سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين

مصدر طبي لـ {الشرق الأوسط} : 200 جريح يحتاجون لأطراف اصطناعية

سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين
TT

سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين

سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين

مر يومان على سريان قرار وقف إطلاق النار في مدينة الزبداني بالريف الغربي للعاصمة السورية دمشق، وبلدتي الفوعة وكفريا في ريف محافظة إدلب بشمال سوريا، من دون أي خرق يذكر. إذ ظل الغموض مخيما على المفاوضات الجارية في تركيا بين حركة «أحرار الشام» من جهة، والوفد الإيراني من جهة ثانية، لتحديد الخطوة التالية التي يتقرر على أساسها نجاح أو فشل عملية التفاوض، وهي تبدأ بإجلاء الجرحى والمصابين إلى أماكن أكثر أمنا قبل الانتقال إلى البند المتعلّق بنقل المقاتلين.
وباستثناء صمت المدافع والصواريخ والبراميل المتفجرة، لم يتبدّل شيء في مدينة الزبداني المحاصرة من قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني من كل الاتجاهات، إذ لم يبدأ نقل المصابين كما كان متوقعا أمس. إلا أن مصدرا ميدانيا في الزبداني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمة بادرة تبعث على التفاؤل تمثلت في البدء بتسجيل أسماء الجرحى اعتبارا من بعد صلاة الجمعة (أمس)، وطلب إلى الجرحى أن يكونوا مستعدين لعملية نقلهم». وإذ نفى المصدر دخول فريق الصليب الأحمر الدولي إلى الزبداني حتى الآن، أوضح أن «الجهاز الطبي في المستشفى الميداني هو الذي يتولى تسجيل وتحضير الجرحى المدنيين، في حين يتولى كل فصيل مسلّح مساعدة الجرحى من مقاتليه».
وعن المعلومات المتواترة حول مسار التفاوض، لفت المصدر الميداني إلى أن «الوفد الإيراني يبدي مرونة في المحادثات، إلا أنه عند التوصل إلى الخلاصات المرجوة، يعود إلى تعنته». وأوضح أن «الإيرانيين عادوا مساء أمس (أول من أمس) إلى طرحهم القديم الرامي إلى إخراج جميع المدنيين في الزبداني والفوعة وكفريا، بذريعة عدم إبقائهم تحت خطر هذا الفريق أو ذاك، مما يعني أنهم ما زالوا يسعون إلى التطهير الديموغرافي». وشدد على أن «فريق أحرار الشام المفاوض يرفض البحث بهذه النقطة، وهو البند الأصعب في عملية التفاوض».
إلى ذلك، أشار مصدر طبي في الزبداني، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الفريق الطبي الذي يعمل على مساعدة الجرحى يعمل في الحدود الدنيا لعدم توافر المعدات الطبية والأدوية الضرورية التي نفدت بفعل الحصار على المدنية». وأكد المصدر الطبي أن «هناك ما يقارب الـ500 جريح ومصاب أغلبهم من المدنيين، لكن بينهم أكثر من 200 يلزمهم تركيب أطراف اصطناعية، بعدما بترت أطرافهم إما بقصف البراميل المتفجرة أو الصواريخ والمدفعية الثقيلة، وبعضهم لا يزال يعاني من النزيف ومصاب بالتهابات جراء عدم وجود المضادات الحيوية».
من جهة ثانية، قال الناشط في الزبداني معن القلموني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاتلين في الزبداني كانوا على موعد مع اتصال يردهم عند الساعة الثالثة من بعد الظهر (أمس)، من فريق (أحرار الشام) المشارك في المفاوضات الجارية في تركيا برعاية من الحكومة التركية، إلا أنه حتى المساء لم يرد أي جواب عن نجاح أو فشل هذه المفاوضات، وما إذا استجدت عقبات أدت إلى تأخير إجلاء الجرحى وعائلات المقاتلين». لكنه أشار إلى أن «الهدنة ما زالت سارية ولم يسجل أي خرق لقرار وقف إطلاق النار».
وكانت جولة ثالثة من المفاوضات بين حركة «أحرار الشام» - وهي أحد فصائل المعارضة السورية - والجانب الإيراني بدأت الأربعاء في تركيا، للتوصل إلى اتفاق بشأن بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين بريف إدلب اللتين تحاصرهما قوات المعارضة السورية، ومدينة الزبداني بريف دمشق التي تحاصرها قوات النظام وحزب الله. ولقد أتت هذه الجولة بعد فشل جولتين سابقتين من المفاوضات قالت عنهما «أحرار الشام» إنهما تهدفان لتغيير ديموغرافي في سوريا يقضي بإجلاء سكان ومقاتلي الزبداني - وجلّهم من السنّة - مقابل إخراج سكان بلدتي كفريا والفوعة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد الوسطاء المشاركين في المفاوضات أن المفاوضات تجري في تركيا بين الوفد الإيراني ووفد «أحرار الشام» بشكل مباشر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.