الهلال يحتجب... لكنه لا يغيب

رفض الخروج «خالي الوفاض» من موسمه العصيب وعانق بطولته الـ66 في ليلة ملكية أعادت كبرياء الزعامة

فهد نافل يرفع الكأس الملكية بمبادرة تاريخية من لاعبي الفريق "تصوير: عبدالله الفالح"
فهد نافل يرفع الكأس الملكية بمبادرة تاريخية من لاعبي الفريق "تصوير: عبدالله الفالح"
TT
20

الهلال يحتجب... لكنه لا يغيب

فهد نافل يرفع الكأس الملكية بمبادرة تاريخية من لاعبي الفريق "تصوير: عبدالله الفالح"
فهد نافل يرفع الكأس الملكية بمبادرة تاريخية من لاعبي الفريق "تصوير: عبدالله الفالح"

رغم موسمه العصيب ونكساته المتوالية من بطولة إلى أخرى، فإن الهلال رفض الخروج خالي الوفاض هذا الموسم، وعوض كل أحزانه بأغلى الألقاب المحلية على الإطلاق «كأس الملك السعودي»، بعد جهود رائعة في اللقاء النهائي أمام الوحدة، بطلها الحارس عبد الله المعيوف وقبله المدافع صاحب هدف التعديل القاتل علي البليهي.

وجاء هدف البليهي على غرار سيناريو 2015 حينما كان الهلال قريباً من توديع موسمه بلا ألقاب، وقد حقق خلاله النصر غريمه التقليدي لقب الدوري السعودي، وكان أصفر العاصمة يقف على بُعد ثوانٍ قليلة من التتويج بلقب كأس الملك قبل هدف محمد جحفلي الشهير الذي عدل معه النتيجة وتحولت المواجهة إلى حسم عن طريق ركلات الترجيح.

وحافظ الهلال بلقب كأس الملك (أغلى البطولات المحلية بالحصول على جائزة مالية قدرها 10 ملايين ريال)، على عدد من المميزات؛ مثل المشاركة في كأس السوبر السعودي بنسخته المقبلة، علاوة على المشاركة الآسيوية التي ضمن المشاركة في نسختها المقبلة بحكم حصوله على لقب الدوري الموسم الماضي.

فرحة لاعبي الهلال بعد ركلة الفوز الأخيرة "تصوير: عبدالله الفالح"
فرحة لاعبي الهلال بعد ركلة الفوز الأخيرة "تصوير: عبدالله الفالح"

لقب عاشر يفض الشراكة مع الاتحاد

رفع فريق الهلال عدد ألقابه وبطولاته في كأس الملك إلى 10 ألقاب، بعدما نجح في تحقيق الفوز على الوحدة ومعانقة كأس البطولة التي خسرها الموسم الماضي، أمام الفيحاء عن طريق ركلات الترجيح.

وحقق الهلال لقبه العاشر ليفض شراكته مع الاتحاد الذي يملك في رصيده 9 ألقاب تاريخية في البطولة الأغلى والأقدم بالسعودية، واقترب الهلال من المتصدر فريق الأهلي الذي يملك 13 لقباً في سجله، فيما يحضر النصر رابعاً في القائمة برصيد 6 ألقاب، والشباب بـ3 بطولات، ثم الوحدة والاتفاق بواقع لقبين لكل منهما، ثم التعاون والفيصلي والفيحاء بواقع لقب لكل فريق.

وسجل الهلال حضوره للمرة الـ18 في نهائي بطولة كأس الملك بعد مباراته أمس، مع الوحدة، ليتساوى مع عدد مرات وصول قطبي مدينة جدة الاتحاد والأهلي، بواقع 18 مرة لكل منهما.

ملعب الجوهرة تحول إلى لوحة كرنفالية في النهائي الكبير "تصوير: عبدالله الفالح"
ملعب الجوهرة تحول إلى لوحة كرنفالية في النهائي الكبير "تصوير: عبدالله الفالح"

دفاع برتبة هداف

يبدو أن الأهداف القاتلة للمدافعين في صفوف فريق الهلال ستظل علامة فارقة في بطولة كأس الملك، فمنذ نهائي نسخة 2015 ظلت متلازمة محمد جحفلي وهدفه القاتل في الدقيقة 119 من عمر المباراة حاضرة في الأهداف القاتلة التي يسجلها الهلال في أي من مبارياته، وتم إطلاق اسم «جحفلة» نسبة إلى الهدف الشهير.

