15 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 24 ساعة لأول مرة منذ خوضها «حرب أكتوبر» 1973

تل أبيب تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بتفعيل خلايا الجولان

15 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 24 ساعة لأول مرة منذ خوضها «حرب أكتوبر» 1973
TT

15 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 24 ساعة لأول مرة منذ خوضها «حرب أكتوبر» 1973

15 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 24 ساعة لأول مرة منذ خوضها «حرب أكتوبر» 1973

أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية 15 مرة على الأراضي السورية، في ساعات الليل وحتى ظهر أمس، وقصدت أهدافًا كثيرة وأحدثت خسائر في الأرواح والممتلكات، من دون اعتراضها. ولقد جاء هذا القصف، بطريقة مكثفة وشديدة، لم تعرفها سماء البلدين، منذ اندلاع الثورة السورية، بل حتى منذ «حرب أكتوبر» (تشرين الأول) العام 1973. وحسب الإعلان الإسرائيلي عن الغارات «أن إسرائيل تريد لهذا القصف أن يكون ردًا كاسحا على من أطلقوا الصواريخ باتجاه إسرائيل، حتى يكفوا عن ذلك في المستقبل». كذلك ادعت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن أحد قادة «الحرس الثوري الإيراني» واسمه سعد اليزدي، هو الذي يتولى تفعيل خلايا ضد إسرائيل.
ما يذكر أن أربعة صواريخ كانت سقطت على الجزء الذي تحتله إسرائيل من الجولان السوري المحتل، مساء أول من أمس الخميس، وكذلك على منطقة الجليل بشمال فلسطين المحتلة. وتسبب القصف بحريق كبير في حرج على مقربة من مدينة كريات شمونة، وهي أول مرة يحدث فيها قصف كهذا منذ «حرب أكتوبر». وقدّر الجيش الإسرائيلي في البداية أن وراء الصواريخ الأربعة خلية تابعة لحزب الله اللبناني تعمل في الجزء الشرقي من الجولان تحت قيادة سمير القنطار، الأسير اللبناني المحرّر من السجون الإسرائيلية. لكن إسرائيل أحدثت انعطافًا في روايتها، وراحت تتحدث عن دور إيراني مباشر في هذا القصف، بالقول إن أحد قادة «الحرس الثوري الإيراني» سعد اليزدي، هو المسؤول المكلف بتفعيل خلايا ضد إسرائيل. وتابعت أنه تارة يختار نشطاء من حزب الله وتارة يختار آخرين. وهذه المرة اختار اليزدي خلية من حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية العاملة في سوريا والخاضعة للسيادة الإيرانية. وأعلن مسؤول إسرائيلي أمني رفيع أمس أن «إيران معنية بإشعال الجبهة الشمالية مع إسرائيل حتى تجهض الثورة ضد نظام بشار الأسد». وأكد أن إسرائيل ليست معنية بهذه اللعبة ولذلك فإنها تكتفي بالرد «العيني والمحدود» على الصواريخ الأربعة.
من ناحية أخرى، تبين أن الرد الإسرائيلي كان شديدًا بصورة استثنائية، في حين قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، بأن القصف الإسرائيلي تركز في منطقة القنيطرة وأدى إلى مقتل عنصر من الجيش النظامي السوري، وإصابة 7 آخرين بجراح.
وادعت الوكالة في بيان لها على صفحتها الرسمية في موقع «فيسبوك» أنه «في محاولة لدعم التنظيمات الإرهابية المسلحة ورفع معنوياتها المنهارة قام الطيران الإسرائيلي المعادي في الساعة الحادية عشرة والنصف مساء باستهداف أحد المواقع العسكرية على اتجاه القنيطرة ما أدى إلى ارتقاء شهيد وإصابة 7 عناصر بجراح». غير أن إسرائيل ذكرت أن جيشها قصف أهدافًا على مسافة تتراوح بين 10 و15 كيلومترا في عمق الجولان السوري، ردًا على سقوط 4 قذائف داخل إسرائيل، زعمت أنها لم تتسبب في أي أضرار أو إصابات. وحسب المصادر الإسرائيلية فإن القصف استهدف مقرات لجيش النظام السوري في منطقة القنيطرة الجديدة. واتهم الجيش الإسرائيلي في بيان له حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية والموالية لإيران بالمسؤولية عن إطلاق القذائف باتجاه شمال إسرائيل (وهي التي نفت ذلك)، لكنه وضع المسؤولية عن ذلك على الحكومة السورية مباشرة وعلى إيران «التي تتصرف في سوريا وكأنها ولاية إيرانية تفعل بها ما تشاء متى تشاء».
وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت 14 هدفًا تابعًا للنظام السوري، جوًا وبرًا، وهو أكبر استهداف إسرائيلي للأراضي السورية منذ بدء الحرب الأهلية هناك. وأضاف المتحدث أن القصف على إسرائيل لم يتم عن طريق الخطأ «كما كنا نعتقد في الماضي»، وإنما جاء بشكل متعمد من داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري. وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن الحديث هو عن أول قصف سوري متعمد لإسرائيل منذ حرب عام 1973. وأشارت المصادر الإسرائيلية أن إطلاق النار باتجاه إسرائيل جاء من مناطق تتمتع قوات حزب الله فيها بحرية عمل، وخاصة للقوات الخاضعة لسمير القنطار ومصطفى مغنية (نجل عماد مغنية وشقيق جهاد مغنية) اللذين يحاولان تأسيس بنى تحتية عسكرية لحزب الله في هضبة الجولان. وتعتقد إسرائيل أن القذيفة التي أطلقت الأسبوع الماضي أيضًا إلى داخل إسرائيل كانت متعمدة.
هذا، وهاجم تحالف «المعسكر الصهيوني» المعارض لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سياسة الحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء في أعقاب سقوط الصواريخ على شمال إسرائيل. وجاء في بيان صادر عن التحالف: «مواطنو دولة إسرائيل يريدون الأمن ومن دون مبرّرات»، وأضاف البيان: «نتنياهو، لا تجلس مكتوف اليدين، وظيفتك هي ضرب كل من يسعى إلى ضرب مواطني دولة إسرائيل والإسرائيليين».
ولاحقًا، ظهر أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ غارة أخرى هي الخامسة عشرة خلال يوم واحد، وقتل 4 مسلحين أثناء وجودهم داخل سيارة. وادعى أن هؤلاء الأربعة هم الذين قاموا بإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية مساء أمس. وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان له أنه «وفق معلومات استخباراتية دقيقة أمكن الحصول عليها صباح اليوم، (أمس) جرت مراقبة تحركات المقاتلين المسلحين الأربعة وربما الخمسة، وعندما تأكدنا أنهم منفذو القصف، قام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف السيارة وقتل من فيها».
وأشار البيان الصادر إلى أن تنفيذ عملية اغتيال المسلحين كانت على بعد 15 كيلومترا من إسرائيل: «وفي عمق الأراضي السورية وفي منطقة تقع تحت سيطرة تامة للنظام السوري». وجاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون قوله إن «عملية الاغتيال تؤكد أن إسرائيل لن تتسامح مع من يحاول أن يضر بحياة المواطنين الإسرائيليين وأمن إسرائيل، وأن كل من يفكر بذلك فإن الجيش الإسرائيلي سيضربه بيد من حديد في أي وقت وفي كل مكان».
كذلك، قال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من جهته: «لقد قلت هذا الأسبوع إننا سنصيب من يحاول الاعتداء علينا وهذا ما قمنا به. الجيش الإسرائيلي استهدف الخلية التي أطلقت تلك الصواريخ والقوات السورية التي سمحت بإطلاقها. لا ننوي تصعيد الأوضاع ولكن سياستنا لن تتغير». واعتبر أنه «يجب على الدول التي تتسرع إلى معانقة إيران أن تعلم أن قائدًا ميدانيًا إيرانيًا هو الذي رعى ووجه عمليات الخلية التي أطلقت الصواريخ على إسرائيل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.