«حي الملك سلمان» نموذج الرياض للأنسنة ورفع جودة الحياة

الحي الجديد سيتربع على 6 كيلومترات مربعة محقّقاً لسكانه الاكتفاء الذاتي ترفيهياً وثقافياً ورياضياً

«حي الملك سلمان» نموذج الرياض للأنسنة ورفع جودة الحياة
TT

«حي الملك سلمان» نموذج الرياض للأنسنة ورفع جودة الحياة

«حي الملك سلمان» نموذج الرياض للأنسنة ورفع جودة الحياة

في إطار رحلة التحول السعودي نحو تطوير «اقتصاد المدن»، واستقطاب عوامل النجاح الاقتصادي والتنموي، تستعد المدن السعودية لإطلاق مرحلة جديدة من إعادة تعريف الوظيفة الاجتماعية والهوية البصرية للمكان، وخلق هوية عمرانية وحضارية جديدة، تنبع من تراثها الثقافي والتاريخي، وتنعكس على فضاء الحيّ السعودي والشارع ووظيفته الاجتماعية، بالإضافة إلى تجسده الخارجي الذي يتشكل في طراز العمران وأنماط البناء.

حي الملك سلمان... نموذج أنسنة الأحياء السعودية

وفي السبيل إلى تحقيق غاية أن تكون العاصمة الرياض ضمن أفضل 10 مدن في العالم، جاء إطلاق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الأحد، مشروعاً نوعياً لتطوير اثنين من أحياء مدينة الرياض، وإطلاق مسمى «حي الملك سلمان» عليهما، والبدء في مشروعات لتحسين بنية ومرافق الحي ورفع جودة الخدمات الأساسية والترويحية داخله، وإعادة خلق وتصميم هوية خاصة بالمكان (الحي)، وتفاصيله البنيانية على نمط العمارة السلمانية ومبادئها، على أن تقود هذه التجربة مشروعاً سعودياً دائباً لدعم تنمية المدن، وتحقيق التحفيز الكامل للنمو السكاني والاقتصادي.

 

التأهيل الحضري

 

ويهدف إطلاق مسمى «حي الملك سلمان» على حيّي «الواحة» و«صلاح الدين» وتطويرهما، إلى تحسين معدلات جودة الحياة، وتسهيل حركة السكّان وانتقالاتهم إلى مختلف الفعاليات والأنشطة، وتأهيل الفراغات الحضرية وتفعيلها بما يجعلها أماكن حيويّة تفاعلية، وإيجاد بيئة عمرانية تفاعلية تعزز العلاقات الاجتماعية بين سكان الحي، فيما يُرى أنها باتت نموذجاً فريداً يكون خلالها الساكن، أولوية في الحي وليست المركبات، وهو مفهوم إنساني تعمل عليه أمانة الرياض داخل المدينة، وفقاً لمتابعين.

 

6 كيلومترات مربعة من العمارة السلمانية والمساحات الخضراء

ومن شأن تطوير «حي الملك سلمان»، الذي يقع في قلب العاصمة الرياض، ويتسع لمساحة 6.6 كيلومتر مربع من المساحات الخضراء، مجاوراً حديقة الملك سلمان - أحد مشروعات الرياض الأربعة الكبرى - أن يقلّل من حركة المركبات، ويعزّز حركة المشاة، بالإضافة إلى تعزيز الأنشطة الترفيهية والثقافية والرياضية، ودعم النشاط الاقتصادي والفرص الاستثمارية، ليحقّق الاكتفاء الذاتي ترفيهياً ورياضياً وثقافياً. ومن المنتظر أن يسهم «حي الملك سلمان» في زيادة الغطاء النباتي والتشجير، وتأسيس ساحات خضراء وحدائق شريطية.

الملك سلمان... تاريخ من بناء الإنسان والمكان

يرتبط خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بعلاقة تاريخية بمدينة الرياض، بعد أن تولى إمارة العاصمة لأكثر من خمسة عقود، ترك خلالها تأثيره في نمطها العمراني والحضاري، ومن تلك التجربة المكتملة استلهم ميثاق الملك سلمان العمراني، الذي يضمّ ضمن رؤيته تصوراً كاملاً حول العمارة السلمانية، التي تحتفظ بنمط بنياني وإنساني متفاعل بين المعايشة الواقعية والتطلع الطموح، ويمثل الميثاق أساساً استراتيجياً للعمران ومنهجية تصميم تُبرز تاريخ المملكة وثقافتها، والتعريف برؤية الملك سلمان بن عبد العزيز في المجال العمراني القائمة على الأصالة بوصفها جوهر الإبداع، وعلى المرونة القادرة على التفاعل مع الجديد، فضلاً عن الاستشفاف المتمثل في إمكانية اختراق حواجز الزمان والمكان والمواد، ورؤية ما يكمن خلفها من إضافات جمالية كبيرة.

