«لا أعذار»... هذا هو الشعار المثير للإعجاب الذي يردده الهولندي إيريك تن هاغ المدير الفني لمانشستر يونايتد، دائماً للتعليق على تراجع مستوى ونتائج فريقه مع بداية الموسم الحالي. ويُعد هذا الشعار أساسياً بالنسبة للمديرين الفنيين الكبار في عالم كرة القدم: لا تقل أبداً إن غياب بعض اللاعبين هو السبب في النتائج السيئة؛ لأنك بذلك تعترف بأنك ضعيف، وتفتقر إلى الخيال الذي يمكّنك من تحقيق النجاح من خلال خيارات بديلة!
ومع ذلك، هناك دائماً استثناءات لكل قاعدة. فمن المؤكد أن غياب 16 لاعباً عن صفوف مانشستر يونايتد خلال المباريات العشر التي لعبها حتى الآن يعد السبب الرئيسي في تراجع مستوى ونتائج الفريق في الوقت الحالي. ويقترب هذا الرقم من ثلثي القائمة المكونة من 25 لاعباً والتي يعلن عنها كل فريق من فرق الدوري الإنجليزي الممتاز في شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام للنصف الأول من الموسم.
لقد تضمنت قائمة الغيابات اللاعبين الجدد الذين ضمهم الفريق: راسموس هويلوند، الذي كلف خزينة النادي 72 مليون جنيه إسترليني، وميسون ماونت (55 مليون جنيه إسترليني)، بالإضافة إلى الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز (الذي انضم مقابل 57 مليون جنيه إسترليني في صيف عام 2022) – جميع اللاعبين الجدد الذين تعاقد معهم تن هاغ – بالإضافة إلى غياب لاعب آخر، وهو البرازيلي أنتوني، الذي حصل على إجازة للتعامل مع ادعاءات العنف ضد أكثر من امرأة، وهو ما ينفيه اللاعب.
وتجب الإشارة هنا إلى أن قائمة اللاعبين الذين يواصلون الابتعاد عن صفوف الفريق بسبب الإصابة أو المرض تشمل كلاً من: تيريل مالاسيا، ولوك شو، وسيرجيو ريغيلون (الثلاثة يلعبون في مركز الظهير الأيسر)، بالإضافة إلى رافائيل فاران، وهاري ماغواير، وتوم هيتون، وآرون وان بيساكا، وسفيان أمرابط، وكريستيان إريكسن، وأماد ديالو، وكوبي ماينو، وسكوت مكتوميناي، وأنطوني مارسيال.
ويرفض تن هاغ الإشارة علناً إلى هذه القائمة الطويلة التي تكفي لكي تملأ جناحاً كاملاً في أحد المستشفيات، لكن لا مفر من الاعتراف بأن غياب هذا العدد الكبير من اللاعبين الأساسيين يعني أن الفريق سيعاني. وإذا كان ماينو وهيتون ومالاسيا وماغواير وديالو لا يشاركون في التشكيلة الأساسية، فلا يزال هناك ما يقرب من 10 لاعبين أساسيين غاب بعضهم فترات، وآخرون ما زالوا خارج صفوف الفريق، مثل مارتينيز وهويلوند وفاران. بالإضافة إلى ذلك، يغيب جادون سانشو لأسباب تأديبية.
من المؤكد أن اللاعبين البارزين هم الذين يجعلون الأندية مميزة، وهذا هو السبب الذي يجعلهم محط اهتمام الجميع. لقد رأينا مانشستر سيتي ينفق 100 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع جاك غريليش في أغسطس (آب) 2021، وآرسنال ينفق 105 ملايين جنيه إسترليني للتعاقد مع ديكلان رايس في يوليو (تموز)، كما دخل ليفربول وتشيلسي في صراع شديد من أجل التعاقد مع مويسيس كايسيدو من برايتون، حيث عرض ليفربول 111 مليون جنيه إسترليني، قبل أن ينجح تشيلسي في ضم اللاعب مقابل 115 مليون جنيه إسترليني في أغسطس (آب).
لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: ما السبب وراء هذا العدد الكبير من الإصابات في مانشستر يونايتد؟ قد يكون التعب هو السبب، نظراً لأن مانشستر يونايتد - إلى جانب مانشستر سيتي – هو الفريق الذي لعب أكبر عدد من المباريات مقارنة بأي فريق في أوروبا الموسم الماضي، كما شارك معظم لاعبيه في كأس العالم في قطر. وقد تكون أساليب وطرق التدريب مسؤولة عن ذلك أيضاً.
وخلال الشهر الماضي، تحرك مانشستر يونايتد لتدعيم الطاقم الطبي من خلال تعيين غاري أودريسكول، كبير الأطباء السابق في آرسنال، ومن المفهوم أنه يقوم الآن بمراجعة هذا العدد الكبير من الإصابات.
كانت الخسارة يوم الثلاثاء الماضي بثلاثة أهداف مقابل هدفين أمام غلاطة سراي التركي هي الهزيمة الثانية لمانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا في أول مباراتين للفريق بدور المجموعات. وكما كانت الحال مع الهزيمة أمام بايرن ميونيخ بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، يمكن القول إن الأخطاء الفردية كانت هي السبب في الخسارة، خصوصاً من جانب أمرابط وأندريه أونانا. يمكن لأمرابط أن يزعم – وله الحق في ذلك تماماً - أنه ليس ظهيراً أيسر. لم يتمكن اللاعب المغربي من لعب الكرة برأسه بشكل صحيح في الهدف الأول لغلاطة سراي، كما كان متمركزاً بشكل سيئ خلال هدف الفوز الثالث، للفريق التركي. لكن أمرابط كان يلعب في مركز الظهير الأيسر بسبب غياب كل اللاعبين الأساسيين في هذا المركز: شو وريغيلون ومالاسيا.