ونجح البليهي في تكرار ما فعله زميله جحفلي الذي حضر في النهائي الكبير على مقاعد البدلاء، ولم ينجح مهاجمو فريق الهلال في فك شفرة دفاعات الوحدة، رغم أن الأرجنتيني رامون دياز زج بالثنائي موسى ماريغا وأودين إيغالو، وجاء الهدف بأقدام علي البليهي المدافع الذي تقدم نحو منطقة الجزاء في الدقائق الأخيرة.كنو في دائرة الانتقادات مرة أخرى

لم يبتسم الحظ مجدداً لمحمد كنو، لاعب خط وسط فريق الهلال، في النهائي الثاني تباعاً، بعد حملة غاضبة من أنصار فريق الهلال بعد مستويات اللاعب المتواضعة التي ظهر عليها في نهائي دوري أبطال آسيا أمام أوراوا الياباني، الذي خسره الفريق الأزرق قبل أسبوع من الآن.

وتكرر الغضب الجماهيري تجاه محمد كنو في نهائي كأس الملك، حيث بدأ دياز يصرخ تجاه اللاعب منذ الدقيقة 27 من شوط المباراة الأول، وظهر إيميليانو دياز ابنه الذي يعمل مساعداً له في الجهاز بالفريق، وهو يشير بعلامات غاضبة تجاه تعليمات لم ينفذها اللاعب، قبل أن يطلب من مصعب الجوير إجراء عمليات الإحماء، لكن التغيير لم يحدث إلا بين شوطي المباراة.

ونشرت «الشرق الأوسط» عبر حسابها في «تويتر» مقطعاً مصوراً للجماهير وهي تطلق صيحات استهجان للاعب محمد كنو لحظة خروجه من الملعب الشوط الأول، قبل أن يستبدل به دياز اللاعب الشاب مصعب الجوير.

عبدالله المعيوف سجل نفسه بطلا متوجا للنهائي الكبير "تصوير: علي خمج"
عبدالله المعيوف سجل نفسه بطلا متوجا للنهائي الكبير "تصوير: علي خمج"

دياز يحطم عناد النهائيات

بعد أن بدا المشهد محبطاً لدياز الذي يعيش أيامه الأخيرة مع فريق الهلال، وكاد يخسر مجدداً في المباريات النهائية التي أصبحت بمثابة لغز يطارده منذ الخسارة في نهائي دوري أبطال آسيا 2017 في ولايته الأولى مع الهلال، استطاع المدرب الأرجنتيني أخيراً تحطيم هذه العقدة.

وبدأ دياز النهائي بتشكيلة مختلفة بالاحتفاظ بسعود عبد الحميد بجواره على مقاعد البدلاء، والنيجيري إيغالو، وأشرك لوسيانو فييتو وموسى ماريغا، بالإضافة إلى ظهيري الجنب محمد البريك وياسر الشهراني.

وبعد خسارته نهائي دوري أبطال آسيا وابتعاده عن المنافسة على لقب الدوري وخسارته لقب كأس السوبر وبلوغه نهائي كأس العالم للأندية، انتاب القلق الأرجنتيني دياز الذي أمسك وسط جسده وظل مُتفرجاً بحسرة على ما يحدث في اللقاء النهائي لكأس الملك بعد أن رمى بأوراقه كافة، ولكن شيئاً لم يتغير في الملعب، كان إيميليانو مساعده الأكثر ضجيجاً وتوجيهاً للاعبين، قبل أن يتمكن علي البليهي من تسجيل هدف التعادل وإعادة آمال الفريق في المنافسة.

