مباحثات سودانية أميركية مع وفد برئاسة مبعوث أوباما في الخرطوم

تتناول الحرب في جنوب السودان والعقوبات وجيش الرب الأوغندي

مباحثات سودانية أميركية مع وفد برئاسة مبعوث أوباما في الخرطوم
TT

مباحثات سودانية أميركية مع وفد برئاسة مبعوث أوباما في الخرطوم

مباحثات سودانية أميركية مع وفد برئاسة مبعوث أوباما في الخرطوم

يبدأ وفد أميركي رفيع يتكون من قرابة عشرين شخصًا برئاسة المبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، جولة مباحثات مع المسؤولين في الحكومة السودانية، تتعلق بالعلاقات السودانية الأميركية، والدور السوداني في الحرب الأهلية في جنوب السودان، وعلاقات الخرطوم وكمبالا وجوبا، والأوضاع في دارفور والمنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، وموضوع جيش الرب الأوغندي، وفي غضون ذلك جددت حكومة ولاية شمال دارفور اتهام بعثة حفظ السلام المشتركة «يوناميد» بنقل بعثة تقصي حقائق أفريقية جوًا إلى أحد معسكرات النازحين دون إخطار السلطات المختصة، ونفت تقارير صحافية اتخاذها قرارا بحظر طيران البعثة من التحليق في سماء الولاية.
وكان مقررًا زيارة السفير دونالد بوث للخرطوم أواخر الشهر الماضي بيد أنها أرجئت، في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور لاحقًا أن المبعوث سيزور السودان على رأس وفد رفيع لبحث العلاقات الثنائية والتطبيع بين البلدين.
وقال مصدر رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «وفد السفير بوث يتكون من قرابة عشرين مسؤولاً بينهم مسؤولون من لجنة العقوبات، والخارجية، وحقوق الإنسان، وإنه سيبحث مع المسؤولين السودانيين الدور الذي يمكن أن يلعبه السودان في إيقاف الحرب الأهلية في جنوب السودان، وسبل تحسين العلاقات السودانية الأوغندية بما يسهم في تحسين الأوضاع في البلدان الثلاث، كما وتتناول المباحثات قضية الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، فضلاً عن موضوع جيش الرب الأوغندي».
ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا»، أن المباحثات ستتناول العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما في المجالين الاقتصادي والتجاري، وبحث رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب والعقوبات الاقتصادية، وتبادل وجهات النظر حول الأوضاع في دولة جنوب السودان والدور الذي يمكن أن يلعبه السودان في إنهاء الصراع الأهلي في الدولة الوليدة.
وعلقت الخرطوم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 تعاونها مع المبعوث الأميركي ورفضت منحه تأشيرة لدخول البلاد، زاعمة أن برنامج زيارته يتعارض مع ارتباطات المسؤولين المقرر لقاؤه بهم، واشترطت تطبيعًا كاملاً بين الخرطوم وواشنطن للسماح لها بلعب دور في السلام السوداني.
وترفض الخرطوم الربط بين تطبيع علاقتها مع واشنطن بقضايا داخلية، لكنها تعترف بأن واشنطن يمكن أن تسهم في معالجة النزاعات المسلحة في جنوب كردفان والنيل الأزرق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال.
وفي سياق آخر، نفت حكومة ولاية شمال دارفور تقارير صحافية باتخاذها قرارًا بحظر طيران البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور «يوناميد»، وقال نائب الوالي آدم محمد حامد النحلة في تصريحات، أمس إن «حكومته لم تحظر طيران يوناميد على الإطلاق»، واصفًا التقارير التي تناولت الأمر بـ«العارية من الصحة».
وقالت بعثة «يوناميد» إن «السلطات ألغت رحلات البعثة يوم السبت 22 أغسطس (آب) الحالي كافة، مرجعة الأمر لسوء الأحوال الجوية، ورفضت منح الموافقة على قائمة الركاب (مانيفستو) بعد تحسن الأحوال الجوية دون إبداء أسباب».
وقال المتحدث باسم البعثة أشرف عيسى لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات ألغت الرحلات الخاصة بالبعثة السبت الماضي تحت ذريعة سوء الأحوال الجوية، وإنها رفضت قبول قائمة الركاب دون إبداء أسباب رغم تحسن الأحوال الجوية»، وأضاف: «قامت البعثة بالتواصل مع السلطات السودانية، وسمح للطيران القيام برحلاته بشكل طبيعي، وتم حل المشكلة».
وأرجعت التقارير الصحافية منع طيران البعثة من التحليق في سماء الولاية، إلى اتهامات حكومية للبعثة بأنها نقلت وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي زار الإقليم الأسبوع الماضي لتقصي الأوضاع على الأرض إلى منطقة خور أبشي للنازحين بولاية جنوب كردفان دون إخطار السلطات الرسمية.
بيد أن المتحدث باسم البعثة أشرف عيسى وصف تلك الاتهامات بـ«غير الصحيحة»، وقال للصحيفة إن «6 من كبار موظفي الحكومة السودانية بينهم سفير السودان في أديس أبابا، ومدير إدارة السلام والشؤون الإنسانية المتحدث باسم الخارجية السودانية رافقوا الوفد في زيارته لمعسكر النازحين في خور أبشي».
وأوضح عيسى أن زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي تهدف للحصول على صورة واقعية على الأرض للأوضاع الأمنية والاحتياجات الإنسانية، وأن بعثته تتبع سياسة راسخة من الوضوح والشفافية في تعاملها مع حكومة السودان، وأن دورها ينحصر في تسهيل زيارة وفد مجلس السلم والأمن، وقال: «أما موضوعات الزيارة وبرنامجها فيرجع للوفد الأفريقي دون تدخل منّا».
من جهته، فإن نائب الوالي النحلة جدد القول إن «حكومته تفاجأت بخرق مجلس السلم والأمن الأفريقي للبرنامج المعد مسبقًا، وتوجهه لمعسكر خور أبشي بجنوب دارفور دون إخطار الحكومة، ومن محاولة منع سفراء بوزارة الخارجية من مرافقته»، وأضاف أن «سلطات البعثة منعت السفراء الذين أصرت الحكومة على مرافقتهم للوفد من الدخول لمقر (يوناميد) بعيد عودة الوفد مشترطة إبراز الهويات»، مبديًا تحفظ الحكومة على ما سماه إفادات النازحين بشأن استراتيجية خروج قوات يوناميد.
وألغت يوناميد مؤتمرًا صحافيًا لوفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي كان مقررًا بعيد نهاية الزيارة في اللحظات الأخيرة، دون إبداء أسباب، بعد أن وزعت البعثة الدعوات لوسائل الإعلام له قبل أكثر من يوم، الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات بشأن رضا الحكومة عن زيارة الوفد الأفريقي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».