مسلحو طالبان يهاجمون سجنًا أفغانيًا ويحررون 350 من نزلائه

المتحدث باسم حاكم إقليم غزني: العملية خطط لها جيدًا

مسلحو طالبان يهاجمون سجنًا أفغانيًا ويحررون 350 من نزلائه
TT

مسلحو طالبان يهاجمون سجنًا أفغانيًا ويحررون 350 من نزلائه

مسلحو طالبان يهاجمون سجنًا أفغانيًا ويحررون 350 من نزلائه

ذكرت وزارة الداخلية الأفغانية في بيان لها أن مسلحين من حركة طالبان اقتحموا سجنا في جنوب شرقي البلاد، في وقت مبكر من صباح أمس، مما أسفر عن مقتل أفراد الحراسة التابعين للشرطة وإطلاق سراح 355 سجينا».
وأوضحت الوزارة أن 148 سجينا من بين هؤلاء السجناء، مدانون في جرائم أمنية، مشيرة إلى أن «أغلبهم من طالبان، بينما تم سجن بقية العدد لإدانتهم في أنشطة إجرامية أوسع نطاقا». وقال ناصر أحمد فاكيري، عضو المجلس الإقليمي، إن «10 مسلحين على الأقل هاجموا مبنى السجن الرئيسي في مدينة غزنة، عاصمة الإقليم، الذي يحمل الاسم نفسه، في الساعة الثانية صباح أمس بالتوقيت المحلي (2200 من مساء أول من أمس بتوقيت غرينتش). وأوضح أن «مفجرا انتحاريا، في سيارة محملة بالمتفجرات، فجر نفسه عند بوابة السجن؛ مما سمح لمهاجمين آخرين بدخول مباني السجن». وقال فاكيري إن «ثلاثة عناصر من طالبان قتلوا في المعركة، التي استمرت نحو الساعة، بينما تمكن ستة آخرون من الفرار مع السجناء الهاربين». وأشار إلى أن «العملية تم التخطيط لها جيدا لأن الشرطة عندما حاولت الوصول إلى السجن كانت هناك قنابل مزروعة على جانب الطريق».
وقال شفيق نانج صفائي، المتحدث باسم حاكم الإقليم، إن «السجن كان به 436 سجينا تمكن 152 منهم من الهرب، بما في ذلك الكثير من عناصر طالبان». وقال مسؤول أمني لوكالة الأنباء الألمانية، إن «المهاجمين كانوا يرتدون زي قوات الأمن الأفغانية».
وأكدت حركة طالبان الحادث، وقالت إنه «كان جزءا من (عملية الحزم) التي بدأت في أواخر أبريل (نيسان) الماضي. وتحارب الحركة الإسلامية الحكومة في كابل والقوات الأجنبية منذ 14 عاما». واستولت طالبان خلال العام الحالي على مساحات واسعة من المناطق النائية، بما في ذلك بعض المناطق الاستراتيجية، ولكنها حتى الآن لم تفرض سيطرتها بالكامل على أي إقليم في البلاد». ورأى مراسل لـ«رويترز»، خارج السجن في غزني على بعد 120 كيلومترا جنوب غربي العاصمة كابل، جثتي رجلين يبدو أنهما مفجران انتحاريان وسيارة مدمرة استخدمت على ما يبدو في تدمير المدخل الرئيسي للسجن».
وقال محمد علي أحمدي نائب حاكم إقليم غزنة إن أكثر من 400 سجين هربوا. وتم الإمساك بنحو 80 بينما لا يزال 352 طلقاء بينهم 150 من طالبان». وأضاف أن سبعة من طالبان وأربعة من أفراد قوات الأمن الأفغانية قُتلوا في الهجوم. وذكر أن السجن لم يكن يتمتع بإجراءات أمن مشددة لأنه كان قريبا للغاية من غزنة على بعد سبعة كيلومترات فقط من وسط المدينة وكان يعتقد أن التعزيزات ستصل هناك سريعا في حال وقوع مشكلات.
وقال مسؤول أمني إن المهاجمين كانوا يرتدون زي قوات الأمن الأفغانية وكانوا مسلحين بالبنادق الآلية والقذائف الصاروخية».
