ماكرون يعيد حساباته ويضبط خطابه السابق حول روسيا وبوتين و«الناتو»

طالب الرئيس الفرنسي بـ«هزيمة» روسيا وقال إن بوتين أيقظ الحلف عبر «أسوأ صدمة»

الرئيس الفرنسي في منتدى «غلوبسيك» في براتيسلافا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي في منتدى «غلوبسيك» في براتيسلافا (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يعيد حساباته ويضبط خطابه السابق حول روسيا وبوتين و«الناتو»

الرئيس الفرنسي في منتدى «غلوبسيك» في براتيسلافا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي في منتدى «غلوبسيك» في براتيسلافا (أ.ف.ب)

في 2019 ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطاباً وصف فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأنه في حالة «موت سريري»، وكان يومها يروج لفكرة تأسيس قوة دفاع أوروبية تبعد القارة عن الهيمنة الأميركية. ومع بداية الحرب الأوكرانية، أثار ماكرون حفيظة نظرائه مرات عدة باقتراحه «عدم إذلال» روسيا ومنحها على غرار أوكرانيا «ضمانات أمنية» عند انتهاء الحرب لعدم تكرار أخطاء 1918 التي أدت إلى بروز ألمانيا النازية.

ماكرون أكد أن السلام لا يمكن أن يحصل إلا بشروط أوكرانيا ويمر بـ«هزيمة» روسيا (أ.ف.ب)

إلا أنه أعاد ضبط خطابه بعد ذلك، مؤكداً أن السلام لا يمكن أن يحصل إلا بشروط أوكرانيا ويمر بـ«هزيمة» روسيا. وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أيقظ الحلف عبر أسوأ صدمة» من خلال غزو أوكرانيا. وقال: «نحتاج اليوم إلى مساعدة أوكرانيا بكل الوسائل للقيام بهجوم مضاد فعال»، مضيفاً «هذا أمر حتمي. وهو ما نقوم به. علينا تكثيفه لأن ما هو على المحك في الأشهر المقبلة هو إمكانية سلام يتم اختياره وبالتالي يكون دائماً».

وقال ماكرون إن على الغرب أن يقدم «ضمانات أمنية ملموسة وذات مصداقية لأوكرانيا» من خلال «طموح أكبر» مما كان عليه حتى الآن، مضيفاً في منتدى «غلوبسيك» في براتيسلافا «سيكون هذا موضوع نقاشات جماعية في الأسابيع المقبلة» بحلول قمة «الناتو» في يوليو (تموز) في فيلنيوس.

وذكر أن أوكرانيا «اليوم تحمي أوروبا» وهي مجهزة «بمعدات عسكرية كبرى» لدرجة أنه من مصلحة الغرب «أن تكون لديها ضمانات أمنية موثوقة معنا في إطار متعدد الأطراف».

وقال قصر الإليزيه «سنوجه إشارات واضحة على تصميمنا على دعم أوكرانيا على المدى الطويل والتطرق إلى مستقبل أوروبا والاتحاد الأوروبي وقارتنا، ولا سيما على صعيد الأمن».

وقال مستشار للرئيس الفرنسي، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «هذا جزء من أوروبا يتعرض لتوتر كبير في هذه المرحلة بسبب الوضع في أوكرانيا وتشكل قمة (الناتو) لهذه المنطقة، الأفق الاستراتيجي».

وألقى ماكرون خطابه في منتدى غلوبسيك في براتيسلافا، الذي يتمحور على مسائل الأمن الإقليمي في سابقة لرئيس فرنسي قبل شهر من قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في فيلنيوس في 11 يوليو (تموز) و12 منه.

وينتظر أن يعيد قادة الدول والحكومات في «الناتو» خلال قمة فيلنيوس تأكيد دعمهم السياسي والعسكري لأوكرانيا التي تشهد منذ 15 شهراً هجوماً روسياً يثير قلق الدول المجاورة التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق. وركز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الوحدة ودعم كييف والسيادة الأوروبية في سعيه لطمأنة نظرائه في أوروبا الشرقية الذين يخشون حصول تنازلات لصالح روسيا من أجل وضع حد للحرب في أوكرانيا بأسرع وقت ممكن.

