«مشاكسة دبلوماسية» جديدة بين القاهرة وواشنطن على خلفية «قانون الإرهاب»

الخارجية المصرية تكثف تواصلها مع الإعلام والمجتمعات الغربية لـ«توضيح الحقائق»

«مشاكسة دبلوماسية» جديدة بين القاهرة وواشنطن على خلفية «قانون الإرهاب»
TT

«مشاكسة دبلوماسية» جديدة بين القاهرة وواشنطن على خلفية «قانون الإرهاب»

«مشاكسة دبلوماسية» جديدة بين القاهرة وواشنطن على خلفية «قانون الإرهاب»

في ما وصفه مراقبون بأنه أحدث فصول المشاكسة الدبلوماسية بين القاهرة وواشنطن، انتقدت الخارجية الأميركية قانون مكافحة الإرهاب الذي أصدرته مصر قبل يومين في إطار حربها الدائرة ضد العناصر والتنظيمات الإرهابية، لتسارع الخارجية المصرية بإصدار توضيحات تدافع وتدعم الموقف المصري، بالتزامن مع توجه القاهرة نحو تكثيف تواصلها مع الإعلام والمجتمعات الغربية والأجنبية بشكل عام من أجل شرح الرؤية العامة للإدارة المصرية في مختلف الملفات.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، في تصريح له مساء أول من أمس: «نحن قلقون من تأثير ضار محتمل لبعض إجراءات قانون مكافحة الإرهاب الجديد (في مصر) على حقوق الإنسان والحريات الأساسية»، مشددا في الوقت ذاته على أن واشنطن تساند وتدعم و«تقف إلى جانب القاهرة في معركتها ضد الإرهاب». لكنه اعتبر أن «التغلب على الإرهاب يتطلب استراتيجية كاملة على المدى البعيد؛ تشيع مناخا من الثقة بين السلطات والرأي العام، خصوصا عبر السماح لمن يختلفون مع سياسات الحكومة بالتعبير عن رأيهم في شكل سلمي».
وظهر الخلاف في «وجهات النظر» حول التعامل مع الجهات التي تعتبرها القاهرة «إرهابية»، خاصة جماعة الإخوان، خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القاهرة مطلع الشهر الحالي، بحسب دبلوماسيون مصريون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، حيث دعا كيري الإدارة المصرية إلى ضرورة إيجاد ما سماه بـ«التوازن» بين ملفي مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان، فيما أكدت القاهرة موقفها الثابت من أن «جماعة الإخوان هي أحد محركات الإرهاب الرئيسية في المنطقة وتدعم وتنتهج سياسة العنف في مصر». إلا أن «الموقف الثنائي بين القاهرة وواشنطن يظل في خانة الاختلاف في وجهات النظر، وليس الشقاق التام بين الدولتين اللتين تحافظان على علاقات ثنائية جيدة في إطار المصالح المشتركة»، بحسب رأي المراقبين المصريين والغربيين على حد سواء.
وعقب ساعات معدودة من تصريحات كيربي، أصدرت الخارجية المصرية بيانا مطولا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، يحتوي على «ملاحظات حول قانون مكافحة الإرهاب»، بحسب عنوانه. ورغم أن القاهرة لم تشر إلى وجود صلة مباشرة بين البيان والتصريحات الأميركية، فإن المراقبين يرونه «رد فعل متوقعا على بعض الأصوات الدولية التي تنتقد القانون الجديد دون فهم معمق لحقيقة الأوضاع على الأرض في مصر».
وأوضحت الخارجية في بيانها أن القانون الجديد يأتي «في الوقت الذي تواجه فيه مصر موجة غير مسبوقة من الإرهاب والعنف، الذي أدى إلى استهداف وقتل عدد من المدنيين الأبرياء، وكذلك أفراد الجيش والشرطة»، مؤكدة أنه «يتسق مع التزامات مصر الدولية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001، والذي طالب جميع دول العالم باتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع الأعمال الإرهابية، وحظر تمويل الإرهاب، والتأكد من محاكمة كل من يشارك في عمل إرهابي أو يدعمه. وقد استجابت الكثير من الدول لهذا القرار عن طريق تعديل قوانين مكافحة الإرهاب القائمة أو تبني قوانين جديدة».
