الحكومة المغربية تصادق على إحداث حساب الصندوق الخاص لتدبير تداعيات الزلزال

تعليق الدراسة في المناطق المنكوبة بأقاليم الحوز وشيشاوه وتارودانت

TT

الحكومة المغربية تصادق على إحداث حساب الصندوق الخاص لتدبير تداعيات الزلزال

من صور الكارثة قرب مراكش (أ.ف.ب)
من صور الكارثة قرب مراكش (أ.ف.ب)

صادقت الحكومة المغربية، في اجتماع برئاسة عزيز أخنوش، مساء الأحد، على مشروع المرسوم المتعلق بإحداث حساب مرصد لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية.

وأوضح مصطفى بايتاس، في تصريح صحافي عقب اجتماع مجلس الحكومة، المنعقد عن بعد، أنه «نظراً للطابع الاستعجالي والضرورة الملحة وغير المتوقعة، وباقتراح من الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالموازنة، تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع مرسوم يقضي بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية قدمه فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالموازنة، في أفق إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية في غرفتي البرلمان اليوم الاثنين، طبقاً لأحكام المادة 26 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية. تدابير عاجلة لفائدة السكان والمناطق المتضررة».

وأوضح الوزير بايتاس، أن مشروع هذا المرسوم ّيهدف إلى اتخاذ التدابير العاجلة لفائدة السكان والمناطق المتضررة من الزلزال الذي عرفته المملكة، الذي تم على إثره إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم «الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية». وأبرز بايتاس أن هذا الحساب، الذي سيمكن من تلقي المساهمات التطوعية التضامنية للهيئات الخاصة والعمومية والمواطنين، وسيخصص بشكل أساسي لتحمل (تكلفة) العمليات المتمثلة في النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة؛ والنفقات المتعلقة بالتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصاً اليتامى والأشخاص في وضعية هشة. كما تشمل هذه العمليات النفقات المتعلقة بالتكفل الفوري بكافة الأشخاص من دون مأوى جرَّاء الزلزال، لا سيما فيما يرتبط بالإيواء والتغذية والاحتياجات الأساسية كافة، والنفقات المتعلقة بتشجيع الفاعلين الاقتصاديين بهدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنية، والنفقات المتعلقة بتشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية على مستوى كل جهة من المملكة من أجل مواجهة كل أشكال الكوارث، وجميع النفقات الأخرى المرتبطة بتدبير آثار هذا الزلزالّ.

وأضاف الوزير المغربي أن الحكومة تحيط علماً المواطنات والمواطنين المغاربة كافة في الداخل والخارج، والهيئات الخاصة والعمومية، بأن هذا الحساب مفتوح تحت رقم 126 (N° ABREGE 126)ّ.

 

وأشار بايتاس إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش «جدد في بداية هذا الاجتماع، أصالة عن نفسه ونيابة عن السيدات والسادة الوزراء، تقديم خالص تعازيه ومواساته إلى الملك محمد السادس، وإلى عائلات ضحايا الزلزال الذي ضرب عدداً من المدن والقرى المغربية»، معرباً عن متمنياته بالشفاء العاجل للمصابينّ، وأضاف أن رئيس الحكومة، «ذكر بالتعليمات الملكية الواردة في جلسة العمل، التي ترأسها الملك محمد السادس، السبت، بالقصر الملكي بالرباط، التي خصصت لبحث الوضع في أعقاب الزلزال المؤلم، الذي وقع الجمعة الماضي، الذي خلف خسائر بشرية كبيرة ومادية في العديد من جهات المملكة، بتعليق الدراسة في القرى الأكثر تضرراً بالزلزال».

