رئيس مجموعة «اتصالات» الإماراتية: «الابتكار» هو مسار النمو المستقبلي.. و«موبايلي» ستعود إلى سابق نجاحاتها

أحمد جلفار يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن السوق السعودية وواعدة ومن أهم الأسواق بالنسبة إلى الشركة

أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لمجموعة اتصالات الإماراتية ({الشرق الأوسط})
أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لمجموعة اتصالات الإماراتية ({الشرق الأوسط})
TT

رئيس مجموعة «اتصالات» الإماراتية: «الابتكار» هو مسار النمو المستقبلي.. و«موبايلي» ستعود إلى سابق نجاحاتها

أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لمجموعة اتصالات الإماراتية ({الشرق الأوسط})
أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لمجموعة اتصالات الإماراتية ({الشرق الأوسط})

يبدي أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لمجموعة «اتصالات» الإماراتية ثقة بقدرة الشركة التعاطي مع متغيرات الاتصالات المتسارعة، مشيرًا إلى أن الابتكار هو الوسيلة الرئيسية للنمو خلال الفترة المقبلة.
وقال جلفار في حديث لـ«الشرق الأوسط» في مكتبه في العاصمة أبوظبي إنه يعتقد بشكل عام أن استثمارات الشركة سجلت مستويات أداء طيبة على المدى القصير، وأضاف: «نحن واثقون بأنها تنطوي على فرص مجزية على المدى البعيد».
ولفت إلى أن المشكلات التي واجهت شركة «موبايلي» شكلت تحديا كبيرا لعملياتها في السعودية وللمجموعة بشكل عام. وأضاف: «في خضمّ حالة الارتباك التي تواجه قطاع الأعمال من وقت إلى آخر، يواجه كثير من الشركات مشكلات قد تعرقل مسيرتها، ولكن (موبايلي) استندت إلى مبادئ الشفافية والإفصاح والانفتاح للتعامل مع أزمتها، مما ساعدنا على تحديد الصعوبات واتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة». كما كشف عن كثير من المواضيع التي تخص الشركة من خلال الحوار التالي:
* ما توجهاتكم الاستراتيجية لـ«مجموعة اتصالات» خلال السنوات المقبلة؟
- اسمح لي بداية أن أؤكد أن الابتكار والنمو هما من الأسس التي تحدد مسارات «اتصالات» وتوجهاتها المختلفة، وبالشكل الذي يسهم في تحقيق أهدافنا الاستراتيجية المتمثلة أولاً في تعزيز مكانة «اتصالات» كمشغل يحظى بالتفرد والتقدير في جميع الأسواق التي يعمل بها والمنتشرة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وبما يضمن لها النمو الإيجابي وترسيخ حضورها الجغرافي وزيادة قاعدة عملائها، وبالتالي زيادة العوائد على المساهمين، ولأن مفهوم الريادة يعتبر من المفاهيم المهمة في فكر «اتصالات» الاستراتيجي والتي تحمل في ثناياها كثيرا من المعاني والدلالات، لذلك أود أن أقف عنده قليلاً. إن الريادة لا تقف عند تأمين حصة كبيرة من السوق في كل بلد نعمل بها وحسب، بل يمتد هذا المفهوم ويتسع ليشمل الارتقاء بتجربة المشتركين والانسجام مع المجتمعات التي نعمل بها وتحقيق التطور والنمو الإيجابي الذي يمنحنا فرصة أن نصبح شركاء لعملائنا. فعلى سبيل المثال أثبتت عملية الاستحواذ على 53 في المائة في شركة «اتصالات المغرب» سعينا الدائم إلى اغتنام الفرص التي تدعم استراتيجيتنا الرامية إلى إضافة قيمة مجزية لمساهمينا ومشتركينا والمجتمعات التي نعمل فيها. ويعتبر هذا الاستحواذ من أكبر الصفقات التي تم إنجازها بالكامل على مستوى المنطقة. وستواصل «مجموعة اتصالات» الحفاظ على مكانتها وقدرتها على مواكبة التغييرات والتحديات الناشئة في قطاع الاتصالات خلال المرحلة المقبلة. وسيبقى تركيزنا منصبًا حول تقديم تجربة متميزة وتزويد المشتركين بأفضل الخدمات. والحرص على عدم التراخي ومواصلة العمل على تطبيق استراتيجية تحقق قيمة مجزية ونموًا طويل الأجل.