وقد تمنح فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة ضمانات أمنية لأوكرانيا بدلاً من الانضمام الفوري إلى «الناتو»؛ لردع أي هجوم روسي في المستقبل. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن هذه الضمانات قد تشمل إرسال أسلحة وتكنولوجيات من شأنها تقريب أوكرانيا بأسرع وقت ممكن من معايير حلف شمال الأطلسي على غرار دفاع إسرائيل المدعوم بقوة من الولايات المتحدة.

وقال الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ «على سبيل المثال، من شأن برنامج تدريب لطيارين السماح لأوكرانيا بولوج ترتيباتنا الجوية» في وقت وافقت فيه واشنطن على مبادرة أوروبية تهدف إلى تدريب أوكرانيين على استخدام مقاتلات «إف - 16».

رئيسة وزراء الدنمارك تزور قاعدة جوية قبل بدء البرنامج التدريبي للطيارين الأوكرانيين (أ.ف.ب)

وتثير المبادرات الدبلوماسية المعروضة تحضيراً لقمة «الناتو» المقبلة بعض التساؤلات في أوروبا الشرقية أيضاً. ويعول الأوروبيون الشرقيون إلى حد كبير على «الناتو» الحاجز الوحيد بنظرهم أمام ما يعتبرونه التهديد الوجودي الروسي، ولا ينظرون بعين الرضا إلى تعزيز السيادة الأوروبية التي يروّج لها ماكرون. وتسعى هذه الدول إلى انضمام أوكرانيا السريع إلى «الناتو». وكانت فرنسا وألمانيا لجمت هذه العملية التي طرحت أولاً في 2008؛ خوفاً من حصول تصعيد مع روسيا التي تثير حفيظتها كلما حصلت إعادة نظر في منطقة نفوذها.

الرئيس ماكرون مع رئيسة سلوفاكيا (إ.ب.أ)

لكن في شرق أوروبا، يخشى البعض من أن هذه الضمانات ستؤدي خصوصاً إلى تجميد خط الجبهة الحالي وتعزيز المكاسب التي حققتها موسكو على الأرض من دون تحقيق السلام.

ويقول سلافومير ديبسكي، مدير المعهد البولندي للشؤون الدولية «تجميد النزاع سيمنح روسيا مهلة لتحضير عدوان جديد». وتتعامل الدول الغربية مع هذا الاحتمال بجدية. وقال ماكرون «نعرف من خبرتنا أن النزاع المجمد يشكّل حرباً مستقبلية»، داعياً إلى عدم الاكتفاء بوقف لإطلاق النار بين موسكو وكييف.

وحذر رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا أمام نظيره الفرنسي في قصر الإليزيه «يجب أن نبقى موحدين (...) لا مكان للتسويات والمواقف المبهمة».

وذكر الرئيس الفرنسي في براتيسلافا بـ«قوة التحالف» الأطلسي حيال المستجدات في شرق أوروبا، وشدد أيضاً على «أهمية دور الاتحاد الأوروبي» في المساعدة العسكرية والمدنية لأوكرانيا، على ما أوضحت الرئاسة الفرنسية.

أمين عام «الناتو» مع الرئيس الأوكراني (رويترز)

ودعا ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التفكير في حوكمته و«ابتكار صيغ عدة» لتلبية تطلعات عضوية دول في أوروبا الشرقية والبلقان. وأعلن عشية قمة الجماعة السياسية الأوروبية في كيشيناو تضم 47 بلداً «أنها الطريقة الوحيدة للاستجابة للتوقعات المشروعة لدول غرب البلقان ومولدافيا وأوكرانيا التي يجب أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي والحفاظ على فاعلية جيوسياسية».