من آثار الزلزال وسط مراكش (إ.ب.أ)

على صعيد ذي صلة، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربية، مساء الأحد، ّأنه تقرر تعليق الدراسة في الجماعات القروية والدواوير (الكفور) الأكثر تضرراً جراء الزلزال، وذلك ابتداء من 11سبتمبر (أيلول) الحالي، واستمرارها في المناطق الأخرى. وذكر بيان للوزارة أنه بتنسيق مع السلطات المحلية، «تقرر تعليق الدراسة في الجماعات القروية والدواوير الأكثر تضرراً داخل أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت (وعددها 42 جماعة قروية موزعة بين هذه الأقاليم الثلاثة، حسب آخر حصر تم إجراؤه حتى الآن) ابتداءً من الاثنين، مع العمل على إيجاد الصيغ التعليمية واللوجيستية المحلية المناسبة لضمان الاستمرارية البيداغوجية (التربوية) للتلميذات والتلاميذ المعنيين خلال الأيام المقبلة.

 

وأوضح البيان ذاته، «أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل هذه الصيغ لاحقاً من طرف الأكاديميات والمديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية المعنية، وذلك مع مواصلة التنسيق مع السلطات المحلية والتواصل المستمر مع الأمهات والآباء وأولياء الأمور وباقي المتدخلين». وأبرز، أنه فيما يتعلق بالمؤسسات التعليمية المتضررة في باقي المناطق الأخرى، التي لن تستطيع استقبال التلميذات والتلاميذ، نظراً للأضرار التي لحقت بها، سيجري العمل على إيجاد الصيغ التربوية المناسبة لضمان الاستمرارية البيداغوجية للتلميذات والتلاميذ، بما في ذلك اللجوء للمؤسسات التعليمية المجاورة، مع ضمان التواصل المستمر مع الأمهات والآباء وأولياء الأمور وباقي المتدخلين

من عمليات الإنقاذ في أمزميز جنوب مراكش (إ.ب.أ)

وأكد البيان، «استمرار الدراسة في باقي المؤسسات التعليمية بمجموع التراب الوطني كما هو معتاد». وسجل: «أن خلايا الأزمة المحدثة على الصعيدين المركزي والجهوي (أكاديمية جهة مراكش - آسفي وأكاديمية جهة سوس ماسة)، والإقليمي (المديريات الإقليمية بهاتين الجهتين)، تعمل على حصر الأعداد المرتبطة بالوفيات والإصابات في صفوف أسرة التربية والتكوين، وكذا الأضرار المادية في المؤسسات التعليمية، وإيجاد الصيغ المناسبة لضمان الاستمرارية البيداغوجية، وذلك بانخراط وتعبئة جميع الفاعلين، من أطر تربوية وإدارية ومديري الأكاديميات والمديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية، وبتنسيق تام مع السلطات العمومية والترابية والمحلية».

 

وفاة 7 مدرسين في المناطق المنكوبة

 

وحسب المصدر ذاته، وفي حصيلة مؤقتة لحدود صباح الاثنين، «فقد سجلت وفاة سبعة مدرسين (4 مدرسين و3 مدرسات)، ضمن ضحايا هذه الهزة الأرضية، كما أصيب 39 بإصابات متفاوتة».

وفيما يتعلق ببنايات المؤسسات التعليمية، يضيف البيان: «فقد تضرر ما مجموعه 530 مؤسسة تعليمية و55 داخلية بدرجات متفاوتة، تتراوح ما بين انهيار أو شقوق بالغة، وتتركز في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت. وأنه تمت تعبئة الفرق التقنية المكونة من مهندسين وتقنيين مختصين في مجال البناءات، من أجل إعداد بطائق تقنية خاصة بكل المؤسسات التعليمية المتضررة، التي تتضمن الحالة المادية لهذه المؤسسات والأضرار المسجلة ونوعية التدخل اللازم من أجل إعادة بنائها أو تأهيلها، بهدف التسريع بوتيرة عودة التلميذات والتلاميذ إلى مقاعد الدراسة بها».

