في سوريا.. الروابط الإسلامية للحلفاء المحتملين تقلق الولايات المتحدة

الصراع بين المعتدلين والمتطرفين داخل الحركة يتقرر وفق الأوضاع في الداخل ونجاح البراغماتيين

في سوريا.. الروابط الإسلامية للحلفاء المحتملين تقلق الولايات المتحدة
TT

في سوريا.. الروابط الإسلامية للحلفاء المحتملين تقلق الولايات المتحدة

في سوريا.. الروابط الإسلامية للحلفاء المحتملين تقلق الولايات المتحدة

برزت حركة أحرار الشام كجماعة معارضة قوية تضم الآلاف من المقاتلين والكثير من النفوذ السياسي مع علاقات وثيقة تربطها بقوى إقليمية رئيسية، باعتبارها أكثر جماعات المعارضة نفوذا وقوة في الداخل السوري عبر الشهور الأخيرة. وقد تعهدت تلك الجماعة بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي ودعت إلى التواصل والتفاعل مع الغرب.
ولكن على الرغم من الكفاح الطويل من جانب الولايات المتحدة للعثور على قوة معارضة سوريا قادرة على البقاء في مواجهة الرئيس بشار الأسد ومحاربة تنظيم داعش، لم تبد إدارة الرئيس أوباما أي اهتمام للعمل مع تلك الجماعة المعروفة باسم «أحرار الشام».
وتكمن مشكلة الولايات المتحدة في جذور جماعة أحرار الشام الإسلامية المتشددة، وهي المخاوف التي نالت كذلك من الجهود السابقة الرامية إلى العثور على شركاء من ذوي الثقة في سوريا.
وبمواجهة الواقع السوري مجددا؛ حيث تنخرط الحكومة وتنظيم داعش وعدد من الجماعات المتمردة في حرب أهلية شديدة التعقيد، يقول بعض المحللين والمسؤولين الأميركيين السابقين، إنه بدا من الواضح وبشكل متزايد أنه لمواجهة تنظيم داعش والتأثير على مستقبل البلاد ككل، لا بد من التفاعل، على أدنى تقدير، وبمنتهى الحذر، مع جماعات على غرار أحرار الشام.
ويقول روبرت إس فورد، السفير الأميركي الأسبق لدى سوريا ويعمل حاليا في معهد الشرق الأوسط للدراسات: «إنهم يوجدون في المنطقة الرمادية، ولكن في الحروب الأهلية لن تكون مستعدا بحال للتعامل مع من هم في المنطقة الرمادية. وأنا لا أنصح بتوفير أي دعم مادي لجماعة أحرار الشام، ناهيكم عن المساعدات العسكرية الأكثر فتكا، ولكن باعتبار وجودهم البارز في الجبهات الشمالية والوسطى، فسوف يكون لهم دور كبير يلعبونه في محادثات السلام، ولذلك ينبغي علينا محاولة فتح قناة اتصال معهم والبدء في التواصل عبرها».
وتتعاون جماعة أحرار الشام مع الذراع التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة). وفي حين أن قادة الجماعة يقولون إنهم يسعون لإقامة حكومة ذات تمثيل برلماني، فإنهم دوما ما يتجنبون لفظة «الديمقراطية»، ويقولون إن الإسلام يجب أن يوجه ويقود أي دولة تتشكل في نهاية المطاف.
واستغرقت تساؤلات مماثلة حول مدى التفاعل مع القوى الإسلامية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك جل تفكير صناع السياسة الأميركية منذ ثورات الربيع العربي، وفي خضم المحادثات النووية مع إيران مؤخرا. ومن الواضح بجلاء في أذهان القادة الأميركيين تاريخ أولئك المتشددين الذين تلقوا الدعم من الولايات المتحدة في أفغانستان إبان فترة الثمانينات والذين شكلوا فيما بينهم لاحقا ما عرف بتنظيم القاعدة.
وفي سوريا، كان تركيز الولايات المتحدة حتى الآن على العمل مع الجماعات التي تعتبرها «معتدلة» قد نجم عنه التعاون مع عدد قليل من الحلفاء الأقوياء. كما تعتبر قيادة المعارضة خارج البلاد غير ذات صلة بمجريات الأحداث إلى حد كبير، فلقد انهارت الجماعات المتمردة ذات الدعم الغربي، ولقي برنامج تدريب وتجهيز المتمردين المعتدلين الكثير من الانتكاسات الكبيرة.
وفي حين أن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين قد اجتمعوا مع بعض المسؤولين السياسيين من جماعة أحرار الشام، فإن الولايات المتحدة بقيت بمعزل عن ذلك. يقول أحد كبار المسؤولين من إدارة الرئيس أوباما في مقابلة موجزة حول السياسة السورية: «إنهم يواجهون هجوما كبيرا»، متحدثا عن جماعة أحرار الشام.
وأشار المسؤول الأميركي الكبير إلى تصريحات عن تلك الجماعة، والتي يقولون فيها إنهم يركزون جهودهم على الداخل السوري ويؤيدون سيادة القانون. كما صرحت الجماعة كذلك أن صعود تنظيم داعش، قد جعل الولايات المتحدة أكثر «برغماتية» فيما يتعلق بعقد التحالفات الإقليمية.
ويتابع المسؤول الأميركي الكبير، مفضلا عدم نشر هويته لمناقشته التقديرات السرية، قوله «طالما أنهم على علاقات وثيقة بجبهة النصرة، فلا أعتقد أننا يمكننا العمل معهم».
وتشكلت جماعة أحرار الشام عبر اندماج الفصائل المسلحة السنية في شمال غربي سوريا في وقت مبكر من بدء الانتفاضة ضد الرئيس الأسد التي اندلعت في عام 2011. وضمت في عضويتها الكثير من السوريين الذين تخلوا عن الحركات الاحتجاجية، فضلا عن الإسلاميين الذين أفرج عنهم من السجون في إطار ما اعتبره الكثيرون، «استراتيجية من قبل الأسد لتقويض نشاط العناصر العلمانية». وكان أعضاء من الجماعة قد سبق لهم القتال في العراق وأفغانستان.
وعلى الرغم من أن الجماعة أعربت عن حسن نياتها باعتبارها قوة عسكرية تهدف لقتال الأسد، فإنها ظلت متأصلة في محيط الإسلام السني المتشدد. وهناك مقطع فيديو دعائي للجماعة يقتبس أقوالا من الشيخ عبد الله عزام، أستاذ أسامة بن لادن السابق في أفغانستان. كما دعا حسن عبود، أول قادة الجماعة، إلى إقامة حكومة إسلامية داخل سوريا.
وتطورت الحركة منذ ذلك الحين لتكون أكبر جماعات المعارضة السورية، حيث ينتشر مقاتلوها في مختلف أرجاء البلاد، مع مكاتب للإغاثة والشؤون السياسية، وسيطرت على المعابر الحدودية مع تركيا. وهي من الأعضاء البارزين في جيش الفتح، التحالف الكبير لقوى التمرد المحارب لحكومة الأسد في شمال غربي البلاد. وخلال هذا الشهر، كانت حركة أحرار الشام تمثل قوى المعارضة في المفاوضات مع إيران حول مصير ثلاثة مجتمعات داخلية محاصرة. (الزبداني والفوعة وكفرية)
يقف السوريون على رأس الجماعة، وهي تضم عددا قليلا من المقاتلين الأجانب وتعارض فكرة تقسيم البلاد. وهي لم تشن الحملات لفرض الأعراف الدينية الصارمة، كما أنها تحافظ على علاقات جيدة مع باقي المعارضين. وقد تعهد قادة الجماعة بحماية الأقليات، على الرغم من أن بعض أعضائها لا يزال يصفهم بألفاظ مستهجنة.
كما تعهدت الجماعة بمحاربة تنظيم داعش، واصفين إعلانها الخلافة انحرافا عن الدين. يقول أحمد قرة علي المتحدث باسم أحرار الشام، إنها «تتمتع باستقلال تام. وهي حركة سورية خالصة، ولا تربطها علاقات بأحد من الناحية التنظيمية أو الآيديولوجية، أو مع أية منظمات دولية».

