السودان يوقع اتفاقات تجارية بأكثر من 6 مليارات دولار مع الصين

خبراء: أزمة الاقتصاد الصيني لن تؤثر على الشراكة الاقتصادية بين البلدين

الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائهما في بكين أمس
الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائهما في بكين أمس
TT

السودان يوقع اتفاقات تجارية بأكثر من 6 مليارات دولار مع الصين

الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائهما في بكين أمس
الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائهما في بكين أمس

تزايدت وتائر التعاون الاقتصادي السوداني الصيني على الرغم أزمة الاقتصاد الصيني الحالية، فبعد أن كانت العلاقات بين البلدين تقتصر على الاستثمارات النفطية، وقع السودان مع الصين أمس عدة اتفاقيات اقتصادية تضمنت شراء وسائط نقل بري وجوي وبحري، وتوسيع العمل في مجالات استخراج النفط والغاز والاتصالات، وأبحاث الفضاء والعلوم.
ووقع البلدان أمس، عقودًا لشراء طائرتين من طراز «إيرباص» لصالح شركة الخطوط الجوية السودانية، وقطاري ركاب للعمل بين العاصمة الخرطوم وحاضرة الجزيرة ودمدني، وإنشاء خطوط سكك حديدية، وعقودات لصيانة القاطرات، وتوقيع اتفاقية لتجميع الشاحنات والسيارات في السودان لدى شركة «جياد» الحكومية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية أن الرئيس عمر البشير الذي يزور الصين مشاركًا في احتفالها بالانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية، شهد لقاء بين رجال أعمال صينيين وسودانيين الذي وقعت فيه العقود الرسمية بين تلك الشركات.
ووقعت شركة الخطوط البحرية السودانية اتفاقية إطارية مع شركة صينية، وعقود لإنشاء منطقة حرة في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.
وتنامت الاستثمارات الصينية في السودان أخيرًا، وبدأت تثير الكثير من التساؤلات لدى المحللين والخبراء السياسيين والاقتصاديين، ففي الوقت الذي لم تفصح فيه الحكومة عن حجم تلك الاستثمارات فإن تقديرات خبراء تذكر أنها تتجاوز 6 مليارات دولار للصادرات الصينية للخرطوم، في الوقت الذي تتجاوز استثمارات المارد الاقتصادي الصيني البترولية وحدها هذا الرقم بكثير.
ولا تخفي الصين اهتمامها بقارة أفريقيا باعتبارها واحدة من الأسواق الواعدة التي يمكن أن تتوجه إليها استثماراتها، في الوقت الذي تجد حكومة الخرطوم نفسها مجبرة على تمتين علاقتها الاقتصادية بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها، وهي ترى في علاقتها الاقتصادية الصينية مثالاً لعلاقات التعاون الاقتصادي في ظل تدهور علاقتها بدول أخرى.
نفطيًا، وهو الاستثمار الذي تغلغلت عبره الصين إلى مفاصل الاقتصاد السوداني حين خرجت منه الشركات الغربية «شيفرون الأميركية، وتالسيمان الكندية» على سبيل المثال لا الحصر، فقد استقبل الرئيس البشير في مقر إقامته في العاصمة الصينية بكين أمس، مدير شركة الصين الوطنية النفطية، الذي أبدى رغبته في زيادة استثمارات شركته في السودان، وعزمها على زيادة إنتاج البترول في البلاد.
وذكر وزير النفط والغاز السوداني محمد زايد عوض عقب لقاء مدير الشركة أنها تقدمت بعرض للعمل في استكشاف الغاز الطبيعي في مربع 8 في مناطق الدندر بولاية سنار جنوب الخرطوم، كاشفًا عن اتجاه لتوقيع اتفاقية بين البلدين لاستغلال الغاز المكتشف في تلك المنطقة، وقال: «الشركة أعلنت استجابتها الفورية بزيادة استثماراتها في السودان»، مشيرًا إلى أن اللقاء أكد على أهمية دعم الشراكة في المستقبل، مشددًا على أن التعاون النفطي بين البلدين يعد دعما لخطط استراتيجية دعم اقتصاد البلاد.
وحسب الوزير السوداني فإن السودان أنتج عام 1999 بداية تصدير ما نسبته 12 في المائة فقط من احتياطي الغاز المكتشف وغير المستثمر، وأن وزارته تعهدت بمواصلة العمل لزيادة الإنتاج في الحقول المكتشفة، والتوسع في استكشافات الغاز في مربعات جديدة، كاشفًا عن خطط لدى الشركة الوطنية الصينية تتمثل في إقامة مصنع للأسمدة في مربع 8، مستفيدة من الغاز المستخرج فيه.
