فيلابان: ماليزيا تحولت إلى أضحوكة الكرة الآسيوية

أعمال الشغب في ملعب علم شاه ألقت بظلالها السلبية على مستقبل البلاد «رياضيًا»

الماليزيون يرون أن كرة القدم باتت مصدر إحراج وطني بالنسبة لهم بعد أحداث الشغب الأخيرة («الشرق الأوسط»)
الماليزيون يرون أن كرة القدم باتت مصدر إحراج وطني بالنسبة لهم بعد أحداث الشغب الأخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

فيلابان: ماليزيا تحولت إلى أضحوكة الكرة الآسيوية

الماليزيون يرون أن كرة القدم باتت مصدر إحراج وطني بالنسبة لهم بعد أحداث الشغب الأخيرة («الشرق الأوسط»)
الماليزيون يرون أن كرة القدم باتت مصدر إحراج وطني بالنسبة لهم بعد أحداث الشغب الأخيرة («الشرق الأوسط»)

ألقت أعمال الشغب التي تفجرت في ملعب علم شاه بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، وتحديدًا خلال مباراة المنتخب السعودي وماليزيا ضمن التصفيات الآسيوية المزدوجة لمونديال روسيا 2018 ونهائيات آسيا بالإمارات، مزيدًا من الظلال السلبية على مستقبل هذا البلد «كرويا».
ومع تزايد أعمال التلاعب في نتائج المباريات والشغب في الملاعب، أصبحت كرة القدم الماليزية مشكلة ناشئة في قارة آسيا بل وتحولت اللعبة الأكثر شعبية في البلاد إلى مصدر إحراج وطني.
ويوم الثلاثاء الماضي كدس المشجعون المشاغبون عارا إضافيا وأجبروا حكم مباراة بلادهم في التصفيات الآسيوية على إيقافها قبل دقائق من انتهاء وقتها الأصلي بسبب قذف القنابل الدخانية داخل وحول المستطيل الأخضر.
وأثارت الخسارة أمام الإمارات 10 / 0 قبل أسبوع غضب الجماهير، فتبلورت الفوضى في لعبة سيطر عليها منذ فترة العنف والفساد والفوضى.
ويقول خبراء كرة القدم الماليزية إن جوهر المشكلة يكمن في سوء إدارة اللعبة والفشل في تطوير المواهب الناشئة. لكن الوضع لم يكن دائما على هذا النحو.
وقد ورث الاستعمار البريطاني شغف اللعبة لأبناء البلد، وكان نمور ماليزيا مصدر فخر واعتزاز في السابق. وحصل نجوم اللعبة في السبعينات والثمانينات على تكريم خلال الحقبة الذهبية عندما نافست ماليزيا العمالقة الحاليين على غرار اليابان، كوريا الجنوبية وأستراليا، رغم أنها لم تتأهل إلى كأس العالم أو تحرز كأس آسيا.
يقول بيتر فيلابان أمين عام الاتحاد الآسيوي بين 1978 و2007: كنا في مقدمة الكرة الآسيوية آنذاك، لكن اليوم أصبحنا أضحوكة المنطقة.
وهبط المنتخب الماليزي إلى المركز 169 في التصنيف العالمي للاتحاد الدولي على بعد مركز واحد من أسوأ تصنيف له عام 2008، ووراء تيمور الشرقية (163) وبوتان (164) المتواضعتين.
ويجني الاتحاد الماليزي لكرة القدم عقودًا من الفشل في بناء برامج تطويرية للشبان، وفقدان الملاعب أمام جرافات التنمية والإعمار بحسب مسؤولين سابقين ومدربين وكتاب رياضيين من الفئة الأولى.
ويقول الصحافي المخضرم توني مراياداس: «كانت لدينا بطولات جيدة للولايات، حفزت الشبان على ممارسة اللعبة. لكن النقص في الملاعب أدى إلى معاناة البطولات المحلية من الموت البطيء.