من مولاي إبراهيم صباح الاثنين (أ.ف.ب)

وأوضح البيان، أن هذا القرار جاء اعتباراً للوضعية المادية لبعض المؤسسات التعليمية في هذه المناطق، التي تستلزم تدخل الفرق التقنية المختصة لإجراء دراسة وتقييم شامل من أجل إما الترميم أو التأهيل أو إعادة البناء، وحفاظاً على سلامة التلميذات والتلاميذ والأطر الإدارية والتربوية العاملة بها، من جهة، ومن أجل صيانة حق التلميذات والتلاميذ في الاستفادة من زمن التعليم».

وفيما يتصل بالجانب الاجتماعي والنفسي، ومواكبة للتلميذات والتلاميذ بالمناطق الأكثر تضرراً، قال البيان: «إنه ستتم تعبئة أطر الدعم الاجتماعي من أجل الإنصات وتقديم جميع أنواع المشورة والدعم النفسي لفائدتهم من أجل مساعدتهم على تجاوز التأثير النفسي للصدمة واستئناف دروسهم بشكل سليم». وأشار إلى أنه «وبتنسيق مع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، سيتم تقديم الدعم النفسي لفائدة الأستاذات والأساتذة المعنيين والراغبين في ذلك، من أجل مساعدتهم على تخطي الضغوط المرتبطة بهذه الظرفية، إضافة إلى الدعم الذي تقدمه المؤسسة لمساعدة أسرة التربية والتكوين ومواكبة المصابين منهم. وأن الوزارة تعمل على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواصلة العملية التعليمية، على إثر هذه الهزة الأرضية، وتفعيلاً للتوجيهات الملكية، وفي إطار تعبئة الحكومة من أجل مواجهة انعكاسات هذه الفاجعة، وبهدف الاستئناف السريع للخدمات العمومية المتعلقة بتمدرس التلميذات والتلاميذّ».

وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ترأس الأحد، اجتماعين بعمالتي (محافظتي إقليم الحوز وإقليم تارودانت)، بحضور عمال (محافظي) الأقاليم الأكثر تضرراً من الهزة الأرضية، بالإضافة إلى ممثلي المصالح الأمنية والمصالح الخارجية ومنتخبين بالأقاليم المعنية.

في مولاي إبراهيم (أ.ف.ب)

وذكر الوزير لفتيت، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة: «بالتعليمات الملكية لاحتواء آثار هذه الفاجعة والتخفيف من تداعياتها»، مشيراً إلى أن القوات المسلحة الملكية، «قامت بشكل مستعجل، بنشر وسائل بشرية ولوجيستية مهمة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني».

وأشار الوزير لفتيت، إلى أن المناطق المتضررة «تشهد تعبئة شاملة لتقديم العلاجات اللازمة، ودعم ومساندة المنكوبين، وسيتم تسخير جميع الإمكانات المادية الضرورية لذلك... ومن أجل ضمان مقاربة فعالة وناجعة لمواجهة هاته الفاجعة، شدد الوزير على أن السلطات العمومية اعتمدت نهجاً يروم تحقيق الانسجام والتكامل في تدخلاتها، مرتكزة على مقومات الفعالية والسرعة والشمولية، للسير في اتجاه تدبير هاته المرحلة بنوع من الحكمة، بفضل الالتزام الجماعي الناجم عن التنسيق القوي بين مختلف مكونات السلطات العمومية».

وذكر وزير داخلية المغرب، على أن المملكة «قادرة على تخطي هذا الوضع بالرغم من صعوبة التحديات والإكراهات الناجمة عن قوة الزلزال، خاصة وأن كل المؤسسات انخرطت بكل مسؤولية، في تنزيل التوجيهات الملكية». ونوه «بجنود الصفوف الأمامية، من أفراد القوات المسلحة الملكية ورجال وأعوان السلطات المحلية وجميع المصالح الأمنية، من درك ملكي وأمن وطني وقوات مساعدة، وعناصر الوقاية المدنية، وكذا أطر وأعوان القطاعات المعنية، مشيداً في السياق نفسه، بالالتزام المسؤول للمواطنات والمواطنين في مواجهة هذه الكارثة».

