خطة أميركية تبقي المهاجرين ينتظرون بعيداً من الحدود

واشنطن أطلقت مبادرة «التنقل الآمن» في أميركا الوسطى

فرز مهاجرين بعد عبورهم الحدود المكسيكية إلى أريزونا في 11 مايو (أ.ف.ب)
فرز مهاجرين بعد عبورهم الحدود المكسيكية إلى أريزونا في 11 مايو (أ.ف.ب)
TT

خطة أميركية تبقي المهاجرين ينتظرون بعيداً من الحدود

فرز مهاجرين بعد عبورهم الحدود المكسيكية إلى أريزونا في 11 مايو (أ.ف.ب)
فرز مهاجرين بعد عبورهم الحدود المكسيكية إلى أريزونا في 11 مايو (أ.ف.ب)

يضمن افتتاح الولايات المتحدة مراكز مراجعة لمتابعة طلبات الهجرة في كولومبيا وكوستاريكا وغواتيمالا، أن تصبح هذه البلدان غرف انتظار بعيدة لطالبي اللجوء، في انتظار تأشيرات أميركية.

وتسعى مبادرة «التنقل الآمن» التي أطلقتها واشنطن في أميركا الوسطى (الممر الرئيسي لعشرات الآلاف الذين يأملون الوصول إلى الولايات المتحدة)، إلى توسيع الطرق القانونية أمام طالبي اللجوء، مع إبقائهم في دول بعيدة من الحدود الأميركية. بدأ البرنامج الجديد في 11 مايو (أيار) مع نهاية الإجراء المعروف باسم «المادة 42» الذي يمنع تقديم طلب لجوء في الولايات المتحدة، ويسمح بترحيل المهاجرين إلى المكسيك فوراً، بحجة مكافحة «كوفيد- 19».

ويتوجب على المهاجرين الآن تحديد موعد إلكتروني عبر استخدام موقع إلكتروني خاص، تدعمه وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية.

وستجري مراكز المراجعة الجديدة في كولومبيا وغواتيمالا مقابلات مع المهاجرين الذين يرغبون في التوجه إلى الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا. في كوستاريكا، ستسهل مكاتب «التنقل الآمن» السبل أمام النيكاراغويين والفنزويليين للهجرة بشكل قانوني، إن كانوا في البلاد قبل حلول 12 من يونيو (حزيران).

يعتبر مسؤولون أميركيون أن البرنامج الجديد ناجح. وأوضح مسؤول في الخارجية الأميركية أن البرنامج يوسع السبل القانونية أمام المهاجرين للحصول على تأشيرات «بدلاً من القيام بالرحلة الخطرة في مسعى للدخول بشكل غير قانوني».

حارسا حدود أميركيان يعاينان سلماً خلَّفه مهاجرون وراءهم عند معبر هيدالغو بالمكسيك في 4 مايو الحالي (أ.ب)

وازداد تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة من أميركا الجنوبية -خصوصاً فنزويلا والإكوادور- عبر ثغرة دارين المؤلفة من أدغال بين كولومبيا وبنما. وأكد بيان صادر مؤخراً عن الأمم المتحدة أن أكثر من 100 ألف شخص عبروا عبر دارين في عام 2023، في زيادة 6 أضعاف عن الفترة نفسها العام الماضي.

«غرفة انتظار»

يعتقد المسؤولون الأميركيون أن مراكز المراجعة الجديدة ستسهل أمام المهاجرين معرفة إن كانوا يملكون طريقاً قانونياً للتوجه إلى الولايات المتحدة، بدلاً من المخاطرة بحياتهم على أيدي مهربي البشر.

أما الأكاديمي في جامعة كوستاريكا، كارلوس ساندوفال، فقال لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن هذه المبادرة تستجيب لاستراتيجية نقل مراقبة الهجرة جنوباً، لتطبيق ما وصفه بـ«مزيد من مراقبة الحدود قبل الحدود الحقيقية». وتابع: «المكسيك هي الحدود الأولى». وأشار إلى أن المسؤولين الأميركيين سعوا أيضاً لمراقبة الحدود «في غواتيمالا، والآن يشمل ذلك الجنوب».

وفي مارس (آذار) فقط، سعى أكثر من 160 ألف شخص للعبور إلى الولايات المتحدة من المكسيك، حسب وزارة الخارجية. وأورد ساندوفال أن هناك 3 أنواع من المهاجرين يتلاقون على الطريق إلى الولايات المتحدة؛ هناك من يأتي من أميركا الوسطى، ومن أميركا الجنوبية خصوصاً فنزويلا، وأخيراً أشخاص من أماكن أخرى في العالم. وأضاف: «لطالما كانت أميركا الوسطى وستبقى غرفة انتظار».