66 بطولة في 66 عاماً

«ولد بطلاً»... لا شك أنها جملة تنطبق جملة وتفصيلاً على الزعيم، فهذا الفريق دائماً ما تجده حاضراً في منصات التتويج، متوشحاً الميداليات الذهبية التي ارتبطت باسمه طوال تاريخه منذ تأسيسه عام 1957، فمنذ البدايات كون علاقة قوية من البطولات والإنجازات، حتى وصل به الأمر إلى أن يحقق بطولات بعدد السنوات التي أعقبت تأسيسه.

وبعد تحقيقه مؤخراً لقب كأس الملك على حساب الوحدة، أضاف الزعيم البطولة 66 في سجلاته في 66 عاماً هي عمر النادي منذ تأسيسه، وهذه معادلة تكشف عن عراقة النادي الأزرق وارتباطه الدائم بالبطولات والإنجازات، سواء كان ذلك على الصعيد المحلي، أو حتى الخارجي.

ويتصدر الهلال ترتيب الفرق الأكثر تحقيقاً للألقاب في كل المسابقات المحلية، ما عدا بطولة كأس الملك التي يوجد فيها الأهلي على رأس قائمة أكثر الفرق فوزاً باللقب بواقع 13 مرة، بينما حقق الهلال لقبه العاشر في المسابقة ذاتها، لكنه باقٍ على صدارته في المسابقات المحلية المختلفة، سواء تلك المستمرة مثل مسابقتي الدوري والسوبر، أو التي توقفت مثل كأس ولي العهد وكأس الأمير فيصل بن فهد، وهو أكثر الفرق تحقيقاً للقب في كل مسابقة.

وبالعودة لتفاصيل البطولات الرسمية التي حققها الأزرق، نجد أنه يتسيد قائمة أكثر الفرق تحقيقاً للقب الدوري السعودي بواقع 18 لقباً، وكذلك كأس ولي العهد بالفوز 13 مرة، وكأس الأمير فيصل بن فهد (كأس الاتحاد) تمكن من تحقيقها 6 مرات، وكأس المؤسس مرة، وكأس السوبر السعودي 3 مرات، وأخيراً كأس الملك حيث وصل رصيده فيها إلى 10 بطولات، هذه الإنجازات والأرقام هي التي حققها أزرق العاصمة على الصعيد المحلي فقط، ووصلت إلى 51 بطولة محلية ظفر بها طوال تاريخه من أصل 66 بطولة توج بها.

وباستعراض تاريخ الزعيم وإنجازاته على الصعيد الخارجي، نجد أنه حقق لقب دوري أبطال آسيا بمختلف تسمياته 4 مرات، وكأس الكؤوس الآسيوية مرتين، ومثلهما في كأس السوبر الآسيوي، كما تمكن من الفوز بلقب كأس الخليج للأندية مرتين، وأيضاً حقق لقب دوري أبطال العرب في مناسبتين، وكأس الكؤوس العربية مرة واحدة، وكأس النخبة العربية مرة واحدة، ولقب السوبر السعودي - المصري مرة واحدة أيضاً، ليصل رصيد إنجازاته الخارجية إلى 15 بطولة كسبها الزعيم، ليضع اسمه في قائمة أكثر الفرق العالمية التي حققت ألقاباً خارجية.

ويبدو أن رقم الهلال سيتوقف عند 66 لقباً هذا الموسم، بعد أن أصبح لقب دوري روشن السعودي بعيداً عن متناوله، حيث يحتل المركز الرابع في سلم ترتيب الدوري برصيد 49 نقطة، بفارق 13 نقطة عن الاتحاد صاحب المركز الأول برصيد 62 نقطة، مع فارق مباراة وحيدة بينهما لصالح الاتحاد، الأمر الذي يجعل أزرق العاصمة يبدأ التخطيط مبكراً لكسر رقمه الحالي وزيادة رصيد إنجازاته في الموسم المقبل، الذي من المتوقع أن تقوم إدارة النادي هذا الصيف بعمل تغييرات كبيرة على صعيد اللاعبين، خصوصاً المحترفين الأجانب الذين حرم الهلال من تغييرهم هذا الموسم بعد إيقافه لفترتي تسجيل لاعبين متتاليتين، وذلك في سبيل مواصلة الفوز بالبطولات المحلية والخارجية، التي عود فيها الهلال جماهيره بملامسة الذهب في كل موسم، خصوصاً المواسم التسعة الماضية، تحديداً منذ عام 2015.


مقالات ذات صلة

فابينيو: الأهم في هذه اللحظة هو النقاط الثلاث

رياضة سعودية فابييانو (تصوير: محمد المانع)

فابينيو: الأهم في هذه اللحظة هو النقاط الثلاث

قال البرازيلي فابينيو، لاعب فريق الاتحاد، إن فريقه حقق فوزا مهما على حساب الاتفاق، معتبرا أن ذلك بمثابة رد فعل على الخسارة في الجولة الماضية أمام العروبة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة سعودية بيولي يخطط على مواجهة يوكوهاما بتجهيز لاعبيه (نادي النصر)

مدرب النصر يزجّ بالثنائي البرازيلي أمام ضمك تحضيراً لموقعة يوكوهاما

ينوي الإيطالي ستيفانو بيولي، مدرب فريق النصر، الزجّ بالثنائي البرازيلي ويسلي وأنجيلو بقائمة الفريق الأساسية أمام ضمك بعد استدعائهما بشكل رسمي للمباراة.

أحمد الجدي (الرياض )
رياضة سعودية بنزيمة في صراع على الكرة مع عبد الله الخطيب مدافع الاتفاق (تصوير: محمد المانع)

بنزيمة: لا توجد مواجهات سهلة… سنقاتل

أبدى النجم الفرنسي كريم بنزيمة، مهاجم فريق الاتحاد، واقعية كبيرة في تعليقه على مسار فريقه في الدوري السعودي للمحترفين عقب الفوز على الاتفاق بنتيجة 3-2.

علي العمري (جدة )
رياضة سعودية سعد الشهري مدرب الاتفاق (تصوير: محمد المانع)

مدرب الاتحاد يغيب... والشهري حزين بسبب النتيجة

غاب الفرنسي لوران بلان المدير الفني لفريق الاتحاد عن المؤتمر الصحافي عقب مباراة فريقه أمام الاتفاق، التي انتهت بفوز العميد بنتيجة 3 – 2، ضمن منافسات الجولة 29.

علي العمري (جدة )
رياضة سعودية حضور جماهيري مميز لنادي الاتحاد (تصوير: محمد المانع)

 الرئيس التنفيذي لنادي الاتحاد: أمامنا الكثير من العمل وجماهيرنا رائعة

أعرب البرتغالي دومينغوس سواريز دي أوليفيرا، الرئيس التنفيذي لنادي الاتحاد، عن سعادته عقب فوز العميد على نظيره الاتفاق بنتيجة 3 - 2، في مسابقة الدوري السعودي.

علي العمري (جدة )

بياستري... نجم «فورمولا 1» الجديد يسرق الأضواء في جدة

الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل تقدم الحضور في حلبة كورنيش جدة (وزارة الرياضة)
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل تقدم الحضور في حلبة كورنيش جدة (وزارة الرياضة)
TT
20

بياستري... نجم «فورمولا 1» الجديد يسرق الأضواء في جدة

الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل تقدم الحضور في حلبة كورنيش جدة (وزارة الرياضة)
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل تقدم الحضور في حلبة كورنيش جدة (وزارة الرياضة)

وسط أضواء مدينة جدة، وحرارة التنافس في «جائزة السعودية الكبرى 2025»، بدا أن أبرز نجوم «فورمولا 1» يعانون، كلٌ على طريقته. ماكس فيرستابن، بطل العالم المُتوَّج، لم يجد ما يشجِّعه على الحديث، خائفاً من أن تتحوَّل كلماته إلى سلاح ضده في بيئة لا ترحم، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

أما لويس هاميلتون، سيد الحلبات في سنوات المجد، فيعيش أياماً «مؤلمة» مع فريقه الجديد، فيراري، يجرُّ خلفه خيبات ثقيلة وصمتاً يشبه العجز.