عجلات السياسة والاقتصاد الماليزيين مدهونة بالعلاقات والمحسوبيات والمحاباة.
يقول فيلابان إن هذا الأمر أثر على كرة القدم، فطغت السياسة على الاحتراف وأثرت على القرارات الإدارية القيادية وقرارات اللاعبين.
مع ذلك، فإن المحاسبة مسألة حساسة، إذ يرأس الاتحاد الماليزي منذ 31 عاما شخصيات من العائلة المالكة لولاية باهانغ، إحدى تسع ولايات في البلاد.
وتمنع القوانين الصارمة انتقاد العائلة المالكة، والتي يعتقد أنها أسكتت مطالب إجراء إصلاحات جذرية. لكن المشجعين يعبرون عن مشاعرهم بصراحة.
لافتة عملاقة رفعت الثلاثاء أشارت بمكر إلى قادة الاتحاد الماليزي: «الاتحاد الماليزي نائم منذ 31 عاما». وكان التعدد الثقافي في البلاد مصدر قوة سابقا، فجاء النجوم المحليون من مجتمعات الملايو، الصينية والهندية. لكن السياسة الداخلية الطائفية نتج عنها تفضيل الملايو في المنتخبات الوطنية والأندية.
الخسارة الساحقة أمام الإمارات صفر - 10 جاءت بعد تعادل سابق على أرضها أمام تيمور الشرقية المغمورة 1 - 1 وسقوط كبير أمام فلسطين 6 - صفر.
إحباط الجماهير يزداد في بلاد تعتبر فيها كرة القدم اللعبة الأولى والاتهامات تتركز على اتحاد اللعبة المحلي.
واضطر وزير الرياضة خيري جمال الدين إلى الاعتذار من فيتنام في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد مهاجمة الجمهور الماليزي مشجعين فيتناميين خلال نصف نهائي بطولة جنوب شرقي آسيا.
غرم الاتحاد الماليزي أيضا لسلوك جماهيره الجامح خلال مباراة ودية ضد الفلبين في مارس (آذار) الماضي، وشهدت مباريات الدوري المحلي اشتباكات المشجعين والشرطة.
أما التلاعب بنتائج المباريات، فكان سمة البطولات المحلية. ففي عام 1994 أقيل 21 لاعبا ومدربا وأوقف 58 لاعبا، لكن حالات جديدة تطفو باستمرار.
وفي عام 2012 أوقف الاتحاد المحلي 18 لاعبا شابا وحرم مدربا مدى الحياة بسبب التلاعب في نتائج المباريات. في العام التالي، وأوقف ناد ماليزي كل مدربيه ومسؤوليه بعد سلسلة من الهزائم الثقيلة والمثيرة للريبة.
وبدأ الاتحاد الدولي تحقيقا حول فوضى الأسبوع الحالي، بعدما ألقى اللوم على مجموعة مشجعين تدعى «ألتراس مالايا»، وقد تنتج عنه إجراءات تأديبية.
وهدد باتخاذ إجراءات صارمة بحق الاتحاد الماليزي، بما في ذلك احتمال تعليق عمله، على هامش خسارة 10 - صفر، ورئيس الاتحاد، ولي عهد باهانغ، كشف عن خطط غامضة للتنحي.
ووعد مسؤولون في الاتحاد الماليزي الجمعة باستعادة أمجاد البلاد بتطوير لدى الجذور وتحسين الدوريات المحلية وإطلاق إصلاحات داخلية.
فيما ناشد نائب رئيس الاتحاد عبدول مختار أحمد الجماهير بـ«منحنا فرصة» لوضع الأمور في نصابها. وقال لمراسلين: «نستمع إليكم بأنه يجب أن تكون هناك تغييرات».
وبالعودة إلى الأحداث الأخيرة فقد أوقف مباراة المنتخب السعودي وماليزيا قبل نهايتها بدقائق بعد أعمال شغب عارمة انطلقت من مدرجات ملعب شاه علم في ماليزيا ليضطر حكم المباراة لإخراج اللاعبين من الملعب حفاظًا على سلامتهم من الألعاب النارية التي بدأت تشكل خطورة كبيرة. وأضاف موقع الاتحاد القاري: «قرار تعليق المباراة اتخذ بسبب الأحداث المتعلقة بالجمهور، حيث قام حكم المباراة ليو كوك مان بإخراج اللاعبين من أرض الملعب في الدقيقة 87 وكان المنتخب السعودي وقتها متقدما بهدفين لهدف».