* ما واقع سوق الاتصالات الإماراتيّة اليوم؟ وما نسبة إيرادات «مجموعة اتصالات» من هذه السوق؟
- لطالما سعينا في الإمارات إلى تعزيز مكانتنا كمشغل رائد على مستوى البلاد، كما واصلنا فرض تفوقنا في قطاع الهواتف المتحركة، بفضل عروض خدماتنا المبتكرة، وشبكتنا عالية الجودة، إلى جانب التحسينات المستمرة التي أدخلناها على خدمات العملاء والتي رسخت ولاء عملائنا. وقد حققنا نموًا قويًا في قطاعي الإنترنت والبيانات، ونتوقع استمرار نمو عائدات هذين القطاعين في ظل جني العوائد على استثماراتنا في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك تأسيس أوسع شبكة في العالم لتوصيل الألياف الضوئية إلى المنازل. ومن خلال تطبيق أفضل الحلول المبتكرة والتقنيات المتوفرة حول العالم، فإننا نزود الحكومة والشركات والأفراد بكل ما يحتاجون إليه من خدمات وبسرعة قياسية. وباتت عملياتنا الدوليّة في الآونة الأخيرة تقترب كثيرا من حجم العائدات الناتجة عن عملياتنا في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر الإمارات سوقا رئيسية بالنسبة لنا، وذلك بفضل تطور قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أننا نحظى بدعم كامل من الحكومة الإماراتية، مما يتيح لنا الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية التي تضمن توفير خدمات متميزة، فضلاً عن المساهمة في حفز الابتكار الضروري لمواصلة النمو.
* قطعت الحكومة الإماراتية شوطًا كبيرًا في مجال التحول إلى الحكومة المتنقلة الذكية، وهذا يتطلب بنية تحتية متطورة، هل تعتقدون أن البنية التحتية لـ«مجموعة اتصالات» جاهزة لمزيد من الضغط في هذا الجانب؟
- نستند في هذا الإطار إلى كلمات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حين قال: «إن حكومة المستقبل تتسم بالابتكار وقابليتها للتكيف، حيث تعمل على تحسين نوعية الحياة وتساعد الناس في تحقيق سعادتهم». ونحن في «اتصالات» نتشاطر مع الشيخ محمد بن راشد هذه الرؤية الثاقبة، ونلعب دور الشريك الملتزم والداعم لتحقيقها على أرض الواقع. كما تؤمن «اتصالات» بأن المدينة الذكيّة يجب أن تكون مبتكرة ومستقلة وقادرة على جعل حياة المواطنين والمقيمين والزوّار، سهلة في شتّى المجالات، ومعالجة وتحليل البيانات ذات الصيغ المتعددة والمعقدة، ومن ثم توليد التعليمات الذكية. وتكتسب المدن الذكية في جوهرها القدرة على التطور بشكل مستمر، فكلما حصلت على مزيد من البيانات، أصبحت أكثر ذكاءً. ونتيجةً لذلك، تتمحور رؤيتنا بخصوص المدن الذكية حول تمكين الناس والتفاعل معهم لاستكشاف الفرص من خلال اقتصاد معيشي ذكي يضيف قيمة مميزة للبلاد والأعمال والأفراد على حد سواء، ونحن نعمل لسنوات كثيرة مع شركائنا لتحقيق هذه الرؤية. ووسط البيئة المستقبلية الواعدة للمدن الذكية التي ننشدها، ستشهد الأعمال مزيدًا من الازدهار بفضل وفرة البيانات، مما يفسح مجالاً أوسع للابتكار الذي يعد بطبيعة الحال محركًا للتقدم. كما سيتاح التواصل مع الحكومة الذكية عبر طيف واسع من القنوات التي تثري حياة المقيمين والزوار على حد سواء. ويعكس ذلك ملامح المستقبل الذي ستكون الخدمات المتنقلة والهوية المحمولة بمثابة عناصر محورية فيه، ففي القترة المقبلة، ستصبح معظم الخدمات الحكومية متاحة عبر الهواتف الذكية، مما يمهد الطريق أمام ولادة حكومة تعمل على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع وفي جميع أيام السنة، وهو الهدف الذي تسعى دبي إلى تحقيقه للتواصل مع الناس. ولا يزال أمامنا كثير من العمل لتطوير كفاءاتنا وإطلاق خدمات جديدة في مجالات عدة، مثل خدمة الاتصال الآلي بين الأجهزة (M2M)، والتجارة الإلكترونية، والفيديو، وخدمات الحوسبة السحابية. وأنا على ثقة بأن «اتصالات» ستتمكن من خلال دعم حكومة دولة الإمارات ومساهمينا وموظفينا وعملائنا من إنجاز كل هذا.