لكن حالة أونانا هي الأكثر إثارة للقلق. فإذا نظرنا إلى أبرز الأحداث في مباراة غلاطة سراي فسنجد أن الخيار الأول لتن هاغ في مركز حراسة المرمى قد ظهر بشكل بائس، وكان مسؤولاً بشكل كبير عن الهدف الأول للفريق التركي عن طريق ماورو إيكاردي. وعلاوة على ذلك، مرر الكرة بشكل سيئ، ولم تصل لأي زميل له في الفريق لتذهب بشكل مباشر إلى دريس ميرتنز، الذي اضطر كاسيميرو لعرقلته داخل منطقة الجزاء، لتُحتسب ركلة جزاء على مانشستر يونايتد ويُطرد كاسيميرو.
لقد أصبح هذا الخطأ الأخير معتاداً من جانب حارس المرمى الكاميروني مع مانشستر يونايتد. لقد كان أونانا، بطريقة ما، هو أبرز توقيع لتن هاغ خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، نظراً لأن المدير الفني الهولندي قد تعاقد مع الحارس الكاميروني مقابل 47 مليون جنيه إسترليني من إنتر ميلان لكي يتمكن من تغيير طريقة اللعب، والاعتماد على أونانا في بناء الهجمات من الخلف للأمام لأنه يجيد الاستحواذ على الكرة بقدميه، لكن من المؤكد أن الحارس قد خذله!
وفي أول ظهور له مع مانشستر يونايتد في فترة الاستعداد للموسم الجديد، ارتكب أونانا خطأً ساذجاً عندما تقدم للأمام، ولعب الكرة برأسه بشكل سيئ لتصل إلى خوسيلو الذي وضع الكرة في الشباك لتنتهي المباراة بفوز ريال مدريد بهدفين دون رد في هيوستن. وربما لن يكون الخطأ الذي ارتكبه أونانا وأدى إلى حصول كاسيميرو على البطاقة الحمراء الأخيرة. وعلاوة على ذلك، فإن وضع كاسيميرو في الوقت الحالي يشبه كثيراً حالة أونانا، حيث لا يزال نجم خط الوسط البرازيلي يسعى لتقديم أفضل مستوياته – وينطبق الأمر نفسه أيضاً على ماركوس راشفورد، أحد اللاعبين البارزين في فريق تن هاغ، الذي ربما تكون تمريرته العرضية المتقنة في الهدف الأول لمانشستر يونايتد عن طريق هويلوند بمثابة إشارة على أنه بدأ أخيراً يستعيد جزءاً من مستواه.
وبعيداً عن المستوى الفني فهناك تهديد للنادي بخسارة الملايين في الفترة المقبلة. في صباح يوم الأربعاء الماضي، انسحبت تركيا من سباق استضافة بطولة الأمم الأوروبية 2028، وهو ما يمهد الطريق أمام بريطانيا وجمهورية آيرلندا لتنظيم البطولة. ومع ذلك، لم يضع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ملعب «أولد ترافورد» ضمن الملاعب المرشحة لاستضافة المباريات. ويزعم النادي أن السبب في ذلك يعود إلى أن التجديدات المحتملة للملعب تعني أنه لن يكون جاهزاً لاستضافة البطولة.
في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 1996، استضاف ملعب «أولد ترافورد» 5 مباريات من مباريات البطولة التي ضمت 16 منتخباً. وفي ظل زيادة عدد منتخبات البطولة الآن إلى 24، كان من الممكن أن يستضيف الملعب عدداً أكبر من المباريات، وبالتالي فإن عدم جاهزية الملعب لاستضافة المباريات يعني أن مانشستر يونايتد سوف يخسر ملايين عدة من الجنيهات الإسترلينية: علامة أخرى على الكيفية التي سمحت بها عائلة «غلايزر» الأمريكية، بصفتها مالكة نادي مانشستر يونايتد بأن يتخلف عن ركب مانشستر سيتي (الذي سيشارك ملعبه «الاتحاد» في استضافة مباريات البطولة ومنافسين آخرين.
ومع ذلك، فإن أحد مصادر الأمل في تحسن مستوى مانشستر يونايتد داخل الملعب يتمثل في هويلوند، الذي سجل هدفي فريقه في مرمى غلاطة سراي، وكان هدفه الثاني رائعاً بعد أن انطلق بالكرة بسرعة من الجانب الأيسر من منتصف الملعب، ووضع الكرة ببراعة من فوق حارس مرمى الفريق التركي، فرناندو موسليرا.
ويتمثل الأمل الآن في ألا يتأثر مستوى المهاجم الدنماركي الشاب، البالغ من العمر 20 عاماً، بتراجع مستوى الفريق كله. ومع ذلك، فإن الصورة الأكثر وضوحاً لشكل يونايتد لن تظهر إلا عندما يستعيد تن هاغ خدمات الكثير من اللاعبين الغائبين بسبب الإصابة!
*خدمة «الغارديان»