ودعا أيضاً إلى مواصلة «إعادة تسليح» أوروبا إزاء التحديات الأمنية الجديدة ومدها «قدرات دفاعية جوية» ستكون محور مؤتمر تستضيفه باريس في 19 يونيو (حزيران). وسيتطرق إلى العلاقات المستقبلية بين «الناتو» وأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

شولتس وماكرون يحذران من «خطر مميت» يهدد أوروبا

أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (الثاني من اليسار) وزوجته بريتا إرنست (يسار) في استقبال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير (الثالث من اليسار) وزوجته إلكه بويدنبندر (على اليمين) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت ماكرون في المأدبة الرسمية في قصر بلفيو (د.ب.أ)

شولتس وماكرون يحذران من «خطر مميت» يهدد أوروبا

حذر المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن أوروبا عرضة لخطر «مميت» في مواجهة العدوان الروسي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متحدث الكرملين ديميتري بيسكوف (رويترز)

موسكو تحذر «الناتو» بعد اقتراح السماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة غربية

انتقد الكرملين اليوم الاثنين الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لاقتراحه أن الدول الأعضاء في الحلف يجب أن تدع أوكرانيا تشن هجمات داخل العمق الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا رجال الإطفاء يحاولون إخماد النيران التي سبّبتها ضربات روسية بخاركيف في 25 مايو (رويترز)

زيلينسكي يناشد شي وبايدن حضور «قمة السلام»

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، نظيريه الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ إلى حضور القمة من أجل السلام في بلاده.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي يدعو الرئيسين الأميركي والصيني لحضور «قمة السلام»

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأحد نظيريه الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ إلى حضور القمة من أجل السلام في بلاده.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عناصر من وحدات الإطفاء الأوكرانية يكافحون حريقاً شب في مركز تجاري بخاركيف نتيجة قصف روسي (رويترز)

أوكرانيا تعلن تدمير عشرات الصواريخ والمسيّرات خلال هجوم روسي

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أنها دمرت 12 صاروخاً وجميع الطائرات المسيرة البالغ عددها 31 التي أطلقتها روسيا خلال أحدث هجوم جوي لها خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (كييف)

انتشال جثة رضيع من البحر المتوسط قبالة سواحل إيطاليا

صورة للحظة انتشال جثة الرضيع من قبل «قوات حرس السواحل الإيطالية»
صورة للحظة انتشال جثة الرضيع من قبل «قوات حرس السواحل الإيطالية»
TT

انتشال جثة رضيع من البحر المتوسط قبالة سواحل إيطاليا

صورة للحظة انتشال جثة الرضيع من قبل «قوات حرس السواحل الإيطالية»
صورة للحظة انتشال جثة الرضيع من قبل «قوات حرس السواحل الإيطالية»

نجحت منظمة الإغاثة «إس أو إس هيومانيتي» التي تعمل في منطقة البحر المتوسط، الثلاثاء، في انتشال جثة رضيع يبلغ من العمر 6 أشهر على قارب للمهاجرين غير الشرعيين بالقرب من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.

وقالت منظمة الإغاثة إنه جرى العثور على الجثة في وقت مبكر، الثلاثاء، على متن قارب يُقل أزيد من 40 مهاجراً حاولوا الوصول إلى الجزيرة بطريقة غير شرعية.

وقامت «قوات حرس السواحل الإيطالية» بنقل جثة الرضيع إلى جزيرة لامبيدوسا بمعية شقيقه البالغ من العمر 3 سنوات ووالدتهما، وفق «وكالة الأنباء الإيطالية» (أنسا).

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أن القارب أبحر من مدينة صفاقس التونسية قبل يومين.

وذكرت المنظمة أن سفينتها «هيومانتي 1» التي اكتشفت جثة الرضيع، كانت متجهة إلى ميناء ليفورنو الإيطالي وعلى متنها 185 شخصاً بعدما قامت بعمليتي إنقاذ.

وأشارت إلى أن بعض الناجين كانوا يعانون من الإرهاق وبعض الحروق.