صعوبات تواجه قرار العبادي إعادة فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين

السفارة الأميركية سبق أن اعترضت على قرارين مماثلين في عهد المالكي

صعوبات تواجه قرار العبادي إعادة فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين
TT

صعوبات تواجه قرار العبادي إعادة فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين

صعوبات تواجه قرار العبادي إعادة فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين

بعد يومين من القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والقاضي بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، أمام المواطنين لا تزال هذه المنطقة الشديدة التحصين، حيث مكاتب الحكومة وسكن كبار المسؤولين والمجمع الرئاسي الذي يضم قصر السلام الذي يتخذه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم مقرا له، مغلقة. بل أغلقت القوات الأمنية أمس جسر الجمهورية الرابط بين المنطقة الخضراء وساحة التحرير لمنع ذوي ضحايا مئات المجندين الذين قضوا برصاص مسلحي «داعش» بتكريت في يونيو (حزيران) 2014 في ما يسمى «مجزرة سبايكر»، من التوجه إلى تلك المنطقة.
وكان مكتب العبادي الإعلامي أكد من جانبه إن رئيس الوزراء «أصدر أوامره إلى الفرقة الخاصة وقيادة عمليات بغداد بوضع الترتيبات اللازمة لفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين». لكن، طبقا لما أعلنه مصدر عراقي مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هناك ثلاثة أنواع من الصعوبات التي تواجه العبادي في تنفيذ هذا القرار وكذلك القرار الآخر الذي لا يقل عنه أهمية والخاص بفتح الطرق والشوارع المغلقة التي يتخذها كبار المسؤولين مناطق سكن أو مقرات». وأضاف أن «الصعوبة الأولى هي موقف السفارة الأميركية التي سبق أن اعترضت على قرارين مماثلين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي عامي 2007 و2011. ففي عام 2007 تم فتح المنطقة الخضراء لأيام وقد حصلت عملية انتحارية أمام مقر السفارة الأميركية أدت إلى مقتل نحو 17 جنديا أميركا، وفي عام 2011 تم فتحها لساعات، وقد اعترضت السفارتان الأميركية والبريطانية على الأمر، بل وهددتا بنقل مقريهما إلى إقليم كردستان فتراجع المالكي». وأضاف: «هناك صعوبتان، الأولى هي الطريق الواصل بين الجسر المعلق وحتى الكرادة تقع فيه عدة دوائر حساسة مثل موقع السفارة البريطانية ووزارة الدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني أنها تحتاج إلى مزيد من الكتل الكونكريتية لعزلها عن الشارع حيث يمكن أن تكون هذه المواقع الهامة هدفا للعمليات الإرهابية، يضاف إلى ذلك أنه في الوقت الذي يتولى نحو 300 جندي تأمين مداخل هذه المنطقة الخضراء ومخارجها فإنه في ضوء هذا القرار فإن الحاجة قد تقتضي جلب نحو 2000 جندي هم كل اللواء المعني بحماية المنطقة الخضراء، وهو اللواء 56، من أجل نصب مزيد من نقاط التفتيش».
وأوضح المصدر المسؤول أن «المسألة الأخرى المهمة أن المنطقة الخضراء مصنفة الآن بوصفها منطقة برتقالية بسبب كثرة التهديدات الموجهة إليها حتى من قبل المتظاهرين الذين يهددون باقتحامها».
وفي ما يتعلق بقرار العبادي الخاص بفتح الشوارع الرئيسية والفرعية المغلقة من قبل شخصيات وأحزاب ومتنفذين، قال المصدر المسؤول إن «أول المعترضين على هذا القرار هم المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم وأحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي، وجاء اعتراض المجلس الأعلى بأن مقره معزول ولا علاقة له بالحركة العامة في الشارع بحيث تؤثر على حركة الناس، بينما جاء اعتراض الجلبي، الذي يقع مقره في شارع الأميرات بحي المنصور غرب بغداد بأن الشارع المغلق يضم كل مقرات المؤتمر الوطني العراقي ولا يتقاطع مع حركة السير».
لكن مكتب العبادي طالب الجهات التي أبدت اعتراضها على هذه الإجراءات دون أن تعلن مواقف رسمية علنية بأن تعلن موقفها بشجاعة، وهو ما يعني أنها ستواجه غضبا جماهيرا عارما في حال أبدت اعتراضات علنية على مثل هذه الإجراءات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».