الرياض محور أساسي في التنمية السعودية.

وتحظى العاصمة السعودية الرياض، باهتمام عالي المستوى في طريق الحكومة السعودية نحو تطوير العاصمة، وإعادة تأهيلها طبقاً للممكّنات والمؤهلات التي تتمتّع بها، لتحقيق النمو الاقتصادي في شتى القطاعات، وتطوير الكوادر الوطنية واستقطاب أفضل المواهب العالمية، وتحسين جودة الحياة، التخطيط الحضري المكاني على مستوى عالمي، الحوكمة الحصيفة لممكنات وموارد المدينة، تطوير هوية عالمية للمدينة تعزز الدور العالمي للعاصمة من النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها التنافسية.

وقد جرى في هذا الإطار إطلاق عدد من المشاريع الكبرى والمشاريع المطوّرة خلال السنوات القليلة الماضية، ومن المنتظر أن تعلن الجهات المسؤولة عن عدد من المشاريع التطويرية في قادم الأيام.

المدن السعودية... وعد التنمية الشاملة

وتركز الاستراتيجيات والهيئات الجديدة للمدن السعودية، لتعميق تحول جديد في نمط تخطيط وبناء مستقبل المدن والحواضر السعودية، لتكون على قدر الاستحقاق التنموي الذي تتجه إليه السعودية، وطيّ عقود من البناء والتشييد الذي كان يُعنى بتوفير الخدمات الأساسية، فيما يفتقد إلى الحس الإنساني في تفاصيل المدينة أو قدرتها على التعبير عن الهوية، فيما تركز سعودية المستقبل على الانعتاق عن المدن الخرساء، إلى مدن ذكية تفصح بوضوح عن الهوية المحلية، وتلبي مختلف احتياجات الإنسان.

وفي ظل عدد من الإطلاقات الجديدة، باتت المدن السعودية على موعد مع مفهوم التنمية الشاملة، وتتحفز مجموعة من المدن السعودية لمرحلة تطويرية هامة، شملت مدن الرياض وعسير ومكة وجدة والباحة... وغيرها، استراتيجيات تستوعب التحولات المركزية في نمط بناء المدن ودمج التطورات التقنية والذكية في بنية المدن الواعدة، تنقل تلك المدن إلى حقبة تطورية جديدة تبدأ من تطوير الأحياء الداخلية وأنسنتها إلى إطلاق مشاريع واستراتيجيات وهيئات تنموية عملاقة.

الاستغناء عن المركزية في التعامل مع التجربة التنموية

ومن جانبه، يرى الباحث في العمران الدكتور عبد الله الدخيل الله، أن المدن السعودية «تشهد مرحلة جديدة تستغني فيها عن المركزية في التعامل مع التجربة التنموية، وتمنحها الهيئات المتخصصة فرصة واسعة لتعميق البعد التنموي، وإضافة أبعاد جديدة في مفهوم التنمية الحضرية، تشمل كافة احتياجات الإنسان مثل جوانب الاقتصاد والسياحة والاستثمار... وسواها من المجالات في إطار التنمية الشاملة والحيوية».

«اقتصادات المدن»

وتعبّر الخطوات السعودية التي اتخذت خلال السنوات القليلة الماضية، على صعيد إستراتيجيات المدن الرئيسية، أو الهيئات الملكية لتطوير المدن والمرافق العامة، عن عزم السعودية لإعادة تركيب وظيفة المدينة وأنسنة الأحياء في سياق بناء مجتمع حيوي يتمتع بجودة حياة عالية ونمط معيشة راقية، وفقاً لما ذهب إليه مختصّون.

ورأى باحثون أن ذلك المسعى يأتي إيماناً بدور «اقتصادات المدن» في تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية، والارتقاء بمدينة الرياض ووضعها على خريطة العالم كإحدى أهم العواصم الاقتصادية والسياحية، وامتداداً لرؤية ومسيرة التنمية في العاصمة، التي تترجمها أمانة منطقة الرياض في أعمالها، بما سينعكس على تقوية علاقة السكان ببيئتهم، وتحسين جودة الحياة في مختلف أحيائها، وذلك تحت مظلة النهضة الشاملة التي تشهدها جميع مناطق البلاد ومدنها تحت مظلة رؤيتها التنموية «رؤية 2030».



