تأتي روسيا في مؤخرة البلدان التي يتقدم إليها الفارّون من العنف والحرب بطلبات اللجوء، حتى إنهم نادرًا ما ينظرون إليها ضمن دول العبور نحو بلد اللجوء النهائي، وفق ما أكدته المحامية سفيتلانا غانوشكينا، مدير منظمة «الدعم المدني» الحقوقية الروسية.
وفي تصريحات لها حول اللاجئين بشكل عام، والسوريين منهم بشكل خاص، الوافدين إلى روسيا، قالت الناشطة الحقوقية، أول من أمس، إنه «لا يُلاحظ تدفق كبير للاجئين إلى روسيا، ولا أستطيع أن أدرك بشكل تام خلفية هذه الظاهرة، فالاحتمالات متعددة، لكن أظن أن أحد الأسباب يكمن في توقف السلطات الروسية عن منح السوريين تأشيرات دخول إلى الأراضي الروسية».
وفي الوقت الذي تؤكد فيه السلطات الروسية استعدادها لاستقبال لاجئين سوريين «إن لم يخالفوا القوانين المحلية»، يطفو على السطح بشكل متزايد تساؤل حول أسباب عدم وجود رغبة لدى اللاجئين أنفسهم بالتوجه إلى روسيا. في هذا الشأن، يمكن الحديث عن عدة أسباب، في مقدمتها الموقف الروسي من الأزمة السورية، ذلك أن غالبية الفارّين من الموت في سوريا، ليسوا بالضرورة معارضين، لكنهم يدركون تمامًا مسؤولية نظام الأسد في مأساتهم، ويعرفون الموقف الروسي الداعم للنظام، لذلك يخشون من عواقب غير متوقعة في حال توجهوا إلى روسيا.
إلى جانب ذلك، توجد أسباب موضوعية يذكر منها أن روسيا لم تكن يومًا دولة استقطاب لاجئين مثلما هو حال غالبية الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وبريطانيا، لذلك لا تتوفر لديها الخبرة والآليات المطلوبة للتعامل مع أعداد كبيرة من اللاجئين، فضلاً عن عدم وجود قدرة لدى الدولة الروسية على تأمين متطلبات الحياة من مسكن ومعونة اجتماعية طيلة عامين للاجئين خلال فترة «الاندماج» مع المجتمع المحلي. ويحصل اللاجئ في روسيا إن لم يكن يتقن اللغة ولا يوجد لديه سكن، على غرفة في أحد المعسكرات القليلة لإيواء اللاجئين في أرياف مدن روسية، ووجبات طعام وعناية طبية مجانية، وتصريح عمل.
وبشكل عام، فإن الصفة التي تمنحها سلطات الهجرة الروسية للسوريين المتقدمين بطلبات لجوء هي صفة «لجوء أو ملاذ مؤقت» صالحة لمدة عام وقابلة للتمديد. وهذه صفة لا تساعد اللاجئ على الاستقرار وبناء حياته من جديدة والاندماج في المجتمع. وتقول سفيتلانا غانوشكينا بهذا الصدد إن هيئة الهجرة الروسية تعلن عن وجود 2000 سوري يحملون بطاقات «لجوء مؤقت»، بينما لا يتجاوز عدد الحاصلين على اللجوء الدائم عدد أصابع اليد الواحدة. وتضيف: «تشير قاعدة بياناتنا إلى وجود قرابة 10 - 12 ألف سوري يحتاجون إلى الحصول على لجوء في روسيا، وهذه أرقام تؤكدها الهيئة الفيدرالية للهجرة»، مشيرة إلى أن معاملة الحصول على صفة «لجوء مؤقت» التي تُمنح للسوريين عادة ما تصطدم بالفساد والرشوة. وتؤكد غانوشكينا أن المعاملة تجري عادة من خلال مترجم اللغة العربية الذي يتفق مع اللاجئ على مبلغ ويتسلمه منه، مشددة على أن منظمتها الحقوقية سجلت حادثة ابتزاز ورشوة، إلا أن التحقيقات بهذا الشأن لم تفض إلى نتيجة ونقل الموظف المتهم بقبض الرشى إلى موقع آخر.
ومن جانبه، أكد لاجئ سوري، فضّل عدم الكشف عن هويته، هذه الوقائع وقال: «يستقبلونك كأنك متهم، وغالبًا ما يجري الاستقبال بعد انتظار أشهر، إن لم تدفع. كل شيء مرتبط بالمال، الرد على طلبك يُرفض غالبًا دون دفع رشوة. أما من يدفع فيدخل إلى المقابلة بسرعة دون طول انتظار ويضمن بذلك الحصول على بطاقة لجوء مؤقت». ويضيف هذا اللاجئ الذي يعيل أسرة من ثلاثة أطفال وزوجة، إن صلاحية بطاقته قد انتهت ورفض موظفو الهجرة التعامل معه عندما طلب التمديد، ولم يتغير الوضع حتى بحضور محامٍ من منظمة «الدعم المدني» ومفوضية شؤون اللاجئين.
في غضون ذلك، أكد قسطنطين رومودانفسكي، مدير الهيئة الفيدرالية الروسية للهجرة، أن العمل يجري على دراسة طلبات كل السوريين الذين تقدموا بطلبات لجوء (تمديد البطاقة يصنف أيضًا كطلب جديد للجوء)، وأوضح أن اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي الروسية لا يرتكبون أي مخالفات قانونية.
طلبات اللجوء في روسيا تصطدم بالفساد والرشوة
تضارب في أعداد اللاجئين السوريين بين السلطات والمنظمات الحقوقية
طلبات اللجوء في روسيا تصطدم بالفساد والرشوة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة