مستشارة الأمن القومي الأميركي تبحث هجمات المتشددين مع باكستان

رايس تطرقت مع شريف إلى التوترات الحدودية والأوضاع في أفغانستان

مستشارة الأمن القومي الأميركي تبحث هجمات المتشددين مع باكستان
TT

مستشارة الأمن القومي الأميركي تبحث هجمات المتشددين مع باكستان

مستشارة الأمن القومي الأميركي تبحث هجمات المتشددين مع باكستان

التقت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس أمس رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لبحث بواعث القلق بشأن هجمات ينفذها متشددون متمركزون في باكستان.
وتأتي زيارة رايس إلى إسلام آباد في إطار جولة آسيوية شملت الصين، وفي ظل حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرج عن 300 مليون دولار مساعدات عسكرية لباكستان.
ولمحت تقارير إعلامية إلى أن واشنطن قد تجمد المساعدات إذا ما ارتأت أن باكستان لا تبذل ما يكفي من الجهد لمحاربة شبكة سراج الدين حقاني التي نفذت بعضا من أعنف الهجمات في أفغانستان المجاورة.
ووصلت رايس إلى باكستان في زيارة قصيرة تلتقي خلالها قائد الجيش الباكستاني لمناقشة ملف الهند وباكستان، والمصالحة الأفغانية التي تعثرت بسبب انشقاقات في حركة «طالبان».
وشددت المسؤولة الأميركية، خلال اجتماعها مع شريف، على أن باكستان «شريكة استراتيجية مهمة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وأن واشنطن تهتم كثيرا بعلاقتها مع إسلام آباد. كذلك أشادت بـ«جهود باكستان في محاربة الجماعات المتطرفة».
من جهته، قال رئيس الوزراء الباكستاني، إن بلاده تقدّر دعم الولايات المتحدة الأميركية لها في كل المجالات، وإنها تعتزم «المضي قدما في خلق علاقاتها الودية مع كل دول الجوار بما فيها الهند وأفغانستان بهدف إحلال الأمن والسلام في المنطقة».
كما تحرص الولايات المتحدة على نيل مساعدة باكستان لإحياء محادثات السلام بين طالبان أفغانستان وحكومة كابل. والشهر الماضي أصبح مستقبل عملية تفاوض مبدئية لإنهاء ما يقرب ما 14 عاما من الحرب في أفغانستان، في مهب الريح عندما أعلنت وفاة الملا عمر زعيم حركة طالبان قبل عامين ونصف.
وتزامنت زيارة رايس مع تطورات أمنية، أبرزها الهجوم على مطار غوادر المعروف بمطار جواني بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان، مما أدى إلى تدمير نظام المراقبة بصورة كاملة، بالإضافة إلى مقتل أحد المهندسين، واختطاف آخر.
وقال مسؤول أميركي كبير طلب عدم نشر اسمه، لوكالة «رويترز» إن رايس «ستتطرق إلى مجالات الاهتمام والقلق المشترك» بما في ذلك الهجمات الإرهابية وهجمات المتشددين التي تنطلق من أراض باكستانية. وذكر المسؤول أن زيارة رايس تأتي استجابة لازدياد التوتر في الآونة الأخيرة بين باكستان وغريمتها الهند التي ألغت محادثات سلام مقررة مطلع الأسبوع الماضي. وقتل تسعة أشخاص خلال تبادل لإطلاق النار يوم الجمعة الماضي على طول حدود متنازع عليها بين البلدين. وحثت الولايات المتحدة باكستان والهند على إعادة محادثات المصالحة لمسارها.
ويشن الجيش الباكستاني عملية عسكرية كبيرة ضد حركة «طالبان باكستان» وحلفائها المتطرفين في إقليم وزيرستان الشمالي قرب الحدود الأفغانية منذ العام الماضي. وشكك البعض في ما إذا كانت قيادة شبكة حقاني، المتحالفة مع طالبان وإن كانت مستقلة عنها، سمح لها بالرحيل لتفادي آثار الهجوم.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».