* كيف تقيّمون نتائجكم الأخيرة في ضوء تسجيل تراجع بنسبة 40 في المائة؟ هل تعتقدون أن الأسباب التي أفضت إلى ذلك التراجع ستستمر خلال النصف الثاني لعام 2015؟ ولماذا؟
- تعكس النتائج الفصلية الأخيرة نمو الإيرادات بنسبة 6 في المائة، مما يؤكد أن استراتيجية «اتصالات» لتحقيق النمو المستدام في أسواقها على المدى الطويل تسير وفق النهج الصحيح. وتحقق «اتصالات» اليوم أداء إيجابيًا بالمقارنة مع مستويات الأداء الأعلى في القطاع. وفي ضوء المستويات الطيبة للإيرادات وإنفاق رأس المال وأرباح المجموعة قبل احتساب الفوائد والضريبة والإهلاك والاستهلاك، فإن انخفاض الربحية خلال النتائج الفصلية الأخيرة يعزى بالدرجة الأولى إلى بعض الظروف والتحديات التي طرأت على بعض عملياتنا الدولية والتي يتم الآن العمل على تداركها.
* تركز استراتيجيتكم على بعض الأسواق الرئيسة، هل ما زلتم تتمسكون بهذه الفكرة؟
- تعمل «اتصالات» اليوم في 19 سوقا دولية، ويصل عدد مستخدميها في هذه الأسواق إلى أكثر من 168 مليون مشترك، في حين تغطي خدماتنا في هذه الأسواق مساحة يصل عدد سكانها إلى نحو 800 مليون شخص. ونرى كثيرا من فرص النمو في كل واحدة من هذه الأسواق. كما نمتلك في بعض الأسواق حصة كبرى من أسهم الشركة المشغلة الرئيسية فيها أو حصة سوقية أكبر. وتحظى أسواق أخرى بجهات تنظيمية أكثر تطوّرًا، ولكننا نعتقد عمومًا أن استثماراتنا سجلت مستويات أداء طيبة على المدى القصير، ونحن واثقون بأنها تنطوي على فرص مجزية على المدى البعيد.
* سبق أن أعلنت «اتصالات» عن سعيها لدخول السوق الإيرانيّة، فما الذي حدث؟ ولماذا لم تدخل الشركة هذه السوق؟ وهل ستسعون لدخولها إذا سنحت لكم الفرصة مجددًا بعد اتفاق البلاد مع المجتمع الدولي؟
- ينحصر تركيزنا حاليًا على الأسواق التسع عشرة التي نعمل بها، وندير عملياتنا اليوم في 10 بلدان أفريقية ناطقة باللغة الفرنسية، الأمر الذي يوفر فرصًا كبيرة للنمو في الأسواق النامية، وتتمحور عملياتنا في منطقة الشرق الأوسط حول الابتكار مع التركيز على العملاء بالدرجة الأولى من أجل مواكبة توقعاتهم وتخطي تطلعاتهم أيضًا، ونواصل التزامنا باستكشاف الفرص لتحسين القيمة التي نقدمها لمساهمينا، وندرك أن هذه القيمة ستستمد مزيدًا من الزخم في المستقبل القريب بفضل نمو الحصة السوقية ومستوى الربحية في الأسواق الحاليّة.
* كانت شركة «موبايلي» أحد النماذج الناجحة في استثماراتكم الخارجية، ولكن هذا النموذج ارتكب خطأ جعل الشركة تواجه مستقبلاً غامضًا في ظل تداعيات ذلك الخطأ. ما تفسيركم لذلك؟ وما الحلول التي وضعتموها لإرجاع «موبايلي» لمستواها السابق، علمًا بأن الظروف تغيرت في السوق السعودية؟
- لا شك أن المشكلات التي واجهت شركة «موبايلي» شكلت تحدي كبير لعملياتها في المملكة وللمجموعة بشكل عام. وفي خضمّ حالة الارتباك التي تواجه قطاع الأعمال من وقت إلى آخر، يواجه كثير من الشركات مشكلات قد تعرقل مسيرتها، ولكن «موبايلي» استندت إلى مبادئ الشفافية والإفصاح والانفتاح للتعامل مع أزمتها، مما ساعدنا على تحديد الصعوبات واتخاذ الخطوات العلاجية المناسبة. ومع ذلك، أودّ التأكيد على ضرورة النظر إلى الأزمة الحالية في السياق الأوسع لمسيرة «موبايلي» التي أحرزت نجاحات لافتة على مدى السنوات الماضية. فمنذ تأسيسها عام 2005، تبوأت «موبايلي» مكانة مرموقة في طليعة شركات