وبينما يضيء أوسكار بياستري سماء مكلارين بفوزه المستحَق، يقف اثنان من أعظم السائقين أمام مرآة الأسئلة القاسية: هل انتهى زمن الهيمنة؟ أم أن العاصفة ستمر؟

وكان سائق مكلارين، الأسترالي أوسكار بياستري، حقَّق فوزه الثاني توالياً، والثالث هذا الموسم، وانتزع صدارة الترتيب العام من زميله البريطاني لاندو نوريس، وذلك بإنهائه «جائزة السعودية الكبرى»، الجولة الخامسة من بطولة العالم لـ«فورمولا 1»، في الصدارة، الأحد، على حلبة كورنيش جدة.

أسيل الحمد عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات خلال السباق (رويترز)
أسيل الحمد عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات خلال السباق (رويترز)

كيف غيَّر الأسترالي قواعد اللعبة؟

استفاد بياستري من معاقبة بطل العالم سائق ريد بول، الهولندي ماكس فيرستابن، بالتوقف لـ5 ثوانٍ في خط الحظائر؛ بسبب تجاوزه الأسترالي من خارج المسار مباشرةً بعد الانطلاق كي ينهي السباق أمامه، فيما حلَّ، سائق فيراري شارل لوكلير، من موناكو ثالثاً أمام نوريس.

وبانتصاره الثالث للموسم، والخامس في مسيرته، رفع بياستري رصيده إلى 99 نقطة في المركز الأول على حساب زميله نوريس الذي بات رصيده 89 نقطة، مقابل 87 لفيرستابن الثالث الذي لم يكن راضياً بتاتاً عن قرار معاقبته في بداية سباق أنهاه بفارق 2.843 ثانية خلف الأسترالي الذي فرض نفسه منافساً جدياً على اللقب بعدما كان التركيز بالكامل على زميله نوريس وصيف بطل الموسم الماضي. ومع انطلاق موسم «فورمولا 1» الجديد، كانت الأنظار موجّهة نحو البريطاني لاندو نوريس، بوصفه المرشح الأبرز للقب هذا العام. فصعود فريق مكلارين إلى قمة ترتيب الصانعين في الموسم الماضي جاء بقيادة نوريس، الذي أنهى البطولة وصيفاً خلف ماكس فيرستابن، بعد سلسلة من الأداءات القوية في نهايات السباقات.

وبدخوله موسمه السابع في «فورمولا 1»، بدا نوريس وكأنه يحمل المزيج المثالي من الخبرة والسرعة لقيادة سيارة مكلارين نحو المجد. لكن بعد مرور 5 سباقات في 6 أسابيع فقط، اتجهت البوصلة فجأة نحو زميله الأصغر في الفريق، الأسترالي أوسكار بياستري، الذي يتصدَّر ترتيب السائقين الآن، بعد انطلاقة شبه مثالية في 2025.

جدة تشهد ولادة بطل عالمي جديد

فوز بياستري الثالث هذا الموسم، الذي جاء خلال سباق «جائزة السعودية الكبرى»، يوم الأحد، تميَّز بالأسلوب الهادئ والثابت نفسه، الذي منحه الانتصاَرين السابقين في الصين والبحرين. ومع حلول نوريس في المركز الرابع، وفيرستابن في المركز الثاني، قفز بياستري إلى صدارة ترتيب السائقين للمرة الأولى في مسيرته. والنتيجة: قيادة بطولة العالم في ثالث موسم له فقط، وهو إنجاز مذهل لشاب يبلغ من العمر 24 عاماً.

في المؤتمر الصحافي بعد السباق، وصف بياستري أكثر ما أسعده في الفوز: «أنني عبرت خط النهاية أولاً». لكنه لم يُخفِ الضغط الكبير الذي شعر به من مطاردة فيرستابن، والذي تعامل معه بهدوء كبير.

وقال: «لم يكن بإمكاني تخفيف السرعة على الإطلاق. كان سباقاً صعباً، وماكس كان سريعاً خلفي، لذا كان عليّ الاستمرار في الدفع. تمكَّنت من التحكم في الأمور إلى حد معقول، لكنه كان أكثر توتراً مما تمنيت».

