«معجزة»... الطفلة الكولومبية وإخوتها على قيد الحياة

بعد ضياعهم 40 يوماً في غابات الأمازون

صوفيا بيترو ابنة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ترحب بأحد الأطفال (أ.ف.ب)
صوفيا بيترو ابنة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ترحب بأحد الأطفال (أ.ف.ب)
TT

«معجزة»... الطفلة الكولومبية وإخوتها على قيد الحياة

صوفيا بيترو ابنة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ترحب بأحد الأطفال (أ.ف.ب)
صوفيا بيترو ابنة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ترحب بأحد الأطفال (أ.ف.ب)

استطاعت الطفلة الكولومبية ليسلي، البالغة من العمر 13 عاماً، الوصول بأشقائها الثلاثة الصغار إلى بر الأمان بعد ضياعهم في غابات الأمازون لمدة 6 أسابيع، إثر تحطُّم طائرة كانوا على متنها مع والدتهم، وفق «ميل أونلاين» البريطانية.

وبَنَت ليسلي التي وصفتها وسائل الإعلام بـ«البطلة»، أماكن أشبه بالخيام باستخدام شرائط الشعر لإبقاء أشقائها الثلاثة الصغار في أمان أثناء ضياعهم في غابة الأمازون لمدة 40 يوماً.

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو وابنته صوفيا بيترو يزوران أحد أطفال (أ.ف.ب)

وكان الأطفال ليسلي نورييل (13 عاماً) وسوليني (9 أعوام) وتيان (4 أعوام) والطفل كريستين (12 شهراً) على متن طائرة صغيرة تحطمت في 1 مايو (أيار) الماضي، مما أسفر عن مقتل كل مَن كان على متنها، بما في ذلك والدتهم ماجدالينا موكوتوي فالنسيا، والطيار، وأحد زعماء السكان الأصليين.

وأعلن المسؤولون في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية عن إنقاذ الأطفال يوم الجمعة الماضي، في نهاية سعيدة لهذه الملحمة التي شهدت العديد من التفاصيل الجيدة وأخرى سيئة أثناء تمشيط الباحثين الغابات المطيرة بحثاً عن الصغار.

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (في الخلف) يحتضن جد الأطفال الأربعة (أ.ف.ب)

وتقول عمة الأطفال الأربعة إن «لعبة البقاء على قيد الحياة» التي اعتادوا على لعبها هي التي أعدَّتهم للنجاة من هذه المحنة، مشيرة إلى أن ليسلي، الأخت الكبرى، «تعرف ما هي الفاكهة التي لا تستطيع تناولها، لأن هناك العديد من الفواكه السامة في الغابة، كما أنها تعرف كيف تعتني بالأطفال».

ويقول جد الأطفال، فيدينسيو فالنسيا، إن الأطفال يبدون «ضعفاء للغاية» لكنهم «سعداء برؤية أسرتهم من جديد».

وأظهرت الصور التي نشرها الجيش الكولومبي وجود ربطات شعر بين فروع الأشجار على أرضية الغابة.

وتقول جدة الأطفال، فاطمة فالنسيا، بعد عملية الإنقاذ: «أنا ممتنة جداً للعثور عليهم، وللأرض الأم أيضاً»، موضحة أن «ليسلي كانت معتادة على الاعتناء بإخوتها الثلاثة عندما تكون والدتهم في العمل، وهذا هو ما ساعدهم على البقاء على قيد الحياة في الغابة».

ويتلقى الأطفال الآن العلاج في مستشفى عسكري بالعاصمة بوغوتا، وبعد العثور عليهم أُعلن في أجهزة اللاسلكي التابعة للجيش: «معجزة... معجزة... معجزة... معجزة»، وهو ما كان بمثابة إشارة للعثور على الأطفال على قيد الحياة، وقد كُررت الكلمة 4 مرات، للإشارة إلى عددهم.

واحتفل الرئيس الكولومبي غوستافو بترو بهذه الأخبار لدى عودته من كوبا، ووصف الأطفال بأنهم «مثال على البقاء»، مشيراً إلى أن «قصتهم ستظل باقية في التاريخ».

ويقول وزير الدفاع الكولومبي إيفان فيلاسكيز: «بفضل ليسلي وقيادتها تمكن الثلاثة الآخرون من البقاء على قيد الحياة، وذلك بسبب رعايتها لهم ومعرفتها بالغابة»، مضيفاً: «بشكل عام، الأطفال في حالة مقبولة، ووفقاً للتقارير الطبية فهم بعيدون عن الخطر».

وأفاد الطبيب العسكري كارلوس رينكون بأنه بينما يعاني الأطفال من «نقص في التغذية، فإنهم نجوا ولديهم فقط بعض الإصابات والعضات والآفات الجلدية». وأضاف: «سنبدأ عملية تغذيتهم عندما ننتهي من عملية الفحوصات السريرية. وإذا سارت الأمور على ما يرام، نعتقد أنهم سيبقون في المستشفى لمدة أسبوعين إلى 3 أسابيع».

السيدة الأولى فيرونيكا ألكوسير (يسار) وصوفيا بيترو (يمين) تزوران أحد الأطفال (أ.ف.ب)

وتقول أستريد كاسيريس، المديرة العامة للمعهد الكولومبي لرعاية الأسرة، إن الأطفال لا يتحدثون بالقدر الذي يريده المسؤولون، ولا يزالون بحاجة إلى وقت للتعافي.

وتُعدّ قصة بقاء هؤلاء الأطفال على قيد الحياة معجزة كبيرة نظراً لأن هذه الغابة هي موطن لنمور «الجاغوار» و«البوما» والثعابين والحيوانات المفترسة الأخرى، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة التي تهرب المخدرات وترهب السكان المحليين.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».