قاضٍ أميركي يرفض أول دعوى تخص الذكاء الاصطناعي

يلقي الضوء على حرب قانونية بشأن الإبداع والتأليف والملكية الفكرية

ثالر الذي أبدع العمل الفني واسمه «مدخل حديث إلى الجنة» (نيويورك تايمز)
ثالر الذي أبدع العمل الفني واسمه «مدخل حديث إلى الجنة» (نيويورك تايمز)
TT

قاضٍ أميركي يرفض أول دعوى تخص الذكاء الاصطناعي

ثالر الذي أبدع العمل الفني واسمه «مدخل حديث إلى الجنة» (نيويورك تايمز)
ثالر الذي أبدع العمل الفني واسمه «مدخل حديث إلى الجنة» (نيويورك تايمز)

رفض قاضٍ فيدرالي محاولة لإثبات حق الطبع والنشر والتأليف الخاص بعمل فني أُنتج باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، في إطار قرار اتُخذ خلال الأسبوع الماضي، يلقي الضوء على حرب قانونية واسعة النطاق في شأن الإبداع والتأليف والملكية الفكرية.

القضية فريدة من نوعها، لأن مخترعاً يُدعى ستيفن ثالر، أدرج نظام الكومبيوتر الخاص به بوصفه مبدعاً للأعمال الفنية، موضحاً ضرورة إثبات وإصدار حق ملكية فكرية ونقله له بوصفه مالك الآلة.

وبعد رفض «مكتب حقوق الطبع والنشر الأميركي» لطلبه مراراً وتكراراً، رفع ثالر دعوى قضائية ضده. وكتب بيريل هوويل، قاضي مقاطعة كولومبيا، في قراره الصادر يوم الجمعة: «لا يمكن للمدعي الإشارة إلى قضية اعترفت بها محكمة من قبل، بحق طبع ونشر وتأليف يتعلق بعمل أنتجه كيان غير بشري»، مضيفاً: «نقترب من حدود جديدة في مجال الطبع والنشر والتأليف مع استخدام فنانين للذكاء الاصطناعي ضمن أدواتهم».

وطُبقت قواعد مماثلة خاصة بـ«التأليف الإنساني البشري» في اتخاذ قرار بشأن مَن يحق له ملكية صورة فوتوغرافية ذاتية لقرد. وكان ثالر قد أبدع العمل الفني المذكور، الذي يحمل اسم «مدخل حديث إلى الجنة»، ويصور مشهداً جذاباً مترفاً، لكنه مكوَّن من وحدات فن «البكسل» لقضبان قطار تمر عبر الريف، عام 2012، من خلال إدخال أمر لمنشئ الصور بإنشاء صورة.

وقال ريان أبوت، محامي ثالر، إنه سيطعن في الحكم. ووصف النقاشات والجدالات القانونية بأنها جزء حيوي وجوهري من الحوار العام الشعبي بشأن ازدهار الفن الإنشائي مؤخراً. وتساءل: «هل نريد قواعد تمكّننا من امتلاك ما ينتج عن الذكاء الاصطناعي؟ أم نريد قواعد تحمي الأعمال الفنية التقليدية التي يُبدعها الإنسان؟».

من جانبه، ذكر «مكتب حقوق الطبع والنشر الأميركي» في بيان أنه «يعتقد بأن المحكمة قد توصلت إلى القرار الصائب». وكان المكتب قد دشن خلال العام الحالي مبادرة لفحص قانون الطبع والنشر والتأليف، والأمور المتعلقة بالسياسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه تقريباً، أصدر المكتب توجيهاً إرشادياً لتقديم الأعمال الإبداعية، التي تضمنت استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى ضرورة تحديد مقدمي الأعمال للإبداع الإنساني، وتوضيح الأجزاء التي أُنتجت بتقنية اللوغاريتم.

