رغم استبعاد المستشار الألماني أولاف شولتس، مشاركة بلاده في التحالف الدولي لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز «إف 16»، بدأت أصوات داخل ألمانيا تعلو مطالبة بأن تساهم برلين في هذا التحالف، حتى وإن كانت لا تملك المقاتلات التي تسعى أوكرانيا للحصول عليها من الدول الغربية. وقال شولتس خلال «قمة السبع» في اليابان، إن ألمانيا لن تشارك في التحالف لأنها لا تملك تلك المقاتلات، لكنه عدَّ موافقة واشنطن على برنامج تدريب الطيارين الأوكرانيين بحد ذاته «رسالة مهمة» لروسيا. ووافق الرئيس الأميركي جو بايدن، على تدريب الطيارين الأوكرانيين على «إف 16» بعد أن أعلنت بريطانيا وهولندا عن سعيهما لتشكيل تحالف دولي لتزويد أوكرانيا بالمقاتلات.
«مساعدة في التدريب»
في برلين، دعا نواب من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم لأن تساهم برلين في التحالف، وقالت رئيسة لجنة الدفاع ماري - أغنس شتراك - تزيمران التي تنتمي للحزب الليبرالي، إن «تحالف (إف 16) منطقي، وواقع أن ألمانيا لا تملك هذه المقابلات لا يعني أننا ليس بإمكاننا دعمه». وأضافت في تصريحات لصحيفة «تسودويتشه تزايتونغ»، أن بإمكان ألمانيا أن «تساعد في التدريب أو أن تؤمن مطارات كنقاط» للتدريب. ولكن شتراك - تزيمران التي تتخذ منذ بداية الحرب مواقف أكثر تقدماً من الحكومة لجهة دعم أوكرانيا، وافقت شولتس على أن تزويد ألمانيا أوكرانيا بمقاتلات أكثر غير ممكن. وتملك ألمانيا 90 مقاتلة من نوع «تورنيدو»، لكنها باتت في نهاية خدمتها، وإبقاؤها في الخدمة يتطلب جهود صيانة كبيرة. كما يملك الجيش الألماني قرابة 140 مقاتلة من نوع «يورو فايتر»، تخضع حالياً لعملية تطوير، ويتم إخراج المقاتلات القديمة من الجيل الأول من الخدمة.
وصدرت دعوات مشابهة من نواب من «الحزب المسيحي الديمقراطي» المعارض الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. وقال رودريش كيسفيتير، إن على ألمانيا «أن تساهم في التسليح والذخائر وأجهزة استشعار الرادار، وتؤمن التزود بالوقود جواً». وأضاف أنه يجب إرسال طلبات لمصانع الأسلحة «بأسرع وقت ممكن لو تطلب الأمر».
وفي كلام كيسفيتر انتقاد غير مباشر للحكومة التي تحججت في الماضي بعدم امتلاكها ذخائر كافية لتزويد أوكرانيا بها، ما أدى إلى تباطؤ عملية إرسال الأسلحة والذخائر التي كانت كييف تطالب بها. ونقلت الصحيفة الألمانية عن دوائر في الجيش الألماني، بأن معظم الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، تملك الأسلحة التي يمكن لطائرات «إف 16» حملها، ما يعني أن تزويدها بها في حال تسليمها إليها الطائرات، يجب ألا يشكل أزمة.
لكن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه المستشار دافع عن موقف شولتس، وقال الزعيم المشترك للحزب لارس كلينغبايل، إن التركيز الآن هو «التدريب والدبابات وأنظمة الصواريخ الدفاعية». وأضاف أن «كل دولك تملك مزايا عسكرية مختلفة، والمقاتلات ليست من المزايا التي نمتلكها». وذكر بأن ألمانيا هي ثاني مانح عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، وأن حزمة المساعدات العسكرية التي قدمتها لأوكرانيا منذ بداية الحرب بلغت قيمتها 2.7 مليار يورو.
«رفض للتحرك الانفرادي»
وتربط ألمانيا حجم المساعدات العسكرية لأوكرانيا ومستواها بتلك التي تقدمها الولايات المتحدة، وترفض أن تمضي «منفردة» بأي خطوة، وقد ظهر ذلك جلياً خلال أزمة دبابات «ليوبارد» عندما ظلت برلين تمتنع عن الموافقة على إرسالها لكييف حتى حصلت على تعهد مماثل من واشنطن بأن ترسل دبابات أميركية الصنع كذلك. وفي الجدل حول المقاتلات، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الأسبوع الماضي، خلال لقائه نظيره البريطاني بن والاس، في برلين، إن أي قرار يتعلق بمقاتلات «إف 16»، «يتخذ في البيت الأبيض». وأضاف أن خطوة تزويد أوكرانيا بهذه المقاتلات يجب أن تقودها الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن ألمانيا لن تتمكن من المشاركة بسبب عدم امتلاكها الإمكانات.
وخلال زيارته برلين، الأسبوع الماضي، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، شولتس، إلى دعم تزويد بلاده بالمقاتلات، ولكن شولتس لم يأت على ذكر الأمر خلال المؤتمر الصحافي المشترك، واكتفى بالإشارة إلى حجم المساعدات التي تقدمها ألمانيا. وكان السفير الأوكراني السابق في برلين أندريج ميلنك، الذي عاد إلى كييف نهاية العام الماضي وأصبح نائباً أول لوزير الخارجية، قد انتقد تردد ألمانيا بالموافقة على تزويد أوكرانيا بالمقاتلات، مشيراً إلى أنها ستوافق في النهاية «كما كل مرة». واستند ميلنك الذي لا يتردد في توجيه انتقادات لاذعة لألمانيا، إلى ترددها السابق في تزويد بلاده بدبابات «ليوبارد»، وقبلها بالمماطلة في الموافقة على إرسال الأسلحة، ليضيف أن ألمانيا في النهاية دائماً «تغير رأيها».