ما زال الجدول الزمني لانطلاق كييف لاستعادة أراضٍ في منطقتي دونيتسك ولوغانسك (شرق) وكذلك في خيرسون وزابوريجيا (جنوب) يشكل سؤالاً مفتوحاً، مع اعتراف موسكو أمس بأن العملية العسكرية الخاصة التي بدأتها قبل 15 شهراً في أوكرانيا تتعثر وتواجه صعوبات. لكن من الواضح أيضاً أن الأوكرانيين يواجهون بالمقابل صعوبات ميدانية، أجبر كييف أن تعيد النظر في إطلاق هجوم الربيع المضاد، الذي طال انتظاره، وهذا ما أكده الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس في مقابلة مطولة مع هيئة البث البريطاني (بي بي سي).
وقال زيلينسكي الخميس في المقابلة إن جيشه ما زال في حاجة إلى الوقت للتحضير لهجوم مضاد على نطاق واسع متوقع ضد القوات الروسية، مضيفاً «بما لدينا يمكننا المضي قدماً وتحقيق النجاح. لكننا سنفقد الكثير من الناس. أعتقد أن هذا غير مقبول. لذلك؛ علينا الانتظار. ما زلنا في حاجة إلى بعض الوقت الإضافي».
واجتاحت القوات الروسية أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 فيما تسميه موسكو «عملية عسكرية خاصة»، والتي استولت في بدايتها على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية. ويقدّر مسؤولون غربيون أن أكثر من 200 ألف جندي روسي قُتلوا أو جُرحوا.
وقام الجيش الأوكراني بتدريب قوات جديدة وجمع ذخيرة ومعدات قدمتها الدول الغربية ستكون - بحسب محللين - المدخل لاستعادة الأراضي المحتلة من القوات الروسية.
وصرح وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في أواخر أبريل (نيسان)، بأن «الاستعدادات تقترب من نهايتها». وأضاف خلال مؤتمر صحافي «تم التعهد بالمعدات وجُهِّزت وسُلّمت جزئياً. بشكل عام نحن جاهزون». وأضاف «متى شاء الله، و(توفر) الطقس وقرار القادة سنفعل ذلك». لكنه أضاف أن دبابات «أبرامز» القوية التي وعدت بها الولايات المتحدة «لن يتسنّى لها الوقت للمشاركة في هذا الهجوم المضاد»؛ إذ من المتوقع أن تتسلمها أوكرانيا في نهاية 2023.
أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بلاده بصدد إرسال صواريخ «ستورم شادو» إلى أوكرانيا للتصدي للهجمات الروسية. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن والاس قوله أمام مجلس العموم، الخميس، إن الأسلحة الجديدة سوف تعطي أوكرانيا «أفضل فرصها» للدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الروسي. وقال الوزير إن عدم توقف روسيا عن شن هجمات ضد المدنيين في أوكرانيا كان السبب وراء قرار لندن، مضيفاً «ببساطة لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تقتل روسيا المدنيين». وتابع «هذا رد محسوب ومتناسب لأعمال التصعيد الروسية».
وأفاد تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية بأن بريطانيا زودت أوكرانيا بصواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى، والتي يمكنها الوصول إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها بالقوة من أوكرانيا في عام2014، وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، الخميس، إن رئيس الوزراء ريشي سوناك كان أعلن خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للندن في فبراير الماضي، أن بريطانيا ستكون أول دولة تزود أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الخميس، بأن مدى الصاروخ «ستورم شادو»، الذي طورته المملكة المتحدة وفرنسا بشكل مشترك، يبلغ أكثر من 155 ميلاً، وهو ما يقل قليلاً عن نظام «إم جي إم140 - أتاكمز» الأميركي الصنع، الذي طلبته أوكرانيا. ونقلت «سي إن إن» عن أحد المسؤولين الغربيين، لم تكشف عنه، القول إن أوكرانيا أعطت تأكيدات للمملكة المتحدة بأن الصواريخ، التي عادة ما يتم إطلاقها من الجو، لن تستخدم إلا داخل أراضيها الخاضعة لسيادتها وليس داخل روسيا.
وأكد مسؤول عسكري أوكراني كبير، الأربعاء، أن قوات كييف نفذت هجمات مضادة في باخموت، حيث يتركز القتال في شرق أوكرانيا، وأجبرت القوات الروسية على التراجع في بعض الأماكن. رغم هذا التريث في إطلاق الهجوم المضاد، قال الرئيس الأوكراني إن بلاده تريد طرد المحتلين الروس من البلاد بدعم خارجي. وأضاف زيلينسكي في خطابه المصور الليلي مساء الأربعاء «لن نترك قطعة واحدة من أرضنا للعدو... لن يسود الاستبداد في أي مكان». وقال زيلينسكي «دعونا لا ننسى أن كل يوم يكون فيه المحتل على أرضنا هو إغراء له للاعتقاد بأنه سينجح». وأردف «لن ينجح... نحن في حاجة إلى إعادة الحرية والأمن وأوروبا إلى الأرض الأوكرانية بأكملها».
وأشار إلى أن الاستعدادات جارية بالفعل في أوكرانيا لإعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب. ويجري العمل على جميع جوانب إعادة الإعمار، من الاقتصاد والصناعة إلى التسلح والطاقة والبنية التحتية والتعليم والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية. وقال زيلينسكي «الآن، في مايو (أيار)، سننتهي من النقاط الملموسة لبرامج الدولة هذه، وفي يونيو (حزيران) سنعمل مع شركائنا (الخارجيين) على خططنا. هنا، في أوكرانيا، سيرى العالم ما تستطيع أوروبا القيام به».
ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله لمحطة تلفزيونية بوسنية يوم الأربعاء، إن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا «صعبة جداً» لكنها ستستمر. وأضاف بيسكوف في المقابلة الطويلة أن روسيا تمكنت من إلحاق أضرار جسيمة بالآلة العسكرية الأوكرانية، وأن ذلك سيستمر. ونقلت وكالة «تاس» عن بيسكوف قوله «العملية العسكرية الخاصة مستمرة. وهي عملية صعبة جداً، وبالطبع تحققت أهداف معينة خلال عام». وتواصل أوكرانيا قصف الأجزاء الشرقية التي تحتلها روسيا من البلاد، وقال بيسكوف إن هذا يظهر الحاجة إلى مواصلة الصراع ودفع القوات الموالية لكييف للتراجع. وفي سياق متصل، قال مسؤولون إنه تم استخدام طائرات درون للهجوم على مخزن للوقود ومبنى إدارة في بريانسك، المنطقة الواقعة بغرب روسيا القريبة من الحدود مع أوكرانيا. وكتب ألكسندر بوجوماس حاكم منطقة بريانسك على تطبيق «تلغرام» إن طائرة درون أسقطت عبوة ناسفة فوق منشأة تخزين؛ مما أدى لإلحاق الضرر جزئياً بخزان نفط. ولم يقدم مزيداً من التفاصيل بشأن المبنى الإداري. وذكرت معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي أن المنشأة كانت موقعاً عسكرياً. وأفادت تقارير بأن الحادث لم يسفر عن وقوع إصابات. واتهم بوجوماس أوكرانيا بأنها وراء الهجمات، ولكن لم يصدر رد فعل من كييف.