التحالف يدك معاقل المتمردين ويعلن عن إعادة هيكلة قواته

عسيري لـ {الشرق الأوسط}: الاستراتيجية العسكرية لقوات التحالف لإنقاذ اليمن على الأرض لم تتغير

مسلح موال للحوثيين يسير وسط ركام ناجم عن غارة شنها طيران التحالف على موقع تابع للمتمردين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مسلح موال للحوثيين يسير وسط ركام ناجم عن غارة شنها طيران التحالف على موقع تابع للمتمردين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

التحالف يدك معاقل المتمردين ويعلن عن إعادة هيكلة قواته

مسلح موال للحوثيين يسير وسط ركام ناجم عن غارة شنها طيران التحالف على موقع تابع للمتمردين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مسلح موال للحوثيين يسير وسط ركام ناجم عن غارة شنها طيران التحالف على موقع تابع للمتمردين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

بينما كثف التحالف العربي الهادف لإعادة الشرعية في اليمن، غاراته الجوية، أمس، على مواقع المتمردين، خصوصًا في العاصمة صنعاء غداة مقتل 64 جنديًا في مأرب، أعلن المتحدث باسم التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد ركن أحمد عسيري، أن التحالف عمل منذ، أمس، على إعادة هيكل القوة في مأرب وإكمال النقص، مشيرًا إلى أن الطلعات الجوية والعمل العسكري على الأرض لقوات التحالف، لا يزال مستمرًا حتى الآن.
وأوضح العميد عسيري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن 10 من القوات المسلحة السعودية، «استشهدوا» في الحادث، إلى جانب 45 من الإمارات، و5 من البحرين، و4 من اليمن، مؤكدًا أن تأمين الخروج من الموقع، والتأكد من الجثامين، استغرق وقتًا، لا سيما أن بعض «الشهداء» السعوديين كانت إصابتهم خطرة، ولم يكتب لهم الحياة في الأخير.
وأشار المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي إلى أن تحالف «إعادة الأمل»، قام بإعادة هيكلة قوة في مأرب لإكمال النقص، واستمرار العمليات العسكرية سواء الجوية والبرية، مؤكدًا أن الاستراتيجية العسكرية لقوات التحالف لإنقاذ اليمن على الأرض، لم تتغير. وقال إن «الحادث متوقع في حسابات أي عمل عسكري، لكن ما جرى سيكون دافعًا لزملائهم، إن شاء الله، في استمرارهم بوتيرة أحسن، وتحقيق ما كان زملاؤهم الشهداء يريدونه».
وذكر العميد ركن عسيري، أن العمليات العسكرية تتكون من شقين أولهما هو التعزيز والثاني هو التنظيم. وأوضح أن عملية التعزيز تعني السيطرة على المكان وتطهيره من العدو، وضمان الأمن، وهذا الأمر «جار العمل بها حاليًا في كل مناطق اليمن، خصوصًا أن العدو في اليمن هم عبارة عن أشخاص مدنيين، يقاتلون في النهار، وإذا شاهدوا أن الوضع العسكري يشكل خطرًا عليهم، انسحب كل منهم إلى منزلهم للاحتماء به». وأشار إلى أن الحرب في اليمن ليست عبارة عن مواجهة بين جيش نظامي تقابله تشكيلات نظامية «وهذا العمل ليس سهلاً».