وقد لخَّصتْ عطلةُ نهاية الأسبوع في جدة تماماً السبب الذي يجعل من بياستري قوةً مقبلةً في سباق لقب هذا العام. فالفروقات في مقدمة السباقات أصبحت ضئيلةً للغاية، وأي خطأ بسيط قد يُكلف كثيراً. وهو ما وقع فيه كل من نوريس وفيرستابن، فتركا باب الفوز مفتوحاً ليغتنمه الأسترالي الشاب بثقة وثبات.

حضور جماهيري كبير شهدته جائزة السعودية الكبرى (وزارة الرياضة)
حضور جماهيري كبير شهدته جائزة السعودية الكبرى (وزارة الرياضة)

نوريس... تحديات وثقة بالعودة لموقعه الطبيعي

ورغم أن نوريس لا يزال يواجه بعض الصعوبات في دفع سيارة مكلارين إلى أقصى حدودها، خصوصاً في التجارب التأهيلية، فإن هذه التحديات لا تبدو أنها تؤثر على بياستري بالطريقة نفسها. بل على العكس، يبدو أن كل شيء يسير بسلاسة أكبر بالنسبة له.

وعلّق فيرستابن على أداء بياستري قائلاً: «هو هادئ جداً في تعامله، وهذا يعجبني. يظهر ذلك على المضمار. يؤدي المطلوب منه، ونادراً ما يخطئ، وهذا ما تحتاج إليه إذا أردت الفوز بالبطولة».

باستثناء خروجه عن المسار في أستراليا عند هطول الأمطار المفاجئ، لم يرتكب بياستري أي خطأ هذا الموسم. صعوده إلى صدارة البطولة في جدة جاء بعد أن اصطدم نوريس في التجارب التأهيلية، ما أرجعه إلى المركز العاشر على شبكة الانطلاق. ورغم أنه أنهى السباق رابعاً وعبَّر عن رضاه عن العودة القوية، فإنه أقرَّ بأن خطأه يوم السبت كان مكلفاً.

وقال نوريس بابتسامة خفيفة: «أنا أجعل الأمور صعبةً على نفسي. وهذا يجعل سباقات الأحد أكثر إثارةً أحياناً. لكنني فَوَّتُّ فرصةَ الصعود إلى المنصة واحتساء عصير التفاح. يجب أن أعمل على تحسين أيام السبت، وإذا نجحت في ذلك، فأنا واثق من قدرتي على العودة لموقعي الطبيعي».

من جانبه، رأى نوريس أن تأخر فيرستابن بفارق 2.8 ثانية فقط عن بياستري رغم عقوبة الـ5 ثوانٍ، يعني أن سيارة مكلارين لم تكن الأسرع في جدة، وهي وجهة نظر خالفها بياستري.

أما بالنسبة لفريق ريد بول، فإن الأداء بدا متذبذباً هذا الموسم. ففي سباقات مثل سوزوكا وجدة، أظهر الفريق سرعة قادرة على المنافسة، لكن في جولات مثل البحرين، تراجع المستوى بشكل لافت. وهو ما يؤكد أن السيارة تعمل ضمن نافذة ضيقة من الأداء الأمثل.

ورغم أن مراجعة الأحداث بأثر رجعي قد تجعل قرار فيرستابن بالاحتفاظ بمركزه أمام بياستري في المنعطف الأول يبدو خاطئاً، فإن هذه اللحظة أعادت إلى الأذهان العدوانية التي اشتهر بها بطل العالم في مواجهاته المباشرة، كما حدث في أوستن والمكسيك الموسم الماضي ضد نوريس. عرف فيرستابن أن عليه القتال في المنعطف الأول ليحسم المواجهة مبكراً، لكنه تجاوز الحد وواجه العقوبة.

فيرستابن غاضب بسبب خشية العقوبات

أعرب بطل العالم الهولندي ماكس فيرستابن عن امتعاضه من القيود المفروضة على السائقين في «فورمولا 1»، عادّاً أنه لا يستطيع التعبير عن آرائه بحرّية خوفاً من العقوبات أو إساءة فهم تصريحاته من قبل الاتحاد الدولي للسيارات، خصوصاً في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، حيث «يمكن أن تضع نفسك في مأزق».

