وجهت اتهامات إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بتقديم أدلة «غير صحيحة» خلال التحقيق المستقل في الأحداث الفوضوية التي كادت تؤدي إلى كارثة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2022، ومن أجل حماية وحدة السلامة والأمن التابعة له ويرأسها الصديق المقرب لرئيس «يويفا» السلوفيني ألكسندر سيفيرين من الانتقادات.
ووفقا لتصريحات مديرة العمليات في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم آنذاك، شارون بورخالتر لو، التي كانت تمثل إحدى القيادات في التخطيط للمباراة النهائية في 28 مايو (أيار) على ملعب استاد دو فرنس في ضواحي العاصمة باريس بين ليفربول الإنجليزي وريال مدريد الإسباني، فإن «يويفا» يتحمل «المسؤولية الأساسية» لأنه فشل في مراقبة والإشراف على خطط السلامة والعمليات في باريس، وإن المستندات التي قدمت للجنة التحقيق في مجلس الشيوخ الفرنسي كانت منقوصة.
وكادت المباراة النهائية لدوري الأبطال تتحول إلى كارثة، حيث عانى الآلاف من المشجعين من الاحتجاز خارج أبواب الاستاد في طوابير طويلة ومكدسة، وتعرض الغالبية منهم للضرب وأعمال شرطة ساحقة وخطيرة، وهجمات من قبل بلطجية محليين.
وكان مشجعو ليفربول بشكل خاص قد تعرضوا لقنابل مسيلة للدموع والضرب بعد احتجازهم خارج ابواب الملعب بالجزء المخصص لهم، مما دفع مدير شرطة العاصمة الفرنسية باريس، ديديه لاليمو للخروج بإعتذار رسمي بعد ضغوط سياسية من بريطانيا واسبانيا . واعتبر لاليمو أن قواته لم تكن على استعداد للتصدي لحدث بهذه الضخامة، مع تبين بيع آلاف التذاكر المزيفة خارج الملعب. وتعرض وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين كذلك لانتقادات بسبب تعليقاته التي القى فيها باللوم على جمهور الفريق الانجليزي، بعد ان يعود ويعتذر أمام مجلس الشيوخ الفرنسي. واعتذر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لمشجعي الفريقين بسبب المعاناة والأحداث المخيفة التي مروا بها، وقام برد اسعار التذاكر للذين فشلوا في دخول المباراة التي انتهت بفوز الريال بهدف وحيد.
وقام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتعيين لجنة من الخبراء لمراجعة الكارثة، وخلصت إلى أن «يويفا» يتحمل «المسؤولية الأساسية» لأنه فشل في تنفيذ خطط السلامة لكن حاولت اللجنة تخفيف الانتقادات الموجهة إلى وحدة السلامة والأمن التي يرأسها زيليكو بافليكا، الصديق المقرب لرئيس «يويفا» ألكسندر سيفيرين، والتي يتمثل دورها في الإشراف على التنظيم.
وفي تحقيق نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أوضحت بورخالتر لو، أن دور إدارة العمليات تم «تهميشه»، وأن بافليكا الصديق المقرب لسيفيرين، (تعود علاقتهما إلى عقود من حياتهما في موطنهما في سلوفينيا) هو الذي كان يقود وحدة السلامة والأمن ويتحمل المسؤولية كاملة منذ عام 2021. وكان بافليكا الذي كان يعمل بمجال أمن الحراسة الشخصية قبل الوصول إلى «يويفا»، قد تم التشكيك في مستوى خبرته التي تؤهله لتولي أهم دور في مجال سلامة الملاعب في كرة القدم الأوروبية من قبل بعض المتخصصين في هذا الشأن.
وفي المذكرات المرسلة إلى الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ثيودور ثيودوريديس، وثلاثة مسؤولين كبار آخرين، رفضت بورخالتر لو، أدلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لحماية وحدة السلامة والأمن، ووصفتها بأنها «غير صحيحة على الإطلاق»، قائلة إنها لا تستطيع قبول الاستنتاج القائل بأن «يويفا» وقسم إدارة العمليات التابع له يتحملان المسؤولية الأساسية عن الفوضى التي كادت تؤدي إلى كارثة في ملعب دو فرنس. وشددت بورخالتر لو على وجهة نظرها بأن المشكلات كان سببها بشكل أساسي شرطة باريس، التي لا يملك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أي سلطة عليها، ورفضت الاتهامات الموجهة لفريقها: «ادعاء يويفا بأن الإدارة العليا للعمليات قامت بتهميش وحدة الأمن والسلامة وأن المستندات المقدمة بهذا الشأن ليست صحيحة بل منسقة لحماية أشخاص بعينهم». وزعمت بورخالتر لو أن بافليكا وفريقه لم يحضروا الاجتماعات الرئيسية حول السلامة بما في ذلك الفترة التي سبقت المباراة النهائية، وفشلوا في تقديم معلومات مهمة لعملية التخطيط. وفي شهادته أمام اللجنة، والتي لم يتم تضمينها في تقرير اللجنة، قال بافليكا إنه في مساء المباراة النهائية، كان في منطقة كبار الشخصيات طوال الوقت تقريباً، وأخبر اللجنة أنه لم يكن على علم بالأزمة خارج أسوار الملعب، حتى تم استدعاؤه لحضور اجتماع في الساعة 8.45 مساءً، حيث اتخذ سيفيرين قراراً بتأجيل انطلاق المباراة نصف ساعة. كان ذلك على الرغم من أن المشاهد كانت تتطور في الخارج لساعات، حيث كان طاقم بافليكا موجوداً في مركز التحكم بالملعب، وقام بعضهم بإطلاق الإنذارات منذ الساعة 5.19 مساءً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات خاصة بالوحدة. وتثير مزاعم بورخالتر لو المزيد من الأسئلة حول الطريقة التي يدار بها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحت قيادة سيفيرين، والمخاوف الجدية بشأن المحسوبية المزعومة في تعيين بافليكا وأربعة آخرين من أصدقاء رئيس «يويفا» السلوفينيين في مناصب رئيسية.
ونفى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم هذه الاتهامات، مشيرا إلى أن جميع الذين تم تعيينهم «محترفون أثبتوا كفاءتهم». وكان سيفيرين قد اعترف بأنه كان له دور فعال في هذه التعيينات واقترح أن يتم الإشادة به بدلا من انتقاده، قائلاً: «إذا أحضرت أشخاصاً أكفاء أثق بهم إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فإنهم أشخاص يعملون بجد ومخلصون لإدارة كرة القدم بشكل احترافي».