جهود وزارة الداخلية في خدمة ضيوف الرحمن... الابتكار والتقنية لتجربة حج آمنة وميسرة

جناح وزارة الداخلية في مؤتمر الحج والعمرة والمعرض المصاحب (المركز الإعلامي)
جناح وزارة الداخلية في مؤتمر الحج والعمرة والمعرض المصاحب (المركز الإعلامي)
TT

جهود وزارة الداخلية في خدمة ضيوف الرحمن... الابتكار والتقنية لتجربة حج آمنة وميسرة

جناح وزارة الداخلية في مؤتمر الحج والعمرة والمعرض المصاحب (المركز الإعلامي)
جناح وزارة الداخلية في مؤتمر الحج والعمرة والمعرض المصاحب (المركز الإعلامي)

تواصل المملكة العربية السعودية، بقيادة وزارة الداخلية، تنفيذ خططها الاستراتيجية لتوفير أفضل الخدمات الأمنية والتقنية لضيوف الرحمن في موسم الحج، وكانت مشاركة وزارة الداخلية في فعاليات مؤتمر ومعرض الحج في نسخته الرابعة فرصة لعرض أحدث الابتكارات التكنولوجية التي تسهم في تحسين خدمات الحج وتحقيق تجربة آمنة وميسرة للحجاج. الوزارة، من خلال مختلف أجهزتها، تركز على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحديثاتها المستمرة لتعزيز قدرتها على التعامل مع الحشود الكبيرة وتحقيق التنسيق الأمني الفعّال بين الجهات المعنية.

إدارة الحشود

المقدم خالد الكريديس، المتحدث الرسمي للأمن العام، استعرض مع «الشرق الأوسط» دور الأمن العام في جناح وزارة الداخلية في المعرض، حيث أشار إلى أن مشاركة الأمن العام في المعرض تركز بشكل رئيسي على استعراض الخدمات الأمنية والمرورية، بالإضافة إلى الحلول التقنية المتطورة التي تدعم عمل الأجهزة الأمنية، بهدف ضمان تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن وتحقيق حج آمن. وأكد الكريديس أن إدارة الحشود الكبيرة للحجاج تتطلب تخطيطاً دقيقاً وتنفيذاً محكماً، وهو ما يعكس خبرات الأجهزة الأمنية التي اكتسبتها على مدى عقود من العمل المتواصل في تنظيم موسم الحج.

الابتكارات التقنية لخدمة الحجاج

من أبرز الابتكارات التي تم عرضها في جناح الأمن العام كان «مركز الشرطة الافتراضي»، الذي يعتمد على تقنية الواقع المعزز. هذه التقنية تتيح للمستفيدين التواصل مع الضابط المناوب مباشرة دون الحاجة إلى زيارة مركز الشرطة بشكل فعلي. من خلال هذه الخدمة، يمكن للحجاج تقديم البلاغات، متابعة الاستفسارات، وكذلك إجراء العديد من الخدمات الرقمية مباشرة عبر الإنترنت. يهدف هذا المركز إلى أتمتة الإجراءات الأمنية وتقديم خدمات رقمية مستدامة تسهم في تسريع المعاملات ورفع كفاءة العمل الأمني، بما يتماشى مع التطورات الحديثة في مجال الأمن الرقمي.

كما استعرض المقدم الكريديس مبادرة الوزارة في توعية الحجاج عبر حملات توعوية مكثفة تتضمن التأكيد على ضرورة الالتزام بنظام «الحج بالتصريح» ضمن شعار «لا حج بلا تصريح». الهدف من هذه الحملات هو التأكيد على أهمية الحصول على تصريح الحج والالتزام بالإطار الزمني المحدد لضمان التنظيم السليم للحركة في المشاعر المقدسة، مما يسهم في تقديم الخدمات بالشكل الأمثل ضمن الطاقة الاستيعابية المتاحة.

طائرة «درون» خاصة بالبحث والإنقاذ مزودة بكاميرا للرؤية النهارية والليلية (المركز الإعلامي)

الدفاع المدني وتعزيز السلامة

العقيد محمد الحماد، المتحدث الرسمي للدفاع المدني، استعرض في مشاركته أحدث التقنيات التي تعتمد عليها المديرية العامة للدفاع المدني لضمان سلامة الحجاج. ومن بين أبرز التقنيات التي تم عرضها في المعرض طائرة الدرون الخاصة بأعمال البحث والإنقاذ، التي تتميز بقدرتها على الطيران لمدة تصل إلى ساعة بارتفاع يصل إلى 20 كيلومتراً، مع قدرة على حمل أوزان تصل إلى 40 كيلوغراماً.