تصريحات فيرستابن جاءت عقب حصوله على عقوبة زمنية مدتها 5 ثوانٍ في «جائزة السعودية الكبرى» بجدة، بعد أن رأى المراقبون أنه خرج عن المسار في المنعطف الأول، وحقَّق بذلك أفضلية غير قانونية مكَّنته من البقاء في الصدارة أمام سائق مكلارين، أوسكار بياستري.

وعند إبلاغه بالعقوبة، علّق فيرستابن بسخرية عبر اللاسلكي قائلاً: «رائع جداً!»، قبل أن يؤدي العقوبة ويتراجع خلف بياستري، الذي أنهى السباق متقدماً عليه بفارق 2.8 ثانية، ليخطف الانتصار من سائق ريد بول.

وفي المؤتمر الصحافي بعد السباق، رفض فيرستابن الحديث عن الحادثة، مكتفياً بمزحة: «الانطلاقة حدثت، والمنعطف الأول حصل، وفجأة وجدنا أنفسنا في اللفة 50... كل شيء مضى بسرعة فائقة!». ثم تابع بجدية: «لا يمكنني قول رأيي بصراحة، لأنني قد أُعاقَب أيضاً. الأفضل أن أبقى صامتاً».

ووسَّع السائق الهولندي في شرح موقفه قائلاً إن الأمر يعود بشكل عام إلى «وسائل التواصل الاجتماعي وطبيعة العالم اليوم»، مشيراً إلى أن «كلماتك يمكن أن تُحرَّف بسهولة، ما يجعل الصمت أحياناً الخيار الأفضل».

وأضاف: «أعتقد أنها طبيعة العالم الذي نعيش فيه الآن. لا يمكنك مشاركة رأيك كاملاً؛ لأن ذلك لا يُقدَّر على ما يبدو، أو لأن الناس لا يتقبلون الحقيقة كاملة. بالنسبة لي، الصمت أوفر للجهد والوقت، فنحن السائقين نؤدي كثيراً من المهام بالفعل».

فيرستابن لم يخفِ انزعاجه من التحولات التي طرأت على بيئة «فورمولا 1» مؤخراً، مؤكداً أن «الجميع بات شديد الحساسية تجاه كل شيء. لا يُسمَح لنا بتوجيه أي انتقاد مهما كان بسيطاً، وهذا أمر واقع. لذلك، قلة الكلام أصبحت الأفضل بالنسبة لي».

ويبدو أن الحادثة الأخيرة أعادت إلى الأذهان ما حدث العام الماضي، حين عاقب الاتحاد الدولي للسيارات فيرستابن بإلزامه بأداء خدمة مجتمعية بعد أن تفوّه بعبارات نابية في مؤتمر صحافي بسنغافورة، وعدّ ذلك القرار حينها «سخيفاً»، وردّ باحتجاج صامت من خلال تقديم إجابات مقتضبة في المؤتمرات الصحافية التالية. وقد نفّذ لاحقاً العقوبة عبر المشاركة في فعالية سباقات للهواة في رواندا بالتعاون مع الاتحاد الدولي.

البطل السابق فيرستابن يهنئ البطل الجديد بياستري (الاتحاد السعودي للسيارات)
البطل السابق فيرستابن يهنئ البطل الجديد بياستري (الاتحاد السعودي للسيارات)

المراقبون الدوليون: بياستري لم يتجاوز الحدود

وخلال الشتاء، أدخل الاتحاد الدولي لوائح جديدة تتعلق بـ«سوء السلوك»، شملت فرض غرامات، وخصم نقاط، وحتى احتمال فرض حظر على المشارَكة في السباقات. ويبدو أن فيرستابن كان يشير إلى هذه القواعد عندما سُئل عن أسباب إحباطه، حيث قال: «أعلم أنني لا أستطيع التلفّظ بألفاظ غير لائقة هنا، لكن في المقابل لا يمكنني توجيه أي انتقاد أو قول شيء قد يُعدّ خطراً أو مضراً... القواعد كثيرة، ولو أردت سردها سأحتاج إلى قراءة اللائحة بأكملها».

