنجرتها من شغف بالموسيقى، وجلست أمام عدسة «تيك توك» مغنّيةً «ذكريات كدّابة» للفنان المصري تامر عاشور. خلال أيام، كان الفيديو قد جمع أكثر من 50 ألف مشاهَدة.

حاربت الشابة اللبنانية الخجل لتطلق صوتها على الملأ (صور فتوني)

«الصبر جميل»

الأغنية جرّت وراءها أغنيات، والمئات صارت ملايين. أدركت فتوني حينها أنّ جدران الغرفة الصغيرة التي سجنت صوتها بينها، تحطّمت إلى الأبد. والفتاة الصارمة والجادّة التي لم يتوقّع لها أحدٌ بأن تطأ مجال الفن، انتشر صوتها بسرعة في العالم العربيّ.

تفسّر ثورتها الصغيرة تلك بالقول إنها لطالما وُضعت في مقارنة مع أشقّائها، بينما لم تكن ميّالةً إلى الدرس مثلهم؛ «أردت أن يكون لديّ ما يميّزني عن محيطي. في البداية لم يأخذني أهلي على محمل الجدّ، لكنهم اليوم في طليعة الداعمين».

تسجّل مهى فتوني حالياً مجموعة من الأغاني الخاصة، كما تستعدّ لإحياء حفل في جدّة بعد أيام. إلا أنها حتى الآن، لا تحب أن يُطلق عليها لقب «فنانة». تفسّر هذا التمنّع بالقول: «صحيح أن أغنيتي (الصبر جميل) حقّقت 100 مليون استماع على (يوتيوب) وتحوّلت إلى ترند، صحيح كذلك أنني غنّيت أمام 10 آلاف شخص في جدّة إلى جانب النجمَين رامي صبري ورامي جمال، لكن بالنسبة لي فأنا أبدأ للتوّ. قد ينجح الأمر وقد لا ينجح».

بكثير من العقلانيّة، تتعامل فتوني مع الشهرة المستجدّة والأرقام الخياليّة. تعلّق: «هذا زمن فيه فنانو (سوشيال ميديا) وفنانو صف أول. الشاطر هو الذي سيستطيع أن يخرج من (السوشيال ميديا) ويسلك الطريق الذي يؤدّي به إلى الصف الأول».

حفل فتوني الأول في مسيرتها كان في جدّة أمام 10 آلاف متفرّج (إنستغرام)

لا تنكر أن منصّة «تيك توك» سرّعت في انتشارها ومنحتها الأرضيّة للانطلاقة، لكنها لن ترضى أبداً بلقب «فنانة تيك توك». تقول إنّ انتقالها من عالم «السوشيال ميديا» إلى العالم الواقعيّ بدأ للتوّ، وهو يتكرّس بتفاعل الناس مع أغانيها الخاصة وبخروجها من شرنقة إعادة الأغاني المعروفة. وقد يكون الأهمّ من ذلك كله، الخروج من الشاشة الافتراضيّة إلى فضاء المسرح الحقيقيّ.

مصريّة الهوى

في رصيد مهى فتوني بعض الأغاني الخاصة التي تميّزت من بينها «الصبر جميل»، مشكّلةً نقطة تَحوّل. عن سابقِ شغفٍ وتأثّر بكل ما هو مصري، اعتمدت اللهجة. ومَن لا يعرفها، يظنّها مصريّة عندما تغنّي. حتى أحمد سعد قال لها: «مبيّنة مننا».

في وقتٍ يتعثّر فنانون معروفون في إقناع الجمهور المصريّ، اخترقت فتوني القلوب بسهولة. مردّ ذلك برأيها أنها منغمسة منذ الصغر في فن بلاد النيل، وهي تتماهى مع الأغنية المصريّة. تذكر من بين الفنانين الذين أثّروا بها وطبعوا صوتها، شيرين وأنغام وتامر عاشور.

تلبّي نداءً في داخلها يشدّها صوب القاهرة: «أحتاج إلى زيارتها كل فترة، وفي استوديوهاتها أسجّل أغانيّ». لكنّ هذا التفرّغ للأعمال المصريّة لا يعني أنّ فتوني لن تغنّي بلهجة بلدها لاحقاً. ومهما اختلفت اللهجات، يبقى الأساس بالنسبة إليها تقديم محتوى موسيقي راقٍ، و«أن تلمس الأغنية الروح وألّا يكون كلامها ركيكاً».

من يسمع أداء فتوني الغنائي يظنّها مصريّة لشدّة تأثّرها بالموسيقى المصرية (صور الفنانة)

إلى جانب اللهجة المصريّة، يطبع الحزن أغاني مهى فتوني وصوتها. لا يزعجها أن يرتبط اسمها بالأغاني الحزينة: «فنانون كثُر أمضوا أولى سنوات مسيرتهم في غناء اللون الحزين، وانتقلوا لاحقاً إلى أنواع موسيقية أخرى. ثم إن هويّة صوتي تميل إلى الكلام الحزين وإيقاع المقسوم».

من الواضح أن المغنّية الشابّة تبني لنفسها هويّةً كما لو أنها ترسم مخططاً هندسياً. أما مقوّمات تلك الهويّة فهي الحفاظ على بصمة صوتيّة خاصة، وعلى هندام بسيط ومحتشم. تأتي الجرأة لتكمّل ذلك، فعندما تُسأل فتوني عن أهمّ إنجازاتها حتى الآن تجيب: «يكفي أنني خرجت من ثوب مهى القديم... ثوب الخجل».