لقد كان الحكم ضد ثالر «مهماً وذا قيمة، لكنه ليس مفاجئاً»، على حد قول ميغان نو، محامية متخصصة في قضايا الفنون ولا تعمل في القضية المذكورة، التي أضافت أن القرار متوافق مع تعليمات وإرشادات المكتب والأحكام القضائية السابقة، ولم يكن يعني أن «الأعمال الفنية الأخرى التي تُنتج بمساعدة الذكاء الاصطناعي لن تصبح، أو لا يمكن أن تصبح، قابلة للتسجيل».

على الجانب الآخر، هناك حملة مقبلة مكونة من قضايا تطعن في قانونية الصور والنصوص التي تُنشأ باستخدام الذكاء الاصطناعي. وانضمت سارة سلفرمان، الممثلة الكوميدية الساخرة، في يوليو (تموز)، إلى قضايا تتهم فيها منظمة «أوبن إيه أي» وشركة «ميتا» بتدريب اللوغارتم الخاص بهما على كتابتها من دون تصريح. وتواجه شركات أخرى، مثل «غيت هاب» و«ستابيليتي إيه آي» دعاوى قضائية تتهمهما باستخراج أعمال فنانين بشكل غير قانوني والتلاعب بها من أجل إنشاء أعمال باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي.

ويسعى جيسون ألين، فنانٌ أثار فوزه خلال العام الماضي في منافسة الفنون السنوية بمعرض ولاية كولورادو، نقاشاً واسع النطاق بشأن الفن التوليدي، لرفع دعوى قضائية خاصة به، ضد «مكتب حقوق الطبع والنشر». وكان المكتب قد رفض طلبه للحصول على حق الطبع والنشر والتأليف بوصفه المؤلف الوحيد للصور التي تُنشأ بواسطة لوغاريتم توليدي، وينتظر حالياً قرار المكتب بشأن طلب آخر قدمه إليه. وقال ألين إنه مستعد لمعركة قضائية، مشيراً إلى رغبة الفنانين في السيطرة على أعمالهم من دون النظر إلى الأدوات المستخدمة في إبداعها، موضحاً: «لا يمكن فصل الأداة عن المستخدم. إننا، بفصلهما نُقصي الشخص الذي صنعها».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

يوميات الشرق الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلاميذ التأخر بجميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

«الشرق الأوسط» (نورمبرغ (ألمانيا))
يوميات الشرق سهى نعيمة تستقبل الزوار وتروي الذكريات (الشرق الأوسط)

الأديب ميخائيل نعيمة استقبل زواره وكأنه لا يزال حياً

تعنى سهى حداد بإرث ميخائيل نعيمة، برموش العين. تعيش مع أغراضه كأنه لا يزال حياً، تحيط نفسها بلوحاته وصوره وكتبه ومخطوطاته ورسومه وأقلامه، وتستقبل زواره وتحدثهم.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مارك أبو ضاهر يحمل مجموعات من ملصقات يطبعها على دفاتر (الشرق الأوسط)

مارك أبو ضاهر... لبناني يوثّق الفن الجميل في دفاتر الذكريات

يملك مارك أبو ضاهر مجموعة كبيرة من الملصقات القديمة، بينها ما يعود إلى ملصقات (بوستر أفلام)، وبطلها الممثل اللبناني صلاح تيزاني المشهور بـ«أبو سليم».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق امتهانُ التحكُّم من اللحظة الأولى (غيتي)

الأجنَّة تتحكَّم في الأمهات بـ«الريموت كونترول»

آلية مدهشة يستطيع الجنين من خلالها التحكُّم في طبيعة المغذّيات التي يحصل عليها من الأم خلال فترة الحمل اعتماداً على جين معيَّن ينتقل إليه عن طريق الأب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كارين ميلر نسل ضحية جاك السفاح كاثرين أيدوس (نورث نيوز)

أحفاد ضحايا «السفاح جاك» في بريطانيا يطالبون بتحقيق جديد

رغم مرور أكثر من 130 عاماً على أحداث هذه القضية الغامضة في بريطانيا، يأمل أحفاد ضحايا «السفاح جاك» في أن يتمكنوا أخيراً من كشف الحقيقة بشأن واحدة من أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
TT

5 يوروات «عقاب» مدرسة ألمانية لكل تلميذ متأخر

الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)
الأعذار لم تعُد مقبولة (د.ب.أ)

قلَّة لم تتأخر عن موعد بدء الدراسة في الصباح، لأسباب مختلفة. لكنَّ اعتياد التلامذة على التأخر في جميع الأوقات يُحوّل المسألة إلى مشكلة فعلية.