وتابع: «لهذا من الأفضل ألّا أتحدث. لأنك قد تُعرِّض نفسك للعقوبة، ولا أحد يريد ذلك».

لكن المراقبين رأوا الأمور بشكل مختلف، مؤكدين أن سيارة بياستري كانت بمحاذاة كافية لفرض «حق المنعطف»، بناءً على التعديلات الجديدة في دليل السائقين، التي جاءت في أعقاب حوادث العام الماضي. ورغم عدوانية بياستري في الدخول، فإنه لم يتجاوز الحدود، بل تصرّف بحزم وثقة، حتى أمام أحد أشرس سائقي «فورمولا 1».

النجم الأسترالي... يتجنّب الغرور

ورغم الفوز والانفراد بالصدارة، فإن بياستري لم يُظهر أي مظاهر فرح مبالغ فيها، ولم يبدُ عليه الغرور. وعندما سُئل إن كان يشعر باختلاف بعدما بات «المطَارَد» لا «المطَارِد»، كانت إجابته واضحة: «لا».

وأوضح: «ما زلت أريد الفوز بكل سباق أشارك فيه. لا تهمني كثيراً حقيقة أنني في الصدارة، بل أفخر بالأسباب التي أوصلتنا إليها. ملبورن لم تكن انطلاقةً جيدةً من حيث النتيجة، لكنني شعرت بأنني في حالة جيدة منذ أول يوم في الموسم. الصدارة هي ثمرة عملنا في الفترة الشتوية، وجهدي الشخصي، وجهد الفريق بأكمله».

وأضاف: «أنا فخور بكل ذلك أكثر من كوني في الصدارة نفسها، لأن ما يهم فعلاً هو أن أكون في المقدمة بعد الجولة الـ24، لا الجولة الـ5 فقط».

فحتى بعد 3 انتصارات في 5 سباقات، وتقدّمه بفارق 10 نقاط في ترتيب السائقين، لا يزال بياستري يركز على الأساسيات.

هي ذهنية ناضجة لا تعكس سنه، وإذا حافظ على هذا التوازن في التفكير، واستمرَّ في تقديم أداء خالٍ من الأخطاء، فإنه سيكون خصماً صلباً يصعب إيقافه، وسيجبر نوريس وفيرستابن على بذل أقصى ما لديهما للحاق به.

هاميلتون في مهب العاصفة: لا أشعر بالسيارة تحت قدمي

لم يخفِ لويس هاميلتون خيبته من الأداء، واصفاً سباقه بأنه كان «فظيعاً»، مشيراً إلى أن تأقلمه مع سيارة فيراري الجديدة لا يزال بعيداً جداً عن المثالية.

وحلَّ هاميلتون سابعاً، متأخراً بفارق 31 ثانية عن زميله في الفريق شارل لوكلير، الذي أنهى السباق في المركز الثالث، محققاً أول منصة تتويج لفيراري هذا الموسم. وكان هذا الفارق بين السائقَين هو الأكبر في الجولات الـ5 الأولى من الموسم الجديد.

وعندما سُئل إن كان هناك شيء إيجابي يمكن أخذه من هذا السباق، أجاب هاميلتون دون تردد: «لا شيء».

ثم أضاف: «لا يوجد شيء إيجابي اليوم... باستثناء نتيجة شارل. وجوده على المنصة أمر رائع للفريق».

وأوضح السائق البريطاني أن سباقه، رغم محاولاته القتالية في مواجهة لاندو نوريس بسيارة مكلارين، لم يكن ممتعاً على الإطلاق. وقال: «كنت أنزلق على المضمار طوال الوقت. في الجزء الأول من السباق، كان هناك انعدام تام في توازن السيارة، ثم تدهور كبير في الإطارات. وفي الجزء الثاني، تحسَّن التوازن قليلاً، لكن لم تكن هناك أي سرعة».

وأكد: «جرَّبت كل شيء ولم تستجب السيارة بأي شكل».