فيما أوضح ياسر المسحل المدير التنفيذي لرابطة دوري المحترفين السعودي والمنضم حديثا لعضوية لجنة الانضباط بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم أن المباراة خاضعة لمظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وأي قرارات ستصدر تجاه هذه المباراة ستكون من قبل اتحاد الفيفا.
وأضاف: لجنة انضباط الفيفا طلبت تقارير المباراة لتقرر النتيجة النهائية وقد يأخذ القرار بعض الوقت، وتوقع المسحل أن تكون نتيجة المباراة كما هي أو يعتبر المنتخب السعودي فائزا بنتيجة ثلاثة أهداف دون رد.
وسبق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» أن اعتبر منتخب روسيا فائزة بثلاثة أهداف دون رد أمام الجبل الأسود بعد حادثة شغب حدثت في الدقيقة 70 وكانت المباراة وقتها تشير إلى التعادل السلبي دون أهداف، كما اعتبر يويفا إيطاليا فائزة على صربيا بثلاثة أهداف دون رد نتيجة أحداث شغب اندلعت في المباراة بعد مرور 40 دقيقة، وسبق للاتحاد الأفريقي لكرة القدم أن اعتبر منتخب ساحل العاج منتصرا على السنغال بهدفين بسبب أحداث شغب أوقفت المباراة حينها مع الدقيقة 74 ليعتمد ذات النتيجة التي أوقفت عليها المباراة.
من ناحيتها، ألقت الشرطة الماليزية القبض على 11 من مشجعي كرة القدم بعدما تم إلقاء ألعاب نارية على ملعب لكرة القدم أثناء مباراة بين المنتخبين الماليزي والسعودي.
وقال مسؤول بالشرطة إن هناك تحقيقات تجرى فيما تردد عن إصابة الكثير من المشجعين السعوديين لكن ذلك لم يثبت رسميا.
وانتقد وزير الرياضة خيري جمال الدين الاتحاد الماليزي لكرة القدم وقال على «تويتر»: «فقد الاتحاد سيطرته على ملعبه.. إلقاء الجماهير للألعاب النارية أمر خاطئ. الطرفان كانا على خطأ الليلة».
وبحسب الصحافة الماليزية التي أخذت المباراة مساحة كبيرة في تغطيتها فإن الألتراس الماليزي والمعروفين بـ«المالايا» والذي عرف بتطرفه في التشجيع كان على خلاف كبير مع المسؤولين في الاتحاد الماليزي لكرة القدم وطالب كثيرا باستقالة مجلس الإدارة في الاتحاد لكن الأخير تجاهل هذه المطالب مما أدى إلى هذه الأحداث التي عبرت عن حالة سخط وغضب على الكرة الماليزية ومسيريها.
وعبر الماليزيون عن تخوفهم من خلال صحيفة «ذا صن ديلي» اليومية من شكوى متوقعة سيقدمها اتحاد الكرة السعودي ضد نظيره الماليزي مشددين على أن ذلك يعني عقوبات رادعة ستلقاها كرة بلادهم من قبل الفيفا.
وكشف شيفان مامات قائد الشرطة في ماليزيا في تصريحات نشرتها الصحافة الماليزية أنه لا يمكن الجزم بأن «ألتراس الملايا» هم المعنيون بالشغب، مشددا على أنه لا معلومات عن إصابات سعوديين في المباراة من الجماهير الحاضرة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».