اتفاق على وقف إطلاق النار في «عين الحلوة» بعد اشتباكات بين «فتح» و«جند الشام»

مصادر «فتح» تحذر من أن «أي اهتزاز أو تقدم للمتشددين قد يؤدي إلى عمليات تهجير»

عضو في حركة {فتح} يطلق النار من سلاحه أثناء المواجهات مع {جيش الشام} في مخيم عين الحلوة أمس (أ.ب)
عضو في حركة {فتح} يطلق النار من سلاحه أثناء المواجهات مع {جيش الشام} في مخيم عين الحلوة أمس (أ.ب)
TT

اتفاق على وقف إطلاق النار في «عين الحلوة» بعد اشتباكات بين «فتح» و«جند الشام»

عضو في حركة {فتح} يطلق النار من سلاحه أثناء المواجهات مع {جيش الشام} في مخيم عين الحلوة أمس (أ.ب)
عضو في حركة {فتح} يطلق النار من سلاحه أثناء المواجهات مع {جيش الشام} في مخيم عين الحلوة أمس (أ.ب)

ساد الهدوء الحذر أمس مخيم «عين الحلوة» في صيدا جنوب لبنان بعد ليلة اشتباكات بدأت يوم السبت واستمرت حتى صباح أمس، وذلك إثر إعلان اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا المشرفة على أمن المخيمات، الاتفاق على وقف إطلاق النار ظهرا وسحب جميع المسلحين ونشر القوة الأمنية في أرجاء المخيم.
وكان الوضع الأمني في مخيم اللاجئين الفلسطينيين قد تدهور فجأة، بعد محاولة اغتيال فاشلة نفذتها مجموعة متشددة، استهدفت قائد الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم أبو أشرف العرموشي، السبت، واستتبعت باشتباكات اندلعت فورًا، وارتفعت وتيرتها عصرًا واستمرت ليلا، مما تسبب بسقوط قتيل وأكثر من 11 جريحا. وصباح أمس، اشتدت كذلك وتيرة الاشتباك في الشارع الفوقاني في عين الحلوة حيث سقط جريح هو فادي الرستم إثر إصابته برقبته وكتفه، ونقل إلى مستشفى الهمشري في صيدا للمعالجة، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام».
وفي اجتماع طارئ لها حضره السفير الفلسطيني لدى لبنان أشرف دبور، حذّرت الفصائل الفلسطينية من العبث باستقرار مخيم عين الحلوة، وأدانت في بيان لها «محاولة الاغتيال التي تعرض لها العرموشي والتي أدّت إلى اندلاع الاشتباكات»، وأكدت «معاقبة كل من يعمل على ضرب الأمن والاستقرار في المخيم، وكذلك التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه اللجنة الأمنية».
وأعلن البيان «نشر القوة الأمنية المشتركة للمحافظة على أمن المخيم واستقراره ومتابعة تطبيق وقف إطلاق النار ومحاسبة المخلين بأمن المخيم».
وكانت قد اتسعت رقعة الاشتباكات بين «فتح» و«جند الشام»، حيث استخدمت قذائف صاروخية وأسلحة رشاشة، وجرى «استخدام سلاح قنص من على أسطح المنازل».
وكان العرموشي قد تعرض لمحاولة اغتيال أثناء مشاركته في تشييع العنصر في فتح يوسف جابر في حي حطين الذي قتل قبل يومين، من غير أن يُصاب في إطلاق النار، فيما أصيب عنصر آخر. وقال مصدر في المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة تتبع تنظيم «جند الشام» المتشدد مؤلفة من 6 أشخاص، نفذت محاولة الاغتيال، وواكبتها مجموعتان من فصائل متشددة، قبل أن يلوذ الجميع بالفرار.
وأشار المصدر إلى أنه عقب الهجوم، «لاحقت مجموعات من (فتح) مطلقي النار الذين تحصنوا في المنازل وتمت محاصرتهم، عندها لجأت العناصر المتشددة إلى مدرسة للـ(أونروا)، واحتلوها، وبدأوا في إطلاق النار على عناصر فتح»، لافتًا إلى أن الاشتباكات «توسعت إلى محور حي الطوارئ (الذي يسيطر عليه المتشددون)، وانخرطت فيها مجموعات متشددة أخرى ضد عناصر فتح».
وفي حين وصفت مصادر في المخيم الوضع بـ«الهش» متخوفة من عودة الاشتباكات في أي لحظة، رأت مصادر «فتح» أن المتشددين «ظهروا كأنهم يريدون توتير الأوضاع في المخيم، ويبدو أنهم اتخذوا قرارًا بتفجير هدوئه الأمني». وقالت المصادر إن اختيار مخيم عين الحلوة بالتحديد «لأنه خزان الثورة والتنوع السياسي ويمثل القرار الفلسطيني في لبنان»، مشيرة إلى أن «أي اهتزاز أو سيطرة من المتشددين، من شأنه أن يخلق عمليات نزوح وتهجير من داخل المخيم». وكان المخيم شهد أواخر الشهر الماضي، توترًا واستنفارًا بين «جند الشام» وحركة «فتح»، على خلفية اغتيال «جند الشام» القيادي في فتح العقيد طلال البلاونة، المعروف بـ«طلال الأردني» ومرافقه، عبر إطلاق النار عليهما.
وتشير المعلومات إلى أن العناصر المتطرفة، التي يبلغ عددها نحو مائتي عنصر، تنخرط في عمليات ضد عناصر «فتح»، وتتمتع بنفوذ في حي الطوارئ، بينما تضاعف عدد سكان مخيم عين الحلوة إلى نحو مائة ألف نسمة، مع نزوح الآلاف من مخيمات سوريا إلى لبنان بفعل الحرب.
وتابعت النائب في «تيار المستقبل» عن صيدا، بهية الحريري تطورات الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، وأكدت للقيادات الفلسطينية الوطنية والإسلامية على «ضرورة تدارك الوضع ونزع فتيل التفجير من المخيم حفاظا على سلامة المخيم وأهله، وقطعا للطريق على كل المحاولات الهادفة لجر المخيم إلى فتنة داخلية أو مع الجوار».
واتصلت الحريري برئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود واطلعت منه على صورة الوضع الأمني في المخيم.
واعتبرت في بيان لها «ما شهده مخيم عين الحلوة من أحداث مؤسفة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف أبنائه وألحقت أضرارا في البيوت والممتلكات وجعلت أبناء المخيم أسرى لحظات الخوف والهلع ودفعت بكثيرين منهم للخروج بعائلاتهم إلى العراء طلبا للسلامة والأمان، يجب أن يكون حافزا للقيادات الفلسطينية الوطنية والإسلامية لأن تعمل متضامنة على الوقوف بوجه ما يحاك للمخيم من مخطط يطل برأسه بين الحين والآخر بأحداث وتوترات أمنية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».