وشددت القاهرة على أن مصر ملتزمة في الوقت ذاته «بتنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان طبقا لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية في هذا الصدد»، وأن «الحاجة لتحقيق التوازن بين حفظ الأمن والنظام من جانب، وحماية حقوق الإنسان من جانب آخر، هي أحد الشواغل المهمة التي أثرت في عملية صياغة قانون الإرهاب الجديد. ولهذا السبب فقد أجريت مشاورات قبل إصدار القانون لأخذ شواغل المجتمع المدني ومجلس القضاء الأعلى في الاعتبار، وهو ما انعكس على نص القانون الجديد»، منوهة بأن غياب «تعريف دولي متفق عليه للإرهاب» وضع «على عاتق التشريع الداخلي أن يقوم بهذه المهمة، مع مراعاة الاتفاقات والقرارات الدولية ذات الصلة».
وأوضح البيان أنه «على عكس ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة، فإن هذا القانون لا ينشئ محاكم خاصة للنظر في الجرائم المتصلة بالإرهاب، لكنه يقوم بإنشاء دوائر خاصة في إطار المحاكم العادية (محاكم الجنايات والمحاكم الابتدائية)، التي يرأسها قضاة طبيعيون.. وهو السبيل الأكثر كفاءة وفعالية في التعامل مع العدد الكبير من القضايا المنظورة أمام القضاء. كما أن هذا لا يؤثر على حقوق المتهمين، وضمانات المحاكمة العادلة لهم، وكذلك حقهم في نقض الأحكام».
كما دفعت القاهرة بأن رؤية بعض الجهات لإحدى مواد القانون بأنها «تحصن أفراد الجيش والشرطة من المساءلة القانونية في حالة استخدامهم للقوة»، يعكس «فهما غير دقيق»، مؤكدة أن هناك قيودا قانونية واضحة على استخدام القوة، وأن المادة المذكورة «لا تسمح بأي حال من الأحوال باستخدام القوة بطريقة عشوائية أو تعسفية»، منوهة بأن «مبدأ استبعاد المسؤولية الجنائية في حالة الدفاع عن النفس يعد من المبادئ العامة للقانون المتعارف عليها في أهم النظم القانونية في العالم».
وفي ما يتعلق بمعاقبة ناشري البيانات الخاطئة بعقوبات مالية، أكدت الخارجية أنه جرى تعديل النص المقترح سابقا، والذي كان يشمل الحبس كإحدى العقوبات، وذلك بعد إجراء مشاورات موسعة مع عدد من منظمات المجتمع المدني بما في ذلك نقابة الصحافيين التي أبدت اعتراضها على مقترح معاقبة ناشري البيانات الخاطئة بالحبس لمدة سنتين، حيث تم تعديل النص المقترح ليكون أكثر اتساقا مع الدستور المصري الذي يمنع حبس الصحافيين في جرائم النشر.
خطوات الخارجية المصرية في «تفنيد» الانتقادات أو التصريحات الأجنبية تأتي في إطارها التقليدي والدائم للوزارة، لكن ذلك يتزامن مع خطة عمل جديدة موازية بدأت الخارجية في تنفيذها بهدف تكثيف القدرة على الوصول إلى الجماعات المستهدفة ومواجهة الحملة الإعلامية الخارجية وتقديم الصورة الصحيحة لما يحدث في مصر.
وأشار المستشار أحمد أبو زيد، الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية، أمس، إلى أن الوزارة تحرص حديثا على مخاطبة العالم الخارجي باللغة التي يفهمها، وهي بشكل عام اللغة الإنجليزية؛ والفرنسية في بعض الأحيان، مضيفا أن الخطة تهدف إلى تكثيف الاتصال الإعلامي بالخارج بخطوات جديدة، وسيكون للسفارات المصرية بالخارج دور في هذا الإطار، وفي الوقت نفسه فإن الخارجية ماضية في مخاطبة المجتمع المصري. وأوضح أبو زيد أنه تم في هذا الإطار إعداد وتدشين صفحة رسمية للخارجية المصرية على موقع «فيسبوك» باللغة الإنجليزية منفصلة عن صفحة الوزارة باللغة العربية.. و«هناك حرص على ترجمة كل الأخبار الصادرة عن وزارة الخارجية التي نرى أن المجتمع الغربي مهتم أو حريص على معرفتها باللغة الإنجليزية، ووضعها على موقع الوزارة على شبكة الإنترنت وعلى موقع التواصل (فيسبوك)».
وأضاف المتحدث أنه تم أيضا تطوير الحساب الخاص بالمتحدث الرسمي على موقع «تويتر»، وفصله عن حساب الوزارة، وبالتالي أصبح للمتحدث إمكانية التعليق بشكل أوسع من مجرد الخبر الصحافي الذي يصدر عن الوزارة، على أشياء معينة أو حادث معين، مؤكدا أنه «لن يتم الاكتفاء بذلك فقط؛ بل إن الوزارة ماضية في إعداد وتحديث وسائل تواصلها مع المجتمع الخارجي من أجل توصيل صورة صحيحة لما يحدث في مصر». كما أوضح أنه تم إطلاق مبادرة خاصة بضرورة وجود قناة تلفزيونية مصرية باللغة الإنجليزية تليق بالمشاهد على المستوى الدولي.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.