في محاولة للتصدّي لذلك، بدأت مدرسة «دورير» الثانوية بمدينة نورمبرغ الألمانية، فرض غرامة تأخير مقدارها 5 يوروات على كل تلميذ يُخالف بشكل دائم، ودون عذر، لوائح الحضور في التوقيت المحدّد.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنه بعد مرور أشهر على تنفيذ هذه الخطوة، لم يكن المدير رينر جيسدورفر وحده الذي يرى أن الإجراء يحقق نتائج جيدة.

إذ يقول مجلس الطلاب إن عدد التلاميذ المتأخرين عن حضور الفصول الدراسية تَناقص بدرجة كبيرة منذ فرض الغرامة، يوضح جيسدورفر أن الإجراء الجديد لم يفرض في الواقع بوصفه نوعاً من العقوبة، مضيفاً: «ثمة كثير من التلاميذ الذين مهما كانت الأسباب التي لديهم، لا يأتون إلى المدرسة في الوقت المحدّد». ويتابع المدير أن أولئك الصغار لا يكترثون بما إذا كنت تهدّدهم بالطرد من المدرسة، لكنْ «دفع غرامة مقدارها 5 يوروات يزعجهم حقاً».

ويؤكد أن الخطوة الأخيرة التي تلجأ إليها المدرسة هي فرض الغرامة، إذا لم يساعد التحدث إلى أولياء الأمور، والمعلّمون والاختصاصيون النفسيون بالمدرسة، والعاملون في مجال التربية الاجتماعية على حلّ المشكلة.

وحتى الآن فُرضت الغرامة على حالات محدودة، وهي تنطبق فقط على التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و11 عاماً، وفق جيسدورفر، الذي يضيف أن فرض الغرامة في المقام الأول أدّى إلى زيادة الوعي بالمشكلة.

وتشير تقديرات مدير المدرسة إلى أن نحو من 5 إلى 10 في المائة من التلاميذ ليسوا مهتمّين بالتحصيل التعليمي في صفوفها، إلى حدِّ أن هذا الاتجاه قد يُعرّض فرصهم في التخرج للخطر.

بدورها، تقول متحدثة باسم وزارة التعليم بالولاية التي تقع فيها نورمبرغ، إن المسؤولية تتحمَّلها كل مدرسة حول تسجيل هذه المخالفات. وتضيف أنه في حالات استثنائية، يمكن للسلطات الإدارية لكل منطقة فرض غرامة، بناء على طلب المدارس أو السلطات الإشرافية عليها.

ويقول قطاع المدارس بالوزارة إن المدارس المحلية أبلغت عن تغيُّب التلاميذ عن الفصول الدراسية نحو 1500 مرة، خلال العام الماضي؛ إما بسبب تأخّرهم عن المدرسة أو التغيب طوال أيام الأسبوع، وهو رقم يسجل زيادة، مقارنةً بالعام السابق، إذ بلغ عدد مرات الإبلاغ 1250، علماً بأن الرقم بلغ، في عام 2019 قبل تفشّي جائحة «كورونا»، نحو 800 حالة.

أما رئيس نقابة المعلّمين الألمانية، ستيفان دول، فيقول إن إغلاق المدارس أبوابها خلال فترة تفشّي الجائحة، أسهم في فقدان بعض التلاميذ الاهتمام بمواصلة تعليمهم. في حين تشير جمعية مديري المدارس البافارية إلى زيادة عدد الشباب الذين يعانون متاعب نفسية إلى حدٍّ كبير منذ تفشّي الوباء؛ وهو أمر يمكن أن يؤدي بدوره إلى الخوف المرَضي من المدرسة أو التغيب منها.