كيف أصبح ليستر البطل الأسبق للدوري الإنجليزي قريباً من شبح الهبوط؟

رحيل الفريق المحتمل عن «دوري الأضواء» يعد درساً قاسياً لأندية وسط جدول الترتيب

ليستر  سيتي  والهزيمة الاخيرة امام ليبفربول (رويترز)
ليستر سيتي والهزيمة الاخيرة امام ليبفربول (رويترز)
TT
20

كيف أصبح ليستر البطل الأسبق للدوري الإنجليزي قريباً من شبح الهبوط؟

ليستر  سيتي  والهزيمة الاخيرة امام ليبفربول (رويترز)
ليستر سيتي والهزيمة الاخيرة امام ليبفربول (رويترز)

قال المدير الفني الأوكراني الراحل فاليري لوبانوفسكي ذات مرة، إن الحياة كلها عبارة عن رقم. قد يكون هذا منطقياً بالنسبة للمدير الفني السابق لدينامو كييف الأوكراني، الحاصل على وسام الشرف في الرياضيات، لكنه قد يكون محبطاً بعض الشيء بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يتابعون كرة القدم، والذين يريدون أن يؤمنوا بالأبطال والأمجاد، والخيال والعبقرية، والقدر واللعنات وسوء الحظ. وحتى لو اعترفنا بأن الأرقام والبيانات مهمة للغاية، فإن فكرة التعامل مع كرة القدم على أنها سلسلة من جداول البيانات المتشابكة الضخمة تبدو جافة ومملة بعض الشيء.

وفي كل يوم نريد تفسيرات جاهزة، ونريد أن نعرف أن هذه المباراة قد فاز بها الفريق أو خسرها، لأن هذا المهاجم أو هذا الحارس كان في حالة جيدة، أو لأن حكم اللقاء قد اتخذ قراراً خاطئاً، أو لأن الظهير الأيسر قد أصيب، أو لأن الجناح لم يقُم بواجباته الدفاعية كما ينبغي، أو لأن المدافع لا يمتلك القدرات والفنيات التي تساعده على التألق في خط دفاع مكون من لاعبين اثنين فقط، أو لأن خط الوسط لم يتمكن من إغلاق المساحات الخالية التي استغلها الخصم في تمرير الكرات البينية.

لكن عشاق كرة القدم لا ينظرون إلى المباريات من خلال الإحصاءات والأرقام. كل هذا يأخذنا إلى حقيقة أن هناك كثيراً من الأسباب قصيرة المدى لتراجع نادي ليستر سيتي، الذي سبق له أن فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2016. لكن بالمثل، لا ينبغي أن يكون موسم التتويج أو موسم مواجهة شبح الهبوط بمثابة مفاجأة كبيرة. فعندما فشل ليستر سيتي مرتين في التأهل للمراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا بالجولة الأخيرة من الموسم، انتقد البعض بريندان رودجرز لعدم قدرته على الاستمرار في التحدي، لكن معظم الناس تقبلوا فكرة أن إنهاء الموسم في المركز الخامس بجدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز كان جيداً بالنظر إلى موارد وإمكانات النادي. ومن الواضح للجميع أن الإرهاق قد كشف حقيقة أن ليستر سيتي لا يمتلك قائمة قوية من اللاعبين تساعده على الاستمرار في المنافسة لفترات طويلة.

المكانات المتاحة امام مدرب ليستر دين سميث كانت قليلة (إ.ب.أ) cutout
المكانات المتاحة امام مدرب ليستر دين سميث كانت قليلة (إ.ب.أ) cutout

لكن ما الذي سيحدث لو لم تقتصر عملية التوازن هذه على موسم واحد؟ وماذا لو استمر الأمر على مدى فترة أطول بكثير؟ قام أحد الخبراء في كلية أول سولز بجامعة أكسفورد ذات مرة، بحساب أنه لكي يكون الموسم «عادلاً» تماماً، وحتى يتم وضع التقلبات والتغييرات في المستوى بالاعتبار، فإن الموسم يجب أن يستمر لمدة 35 عاماً! وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أنه خلال الفترة بين صعود ليستر سيتي للدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2013 - 2014 ونهاية الموسم الماضي، حصل ليستر سيتي على 56 نقطة في كل موسم في المتوسط، وهو عدد النقاط الذي كان من شأنه أن يجعل الفريق يحتل المركز الثامن خلال الموسم الماضي. قد يبدو هذا صحيحاً نظراً لأن الموسم الماضي شهد احتلال الفريق للمركز الثامن بالفعل!

