تحركات مصرية - إيرانية متتالية تزيد فرص تحسن العلاقات

رئيسا البرلمانَين أكدا أهمية التعاون

قاليباف خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب المصري (وكالة مهر للأبناء)
قاليباف خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب المصري (وكالة مهر للأبناء)
TT

تحركات مصرية - إيرانية متتالية تزيد فرص تحسن العلاقات

قاليباف خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب المصري (وكالة مهر للأبناء)
قاليباف خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب المصري (وكالة مهر للأبناء)

زادت تحركات «سياسية واقتصادية وبرلمانية» بين مصر وإيران من فرص تحسن العلاقات بين البلدين؛ ما يُمهد لإعلان عودة العلاقات بين القاهرة وطهران؛ إذ أكد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان)، حنفي جبالي، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، محمد باقر قاليباف، «أهمية التعاون بين مصر وإيران»، وذلك خلال لقاء جمعهما في جوهانسبرغ، وذلك بعد أيام من لقاء وزير المالية المصري، ووزير الاقتصاد الإيراني، وكذا لقاء وزيري خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. في حين قال خبراء: إن «اللقاءات المصرية - الإيرانية الأخيرة (إشارة) على قرب عودة العلاقات الدبلوماسية».

وشهدت الفترة الماضية تصريحات إيرانية متواترة بشأن التقارب مع مصر، وكان منها ما جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في مايو (أيار) الماضي، حيث وصف مصر بـ«الشقيقة والصديقة». وأعرب عن أمله حينها في أن تشهد العلاقات مع مصر «تطوراً وانفتاحاً متبادلاً». وخلال الشهر نفسه، زار سلطان عمان، هيثم بن طارق، مصر وإيران، تباعاً، وسط حديث تنامى حينها عن «وساطة قادها سلطان عمان في إطار الملف نفسه»، حسب تقارير حينها. وفي أغسطس (آب) الماضي، أدانت مصر حادث استهداف مرقد شاه جراغ الديني في مدينة شيراز الإيرانية.

علاقات برلمانية

والتقى رئيس مجلس النواب المصري، رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، على هامش انعقاد الجمعية البرلمانية التاسعة لمجموعة «بريكس» في جوهانسبرغ. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء (مساء الأربعاء)، أن اللقاء يأتي في ظل «تزايد التحركات الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة لتحسين العلاقات بين البلدين بعد عقود عدة».

وأشار قاليباف إلى أن «مصر دائماً دولة مؤثرة في التاريخ والإسلام، وعلينا أن نحاول تعزيز العلاقة بين الدول الإسلامية في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا». وأضاف أن «التعاون البرلماني الذي يُمثل البلدين يُمكن أن يكون (فعالاً للغاية) في التنمية المستدامة للعلاقات بين دول شمال أفريقيا ومنطقة غرب آسيا، وإذا تحقق هذا التعاون ستكون هناك رؤية واضحة لمستقبل البلدين من أجل تحسين العلاقات».

في حين أكد جبالي، بحسب وكالة «مهر»، «اعتقد أنه من خلال المشاركة في مجموعة (بريكس) نسير على الطريق الصحيحة لتنمية البلدين، ويجب أن نحاول زيادة العلاقات والتعاون بين البلدين في مختلف القضايا»، داعياً رئيس مجلس الشورى الإسلامي إلى زيارة القاهرة من «أجل تطوير العلاقات بين البلدين»، كما وجّه قاليباف دعوة إلى نظيره المصري لزيارة طهران من «أجل تحسين العلاقات البرلمانية بين البلدين».

إشارات واضحة

تعليقاً، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللقاءات المصرية - الإيرانية الأخيرة جميعها تعطي (إشارة واحدة) وهي قرب عودة العلاقات الدبلوماسية، والتي أصبحت (عودتها مسألة مستقرة)؛ لكن يتم التمهيد لها». وأعرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة سوف تشهد إعلان عودة العلاقات بين البلدين».

حول وجود بعض المطالب الآن لمصر لعودة العلاقات مع إيران، أكد رخا «لا أعتقد؛ لأنه قد حدث تفهمات واتفاق بين البلدين، وتوضيح للأمور والقضايا (الخلافية) السابقة كافة، وأصبح هناك تأكيدات على التعاون المشترك بين البلدين، من أجل توفير الأمن للمنطقة، والتأكيد على ضرورة منع التدخل في شؤون دول المنطقة».

وفي يوليو (تموز) الماضي، أكد المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، أنه «نتيجة للتطور الذي شهدته العلاقات الإيرانية - الخليجية خلال الفترة الأخيرة، يتوقع البعض أنه من الطبيعي أن تشهد العلاقات المصرية - الإيرانية تطوراً مشابهاً». وأضاف أن «التفاعل والتواصل موجودان دائماً، ولم ينقطعا في أي مرحلة من المراحل».

جانب من لقاء وزيرَي الاقتصاد الإيراني والمالية المصري في شرم الشيخ (وكالة فارس للأنباء - إكس)

تعاون اقتصادي وسياسي

وخلال الشهر الحالي أيضاً على هامش اجتماع البنك الآسيوي للبنية التحتية في مدينة شرم الشيخ المصرية، استعرض وزير المالية المصري، محمد معيط، ووزير الاقتصاد الإيراني، سيد إحسان خاندوزي، تطورات العلاقات الثنائية والتجارية بين البلدين.

وأكد خاندوزي حينها أن «إيران مستعدة لتطوير التعاون في مجال الأعمال المصرفية والبنية التحتية الآسيوية»، مقترحاً «تشكيل لجنة مشتركة بين نائب وزير الاقتصاد في إيران، ونائب وزير المالية المصري لمواصلة التواصل ومتابعة المشروعات التي تمت مناقشتها». في حين أشار وزير المالية المصري إلى استعداد بلاده لتنفيذ المقترحات التي تقدم بها نظيره الإيراني. وقال: إن «مصر ترى أنه من المهم توسيع وتطوير العلاقات مع إيران».

أيضاً جرت الشهر الحالي مباحثات بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في نيويورك. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: إن لقاء وزيري الخارجية الإيراني والمصري في نيويورك فتح «أفقاً جديداً» في مسار العلاقات بين البلدين. كما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي» حينها عن وزير الخارجية المصري، قوله: إن هناك «إشارات إيجابية» فيما يتعلق بالعلاقات بين مصر وإيران.

عودة إلى رخا الذي قال: إن «إجمالي هذه اللقاءات سواء (سياسية، أو اقتصادية، أو برلمانية) تصبّ جميعها في مسار واحد، وهو قرب إعادة العلاقات بين القاهرة وطهران».

وهنا يرى مراقبون أن «القاهرة لا تُمانع في إقامة علاقات دبلوماسية (كاملة) مع طهران على أساس التعايش السلمي».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني خلال مباحثات في نيويورك الشهر الحالي (الخارجية المصرية)

وفي مارس (آذار) الماضي، ثمّنت الرئاسة المصرية نهج المملكة العربية السعودية في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران. ووفق إفادة لـ«الرئاسة المصرية» حينها، فإن «مصر تُقدر هذه الخطوة المهمة، وتُثمن التوجه الذي انتهجته المملكة في هذا الصدد». وأضافت أن النهج السعودي في هذا الصدد من شأنه «إزالة مواضع التوتر في العلاقات على المستوى الإقليمي، كما يأتي تأكيداً على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة من حيث احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وترسيخ مفاهيم حُسن الجوار وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».



هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.