وكثف التحالف العربي بقيادة السعودية، أمس، غاراته الجوية في اليمن وقصف بقوة مواقع عسكرية للمتمردين الحوثيين، خصوصًا في صنعاء. وأغارت مقاتلات منذ ساعات الفجر الأولى على المقر العام للقوات الخاصة في وسط صنعاء ومخازن للأسلحة في فج عطان والنهدين الجبلين المطلين على جنوب العاصمة ومواقع للمتمردين إلى الغرب، كما أفاد شهود عيان. وأضافت المصادر أن انفجارات قوية هزت أحياء المدينة التي يسيطر عليها المتمردون، وتصاعدت سحب من الدخان فوق المواقع التي قصفت. وأفاد مسؤول محلي نقلت تصريحاته وكالة الصحافة الفرنسية: «إنها أعنف الغارات في صنعاء» منذ بداية حملة الغارات الجوية على المتمردين نهاية مارس (آذار) الماضي.
في غضون ذلك، رفض الدكتور علي البكالي، الناطق باسم وزارة الدفاع اليمنية، وصف استهداف جنود التحالف في اليمن، أول من أمس، بالخيانة من الداخل اليمني، مؤكدًا أن حسابات خاطئة أدت لترك منطقة شبوة دون تطهير من فلول الميليشيات وهي التي يعتقد أنها كانت مركزًا لإطلاق صاروخ باتجاه مستودع الأسلحة الذي وجد فيه الجنود.
وأوضح البكالي في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، أن القوات المسلحة اليمنية ليست مؤهلة بعد للتخطيط الاستراتيجي للمعارك في اليمن. ودعا لتأسيس غرفة عسكرية تضم خبراء من قوات التحالف لتمكينها من تسيير العمليات الميدانية. وأضاف أن «تقدم القوات البرية نحو مدينة مأرب يتطلب أولاً تطهير شبوة وتحرير البيضاء بالكامل نظرًا لحدودهما المباشرة مع تلك المدينة».
وأشار الناطق باسم وزارة الدفاع اليمنية إلى أن هزيمة الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في ذمار، سوف تسهل تحرير الجوف، وتأذن لبدء عملية تحرير صنعاء، مشددًا على أن الأسلحة الإيرانية ما زالت تتدفق على الحوثيين عبر قوارب الصيد على الشريط البحري بين المخا وميدي، من خلال استغلال طول الحدود على ذلك الساحل التي تصل لـ1200 كيلومتر بحري لا يمكن لطائرات التحالف رصدها بشكل دقيق.
وأعلنت الإمارات، التي سقط أكبر عدد ضحايا ضمن جنودها (45)، ثلاثة أيام حدادًا. وأكد الحوثيون أنهم أطلقوا صاروخًا على مخبأ للأسلحة بمعسكر تستخدمه قوات التحالف في محافظة مأرب وسط البلاد؛ الأمر الذي أدى إلى «استشهاد» الجنود.
وكان الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، قال أول من أمس، إن «استشهاد أبنائنا يزيدنا قوة وإصرارًا على إتمام المهمة، أرواحهم ودماؤهم تزيدنا عزمًا والتزامًا. أسد الإمارات سيكشر عن أنيابه، راية العز تبقى عالية»، مشيرًا إلى أن العملية نفذت عبر صاروخ أرض - أرض، وانفجار مستودع الذخيرة استهدف الشهداء، فلا نامت أعين الجبناء، عن أداء قواتنا المسلحة المستمر، وأن تحرير مأرب قريب بإذنه تعالى. وشدد قرقاش على أن «الاعتداء الجبان لن يردع الإمارات ولن يثنيها عن أهدافها، وأرواح (الشهداء) تصون المستقبل من أطماع الطامعين وأهدافهم». وقال أيضًا: «الفخر والولاء لقيادتنا السياسية ولقواتنا المسلحة الباسلة ولجنودنا الأشاوس، هذه إماراتنا التي نفخر بها، وسنعبر بهذه الروح كل امتحان وشدة». وتابع وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات حديثه في تغريدات على موقع للتواصل الاجتماعي: «نقف مع اليمن والسعودية وكل الخليج العربي، وشموخ الإمارات حقيقي وتجسده تضحيات أبنائها، وطني في هذه الساعات أنحني له ولشهادة أبنائه، مصابنا كبير اليوم، ويصل إلى كل شارع وحي ومدينة، وتبقى رايتنا مرفوعة وراسخة، فالإمارات تنضج ولاء وعطاء من خلال أفعالها وتضحيات أبنائها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.