لقد تطورت مستويات ونتائج نيوكاسل وأستون فيلا بشكل ملحوظ بسبب الإنفاق الكبير على التعاقدات الجديدة في الآونة الأخيرة، في حين أن سياسة التعاقدات الرائعة في برايتون ساعدت النادي، حتى الآن، في استغلال موارده المالية على النحو الأمثل. لكن، وفقاً لتقرير ديلويت لعام 2023 بشأن التمويل في كرة القدم، كان ليستر سيتي ثامن أغنى فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث الإيرادات للسنة المالية السابقة. وفي 7 من مواسم الدوري الإنجليزي الممتاز الثمانية الأخيرة، كان ليستر سيتي على بُعد 12 نقطة، أو 4 مباريات، من علامة الـ56 نقطة التي تمت الإشارة إليها من قبل. وفي الموسم الثامن، حصل الفريق على 81 نقطة وفاز بلقب الدوري. وكان يُنظر إلى ما حدث في ذلك الموسم على أنه شيء استثنائي: تعاقدات ذكية، ونحو 6 لاعبين يقدمون أفضل مستويات في مسيرتهم الكروية على الإطلاق، وجميع الأندية المنافسة الأخرى تعاني بشدة وبشكل غير طبيعي.

ربما ليس صحيحاً تماماً أن القول إن سوء هذا الموسم بالنسبة لليستر سيتي يعادل جودة الموسم الذي فاز فيه الفريق باللقب، لكن كما كان ذلك النجاح نتيجة عدد كبير من العوامل، فإن التراجع الذي عانى منه الفريق هذا الموسم كان نتيجة حدوث كثير من الأشياء الخاطئة في وقت واحد، وهو الأمر الذي كان له تأثير مضاعف بسبب تراجع الثقة بين اللاعبين. ربما كانت بداية التراجع تتمثل في وباء كورونا، الذي كان له تأثير اقتصادي هائل على عائلة سريفادانابرابها التي تمتلك ليستر سيتي، لأن عملها الرئيسي هو المتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية في المطارات. وكانت هناك مخاوف على أي حال من أن الرواتب كانت ترتفع بشكل أسرع من الإيرادات، وهو ما جعل الأجور تمثل 85 في المائة من العائدات في موسم 2020 - 2021، بينما كانت لوائح مراقبة التكاليف في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تشير إلى أنه يجب تخفيض هذا الرقم إلى 80 في المائة بحلول موسم 2024 - 2025، و70 في المائة بالموسم التالي. وبالتالي، كان يتعين على ليستر سيتي تقليص النفقات.

ومع ذلك، لم يكن هذا يعني أن النادي لم ينفق أموالاً على الإطلاق، لكنه أنفق الأموال بشكل غير جيد. ففي صيف عام 2021، أنفق النادي ما يقرب من 60 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع باتسون داكا، وبوباكا سوماري، ويانيك فيسترغارد، كما تعاقد مع ريان برتراند في صفقة انتقال حر. لكن لم يقدم أي من هؤلاء اللاعبين المستويات المتوقعة منهم حتى الآن. ولم يشارك برتراند - الذي لحقت به لعنة الإصابات التي عصفت باللاعبين الذين يلعبون في مركز الظهير مثل تيموثي كاستاني وجيمس جاستن وريكاردو بيريرا وأبعدتهم عن الملاعب لفترات طويلة من الموسم - في التشكيلة الأساسية سوى 4 مرات فقط منذ انضمامه للفريق، بينما كانت آخر مرة شارك فيها جوني إيفانز في التشكيلة الأساسية لفريقه بالدوري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وإذا اهتزت شباك الفريق بأي هدف أمام نيوكاسل فستكون هذه المباراة رقم 22 على التوالي التي يفشل فيها الفريق في الخروج بشباك نظيفة، وهو الأمر الذي يعكس حجم المشكلات والتحديات التي يواجهها الفريق.

وبالإضافة إلى رحيل كاسبر شمايكل وويسلي فوفانا، فقد بدأ العمر يؤثر أخيراً على المهاجم المخضرم جيمي فاردي، كما بدأ رودجرز يفقد كثيراً من طاقته وحيويته، ويبدو أن النادي لم يكن مستعداً من الناحية المالية لإيجاد بديل له، وربما كان هناك شعور غير مبرر بأن الفريق الذي اعتاد على إنهاء الموسم في النصف الأول من جدول الترتيب لن يواجه مشكلة الهبوط. من السهل دائماً تحديد أسباب حدوث أي تغيير، سواء كان سلبياً أم إيجابياً، لكن ربما لا يكون هذا مهماً في بعض الأحيان، لأنه ما فائدة تحديد الأسباب إذا لم تكن قادراً على ضخ الأموال اللازمة لعلاج المشكلات الحقيقية؟


مقالات ذات صلة

4 أسباب تجعل فوز ليفربول بالدوري أمراً مفيداً للكرة الإنجليزية

رياضة عالمية ما فعله ليفربول هذا الموسم يفتح باباً مختلفاً للتأمل (أ.ف.ب)