ولاحظت غابرييلا أوفييدو التي تعمل منسقة لمشروع التنقل البشري في مركز العدالة والقانون الدولي، أن غواتيمالا وكوستاريكا وكولومبيا ستكون دولاً استراتيجية لـ«احتواء تدفقات الهجرة هذه».

مهاجرون يعبرون نهر ريو غراندي في ولاية تاموليباس المكسيكية (أ.ف.ب)

«لا وضوح»

تقترح الولايات المتحدة على المهاجرين الانتظار في البلد الذي هم فيه لحين الانتهاء من النظر في طلب التأشيرات، مع أنه لا ضمانات لحصولهم عليها. وأكد المسؤول الأميركي أنه يتوجب على الدول الثلاث «مساعدة اللاجئين المعرضين للخطر في تلقي المساعدات التي يحتاجون إليها» للحصول على وضع قانوني، بينما ينتظرون «مسارات قانونية لدول أخرى بينها الولايات المتحدة».

لكن في العاصمة غواتيمالا، يطلب الفنزويلي دييغو بيريوس (23 عاماً) المال ليتمكن من مواصلة رحلته شمالاً، على الرغم من بدء برنامج الهجرة. وصل الشاب إلى غواتيمالا قبل عدة أيام، ويأمل الوصول إلى الحدود الأميركية- المكسيكية مع زوجته وابنتيه في أسرع وقت. وقال لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «غواتيمالا مجرد نقطة عبور». وحذرت أوفييدو من أنه «لا وضوح» حول كيفية عمل هذه المراكز أو ماهية الإجراءات. وقالت: «لا نعلم كم من الوقت سيستغرق الأمر، وماذا سيحدث للأشخاص الذين سيحرمون من التصاريح العادية. هناك عدم يقين كبير».


مقالات ذات صلة

مهاجر سوري أول ضحية لعبور المانش في 2025

أوروبا صورة ملتقطة من الجو تُظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين يشق طريقه نحو إنجلترا عبر القناة الإنجليزية (رويترز)

مهاجر سوري أول ضحية لعبور المانش في 2025

قضى مهاجر سوري شاب خلال محاولته عبور المانش ليل الجمعة -السبت «في أول وفاة في البحر خلال 2025» بين فرنسا وإنجلترا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ شخص يساعد مهاجرة مُرحَّلة على كرسي متحرك من الولايات المتحدة باتجاه المكسيك (رويترز)

أميركا تتيح لنحو مليون مهاجر من أربع دول البقاء لمدة 18 شهراً إضافية

أعلنت الإدارة الأميركية أمس (الجمعة) أنه سيتاح لنحو مليون مهاجر من السلفادور والسودان وأوكرانيا وفنزويلا البقاء بشكل قانوني في الولايات المتحدة لمدة 18 شهراً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق طفل حديث الولادة (يمين) يظهر وسط المهاجرين على متن قارب مطاطي تم إنقاذه في المحيط الأطلسي بجزر الكناري (إ.ب.أ)

قبالة جزر الكناري... امرأة تضع مولوداً على متن قارب مهاجرين

كشفت خدمة الإنقاذ الإسبانية اليوم (الأربعاء) أن امرأة وضعت مولوداً على متن قارب مهاجرين أثناء توجهه إلى جزر الكناري الإسبانية هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شمال افريقيا مهاجرون على متن قارب (أرشيفية - رويترز)

غرق 20 مهاجراً في تحطم مركب قبالة سواحل تونس

لقي 20 مهاجراً على الأقل حتفهم إثر تحطم مركب قبالة مدينة صفاقس في شرق تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مرشح ترمب لوزارة الدفاع يواجه استجوابا شرسا من الديمقراطيين

ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
TT

مرشح ترمب لوزارة الدفاع يواجه استجوابا شرسا من الديمقراطيين

ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)
ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

تحمل بيت هيغسيث مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لقيادة وزارة الدفاع (البنتاغون) استجوابا شرسا من الديمقراطيين بشأن كل شيء بداية من قلة خبرته ومزاعم بإفراطه في شرب الكحوليات إلى معارضته السابقة لمشاركة النساء في القتال ليخرج سالما بدعم من الجمهوريين في جلسة لتأكيد تعيينه أمس الثلاثاء.