كما وقعت الشركة السودانية للاتصالات «سوداتل» عقدًا مع مستثمرين صينيين، على مشروع السعات العريضة للإنترنت، واتفاقات في مجالات الأبحاث وعلوم الفضاء.
وشهد البشير توقيع اتفاقية السعات العريضة للإنترنت في حضور الوزراء المرافقين ورجال أعمال من البلدين، والذي يهدف لتحسين جودة خدمة الإنترنت وتعزيز خدمات البنية التحتية بمد خطوط الألياف الضوئية لربط مدن وقرى البلاد، وربط البلاد بدول الجوار ليصبح لاعبًا أساسيًا في تمرير الحركة الاتصالية العالمية إلى العمق الأفريقي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الفضاء وأبحاثه.
وقال المحلل الاقتصادي د. محمد الناير لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة الاقتصاد الصيني أثرت على الاقتصادات المرتبطة بالبورصات العالمية، مما انعكس على أسعار الأسهم، وانخفاض أسعار النفط، وأضاف: «لكن الاقتصاد الصيني بما يملك من احتياطات تعد الأكبر في العالم، فضلاً عن كونه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يملك 3 ترليونات دولار عبارة عن سندات الخزينة الأميركية، واحتياطات تزيد عن 3 ترليونات دولار أخرى، فهو قادر على تجاوز أزمته بشكل أسرع».
وأوضح الناير أن العلاقات الاقتصادية السودانية الصينية لن تتأثر بهذه الأزمة بحكم حجمها الصغير مقارنة بحجم الاقتصاد الصيني، ووفقًا لإحصائيات بنك السودان لعام 2014 فهي تبلغ 3.2 مليار دولار، بقيمة صادرات 1.3 وواردات 1.9، بعجز في الميزان التجاري قدره 533 مليون دولار لصالح الصين، بعد أن كان هذا العجز لصالح السودان بأرقام أكبر قبل انفصال جنوب السودان، وذهاب معظم صادرات النفط إلى الدولة الوليدة.
ويوضح الناير أن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتوقيعها من قبل رئيسي الدولتين، يعطي العلاقات الدفع السياسي والاقتصادي لتنفيذ ما تم توقيعه من اتفاقيات تفصيلية، أهمها قطاع النقل البحري والسكة الحديد الذي تتميز فيه الصين، ويضيف أن إنفاذ الاتفاقات في مجال النقل من شأنه إحداث نقلة كبيرة في السودان، أما توقيع اتفاقية في مجال النقل الجوي واستيراد طائرات غربية عبر الصين، وطائرات صينية من شأنه تحسين خدمة الناقل الجوي الوطني «سودانير»، ويضيف: «الاستثمار في قطاع النقل يتسم بأن دورة رأس المال فيه قصيرة، بما يمكن استعادته والأرباح في وقت قصير».
وأشار المحلل الاقتصادي إلى اتفاقية التعاون الفضائي والبحث العلمي، وقال إنها يمكن أن تتطور لتمكن السودان من إنتاج قمر صناعي للاتصالات والمعلومات وتحويل البث التلفزيوني السوداني من تناظري إلى رقمي، والإسهام في البحوث الزراعية وكشوفات ثروات باطن الأرض.
كما أوضح أن لقاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي السوداني بمحافظ بنك الصين الوطني، من شأنه تعبيد الطريق لمساهمة السودان في البنك الآسيوي، وتأمين التعاملات المالية، وزيادة حجم التبادل التجاري، وجعل «اليوان» الصيني وسيطًا في التعاملات المالية السودانية بديلاً عن الدولار الأميركي.
ويشار إلى أن الشركة الوطنية الصينية للبترول (CNPC) نفذت أكبر مشاريع إنتاج وتصدير النفط السوداني، الذي تتراوح عائداته بين 16 - 20 مليار دولار سنويًا، وتملك منها الصين النسبة الأكبر، إلى جانب شركات آسيوية أخرى، وفي الوقت الذي خرجت فيه شركات النفط الغربية من البلاد إثر ضغوط نشطاء ولوبيات حقوق الإنسان التي كانت ترى أن عائدات النفط تستخدم في حروب السودان.
ولم تفلح الاتهامات الغربية للاستثمارات الصينية بأنها «ملطخة بالدم» أثناء الشركات الصينية من الاستثمار في السودان، استنادًا إلى أن الدولة الصينية لا تتدخل في استثمارات شركاتها، ولا تهتم بالسياسات الداخلية لشركائها الاقتصاديين، مما مكن حكومة السودان المقاطعة غربيًا من إقامة شراكة اقتصادية كبيرة بينها والصين، استثمرتها الأولى بمواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليها، فيما تطمح الثانية لاتخاذها بوابة للاقتصادات الأفريقية النامية.



«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.