«داعش» يهدر دم إردوغان.. ويفتح أمامه {باب التوبة}

الناطق باسم الخارجية لـ («الشرق الأوسط») : سنرد على الاستفزازات بقوة

«داعش» يهدر دم إردوغان.. ويفتح أمامه {باب التوبة}
TT

«داعش» يهدر دم إردوغان.. ويفتح أمامه {باب التوبة}

«داعش» يهدر دم إردوغان.. ويفتح أمامه {باب التوبة}

عاد التوتر إلى مناطق التماس مع تنظيم داعش عند الحدود التركية – السورية، فيما بدا وكأنه رد من التنظيم المتطرف على انخراط أنقرة في التحالف الدولي الذي يضرب التنظيم في الأراضي السورية. وباغت التنظيم، ليل أول من أمس، دورية تركية عند الحدود، فقُتل أحد أفرادها، وجُرح آخرون، بينما اعتبر جندي آخر في عداد المفقودين، مما يرجح نظرية اختطافه من قبل التنظيم الذي أصدر «فتوى» بإهدار دم زعيم تركيا القوي، الرئيس رجب طيب إردوغان، لكنه ترك له مجال «التوبة».
وذكرت صحيفة «جمهورييت» التركية أن «داعش» أصدر بيانًا على أحد المواقع التابعة له قال فيه: «إردوغان المرتد يستحق الموت، لدعمه التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة، وقيام الطائرات التابعة لهم بضرب مواقعنا». وأضاف: «إن إردوغان يتحرك مع النصارى واليهود الكفار، ويساهم في إهدار دماء المسلمين». لكن البيان أكد أن فتوى إراقة دمه «ستنتهي بمجرد إعلانه توبته، وإقلاعه عن دعم التحالف الدولي».
أعلنت رئاسة هيئة الأركان التركية للجيش والقوات المسلحة، قصف الدبابات التركية لمواقع تنظيم داعش داخل الأراضي السورية المتاخمة لولاية كيليس الحدودية. وأوضح المصدر أنّ الدبابات التركية بدأت بقصف مواقع التنظيم في تمام الساعة 20:30 من مساء يوم أمس، وذلك عقب قيام عناصر التنظيم بإطلاق الرصاص الحي باتجاه الثكنة العسكرية التركية المرابطة في المنطقة الحدودية، حيث أسفر ذلك عن مقتل جندي تركي وإصابة آخر بجروح طفيفة. كما أضاف المصدر نفسه أنّ قيادة الوحدة العسكرية المرابطة، فقدت الاتصال مع أحد عناصرها، وأنّ عملية البحث والتمشيط جارية في المنطقة من أجل العثور عليه.
وأكد الناطق بلسان الخارجية التركية، تاجو بيلتش، لـ«الشرق الأوسط»، أن بلاده تعمل ما في وسعها لتحديد موقع الجندي المفقود، رافضًا الجزم بوقوف «داعش» وراء عملية الاختطاف. وأكد بيلتش أن بلاده «تأمل بعودة سريعة للجندي إلى بلاده»، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة التركية تقوم بجهد كبير جدًا تشارك فيه وحدات الاستخبارات والقوى العسكرية لتحديد موقع الجندي واستعادته سالمًا، مشددًا على أن بلاده سترد بقوة على أي استفزاز، ولن تخضع لأي ابتزاز.
وبينما عقد مجلس الأمن القومي التركي، أمس، اجتماعًا برئاسة الرئيس «رجب طيب إردوغان»، في القصر الجمهوري بالعاصمة أنقرة خصص لبحث الوضع في الداخل حيث تدور مواجهات مع المتمردين الأكراد، وعند الحدود مع سوريا، سيجتمع البرلمان التركي اليوم في جلسة استثنائية مخصصة للمصادقة على الحكومة المؤقتة، سوف يطرح خلالها تمديد المذكرة التي تخوّل بموجبها الجيش التركي بالقيام بعمليات عسكرية في كلٍّ من سوريا والعراق.
ويبدو أن الطريق ممهدة أمام تمديد المذكرة، رغم عدم تمتع الحزب الحاكم بالأكثرية البرلمانية الكافية، إذ أعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، أنه سيوافق على المذكرة، رغم أنه رفضها العام الماضي بذريعة أنّ المذكرة من شأنها الزّج بتركيا في مستنقع الحرب في سوريا والعراق. كما أن حزب الحركة القومية سيوافق بدوره عليها، انسجامًا مع موقفه السابق بهذا الخصوص.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».