وهيغسيث، المذيع السابق في فوكس نيوز والعسكري المخضرم الحائز على الأوسمة، أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل التي ترشحت لمنصب وزير الدفاع. لكنه تمكن من اجتياز الجلسة التي استمرت أربع ساعات دون ارتكاب أي خطأ كبير من شأنه أن يثير نفور الجمهوريين منه، بل ونال دعما حاسما من السناتور الجمهورية جوني إيرنست، التي تتمتع بنفوذ كبير في حزبها.

وأشاد عدد من أعضاء اللجنة الجمهوريين الآخرين بالرجل البالغ من العمر 44 عاما، والذي انتقد مبادرات التنوع والمساواة والاندماج في الجيش. وفي أحدث كتبه تساءل عما إذا كان أعلى جنرال أميركي حصل على الوظيفة لأنه أسود.

وحين سئل عما إذا كان سيقيل رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال سي.كيو براون إذا تولى الوزارة، وهو احتمال كانت رويترز أول من أورد تقارير بشأنه، رفض هيغسيث استبعاد ذلك قائلا إنه سيجري مراجعة واسعة النطاق. وقال هيغسيث «سيخضع كل ضابط كبير لإعادة التقييم على أساس الجدارة والمعايير والقدرة على القتال والالتزام بالأوامر القانونية المنوط بها».

وقبل ترشيحه، عارض هيغسيث بشدة تولي النساء الأدوار القتالية، لكنه تراجع عن هذا الموقف في الجلسة. وقال السناتور جاك ريد العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ «سيد هيغسيث، لا أعتقد أنك مؤهل لتلبية المتطلبات الهائلة لهذه الوظيفة».

وأثارت عدة وقائع قلق المشرعين تضمنت مزاعم اعتداء جنسي ضد هيغسيث في عام 2017 لكنها لم تفض إلى توجيه اتهامات نفاها بالفعل. كما اتُهم بالإفراط في شرب الكحوليات وسوء الإدارة المالية في منظمات قدامى المحاربين. وتعهد هيغسيث بالامتناع عن شرب الكحول إذا تأكيد تعيينه وقال إنه ارتكب بعض الأخطاء المالية لكنه نفى ارتكاب أي مخالفات. وانتقدت السناتور الديمقراطية كيرستن غيليبراند تصريحات هيغسيث السابقة حول النساء، قائلة إنه سيضطر إلى تغيير نظرته جذريا إلى النساء اللاتي يشكلن 18 بالمئة من الجيش الأميركي.

وعلى الرغم من الدعم القوي له من الجمهوريين المؤيدين لترمب، فإن تأكيد تعيين هيغسيث من المرجح أن يكون بهامش ضئيل مقارنة مع تأييد 93 صوتا مقابل معارضة صوتين للويد أوستن وزير الدفاع في إدارة الرئيس جو بايدن و98 صوتا مؤيدا نالها جيم ماتيس أول مرشحي ترمب لهذا المنصب.

وبعد الجلسة، قالت إيرنست التي توقع خبراء أن تصوت ضد هيغسيث وربما تقنع آخرين بالتصويت ضده، إنها تدعمه لنيل المنصب. وقالت إيرنست في بيان «لقد اختار قائدنا الأعلى القادم بيت هيغسيث لتولي هذا المنصب، وبعد محادثاتنا والاستماع إلى سكان ولاية أيوا وقيامي بمهمتي كعضو في مجلس الشيوخ، سأدعم اختيار الرئيس ترمب لمنصب وزير الدفاع».

وعندما سئل عن التصريحات المعارضة لمشاركة النساء في القتال، أشار هيغسيث إلى ضرورة إلغاء الحصص المخصصة للأدوار في الخطوط الأمامية. وردت غيليبراند بأن مثل هذه الحصص غير موجودة. كما هاجمت السناتور الديمقراطية تامي داكوورث، وهي عسكرية سابقة فقدت ساقيها في القتال في العراق، هيغسيث بسبب نقص معرفته بالسياسة الخارجية وافتقاره إلى الخبرة الإدارية. وقالت «تقول إنك مهتم بالحفاظ على قوة قواتنا المسلحة... فلا يجوز أن نخفض المعايير من أجلك. أنت يا سيدي غير مؤهل لتولي هذا المنصب».

وإذا تم تأكيد ترشيحه، فقد يتمكن هيغسيث من تنفيذ وعود ترمب بالتخلص من الجنرالات الذين يتهمهم بالسعي إلى تطبيق سياسات التنوع في الجيش.