مقالات ذات صلة

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق «ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)

«ليلة الأحلام» تُبهر جمهور جدة بتألُّق عمر خيرت وآمال ماهر

صعدت آمال ماهر إلى المسرح، وافتتحت عرضها بأغنيتها الشهيرة «اللي قادرة» بمشاركة عمر خيرت على البيانو، ثم تتابعت الأغاني بتألُّق صوتها وموسيقى الموسيقار المصري.

أسماء الغابري (جدة) نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

ما كان لهذا الحفل اللبناني أن ينتهي من دون أن تختمه بأغنيتها «بيروت الأنثى» التي أبكت يوم صدورها بسبب الظروف العصيبة التي مرَّ بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

كوثر وكيل (باريس)
يوميات الشرق نجوم الأغنية المصرية في التسعينات غنّوا روائع الذاكرة (الشرق الأوسط)

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

نجوم الأغنية المصرية في التسعينات، حسام حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد وهشام عباس وإيهاب توفيق، غنّوا روائع الذاكرة في حفل بيروتي حضره الآلاف.

فاطمة عبد الله (بيروت)

كيف سيبدو العالم إذا انقرض البشر؟

أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
TT

كيف سيبدو العالم إذا انقرض البشر؟

أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس خلال حظر التجوال تجنباً لتفشي وباء «كورونا» (رويترز)

يُعدّ اختفاء البشر فكرة شائعة في الأفلام والبرامج التلفزيونية والكتب، إلا أن نهاية البشرية لا تزال أمراً غريباً يجب التفكير فيه.

موقع «كونفرزيشن» طرح سيناريو تخيلياً لمصير كوكب الأرض إذا انقرض البشر لأي سبب، وقال: «إن اختفاء البشر فجأةً من العالم من شأنه أن يكشف شيئاً عن الطريقة التي نتعامل بها مع الأرض، وسيظهر لنا أيضاً أن العالم الذي نعيشه اليوم لا يمكنه البقاء على قيد الحياة من دوننا، وأننا لا نستطيع البقاء على قيد الحياة إذا لم نهتم به، وأن الحضارة مثل أي شيء آخر تحتاج لإصلاح مستمر».

ووفقاً للسيناريو الذي طرحه الموقع: «إذا اختفى البشر، وتمكّنتَ من العودة إلى الأرض لترى ما حدث بعد عام واحد، فإن أول شيء ستلاحظه لن يكون بعينيك، بل بأذنيك؛ إذ سيكون العالم هادئاً. وستدرك مدى الضجيج الذي يُصدره الناس، أما عن الطقس فستصبح السماء أكثر زُرقةً، والهواء أكثر صفاءً، وسوف تقوم الرياح والأمطار بتنظيف سطح الأرض، وسيختفي كل الضباب الدخاني والغبار الذي يصنعه البشر».

«وفي تلك السنة الأولى، عندما يكون منزلك خالياً من أي إزعاج من قِبل أي شخص، ستذهب إلى منزلك، وآمُل ألّا تشعر بالعطش؛ لأنه لن يكون هناك ماء في الصنبور؛ حيث تتطلّب أنظمة المياه ضخّاً مستمراً. إذا لم يكن هناك أحد في مصدر المياه العام لإدارة الآلات التي تضخ المياه، فلن تكون هناك مياه، لكن الماء الذي كان في الأنابيب عندما اختفى الجميع كان سيظل موجوداً عندما جاء فصل الشتاء الأول؛ لذلك في أول موجة برد، كان الهواء البارد سيُجمّد الماء في الأنابيب ويفجّرها».

«ولن تكون هناك كهرباء. ستتوقف محطات توليد الطاقة عن العمل؛ لأنه لن يقوم أحد بمراقبتها، والحفاظ على إمدادات الوقود، لذلك سيكون منزلك مظلماً، من دون أضواء أو تلفزيون أو هواتف أو أجهزة كمبيوتر».

محطة قطارات خالية من روادها في لندن ضمن التدابير الهادفة للسيطرة على تفشي فيروس «كورونا» (د.ب.أ)

«وسيكون منزلك مترباً، ففي الواقع، يوجد غبار في الهواء طوال الوقت، لكننا لا نلاحظه لأن أنظمة تكييف الهواء والسخانات لدينا تنفخ الهواء حولنا.

وفي أثناء تنقلك بين غرف منزلك، فإنك تحافظ على الغبار في حالة تحرك أيضاً. ولكن بمجرد أن يتوقف كل ذلك، سيظل الهواء داخل منزلك ساكناً ويستقر الغبار في كل مكان».

«وسوف ينمو العشب الموجود في حديقتك حتى يصبح طويلاً ويتوقف عن النمو، وسوف تظهر أعشاب ضارة جديدة، وستكون في كل مكان، والكثير من النباتات التي لم ترها من قبل سوف تنمو في حديقتك. وفي كل مرة تُسقط فيها شجرة بذرة، قد تنمو شتلة صغيرة، ولن يكون هناك أحد ليخرجها أو يقطعها». وفقاً للموقع.

«وفي الشوارع، سوف تتآكل الطرق والسدود والجسور التي بناها الناس على الأنهار والجداول في العالم، وسوف تعود المزارع إلى الطبيعة، وستبدأ النباتات التي نأكلها بالاختفاء؛ لأنه لم يَعُد هناك الكثير من الذرة أو البطاطس أو الطماطم بعد الآن.

وستكون الحيوانات الأليفة فريسة سهلة للدببة والذئاب والفهود، وبمرور الوقت ستصبح القطط مثلاً وحشية على الرغم من أن الكثير منها سوف يتم افتراسه من قبل حيوانات أكبر».

وذكر الموقع أن هذا السيناريو قد يتحقق عن طريق اصطدام كويكب بالأرض أو توهج شمسي يتسبب في اختفاء البشرية.