ويقول أحد النشطاء من مدينة إدلب، مفضلا عدم نشر هويته خشية الانتقام منه: «ظللنا نبحث عن أفضل الألوية الموجودة على الساحة، ولكن ليس لدينا الآن إلا متطرفون إسلاميون وجماعة الأحرار، لذا فقد اخترنا الأحرار».
ويقول إسلاميون سوريون تربطهم صلات بجماعة أحرار الشام، إن «تطورات زمن الحرب قد خلفت الكثير من وجهات النظر لدى أعضائها والتي دائما ما تصطدم ببعضها البعض». ويقر قادتها على التنسيق الوثيق في ميدان المعركة مع عناصر جبهة النصرة، ولكن قائد الأحرار، هاشم الشيخ، وصف تبعية جبهة النصرة لتنظيم القاعدة، بأنها ذات تأثير سيئ على الانتفاضة السورية.
وهناك أعضاء آخرون من الجماعة تواصلوا مع الغرب في نقطة تحول يعتبرها الكثيرون بإيعاز من تركيا وقطر، اللتين منحتا الجماعة الدعم السياسي والمالي، وفقا للمسؤولين الأميركيين ودبلوماسيين من المنطقة. ففي الشهر الماضي، نشر لبيب النحاس، مسؤول العلاقات الخارجية والسياسية لدى الجماعة، مقالات رأي في صحيفة «واشنطن بوست» و«ديلي تليغراف» يؤكد فيها على أن الجماعة كانت جزءا من تيار المعارضة الرئيسية السورية، وأنه ما من سبيل لهزيمة «داعش» إلا من خلال «البديل السني الداخلي».
ووصف لبيب النحاس السياسة الأميركية في سوريا بـ«الفشل الذريع»، وكتب يقول إن أحرار الشام كانت ملتزمة بالحوار وسعت لتشكيل حكومة تمثيلية من شأنها العمل على حماية الأقليات مع التعبير عن الأغلبية السنية الكبيرة في سوريا.
وخلال هذا الشهر، نشرت أحرار الشام بيانا تمتدح فيه الملا محمد عمر، الزعيم السابق لحركة طالبان الأفغانية، لـ«محاربة جيوش الغزو»، وجمع القوة العسكرية مع السياسية و«تنسيق» طموحات الشعب الأفغاني.
أما الشيخ حسن الدغيم، وهو من علماء شمال سوريا ومن المقربين من قادة الجماعة، فقد قال خلال مقابلة إن الجماعة تضم بين صفوفها أقلية متطرفة ضئيلة.
ومن المتوقع للصراع بين تيار المعتدلين والمتطرفين داخل الجماعة أن يتقرر وفقا لتطورات الأوضاع في الداخل السوري ومدى النجاح المتحقق على أيدي البرغماتيين في كسب الدعم الخارجي لقضيتهم.
وأضاف الشيخ الدغيم أخيرا: «يعزز العنف من التيار العسكري، في حين تسلط الحلول السياسية الضوء على السياسيين فقط».



تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.


الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.