يتم استخدام هذه الطائرة في تقديم خدمات طبية عاجلة وإيصال التموينات، وكذلك حمل أطواق النجاة للمحتجزين في المناطق المتأثرة بالأمطار والسيول. الطائرة مزودة بكاميرا للرؤية النهارية والليلية، بالإضافة إلى وسيلة اتصال ومكبر صوت للتواصل مع المحتجزين في المناطق الصعبة.

كما استعرض الحماد «المنصة الوطنية للإنذار المبكر»، وهي شبكة تنبيه تعتمد على إرسال رسائل تحذير عبر شبكة الهاتف المحمول لتوفير إشعارات فورية في حالات الطوارئ. تهدف هذه المنصة إلى تحسين إدارة الحوادث بشكل فعال، حيث يمكن اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة في الوقت المناسب، مما يسهم في حماية الحجاج والحد من المخاطر في حالات الطوارئ.

911 استجابة فورية وخدمات شاملة

النقيب عبد العزيز الغامدي، المتحدث الرسمي للمركز الوطني للعمليات الأمنية الموحدة 911، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الدور الكبير الذي يقوم به المركز في خدمة ضيوف الرحمن، مشيراً إلى أن هذه المشاركة في المعرض هي الثالثة للمركز. يوفر المركز الرقم الموحد 911 لخدمة الحجاج من خلال استقبال المكالمات الطارئة بلغات متعددة باستخدام تقنيات متطورة، مما يسهل التواصل مع ضيوف الرحمن من مختلف الجنسيات.

وأكد الغامدي أن المركز ليس مقتصراً على استقبال مكالمات الطوارئ فقط، بل يتولى أيضاً مراقبة الأوضاع الأمنية في المنطقة عبر شبكة الكاميرات الأمنية المنتشرة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. إضافة إلى ذلك، يقدم المركز خدمات غير أمنية مثل تنظيم حملات التبرع بالدم، والإجابة على الاستفسارات المتعلقة بالطقس أو المواقع الجغرافية، مما يساهم في تعزيز مستوى الخدمة المقدمة للحجاج.

فيما يتعلق بسرعة الاستجابة للبلاغات، أوضح الغامدي أن المركز يتميز بسرعة استجابته، حيث يتم تحويل البلاغات إلى الجهات المعنية في غضون 45 ثانية فقط، مما يسهم بشكل كبير في تقليل زمن الاستجابة في الحالات الطارئة، وبالتالي تعزيز فعالية الخدمة.

«سواهر» و«بصير» لإدارة الحشود

تعتمد وزارة الداخلية على تقنيات متقدمة لتسهيل إدارة الحشود وضمان سلامة الحجاج. من أبرز هذه التقنيات منصة «سواهر»، التي تعتمد على شبكة من الكاميرات المثبتة عند مداخل المدن لمراقبة حركة السيارات الداخلة والخارجة، وكذلك التنبؤ بالازدحام المروري قبل حدوثه، مما يتيح اتخاذ تدابير استباقية لتنظيم الحركة المرورية.

كما تم تعريف الزوار عن منصة «بصير»، التي تركز على مراقبة الأشخاص داخل الحرم المكي والمشاعر المقدسة، حيث تعمل على إحصاء عدد الحجاج والتأكد من عدم تجاوز الطاقة الاستيعابية في الأماكن المقدسة. تتميز «بصير» أيضاً بقدرتها على التعرف على الأشخاص المطلوبين أمنياً داخل الحرم، إضافة إلى مراقبة وتحليل السلوكيات غير الطبيعية التي قد تشير إلى حالات ازدحام أو مخالفات في الحركة.

أوضحت وزارة الداخلية أن هذه التقنيات تُعد جزءاً من استراتيجية المملكة لتحقيق أعلى معايير الأمن والسلامة في موسم الحج. وأكد المسؤولون أن هذه الأنظمة تم اختبارها بنجاح خلال المواسم السابقة، وتستمر الوزارة في تطويرها بشكل مستمر لتحسين تجربة الحجاج. في هذا العام، شهدت التقنيات تطوراً ملحوظاً بإضافة خاصية التعرف على السلوكيات غير الطبيعية، مما يعزز القدرة على اتخاذ التدابير الأمنية في الوقت المناسب.

وفي ختام مشاركتها في المعرض، أكدت وزارة الداخلية التزامها الكامل بتطوير الخدمات الأمنية والتقنية في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتقديم أفضل تجربة لضيوف الرحمن.