القطاع بالسعودية وأرست سجلاً حافلاً بتطوير وتوفير منتجات وخدمات مبتكرة، إذ كانت السباقة إلى إطلاق خدمات شبكتي الجيلين الثالث والرابع في السعودية. ويتجلى التزام الشركة بتعزيز نمو خدماتها في المملكة من خلال توسيع وترقية شبكتها بموجب استثمارات تتجاوز قيمتها 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) سنويا. ونظرًا لقوّة الشركة وأنظمتها الداخلية، والدعم الذي حظيت به، استطاعت أن تتغلَّب على الأزمة الأخيرة وستعود تدريجيًّا إلى عهد نجاحاتها السابقة. إن السوق السعودية سوق مهمة وواعدة، وتُعتَبَر من أهم الأسواق بالنسبة إلينا. ونحن على ثقة بأننا نسير بثبات نحو ترسيخ مكانتنا الرائدة ضمن هذه السوق من خلال التزامنا بأعلى المعايير العالمية، وتطبيقنا لأفضل النظُم والقوانين ضمن قطاع الاتصالات، وسعينا الحثيث لتحقيق مزيد من الشفافية مع الشركاء وأصحاب المصلحة المعنيين، والمتعاملين على حد سواء. ومنذ انطلاقتها أثبتت «موبايلي» التزامها بالنظم والقوانين والشفافية، وقد كانت من الشركات التي الأكثر التزاما بالحوكمة والشفافية. وتقدم «موبايلي» خدماتها اليوم لنحو 20 مليون مشترك، وتوفر خدمات الجيل الرابع لنحو 80 في المائة من سكان المناطق المأهولة في السعودية، فضلاً عن توفيرها خدمات الاتصال عبر شبكة الألياف الضوئية لأكثر من 900 ألف منزل في البلاد.
* هل تعتقد أن «موبايلي» ستعود إلى سابق عهدها خلال وقت قريب أم متوسط أم بعيد؟ وهل تنوي «اتصالات» دعمها باستثمارات جديدة؟
- قبيل عام 2013، سجلت «موبايلي» أداء متميزًا ساعد على تحقيق نمو ملموس في حصص الأرباح المنتظمة للمساهمين. وفي عام 2013 على سبيل المثال (السنة المالية الأخيرة قبل بداية الأزمة)، وصل إجمالي الحصص النقدية للمساهمين خلال العام إلى 3.6 مليار ريال (960 مليون دولار)، أي ما يمثل 55 في المائة من صافي الأرباح لعام 2013. وتم اتخاذ الخطوات اللازمة الكفيلة باستعادة النمو والاستقرار طويل الأجل لشركة «موبايلي»، إذ جرى تشكيل فريق إداري جديد بقيادة الرئيس التنفيذي أحمد فروخ الذي يُعتَبَر من القيادات المتميّزة في القطاع على مستوى المنطقة، الأمر الذي يرسي توجهًا جديدًا نحو كبح جماح هبوط الإيرادات، وإعادة استقرار الشركة وانطلاقها مجددًا لتحقيق النمو في عام 2016 بما يتيح استعادة مكانتها الطبيعية بين ألمع شركات الاتصالات في المنطقة. وفي الواقع، تمتلك الشركة قاعدة راسخة من الأصول والموارد، وتتطلع إلى استثمار قوتها في مجال البيانات وشبكات الألياف البصرية وخدمة قطاع الاتصالات بشكل عام، كما تعتزم الاستمرار بطرح المنتجات والخدمات المبتكرة، وهي ميزة لطالما ميزت أداء الشركة في السوق السعودية. إن الشركات الكبرى تتسم بقدرتها على مواجهة الأزمات بصورة واقعية وعملية، وتحديد المشكلات وإيجاد الحلول الملائمة لها. وبفضل الأسس الراسخة لشركة «موبايلي» وإدارتها الجديدة، نثق تمامًا بقدرتها على تحقيق النجاح مستقبلاً بما ينعكس إيجابا على مساهميها وعملائها في نفس الوقت، كما نفخر بدعمها لاستعادة مرتبة الصدارة في السوق.
* تشكل المكالمات الصوتية المصدر الرئيسي لإيرادات «اتصالات» في الوقت الذي بدأ فيه قطاع النطاق العريض ينمو بشكل سريع، وثمة فجوة كبيرة بين أسعار المكالمات وأسعار النطاق العريض، إضافة إلى انخفاض عام في أسعار خدمات الاتصالات. كيف تحققون التوازن بين جميع أطراف تلك المعادلة ولا سيما في ضوء ما يشهده القطاع من حاجة للاستثمارات الجديدة؟
