كييف تؤجل شن هجوم الربيع... لكنها تتعهد تحرير «كل الأراضي الأوكرانية»

بريطانيا تزوّد أوكرانيا بصواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى يمكنها ضرب شبه جزيرة القرم

الرئيس الأوكراني مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية خلال زيارته لبروكسل (أ.ب)
الرئيس الأوكراني مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية خلال زيارته لبروكسل (أ.ب)
TT

كييف تؤجل شن هجوم الربيع... لكنها تتعهد تحرير «كل الأراضي الأوكرانية»

الرئيس الأوكراني مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية خلال زيارته لبروكسل (أ.ب)
الرئيس الأوكراني مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية خلال زيارته لبروكسل (أ.ب)

ما زال الجدول الزمني لانطلاق كييف لاستعادة أراضٍ في منطقتي دونيتسك ولوغانسك (شرق) وكذلك في خيرسون وزابوريجيا (جنوب) يشكل سؤالاً مفتوحاً، مع اعتراف موسكو أمس بأن العملية العسكرية الخاصة التي بدأتها قبل 15 شهراً في أوكرانيا تتعثر وتواجه صعوبات. لكن من الواضح أيضاً أن الأوكرانيين يواجهون بالمقابل صعوبات ميدانية، أجبر كييف أن تعيد النظر في إطلاق هجوم الربيع المضاد، الذي طال انتظاره، وهذا ما أكده الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس في مقابلة مطولة مع هيئة البث البريطاني (بي بي سي).

وقال زيلينسكي الخميس في المقابلة إن جيشه ما زال في حاجة إلى الوقت للتحضير لهجوم مضاد على نطاق واسع متوقع ضد القوات الروسية، مضيفاً «بما لدينا يمكننا المضي قدماً وتحقيق النجاح. لكننا سنفقد الكثير من الناس. أعتقد أن هذا غير مقبول. لذلك؛ علينا الانتظار. ما زلنا في حاجة إلى بعض الوقت الإضافي».

واجتاحت القوات الروسية أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 فيما تسميه موسكو «عملية عسكرية خاصة»، والتي استولت في بدايتها على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية. ويقدّر مسؤولون غربيون أن أكثر من 200 ألف جندي روسي قُتلوا أو جُرحوا.

وقام الجيش الأوكراني بتدريب قوات جديدة وجمع ذخيرة ومعدات قدمتها الدول الغربية ستكون - بحسب محللين - المدخل لاستعادة الأراضي المحتلة من القوات الروسية.

وصرح وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في أواخر أبريل (نيسان)، بأن «الاستعدادات تقترب من نهايتها». وأضاف خلال مؤتمر صحافي «تم التعهد بالمعدات وجُهِّزت وسُلّمت جزئياً. بشكل عام نحن جاهزون». وأضاف «متى شاء الله، و(توفر) الطقس وقرار القادة سنفعل ذلك». لكنه أضاف أن دبابات «أبرامز» القوية التي وعدت بها الولايات المتحدة «لن يتسنّى لها الوقت للمشاركة في هذا الهجوم المضاد»؛ إذ من المتوقع أن تتسلمها أوكرانيا في نهاية 2023.

أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بلاده بصدد إرسال صواريخ «ستورم شادو» إلى أوكرانيا للتصدي للهجمات الروسية. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن والاس قوله أمام مجلس العموم، الخميس، إن الأسلحة الجديدة سوف تعطي أوكرانيا «أفضل فرصها» للدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الروسي. وقال الوزير إن عدم توقف روسيا عن شن هجمات ضد المدنيين في أوكرانيا كان السبب وراء قرار لندن، مضيفاً «ببساطة لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تقتل روسيا المدنيين». وتابع «هذا رد محسوب ومتناسب لأعمال التصعيد الروسية».

وأفاد تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية بأن بريطانيا زودت أوكرانيا بصواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى، والتي يمكنها الوصول إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها بالقوة من أوكرانيا في عام2014، وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، الخميس، إن رئيس الوزراء ريشي سوناك كان أعلن خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للندن في فبراير الماضي، أن بريطانيا ستكون أول دولة تزود أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى.

وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الخميس، بأن مدى الصاروخ «ستورم شادو»، الذي طورته المملكة المتحدة وفرنسا بشكل مشترك، يبلغ أكثر من 155 ميلاً، وهو ما يقل قليلاً عن نظام «إم جي إم140 - أتاكمز» الأميركي الصنع، الذي طلبته أوكرانيا. ونقلت «سي إن إن» عن أحد المسؤولين الغربيين، لم تكشف عنه، القول إن أوكرانيا أعطت تأكيدات للمملكة المتحدة بأن الصواريخ، التي عادة ما يتم إطلاقها من الجو، لن تستخدم إلا داخل أراضيها الخاضعة لسيادتها وليس داخل روسيا.

وأكد مسؤول عسكري أوكراني كبير، الأربعاء، أن قوات كييف نفذت هجمات مضادة في باخموت، حيث يتركز القتال في شرق أوكرانيا، وأجبرت القوات الروسية على التراجع في بعض الأماكن. رغم هذا التريث في إطلاق الهجوم المضاد، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده تريد طرد المحتلين الروس من البلاد بدعم خارجي. وأضاف زيلينسكي في خطابه المصور الليلي مساء الأربعاء «لن نترك قطعة واحدة من أرضنا للعدو... لن يسود الاستبداد في أي مكان». وقال زيلينسكي «دعونا لا ننسى أن كل يوم يكون فيه المحتل على أرضنا هو إغراء له للاعتقاد بأنه سينجح». وأردف «لن ينجح... نحن في حاجة إلى إعادة الحرية والأمن وأوروبا إلى الأرض الأوكرانية بأكملها».

وأشار إلى أن الاستعدادات جارية بالفعل في أوكرانيا لإعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب. ويجري العمل على جميع جوانب إعادة الإعمار، من الاقتصاد والصناعة إلى التسلح والطاقة والبنية التحتية والتعليم والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية. وقال زيلينسكي «الآن، في مايو (أيار)، سننتهي من النقاط الملموسة لبرامج الدولة هذه، وفي يونيو (حزيران) سنعمل مع شركائنا (الخارجيين) على خططنا. هنا، في أوكرانيا، سيرى العالم ما تستطيع أوروبا القيام به».

ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله لمحطة تلفزيونية بوسنية يوم الأربعاء، إن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا «صعبة جداً» لكنها ستستمر. وأضاف بيسكوف في المقابلة الطويلة أن روسيا تمكنت من إلحاق أضرار جسيمة بالآلة العسكرية الأوكرانية، وأن ذلك سيستمر. ونقلت وكالة «تاس» عن بيسكوف قوله «العملية العسكرية الخاصة مستمرة. وهي عملية صعبة جداً، وبالطبع تحققت أهداف معينة خلال عام». وتواصل أوكرانيا قصف الأجزاء الشرقية التي تحتلها روسيا من البلاد، وقال بيسكوف إن هذا يظهر الحاجة إلى مواصلة الصراع ودفع القوات الموالية لكييف للتراجع. وفي سياق متصل، قال مسؤولون إنه تم استخدام طائرات درون للهجوم على مخزن للوقود ومبنى إدارة في بريانسك، المنطقة الواقعة بغرب روسيا القريبة من الحدود مع أوكرانيا. وكتب ألكسندر بوجوماس حاكم منطقة بريانسك على تطبيق «تلغرام» إن طائرة درون أسقطت عبوة ناسفة فوق منشأة تخزين؛ مما أدى لإلحاق الضرر جزئياً بخزان نفط. ولم يقدم مزيداً من التفاصيل بشأن المبنى الإداري. وذكرت معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي أن المنشأة كانت موقعاً عسكرياً. وأفادت تقارير بأن الحادث لم يسفر عن وقوع إصابات. واتهم بوجوماس أوكرانيا بأنها وراء الهجمات، ولكن لم يصدر رد فعل من كييف.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

شمال افريقيا قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

قالت مصادر سودانية إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 9 وإصابة 20.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا إردوغان مستقبلاً البرهان في أنقرة 12 أغسطس 2021 (رويترز)

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان والإمارات على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا في أرض الصومال

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)

قائد «الجنجويد» في دارفور ينفي أمام الجنائية الدولية ارتكابه جرائم حرب

نفى زعيم ميليشيا سوداني، اليوم (الجمعة)، أمام المحكمة الجنائية الدولية الاتهامات الموجّهة إليه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.


ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.