ودعا الوزير المغربي، الجميع إلى «بذل المزيد من الجهود في هاته المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، والرفع من درجة التعبئة الجماعية وتعزيز اللُحمة الوطنية ودعم السلطات العمومية، حتى يكون الجميع عند حسن ظن ملك البلاد». وخلص إلى القول: «إن التدابير المتخذة من طرف مختلف السلطات لن تؤتي أكلها إلا بالمساهمة القوية للساكنة المحلية والتزامها القوي في دعم جهود هاته السلطات وتتبع توجيهاتها، مشدداً على أن المسؤولية الجماعية تستدعي الحفاظ على مستويات اليقظة في أقصى درجاتها».


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان
TT

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط أعضاء مجلس الأمن في مناقشات موسعة حول مشروع قرار أعدته بريطانيا لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال والسماح بتسليم المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق عبر الجبهات والحدود، أملاً في لجم التدهور السريع للأوضاع الإنسانية ووضع حد لأكبر أزمة نزوح في العالم.

وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة عن أن بريطانيا تريد عرض مشروع القرار للتصويت «في أسرع وقت ممكن» بضمان تبنيه من تسعة أصوات أو أكثر من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، وعدم استخدام حق النقض «الفيتو» من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.

ويطالب النص المقترح «قوات الدعم السريع» بـ«وقف هجماتها على الفور» في كل أنحاء السودان. كما يدعو الأطراف المتحاربة إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور (...) والسماح وتسهيل الوصول الإنساني الكامل والآمن والسريع وغير المقيد عبر الخطوط والحدود إلى السودان وفي كل أنحائه».

المقترح يشدد أيضاً على «إبقاء معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحاً لتسليم المساعدات، والحاجة إلى دعم الوصول الإنساني عبر كل المعابر الحدودية، في حين تستمر الحاجات الإنسانية، ومن دون عوائق».

ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الموافقة التي مدتها ثلاثة أشهر والتي قدمتها السلطات السودانية للأمم المتحدة وجماعات الإغاثة لاستخدام معبر أدري الحدودي للوصول إلى دارفور في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع في دارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأصدر مجلس الأمن قرارين في شأن السودان، الأول في مارس (آذار) الماضي، ويدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية خلال رمضان المبارك، ثم في يونيو (حزيران) الماضي للمطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون شخص. كما دعا القراران - اللذان تم تبنيهما بأغلبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت - إلى الوصول الإنساني الكامل والسريع والآمن وغير المقيد.

«أعمال مروعة»

وفي مستهل جلسة هي الثانية لمجلس الأمن خلال أسبوعين حول التطورات في السودان، وصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وعمليات السلام، روزماري ديكارلو، السودان بأنه «محاصر في كابوس»، مشيرة إلى الموجة الأخيرة من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة الشرقية، والتي وصفتها المنظمات غير الحكومية بأنها «من أشد أعمال العنف تطرفاً في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة».

وأضافت: «قُتل عدد كبير من المدنيين. وفقد الكثير منازلهم وأجبروا على الفرار. ونحن نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتكب في الغالب ضد النساء والفتيات».

وكذلك أشارت ديكارلو إلى استمرار القتال في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى «حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة»، مشددة على أن الشعب السوداني «يحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار».

وعدّت أن «الوقت حان منذ فترة طويلة لكي يأتي الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات» لأن «الطريق الوحيد للخروج من هذا الصراع هو الحل السياسي التفاوضي».

ولفتت ديكارلو إلى أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي» «كل منهما مقتنعة بقدرتها على الانتصار في ساحة المعركة».

وقالت إنه «مع اقتراب نهاية موسم الأمطار، تواصل الأطراف تصعيد عملياتها العسكرية وتجنيد مقاتلين جدد وتكثيف هجماتها»، عادّة أن «هذا ممكن بفضل الدعم الخارجي الكبير، بما في ذلك التدفق المستمر للأسلحة إلى البلاد».