- تشكل تلك الفجوة تهديدًا فقط في حال واصلنا الاعتماد على مصادر عائداتنا القديمة والتقليدية لتحقيق النمو المستقبلي، وتحظى «اتصالات» بتاريخ حافل بالابتكار، كما أن ملامح مستقبلنا تتحدد من خلال سرعة نمونا وقوة الشراكات العالمية التي نبرمها، لذا علينا الاستمرار في استكشاف طرق جديدة للتعاون مع شركات الإنترنت وغيرها من مزودي التكنولوجيا للارتقاء بتجربة العملاء مع تحقيق الدخل من استخدامهم المتزايد للبيانات في الوقت ذاته، فنحن نضع المشتركين في صميم كل ما نقوم به. لذلك فقد حرصنا على توفير حلول مبتكرة لهم نعتمد فيها على المستوى الرفيع للبنية التحتية وشبكات النطاق العريض الخاصة بنا، وعلى تميزنا التشغيلي كذلك، الأمر الذي يمنحنا الفرصة لتقديم الخدمة لمشتركينا بشكل استباقي ومتسق عبر توفير مجموعة من القيم التي تعتمد على الفهم العميق لهؤلاء المشتركين ومتطلباتهم. في الواقع، إن نمو قطاع البيانات وقطاع النطاق العريض بشكل لافت، خلال السنوات الماضية، يجعلنا نستشرف نجاحات مستقبلية جديدة، إذا أننا نتوّقع أن يستمر هذا النمو خلال السنوات الخمس القادمة ليتجاوز الدخل المتوقَّع من هذا القطاع أكثر من 50 في المائة من إجمالي الدخل، الأمر الذي يوضِّح اهتمامنا الكبير في الاستثمار في تعزيز بنية تحتية متطوّرة وأسواق واعدة. وسيكون لخطواتنا المبذولة في هذا الصدد أثر إيجابي عميق على العوائد الاستثمارية للشركة، وريادتها في هذا القطاع. تتبنّى «اتصالات» مفهوم الابتكار كنهج مؤسسي راسخ، لتحقيق النمو المستمر، ورفع مستويات الأداء المؤسسي إلى مستويات أعلى بشكل مستمر. وعلى الرغم من التحديات التي واجهها قطاع الاتصالات خلال السنوات الماضية، وما كان لذلك من تأثير على حجم الإيرادات لكثير من الشركات الرائدة في هذا المجال، إلا أننا استطعنا أن نتخطى ظروف السوق واعتباراتها في تلك الفترة، وتمكنّا من تحقيق مزيد من النمو بفضل توجّهاتنا واستراتيجيتنا في هذا المجال، التي تنسجم مع توجهات دولة الإمارات في تعزيز الابتكار ضِمنَ جميع القطاعات، وهو ما تجلّى بوضوح في إعلانها عام 2015 عامًا للابتكار. ونعمل في «اتصالات» على إطلاق المبادرات والمشاريع والخدمات الرائدة باستمرار، لمواكبة التطور المستمر للسوق، وضمان تميّزنا وريادتنا فيه، وتحقيق رؤيتنا في تسهيل حياة الناس وتقديم نمط حياة أفضل لجميع فئات المجتمع، الأمر الذي يعزز من جهود دبي والدولة في تسريع التحول الذكي ضمن مؤسسات القطاعين، الحكومي، والخاص بما يضمن تحقيق رضا وسعادة المواطنين والسكان والزوّار على حدٍ سواء.
* يظهر كثير من الخدمات الجديدة في قطاع الاتصالات مثل الدفع عن طريق الهواتف المتحركة، هل قامت «اتصالات» بتفعيل هذه الخدمة في أسواقها ومتى تعتزمون إطلاقها في السوق الإماراتيّة؟
- ينبغي تطبيق هذه العملية متعددة الخطوات بدعم كامل من الجهة التنظيمية في كل سوق على حدة، وقد بدائنا في التوسع في نشر خدمة «موبايل كونكت»، التي تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وتفعيلها في معظم أسواقنا الدولية، مما يسلط الضوء على الدور الريادي والقيادي الذي نضطلع به، حيث يمكن من خلال قدرتها على حماية الهويات سواء على الإنترنت أم عبر أجهزة الهواتف المتحركة، فإن خدمة «موبايل كونكت» توفر الخصوصية الإلكترونية للشركات ورجال الأعمال والأفراد، وبالشكل الذي يمكنهم من القيام بأعمالهم بكل راحة وأمان. فإنها تجسد منهجنا في العمل، لا سيما من حيث توفير الحلول المبتكرة، وتحقيق التقدم في كل سوق من الأسواق التي نعمل بها، وفي شهر يونيو (حزيران) 2015، أطلقت «اتصالات» في سوقها المحلية هنا في الإمارات بالتعاون مع «بنك أبوظبي الوطني» خدمة «موبايل كاشير» التي تعتبر بمثابة نقطة بيع للشركات عبر الهاتف المتحرك في جميع أنحاء الدولة. وتشكل هذه الخدمة