4 أسباب تجعل فوز ليفربول بالدوري أمراً مفيداً للكرة الإنجليزية

رغم أن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يزال يُصنَّف بوصفه أفضل دوريات العالم من حيث جودة التنافس واتساع قاعدته الجماهيرية، فإن موجة من السلبية تحيط به مؤخراً.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي (رويترز)

السيتي يحصل على أكبر مكافآت «اليويفا» لمشاركة لاعبيه مع منتخباتهم

حصل مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي على نحو 5.17 مليون يورو (5.94 مليون دولار) من «اليويفا».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (رويترز)

أمنية بوستيكوغلو تتحقّق بتوقف تقنية الفيديو بسبب حريق

لم يكن هناك الكثير مما يمكن أن يكون أنجي بوستيكوغلو سعيداً به خلال هزيمة فريقه توتنهام هوتسبير (2 - 1) على أرضه أمام نوتنغهام فورست في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية يشكّل باريس إف سي الأمل الأكبر بقيادة عائلة أرنو وشركة «ريد بول» (أ.ف.ب)

هل تتمكن أغنى عائلة في أوروبا من صناعة غريم لسان جيرمان في باريس؟

تشتهر باريس بهندستها المعمارية الخلابة، ومطبخها الفاخر، وريادتها في عالم الأزياء حول العالم، لكن العاصمة الفرنسية تفتقر إلى أحد أبرز عناصر المدن الحديثة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية أنغي بوستيكوغلو (رويترز)

ابتسامة بوستيكوغلو النادرة تتحول إلى «حزن مألوف» مع توتنهام

تحولت الابتسامة النادرة على وجه أنغي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، قبل 4 أيام في فرانكفورت، إلى حزن مألوف، بعد الخسارة 2-1 أمام نوتنغهام فورست.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مبابي جاهز لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك

كارلو أنشيلوتي (إ.ب.أ)
كارلو أنشيلوتي (إ.ب.أ)
TT
20

مبابي جاهز لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك

كارلو أنشيلوتي (إ.ب.أ)
كارلو أنشيلوتي (إ.ب.أ)

أوضح كارلو أنشيلوتي المدرب الإيطالي لريال مدريد ثاني الدوري الإسباني لكرة القدم، الثلاثاء، أن مهاجمه الدولي الفرنسي كيليان مبابي يستعد للعودة إلى اللعب أمام الغريم التقليدي برشلونة في المباراة النهائية لمسابقة كأس الملك، السبت المقبل.

وكان مبابي قد غاب عن فوز فريق العاصمة على أتلتيك بلباو 1 - 0، الأحد، ضمن المرحلة الثانية والثلاثين من الدوري بسبب إصابة في الكاحل، كما لن يكون متاحاً ضد خيتافي، مساء الأربعاء.

وخرج قائد المنتخب الفرنسي مصاباً في الدقائق الأخيرة من مباراة فريقه أمام آرسنال الإنجليزي في إياب ربع نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا عندما خسر 1 - 2، وفقد لقبها، الأربعاء الماضي، لكنه، إلى جانب مواطنه المدافع فيرلان ميندي، يُتوقع أن يكونا جاهزين للكلاسيكو.

وقال أنشيلوتي في مؤتمر صحافي، الثلاثاء: «لن يكونا جاهزين لمباراة الغد، لكنهما سيتدربان خلال هذه الأيام، وأعتقد أنهما سيكونان متاحين لمباراة السبت».

كيليان مبابي يستعد للعودة أمام برشلونة (إ.ب.أ)
كيليان مبابي يستعد للعودة أمام برشلونة (إ.ب.أ)

وتعرض مبابي لصافرات استهجان من بعض جماهير مدريد عندما ظهر على الشاشات العملاقة لملعب «سانتياغو برنابيو» خلال الفوز الصعب لفريقه على بلباو، واستعادته فارق النقاط الأربع عن برشلونة المتصدر في سباق اللقب.

وأوضح أنشيلوتي أن «مبابي متألم بسبب إصابته لأنه لا يستطيع مساعدة الفريق، لكنه يفعل كل ما بوسعه ليكون جاهزاً ليوم السبت».

من دون مبابي، الهداف الأول للفريق هذا الموسم برصيد 33 هدفاً في مختلف المسابقات، وباعتماد لاعب وسط إضافي، بدا ريال مدريد أكثر صلابة دفاعياً أمام بلباو.

وتابع أنشيلوتي: «أعتقد أن المشكلات التي واجهناها هذا الموسم كانت واضحة إلى حد كبير. غيّرنا طريقة لعبنا قليلاً؛ لأن لدينا لاعبين بخصائص مختلفة».

وأردف قائلاً: «كان من الصعب علينا إيجاد هذا التوازن، وآمل أن نتمكن من إيجاده في الفترة الحاسمة؛ لأن أمامنا الكثير لنقاتل من أجله... وإذا لم نجد هذا التوازن في المباريات المتبقية، فسيكون من الصعب تحقيق الفوز».