«داعش» يقترب من أكبر مستودعات أسلحة النظام بريف حمص

يتمدد إلى ريف دمشق لربط مقاتليه في البادية بأتباعه في جرود قارة

صورة تعود الى شهر يونيو الماضي، لامرأة سورية تسير في القسم المدمر من حمص التي سيطر تنظيم داعش على جزء من ريفها (أب)
صورة تعود الى شهر يونيو الماضي، لامرأة سورية تسير في القسم المدمر من حمص التي سيطر تنظيم داعش على جزء من ريفها (أب)
TT

«داعش» يقترب من أكبر مستودعات أسلحة النظام بريف حمص

صورة تعود الى شهر يونيو الماضي، لامرأة سورية تسير في القسم المدمر من حمص التي سيطر تنظيم داعش على جزء من ريفها (أب)
صورة تعود الى شهر يونيو الماضي، لامرأة سورية تسير في القسم المدمر من حمص التي سيطر تنظيم داعش على جزء من ريفها (أب)

اقترب تنظيم داعش أمس من أكبر مستودعات الأسلحة والذخيرة التابعة للقوات الحكومية السورية في البادية بين ريف حمص والقلمون الشرقي، ضمن خطة اتبعها حديثا لتعزيز وجوده في معقل القوات السورية والتقدم نحو أطراف العاصمة، بعدما تعذر عليه السيطرة على حقول الغاز والنفط في شرق حمص.
وأفاد ناشطون أمس باندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، في محيط بلدة مهين بريف حمص الجنوبي الشرقي، وهي الاشتباكات الأعنف بين التنظيم وقوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة، بعد محاولة التقدم إلى مهين في السابع من شهر أغسطس (آب) الماضي.
ومهين تتضمن أكبر مستودعات الأسلحة التابعة للنظام السوري، وهي عبارة عن مجموعة جزر تتضمن مستودعات منفصلة، كما يقول قيادي معارض في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن قوات المعارضة السورية، ومقاتلين متشددين آخرين، كانوا سيطروا على أحد تلك المستودعات في عام 2013، وحازوا كمية كبيرة من الأسلحة، استخدمت في معارك القلمون وريف دمشق في وقت لاحق، قبل أن تدفع قوات النظام بتعزيزات إلى المنطقة، لمنع السيطرة على المستودعات.
ويقول مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات المعارضة «غنمت نسبة من الأسلحة المخزنة في تلك المستودعات»، مشيرا إلى أن عمليات النقل «كانت صعبة، في ظل وجود سلاح الجو، لكن قوات المعارضة، وبينهم متشددون تابعون لجبهة النصرة، وآخرون كانوا يتبعون الكتيبة الخضراء التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش، كانوا ينقلونها عبر الدراجات النارية».
وتتعذر المعلومات الدقيقة عما إذا كانت هناك أسلحة لا تزال موجودة في المستودعات، بعد نقل قوات النظام أجزاء منها إلى خارج المنطقة إثر العملية الأولى «رغم أن حامية المستودعات تعززت ولا تزال موجودة»، بحسب ما يقول عبد الرحمن.
وعادت بلدة مهين إلى الضوء، أمس، بعد الهجوم العنيف الذي شنه «داعش» على البلدة، متقدما من بلدة القريتين غربا، باتجاه جرود البلدة. واندلعت اشتباكات عنيفة استهدفت حامية البلدة من القوات النظامية، من غير أن يتمكن المقاتلون من دخولها.
وكانت البلدة عقدت اتفاق مصالحة مع القوات النظامية، قضى بإبقاء القوات النظامية حولها، من غير أن يكون لها أي وجود داخلها، منذ أواخر عام 2013، كما يقول ناشطون.
وهذه العملية تشير إلى خطة رسمها «داعش» لوصل البادية السورية المتصلة مع الحدود العراقية، بالقلمون الشرقي. وفي حال السيطرة على مهين وجرودها فإن التنظيم سيتمكن من الاتصال مع قواته الموجودة في جرود قارة، وتمتد عبر الجرود إلى الحدود اللبنانية الشرقية في رأس بعلبك.
ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن التنظيم «يعتمد على الخلايا النائمة وشراء الولاءات في المناطق غير الخاضعة لسيطرته، وهو ما يوفر له تقدما في تلك المنطقة»، مشيرا إلى أن النظام في تلك المنطقة «لا يمتلك حاضنة شعبية كبيرة يمكن أن تحميه، وهو ما يفسر تمدد (داعش) بسهولة إلى بلدة القريتين»، الشهر الماضي.
ويستغل التنظيم «ضعف الوجود العسكري للنظام» في جنوب البادية السورية المتصلة بريف دمشق الشمالي، لشن هجمات عليها، في وقت «خفّف فيه هجماته على حقول النفط والغاز الموجودة شرق حمص بعد دفع النظام بتعزيزات إلى المنطقة»، كما يقول عبد الرحمن.. «ذلك أن التنظيم يبحث عن المناطق الرخوة، ويتمدد عبرها، فضلا عن الهدف الاستراتيجي الذي يتمثل بالوصول إلى مقربة من العاصمة السورية».
ووفرت له السيطرة على القريتين قدرة على التحرك في البادية السورية، في مقابل حركته المحدودة في القلمون الشرقي التي تقتصر على وجوده في الجرود، نظرا إلى أن القريتين تعتبر عقدة مواصلات مهمة بين محافظتي دمشق وحمص، وتتصل مع منطقة القلمون الشرقي.
وتقع مهين على بعد 12 كيلومترا جنوب القريتين. وشن التنظيم هجومه الأول عليها في 7 أغسطس (آب) الماضي، وفشل في التقدم بعد أن صدت القوات النظامية وحلفاؤها في «الدفاع الوطني»، الهجوم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.