خطوة مهمة تتيح للعملاء من الشركات ووجهات التجزئة قبول عمليات الدفع التي تتم عبر بطاقات الائتمان أو الخصم المباشر أو الدفع المسبق وكذلك إدارة المعاملات النقدية باستخدام الهواتف الجوالة التي تتحول إلى أجهزة متنقلة لبطاقات الائتمان والخصم المباشر. وتضمن هذه الخدمة الجديدة للشركات إجراء المعاملات المالية بكل سهولة بغض النظر عن التوقيت والمكان، كما تساهم في زيادة حجم المبيعات ودفع عجلة نمو الأعمال، فضلاً عن انسجامها مع رؤية «اتصالات» الرامية إلى تزويد التجار في الإمارات بأحدث تقنيات الهاتف المتحرك.



قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
TT

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟

في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.

لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.

ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يتحدثان قبل اجتماع حلف شمال الأطلسي (أ.ب)

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.

وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.

أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.

موظف يعمل بشركة تصنيع قطع غيار سيارات في تشينغتشو (أ.ف.ب)

السياسة النقدية في 2024

لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يتحدث إلى رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ويتوسطهما محافظ بنك اليابان كاز أودا في مؤتمر «جاكسون هول» (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.

بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).

باول ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي ورئيس بنك كندا المركزي تيف ماكليم (رويترز)

وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.

إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.

ولكن ماذا عن عام 2025؟

سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.

بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.

متداول في سوق نيويورك للأوراق المالية يستمع إلى مؤتمر باول الصحافي (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.

وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض ​​إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.

أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.

حرب تجارية على الأبواب؟

وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.

سفن حاويات راسية في ميناء أوكلاند (أ.ف.ب)

فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.

ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».

وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.

من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.

وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.

في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.

مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».

وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين ​​بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.

الدين العالمي إلى مستويات قياسية

ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.

لافتة إلكترونية في محطة انتظار الحافلات حول حجم الدين الوطني الحالي للولايات المتحدة (رويترز)

فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.

وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.

وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.