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، إن «مسلحين وثلاثة مفجرين انتحاريين هاجموا السجن في الساعة الثانية صباحا 2200 بتوقيت غرينتش، وقال إن المفجرين الثلاثة قُتلوا». وأضاف: «تم إطلاق سراح مسؤولين عسكريين مهمين». وكثيرا ما تبالغ طالبان في عدد الضحايا في بياناتها المتعلقة بالهجمات على أهداف حكومية وأجنبية». وأوضح المتحدث باسم طالبان في بيان: «نفذت هذه العملية الناجحة» في وقت مبكر الاثنين، مشيرا إلى أن السجن «سقط تحت سيطرة» المتمردين في ختام ساعات من المعارك. وأضاف أن «المعتقلين وكلهم من المتمردين وبينهم مائة قائد بحسب التمرد، سلكوا بعدها نفقا بطول كلم حفروه على مدى خمسة أشهر». بهدف الفرار من السجن. وتابع: «في هذه العملية أطلق سراح 400 شخص من مواطنينا، كلهم أبرياء. ونقلوا إلى مناطق خاضعة لسيطرة طالبان».
وتحارب طالبان للإطاحة بحكومة الرئيس أشرف عبد الغني التي تتلقى دعما أجنبيا وطرد القوات الأجنبية من أفغانستان وفرض تفسير متشدد للشريعة». وهاجم المتشددون عدة مرات سجونا لتحرير مئات السجناء بينهم أعضاء بالحركة في أفغانستان وباكستان. وكثيرا ما تفتقر السجون لإجراءات الأمن وحرس أفراد شرطة لم يتلقوا التدريب أو العتاد المناسب للمنشآت المتهالكة».
وهذا الفرار الجماعي يأتي في وقت كثف فيه المتمردون هجماتهم ضد القوات الحكومية والأهداف الأجنبية على أمل ترسيخ سلطة قائدهم الجديد، الملا اختر منصور، الذي لم يحظ تعيينه سريعا بإجماع ضمن التمرد، بحسب ما يرى محللون.
وخلف الملا منصور رسميا الملا عمر بعد إعلان وفاته في نهاية يوليو (تموز)، إثر عملية «سريعة جدا» «وغير توافقية» ندد بها بعض القادة الذين يأخذون على الملا الجديد قربه من باكستان. وأمام هذا الغضب، دعا الملا منصور عدة مرات إلى «الوحدة» في صفوف طالبان التي أطلقت محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية تحت إشراف باكستان مع شن هجوم صيفي عنيف جدا في كل أنحاء البلاد.
وأبقى الملا منصور نياته بالنسبة لمحادثات السلام غامضة، داعيا قواته إلى عدم تصديق «دعاية العدو» حول هذه المفاوضات، بينما شنت طالبان سلسلة هجمات دامية في وسط العاصمة كابل. والرئيس الأفغاني أشرف غني الذي نأى بنفسه عن سياسة سلفه حميد كرزاي عبر بدء تقارب مع باكستان في محاولة لإقناع المتمردين بالانضمام إلى عملية السلام، اتهم منذ بدء الهجمات في كابل، إسلام آباد بأنها مرتبطة بموجة العنف هذه، وهو ما نفته السلطات الباكستانية.
وفي باكستان المجاورة، أطلقت حركة طالبان المحلية سراح مئات المتمردين في السنوات الأخيرة في هجمات منظمة ضد سجون في شمال غربي البلاد، بالقرب من الحدود مع أفغانستان. وتواجه قوات الأمن الأفغانية المنتشرة على عدة جبهات، موسمها القتالي الأول دون دعم كامل من قوات الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة. وأنهى الحلف الأطلسي مهمته القتالية في أفغانستان في ديسمبر (كانون الأول) وسحب القسم الأكبر من قواته، إلا أن 13 ألف عنصر لا يزالون في أفغانستان حيث يقومون بمهام تدريبية على مكافحة الإرهاب.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».