واتهمت ديكارلو «بعض الحلفاء المزعومين للأطراف» بأنهم «يمكّنون المذابح في السودان». ورحبت بجهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» من أجل استعادة الحوار السياسي السوداني الشامل.

كما أشادت بالتحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان لتعزيز تنفيذ «إعلان جدة» والقضايا الرئيسية الأخرى.

تنفيذ إعلان جدة

وركزت المسؤولة الأممية على دور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة، الذي أعد التقرير الأخير للأمين العام في شأن حماية المدنيين في السودان، موضحة أنه «يحتوي على توصيات قوية. ولدينا مسؤولية جماعية لتكثيف جهودنا لتفعيلها».

وقالت: «إننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم عاجل في تنفيذ إعلان جدة. ويتعين على الأطراف في النهاية أن تتحرك وفقاً لالتزاماتها بحماية المدنيين»، مضيفة أن إنشاء آلية الامتثال التي اتفق عليها الأطراف المتحاربة، بدعم من الشركاء الرئيسيين، يعد «خطوة حاسمة لمحاسبة الأطراف على التزاماتها. وفي الوقت نفسه، وفي غياب وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، فإننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم في مجال وقف إطلاق النار المحلي الذي قد يمنح المدنيين بعض الراحة، ويخلق سبل الحوار، وربما يمهد الطريق لاتفاق أكثر شمولاً».

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في جدة (رويترز)

وأكدت أن «الدعم المستمر من مجلس الأمن للمبعوث الشخصي لعمامرة أمر بالغ الأهمية».

وكذلك استمع أعضاء المجلس لإحاطة من مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام، نيابة عن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية منسقة المعونة الطارئة جويس مسويا حول مستجدات الوضع الإنساني المتردي في أنحاء السودان.

دارفور

وفي سياق قريب، أنهى فريق من خبراء مجلس الأمن المعني بتنفيذ القرار (1591) الخاص بحظر الأسلحة في إقليم دارفور، الثلاثاء، زيارة استمرت لثلاث أيام، إلى مدينة بورتسودان التي تعد عاصمة مؤقتة للبلاد، لمتابعة تنفيذ القرار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي مدد مجلس الأمن قرار حظر تسليح الكيانات المتحاربة في دارفور لمدة عام.

والتقى الفريق في أول زيارة له للسودان منذ اندلاع الحرب، عدداً من المسؤولين السودانيين المدنيين والعسكريين.

وقالت المفوض العام لـ«مفوضية العون الإنساني» (مؤسسة حقوقية سودانية) سلوى آدم بنية، التي التقت فريق خبراء مجلس الأمن، إنها أطلعتهم على «الأوضاع في دارفور ومدن البلاد الأخرى، وتقديم وثائق مصورة» قالت إنها «تُثبت الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها (ميليشيا الدعم السريع)».

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واتهمت بنية، عناصر «الدعم السريع» بـ«التعدي على فرق المساعدات الإنسانية». وأكدت «استعداد الحكومة السودانية على استمرار العمل بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر الحدودي غرب البلاد، بعد الاتفاق على آلية مشتركة تضم الأمم المتحدة والجارة تشاد لتسهيل مراقبة المنقولات الواردة للسودان».

وكذلك ناقش وزير الداخلية خليل باشا سايرين، مع الفريق «الجهود التي تقوم بها الحكومة السودانية لحماية المدنيين»، مؤكداً «التزامها بتسهيل إجراءات منح التأشيرات لدخول موظفي الأمم المتحدة، بجانب تسهيل إجراءات التخليص الجمركي بالمواني والمطارات».

وتتهم الحكومة السودانية دولاً بتقديم أسلحة وعتاد لـ«الدعم السريع».

وتطالب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» وتمثل أكبر تحالف سياسي مدني مناهض للحرب، بتوسيع حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان، وترى أن وقف تدفق الأسلحة أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع.