وزير الخارجية الصيني: تايوان خط أحمر و«مؤشر» علاقتنا مع دول العالم

قانغ قال لـ«الشرق الأوسط» إن علاقة بكين مع الرياض ترتكز على مقومات عصرية جديدة

مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ (غيتي)
مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ (غيتي)
TT

وزير الخارجية الصيني: تايوان خط أحمر و«مؤشر» علاقتنا مع دول العالم

مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ (غيتي)
مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ (غيتي)

أكد مستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني، تشين قانغ، أن استراتيجية علاقة بلاده مع المملكة العربية السعودية ترتكز على مقومات عصرية جديدة، وأن بكين تضع الرياض في موقع متقدم للدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط، وحذّر من أن المساعي الأميركية لاستعداء تايوان ضد الصين تخرب النظام الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية بشكل كبير.

وقال قانغ في حوار مع «الشرق الأوسط»: «سندافع بحزم عن سيادة الدولة وسلامة أراضيها، ونحافظ على حقوق ومصالح أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، بمن فيهم أهالي تايوان، وإن ما نعتزم ضربه هو القوى التي تحاول تقسيم الصين، وتحرض على استقلال تايوان».

واتهم قانغ الولايات المتحدة بـالسعي إلى «احتواء الصين باستغلال تايوان» لتقييد التنمية فيها، كما تسعى لتحقيق استقلال «تايوان» بالقوة العسكرية.

وأضاف: «إن مسألة تايوان تعد أساس المصالح الجوهرية للصين. ويمثل مبدأ الصين الواحدة أساساً سياسياً حيوياً لإقامة وتطوير علاقتنا مع دول العالم، وجزءاً مهماً من النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية».

وعن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، أكد قانغ أن التحسن المستمر للعلاقات السعودية الإيرانية يعدّ نموذجاً يحتذى به لتسوية النزاعات والخلافات بين الدول عبر الحوار والتشاور.

وأكد قانغ أن بلاده «تعارض مساعي أميركا بإكراه أوروبا على إبعاد وإقصاء الصين»، وأن «صمود العلاقات الصينية الروسية منذ فترة طويلة أمام اختبارات تغيرات الأوضاع الدولية لا يشكل تهديداً لأي دولة في العالم، ولا يتأثر بتشويش أو زرع الخلاف من قبل أي طرف ثالث، ويمثل اتجاهاً صحيحاً لتقدم العصر وتطور التاريخ».

وأضاف وزير الخارجية الصيني: «ستواصل الصين وروسيا مساعيهما من أجل دفع علاقات شراكة التعاون الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، والحفاظ على المنظومة الدولية، والتمسك بتعددية الأطراف الحقيقية، والدفع بتعددية الأقطاب في العالم، ودمقرطة العلاقات الدولية، وتقديم مساهمة مطلوبة في تطور وتقدم البشرية».

وعلى صعيد الأزمة الروسية الأوكرانية، قال قانغ: «نعمل على وقف القتال، ونسعى لحل الأزمة سياسياً»، مؤكداً أن «الحوار المسؤول هو السبيل الأمثل لحل المشكلة».

وأضاف: «الرئيس شي جينبينغ أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث أشار بوضوح إلى أن الحوار والمفاوضات هما المخرج الممكن الوحيد للأزمة».

فإلى تفاصيل الحوار:

العلاقات السعودية الصينية

ما تقييمكم للعلاقات السعودية الصينية؟ وما أهم مجالات وآفاق التعاون بين البلدين؟

- هناك بيت شعر صيني قديم يقول: «الصديق الحميم قريب حتى لو كان بعيداً». إن العلاقات الصينية السعودية خير تجسيد لهذا البيت الشعري، إذ تربط الصين والمملكة صداقة عميقة ومتجذرة رغم البعد الجغرافي الذي يفصلهما؛ فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 33 عاماً، شهدت هذه العلاقات تطوراً سريعاً وشاملاً، حيث تعمقت الثقة المتبادلة على الصعيد السياسي باستمرار، وحقق التعاون المتبادل بين البلدين نتائج مثمرة، وأصبح البلدان صديقين حميمين يتعامل بعضهما مع البعض بصدق، وعلى أساس الاحترام المتبادل، وشريكين وثيقين يسعيان معاً إلى التنمية والكسب المشترك على أساس التعاون، وأخوين عزيزين يتفاهمان ويتقاربان ويستفيد ويتعلم أحدهما من الآخر، ما شكل نموذجاً يحتذى به للتواصل الودي بين الدول ذات الحضارات المختلفة.

وتعمل الصين حالياً على الدفع بالنهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل من خلال التحديث الصيني النمط، كما تعمل المملكة على تعزيز التنويع الاقتصادي، الأمر الذي أتاح فرصاً جديدة لتطور العلاقات الثنائية.

وقام الرئيس شي جينبينغ بزيارة الدولة الناجحة إلى المملكة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحضر القمة الصينية العربية الأولى، والقمة الأولى بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أجرى الرئيس شي جينبينغ محادثات معمقة مع الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي حدد اتجاهاً وخطة طريق لتطور العلاقات الصينية السعودية في العصر الجديد، وهو يعد رمزاً للوصول بها إلى مستوى جديد.

واستشرافاً للمستقبل، سيواصل الجانب الصيني وضع المملكة في موقع متقدم للدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط، وسيعمل مع الجانب السعودي على مواصلة تعميق المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» السعودية، وبذل جهود مشتركة للمضي قدماً في تنفيذ مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وتحقيق تكامل المزايا من خلال التنمية المشتركة والدفع بنهضة الأمة من خلال التقدم المشترك، بما يثري علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة بين الصين والمملكة، بالمقومات العصرية الجديدة باستمرار.

الاتفاق السعودي الإيراني نموذج ناجح لتعزيز الاستقرار

إلى أي مدى ستعزز المصالحة بين الرياض وطهران، بشكل خاص، الأمن والاستقرار في المنطقة؟

- يرحب الجانب الصيني بالخطوة النوعية الأخيرة لتحسين العلاقات بين الجانبين السعودي والإيراني، المتمثلة في تبادل فريقي العمل، وإعادة فتح السفارات وفقاً لما حدده «اتفاق بيجينغ» من خريطة طريق وجدول زمني.

وانسجاماً مع المثل العربي القائل: «من تأنّى أدرك ما تمنّى»، يثق الجانب الصيني بأنه ما دام يواصل الجانبان السعودي والإيراني التمسك بروح المصالحة، والمواقف البناءة، والدفع بعملية تحسين العلاقات البينية وفقاً للتوافقات التي جرى التوصل إليها، فسيتمكّنان بكل تأكيد من تعزيز الثقة المتبادلة، وتبديد الشكوك حتى تحقيق حسن الجوار بينهما.

إن التحسن المستمر للعلاقات السعودية الإيرانية لم يفتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين فحسب، بل شكل نموذجاً يحتذى به لتسوية النزاعات والخلافات بين الدول عبر الحوار والتشاور.

وتظهر الآن «موجة المصالحة» بين دول الشرق الأوسط، وأثبتت الحقائق أن العبث بأمن المنطقة وخدمة المصالح الأنانية من خلال إثارة الخلافات وتأجيج المواجهة أمر لن يحظى بالتأييد من قبل الشعوب ولن يدوم.

ولا يمكن تحقيق الأمن والأمان الدائمين إلا من خلال التمسك بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، واتباع مسار جديد للأمن، يتميز بالحوار والشراكة والكسب المشترك، بدلاً من المواجهة أو الانحياز أو اللعبة الصفرية.

إن الجانب الصيني، كصديق عزيز وشريك حميم لدول الشرق الأوسط، سيدعم بثبات الحوار والتواصل البناءين في ما بينها، ويدعم بثبات جهودها في تحقيق الاستقلال الاستراتيجي وتعزيز التضامن والتنسيق، ويسهم بالحكمة الصينية والقوة الصينية في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

 

مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني، تشين قانغ ( غيتي)

 

أعلنت أميركا عن إرسال غواصة نووية إلى الخليج العربي تحمل 154 صاروخ «توماهوك»، بذريعة تهديدات نووية إيرانية. ما تعليقكم؟

- إن ما يحتاج إليه الشرق الأوسط هو الانفراج والحوار، بدلاً من التوتر أو المواجهة. الشرق الأوسط تملكه شعوبه، وهو ليس فناءً خلفياً لأحد. نحث الدول أن تسهم بطاقة إيجابية في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وليس العكس.

إكراه أوروبا على إقصاء الصين

أظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفاً مغايراً للموقف الأميركي بعد لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ، ورفض مواجهة الصين لإرضاء أميركا، وسعى إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. ما تعليقكم؟

- كانت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الصين زيارة ناجحة للغاية، حيث أجرى الرئيس شي جينبينغ والرئيس ماكرون تواصلاً ودياً ومعمقاً، وتوصل الرئيسان إلى توافقات مهمة حول العلاقات الصينية الفرنسية والتعاون الصيني الأوروبي، وسبل مواجهة التحديات العالمية.

إن العلاقات الصينية الأوروبية، والعلاقات الصينية الفرنسية، لا تستهدف ولا تتبع ولا تخضع لطرف ثالث، والتبادلات الرفيعة المستوى بين الصين وفرنسا لا تهدف إلى التأثير على علاقات كل منهما بالولايات المتحدة. ولا تنوي الصين الحلول محل الولايات المتحدة في أوروبا. وفي الوقت نفسه، نعارض قيام الجانب الأميركي بتشويش وتخريب العلاقات الصينية الأوروبية، والعلاقات الصينية الفرنسية، ونعارض قيامه بإكراه أوروبا على إبعاد وإقصاء الصين.

إن فرنسا دولة كبيرة لها تقاليد في الاستقلال، وتعمل دائماً على دفع الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا. إن الاستقلال الاستراتيجي، بوصفه شيئاً مطلوباً للحفاظ على الاستقلال الذاتي، يعد خياراً يتفق مع مصلحة أوروبا، لا سيما أنها كانت تعاني من ويلات الحرب الباردة، ولذا ينبغي أن تصبح منصة للتعاون والكسب المشترك، بدلاً من رقعة شطرنج للتجاذبات الجيوسياسية.

إن الصين وأوروبا قوتان وسوقان وحضارتان كبيرتان في العالم، والصين وفرنسا عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي. ولا ترتبط العلاقات الصينية الأوروبية والعلاقات الصينية الفرنسية برفاهية الجانبين فحسب، بل تتعلق بالاستقرار والازدهار في العالم أيضاً. وقد ظل الجانب الصيني ينظر إلى أوروبا كقطب مستقل في العالم المتعدد الأقطاب. ونحن على استعداد للعمل مع الجانب الأوروبي، والجانب الفرنسي، على الالتزام بالاحترام المتبادل والتعاون والكسب المشترك، والتغلب على التشويش والصعوبات، والدفع بالتطور المطرد لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأوروبا.

بكين وموسكو لتحالف استراتيجي

ينظر بعض المراقبين إلى القمة الصينية الروسية على أنها بداية لتحالف استراتيجي بين البلدين لتشكيل نواة لنظام عالمي متعدد الأقطاب. ما تعليقكم؟

- إن صمود العلاقات الصينية الروسية منذ فترة طويلة أمام اختبارات تغيرات الأوضاع الدولية، يرجع أهم أسبابه إلى إيجاد طريق صحيحة للتعامل بين الدول الكبرى، تتسم بالثقة الاستراتيجية المتبادلة وحسن الجوار. وتتمسك هذه الطريق بعدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف طرف ثالث، وتسعى إلى الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون والكسب المشترك، وتتجاوز تماماً العقلية القديمة والنمط القديم من لعبة «المحصلة الصفرية» والمواجهة بين المعسكرات، وهي لا تشكل تهديداً لأي دولة في العالم، ولا تتأثر بتشويش أو زرع الخلاف من قبل أي طرف ثالث، وتمثل اتجاهاً صحيحاً لتقدم العصر وتطور التاريخ.

وقد ظلت قلة قليلة من الدول تعكف على إثارة ما يسمى «التحالف بين الصين وروسيا». هذا لا يعدو كونه أكثر من «قياس عملاق بعصا قزم»، ويمثل نموذجاً من عقلية الحرب الباردة، ويجسد أيضاً نظرة للعالم ناقصة عفا عليها الزمن، إذ إنها ترى التحالف والمجابهة في العالم أحادي القطب فقط، ولا ترى التعاون والكسب المشترك في العالم متعدد الأقطاب.

إن الصين وروسيا، بوصفهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي ودولتين كبيرتين مهمتين، ستواصلان مساعيهما من أجل دفع علاقات شراكة التعاون الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، والحفاظ على المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزاً لها، والنظام الدولي على أساس القانون الدولي، والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بتعددية الأطراف الحقيقية، والدفع بتعددية الأقطاب في العالم، ودمقرطة العلاقات الدولية، وكذلك تقديم مساهمة مطلوبة في تطور وتقدم البشرية.

الرؤية الصينية للحل السياسي للأزمة الأوكرانية

ما الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية؟ هل سيكون هناك لقاء وشيك بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؟ الغرب وأمريكا يدعوان الصين إلى الامتناع عن توريد الأسلحة إلى روسيا، ويهددان بفرض العقوبات على الصين. ما رد الجانب الصيني؟

- إنه من المؤسف والمؤلم أن الأوضاع لا تزال خطيرة ومعقدة منذ التصعيد الشامل للأزمة الأوكرانية على مدى أكثر من عام. وأثبت الواقع، مرة أخرى، أن الصراعات والحروب لا تنتج فائزاً، ولا تؤدي العقوبات والقمع وصب الزيت على النار إلا إلى دوامة التصعيد للصراعات.

ليست الصين من صنع الأزمة الأوكرانية، وليست طرفاً في الصراع، غير أننا كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودولة كبيرة مسؤولة، لم نقف مكتوفي الأيدي، ولم نقم بتصعيد الأزمة أو تأجيج الموقف، بل نقف دائماً إلى جانب السلام والعدالة، وندعو إلى مفاوضات السلام، ونعمل على وقف القتال، ونسعى إلى حل الأزمة سياسياً.

وقد بادرنا إلى طرح الرؤية الصينية حول الحل السياسي، وطرح الرئيس شي جينبينغ «الضرورات الأربع» في بداية التصعيد الشامل للأزمة، أي ضرورة احترام السيادة وسلامة الأراضي لكافة الدول، وضرورة الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وضرورة الاهتمام بالهموم الأمنية المعقولة لكافة الدول، وضرورة دعم جميع المساعي التي تسهم في حل الأزمة سلمياً. كما أصدر الجانب الصيني، قبل فترة، وثيقة «الموقف الصيني من حل الأزمة الأوكرانية سياسياً»، التي تقوم فكرتها المحورية على بذل جهود حميدة لدفع المفاوضات.

كما عملنا بنشاط على بلورة التوافق الدولي بشأن الحل السياسي. وأجرى الرئيس شي جينبينغ تواصلاً صادقاً ومعمقاً مع الرئيس فلاديمير بوتين حول الأزمة الأوكرانية في أثناء زيارته إلى روسيا في مارس (آذار) الماضي، مؤكداً أن الحوار المسؤول هو السبيل الأمثل لحل المشكلة.

وفي الآونة الأخيرة، أجرى الرئيس شي جينبينغ مباحثات مع كل من قادة فرنسا والبرازيل والاتحاد الأوروبي في أثناء زيارتهم إلى الصين، للبحث معاً في سبل حل الأزمة الأوكرانية سياسياً.

وقبل أيام، تلقى الرئيس شي جينبينغ اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث أشار بوضوح إلى أن الحوار والمفاوضات هما المخرج الممكن الوحيد، وأعرب عن أمله بتهيئة الظروف المواتية لحل الأزمة سياسياً عبر الحوار بين الأطراف، لإيجاد طريق تضمن الأمن والأمان الدائمين في أوروبا.

لكن من المؤسف أن بعض الدول لا تريد إطفاء نيران الحرب قريباً، انطلاقاً من مصالحها الجيوسياسية الأنانية، بل تلفق مختلف الشائعات والافتراءات لمهاجمة الصين وتشويه صورتها، وتفرض عقوبات غير مبررة على الشركات الصينية، حتى تسرع في بيع الأسلحة إلى تايوان بحجة الأزمة الأوكرانية، ما يشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية الصينية.

أثق بأن شعوب العالم تدرك ما جرى تماماً، وهناك دائماً الرأي العام العادل بشأن من هو على حق. وسيواصل الجانب الصيني العمل مع المجتمع الدولي على لعب دور بنّاء في إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية.

وفي الوقت نفسه، نعارض بحزم التصرفات الأميركية في الهيمنة والطغيان، وندافع بثبات عن حقوقنا ومصالحنا المشروعة.

تايوان.. خط أحمر

هناك حديث حول مناورات عسكرية أميركية تايوانية. ما تعليق الجانب الصيني على ذلك؟ هل من المتوقع نشوب حرب صينية أميركية بسبب تايوان؟

- إن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية. وفيما يخص مسألة تايوان، سندافع بحزم عن سيادة الدولة وسلامة أراضيها، ونحافظ على حقوق ومصالح أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، بمن فيهم أهالي تايوان، وإن ما نعتزم ضربه هو القوى التي تحاول تقسيم الصين، وتحرض على استقلال تايوان.

يرجع السبب الجذري للتوتر المستمر الذي تشهده أوضاع مضيق تايوان في الوقت الحالي إلى أن الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان يعول على الولايات المتحدة للسعي إلى الاستقلال، ويرفض الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة. ومن جانبها، تعمل الولايات المتحدة على ما يسمى «احتواء الصين باستغلال تايوان»، من أجل تقييد التنمية في الصين، حيث تدعي أنها تلتزم بسياسة الصين الواحدة، لكنها تتشبث برفع مستوى التبادل الرسمي والعلاقات النوعية مع الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان، وتقول إنها لا تدعم «استقلال تايوان»، لكن تقوم ببيع الأسلحة المتقدمة إلى تايوان، وتتساهل مع مساعيها إلى «استقلال تايوان بالقوة العسكرية».

إن مسألة تايوان تعد أساس المصالح الجوهرية للصين. ويمثل مبدأ الصين الواحدة أساساً سياسياً حيوياً لإقامة وتطوير العلاقات بين الصين والدول الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، وتشكل هذه المسألة جزءاً مهماً من النظام الدولي الذي جرى تشكيله ما بعد الحرب العالمية الثانية. إن ما تقوم به الولايات المتحدة حالياً في مسألة تايوان، لا يخالف بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة فحسب، بل يخرب بشكل خطير النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك القواعد الأساسية للعلاقات الدولية.

وتعد القوى الساعية لـ«استقلال تايوان» أكبر تهديد للسلام والاستقرار في مضيق تايوان. لقد ظل الجانب الصيني يسعى إلى مستقبل إعادة التوحيد السلمي بأصدق نية وأقصى جهد، مع الاحتفاظ بخيار اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في هذا الشأن. وإذا أمل الجانب الأميركي فعلاً بأن يسود السلام والاستقرار في مضيق تايوان، فيتحتم عليه أن يعود إلى أصول مبدأ الصين الواحدة، ويلتزم بالبيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، والتعهدات السياسية التي قطعتها القيادة الأميركية، ويعارض ويوقف «استقلال تايوان» بشكل واضح، وليس العكس.

 



اشتباكات بين قوات باكستان و«طالبان» أفغانستان عند الحدود

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات بين قوات باكستان و«طالبان» أفغانستان عند الحدود

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون في إسلام آباد وكابل بأن تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار اندلع بين القوات الحدودية الباكستانية والأفغانية، الجمعة، بعد نحو شهرين من سقوط عدد كبير من القتلى في أسوأ اشتباكات عابرة للحدود منذ عقود. وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن وقوع إصابات على جانبي الحدود.

وقال مسؤول باكستاني لوكالة الأنباء الألمانية إن الأعمال العدائية الأخيرة التي اشتملت على إطلاق قذائف مدفعية وأسلحة أخرى وقعت بين مقاطعة بلوشستان الباكستانية ومنطقة قندهار الأفغانية.

وصرّح مسؤول من قوات حرس الحدود الباكستانية التي تراقب الحدود: «استمر إطلاق النار لمدة ساعتين. وكان مكثفاً وشرساً».

وقال متحدث باسم حكومة «طالبان» الأفغانية إن قواتهم ردّت على إطلاق النار الذي بدأته باكستان. بينما قال مسؤولون باكستانيون إن مقاتلي «طالبان» هم الذين بدأوا إطلاق النار على المدنيين عبر الحدود.

وتأتي الاشتباكات بعد أشهر من مناوشات دامية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي أثارتها غارات جوية باكستانية على أهداف داخل أفغانستان، بينها العاصمة كابل، استهدفت زعيم ميليشيا يُزعم أنها وراء هجمات عابرة للحدود.

وتم التوصل إلى هدنة هشّة توسطت فيها قطر، ولا تزال سارية منذ ذلك الحين.


مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
TT

مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)

أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته الرسمية إلى الهند، استمرار بلاده في تزويد نيودلهي بالنفط رغم العقوبات الأميركية، بينما أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي اتفاقاً ثنائياً واسعاً لتعزيز التعاون الاقتصادي؛ بهدف رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأوضح مودي، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع بوتين، أن الجانبين يعملان على اتفاقية للتجارة الحرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، ويضم كلاً من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان.

بدوره، قال بوتين، لمودي خلال المؤتمر الصحافي، إن «روسيا مزوّد موثوق للنفط والغاز والفحم وكل ما يلزم لتطوير قطاع الطاقة في الهند»، مضيفاً: «نحن مستعدون لمواصلة توريد النفط دون انقطاع لاقتصاد الهند سريع النمو».

ومن دون الإشارة مباشرة إلى النفط الروسي، شكر مودي ضيفه على «دعمه الراسخ للهند»، مشدداً على أن «أمن الطاقة ركيزة أساسية وقوية» في الشراكة بين البلدين.

وتتعرَّض نيودلهي منذ أشهر لضغوط من الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي عبر شراء النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة. وفي أواخر أغسطس (آب)، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على الصادرات الهندية، في وقت كانت تُجرى فيه محادثات ثنائية حول اتفاقية تجارة حرة. وأكد ترمب لاحقاً أنه حصل على تعهّد من مودي بوقف واردات النفط الروسي التي تُشكِّل نحو 36 في المائة من النفط المكرر في الهند.

وبحسب منصة «كبلر» للمعلومات التجارية، تراجعت المشتريات الهندية من الخام الروسي، رغم عدم صدور تأكيد رسمي من نيودلهي، بينما أعلنت مجموعات هندية عدة أنها ستتوقف عن الاعتماد على الواردات المقبلة من موسكو.

وكان مودي قد استقبل بوتين شخصياً، مساء الخميس، في مطار نيودلهي، واستضافه على مأدبة عشاء خاصة. ومنذ بداية الزيارة، تبادل الجانبان عبارات الإطراء وأشادا بمتانة العلاقات التاريخية بين البلدين.

ووصف مودي ضيفه أمام الصحافيين بأنه «صديق حقيقي»، معرباً عن تفاؤله بإمكان إيجاد تسوية للنزاع في أوكرانيا، ومؤكداً أنه «علينا جميعاً العودة إلى طريق السلام».

وردَّ بوتين بشكر جهود مودي «الرامية إلى إيجاد تسوية لهذا الوضع»، مشيداً بالعلاقات «العميقة تاريخياً» بين البلدين وبـ«الثقة الكبرى في التعاون العسكري والتقني» بينهما.

ويسعى البلدان إلى إعادة التوازن في المبادلات التجارية التي بلغت مستوى قياسياً وصل إلى 68.7 مليار دولار خلال عامَي 2024 – 2025، رغم أنها تُظهر حالياً اختلالاً كبيراً لصالح روسيا. وما زالت الهند تمتنع عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بشكل صريح، مع حفاظها في الوقت ذاته على علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.

وكان مودي قد عبّر لأول مرة عام 2022 خلال لقاء في أوزبكستان عن موقفه حيال الأزمة، حين دعا إلى وقف الحرب «في أسرع وقت ممكن»، مؤكداً لاحقاً تمسكه بنظام عالمي «متعدد الأقطاب» ومقاومة الضغوط الغربية لقطع العلاقات مع موسكو.

واستغلت روسيا والهند الزيارة لمناقشة التعاون في المجال العسكري. وقال الدبلوماسي الهندي الكبير فيكرام ميسري إن وزيرَي الدفاع في البلدين عقدا اجتماعاً، من دون التوقيع على أي اتفاق جديد. ورغم توجه نيودلهي مؤخراً إلى مورِّدين آخرين مثل فرنسا، وزيادة اعتمادها على التصنيع المحلي، فإن موسكو لا تزال من أبرز مورِّدي السلاح للهند.

وبعد الاشتباكات التي شهدتها الحدود الهندية - الباكستانية في مايو (أيار)، أبدت نيودلهي اهتماماً بالحصول على منظومات دفاع جوي روسية متقدمة من طراز «إس - 400». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قبل الزيارة: «لا شك أنه سيتم بحث هذا الموضوع خلال الزيارة». كما أشارت تقارير صحافية هندية إلى اهتمام الجيش الهندي بالمقاتلات الروسية من طراز «سوخوي - 57».

ومن المقرر أن يغادر بوتين الهند عائداً إلى موسكو، مساء الجمعة.


خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
TT

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)

عكست نتائج القمة الروسية الهندية إصرار موسكو ونيودلهي على إطلاق مرحلة جديدة لتعزيز التعاون في كل المجالات، بما في ذلك في قطاعي الطاقة والدفاع وفي المجالات النووية والتقنية. وتجنبت الوثائق التي وقَّعها الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي الإشارة إلى الضغوط الأميركية على الهند لتقليص التعاون مع روسيا، لكنها رسمت ملامح «خريطة طريق» لتوسيع الشراكة بين البلدين خلال السنوات المقبلة.

وبعد جولات من المحادثات التي شارك فيها ممثلون عن قطاعات مختلفة في البلدين، شارك الزعيمان في أعمال المنتدى الروسي الهندي للتعاون، ووقَّعا عشرات الوثائق المشتركة.

ووصف بوتين نتائج المحادثات بأنها وضعت أساساً لتوسيع التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين. بينما أعلن رئيس الوزراء الهندي برنامجاً للتعاون الاقتصادي حتى عام 2030، سيساعد على تنويع التجارة والاستثمارات، وتحقيق التوازن بينهما.

جانب من حقل استقبال بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

وشملت الوثائق الجديدة التي تضاف إلى اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» المبرمة قبل 25 سنة، اتفاقية للتعاون في مجال الصحة والتعليم الطبي والعلوم، واتفاقية لتنظيم حماية المستهلك، وتعزيز الإشراف على حقوق المستهلكين في البلدين.

كما وقَّع الزعيمان اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز فرص العمل لمواطني كل دولة لدى الدولة الأخرى، وكان هذا مطلباً هندياً لتوسيع مجالات العمالة الوافدة من الهند. وركزت اتفاقية أخرى على توسيع التعاون في منطقة القطب الشمالي، وتم رفدها بمذكرتي تفاهم للتعاون في مجال الملاحة في المياه القطبية.

ومن ضمن الاتفاقات الأخرى كان هناك بروتوكول بين الهيئة الفيدرالية للجمارك الروسية والهيئة الجمركية الهندية. واتفاق لتعزيز الخدمات البريدية. وبدا أن هذه تشكل الجوانب المعلنة من الاتفاقات الجديدة التي وصل عددها بحسب مصادر الكرملين إلى 29 وثيقة.

مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

إجراءات تبسط التنقل بين البلدين

كما أصدر الرئيسان بياناً مشتركاً حدد أولويات التعاون الثنائي. بعد مشاركتهما في منتدى الأعمال الروسي الهندي. وشدد البيان على إطلاق موسكو ونيودلهي إجراءات العمل على تبسيط التنقل لمواطني البلدين من خلال نظام تأشيرات ميسر. وأشار إلى تعزيز التعاون في إمدادات الطاقة، وتوسيع الصادرات الهندية إلى روسيا، وحدد أولويات تطوير التعاون الدفاعي في إعادة تركيز الشراكة العسكرية والانتقال إلى إنتاج منصات دفاعية متقدمة وتطوير أبحاث علمية.

كما نص على تسريع المشاورات بشأن بناء محطة طاقة نووية جديدة بتصميم روسي في الهند. واتفق الزعيمان على تطوير أنظمة دفع بالعملات الوطنية، وناقشا إنشاء شركات للأسمدة.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى وصول الزعيم الروسي إلى قاعدة بالام الجوية في نيودلهي في 4 ديسمبر 2025 وهو اليوم الأول من زيارته الرسمية التي تستغرق يومين إلى الهند (أ.ف.ب)

ووفقاً للبيان المشترك، فقد ناقش الطرفان، وأشادا عالياً بالتعاون الواسع النطاق في مجال الطاقة بوصفه عنصراً أساسياً في الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة بينهما. وأشار الطرفان إلى التعاون الحالي والمستقبلي بين الشركات الروسية والهندية في مجالات النفط ومنتجاته، والتكنولوجيات المتعلقة بالتكرير والبتروكيماويات، وخدمات الحفر، وتكنولوجيا الاستخراج والبنية التحتية ذات الصلة، والبنية التحتية المرتبطة بالغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، والمشاريع المختلفة القائمة في البلدين، وتكنولوجيا الغاز تحت الأرض للفحم، والمشاريع النووية، وما إلى ذلك. كما شدّد الطرفان على ضرورة حلّ القضايا المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة بشكل عاجل، واتفقا على معالجة مختلف التحديات التي يواجهها المستثمرون في هذا القطاع.

تعاون في مجال الطاقة النووية

كما اتفق الطرفان على تعميق التعاون في إنشاء ممرات نقل مستقرة وفعالة، مع التركيز بشكل خاص على توسيع الروابط اللوجيستية لتحسين الترابط، وزيادة قدرة البنية التحتية، دعماً لتطوير «الممر النقل الدولي الشمال – الجنوب»، وممر تشيناي – فلاديفوستوك، والطريق البحري الشمالي. ورحّب الطرفان بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن إعداد المتخصصين للعمل على السفن العاملة في المياه القطبية.

أشار الطرفان إلى التعاون المثمر بين إدارات السكك الحديدية في روسيا والهند، الهادف إلى إقامة شراكات في مجال تبادل التكنولوجيا المتبادل المنفعة.

وأكدا استعدادهما لتكثيف التعاون التجاري والاستثماري في منطقة الشرق الأقصى الروسي والمنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي. ويشكل «برنامج التعاون الروسي - الهندي في المجالات التجارية - الاقتصادية والاستثمارية في الشرق الأقصى الروسي للفترة 2024–2029»، فضلاً عن «مبادئ التعاون في المنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي»، الأساس الضروري لمزيد من التعاون بين الهند والأقاليم الروسية في الشرق الأقصى، خصوصاً في مجالات الزراعة والطاقة واستغلال الثروات المعدنية واستخدام العمالة وتعدين الألماس ومعالجته والصناعات الدوائية والنقل البحري.

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

وأكد الطرفان عزمهما على توسيع التعاون في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك دورة الوقود النووي، وضمان دورة حياة تشغيل محطة الطاقة النووية «كودانكولام»، والتطبيقات غير الطاقوية للتكنولوجيا النووية، فضلاً عن بلورة جدول أعمال جديد للتعاون في المجالات المتعلقة بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية والتكنولوجيات العالية المرتبطة بها.

وأشار الطرفان إلى أهمية التعاون في استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية كجزء جوهري من الشراكة الاستراتيجية، خصوصاً مع الأخذ في الحسبان خطط حكومة جمهورية الهند لزيادة توليد الطاقة النووية في البلاد إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2047. ورحّب الطرفان بالتقدم المحرز في مشروع محطة «كودانكولام»، بما في ذلك بناء الوحدات المتبقية، واتفقا على الالتزام بجدول تسليم المعدات والوقود.

لاحظ الطرفان أهمية مواصلة النقاش حول تخصيص موقع ثانٍ في الهند لبناء محطة طاقة نووية.

وسوف يبذل الجانب الهندي كل الجهود لتخصيص الموقع رسمياً وفقاً للاتفاقيات الموقعة سابقاً. مع الإشارة إلى أهمية التعاون في الفضاء، رحّب الطرفان بتوسيع التعاون بين مؤسسة «روسكوسموس» الروسية ومنظمة الأبحاث الفضائية الهندية في استخدام الفضاء للأغراض السلمية، بما في ذلك برامج الفضاء المأهولة والملاحة الفضائية واستكشاف الكواكب. وأشار الطرفان إلى التقدم المحرز في التعاون المتبادل المنفعة في مجال تطوير وإنتاج وتشغيل محركات الصواريخ.

منظمة شنغهاي والنظام العالمي

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

في الشق السياسي، أشار الطرفان إلى الدور المتنامي لمنظمة شنغهاي للتعاون في تشكيل النظام العالمي الجديد. وأكد دعم روسيا ترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي الموسع. كما تم توقيع حزمة كبيرة من الاتفاقيات الحكومية والوزارية والتجارية. ويهدف العديد منها إلى توسيع التعاون الاقتصادي بين روسيا والهند.

وأعلن بوتين في ختام المحادثات أن روسيا سوف تظل مورداً موثوقاً به للطاقة لنيودلهي، مؤكداً أن الأسعار التفضيلية التي تمنحها روسيا للهند سوف تظل قائمة. من دون أن يتطرق إلى التهديدات الأميركية برفع التعرفقة الجمركية على الهند في حال واصلت مشتريات موارد الطاقة من روسيا.

وقال بوتين إن حجم التجارة الروسية الهندية بلغ هذا العام 64 مليار دولار، مشيراً إلى أن خريطة الطريق الجديدة لتعزيز التعاون سوف تسهم في رفع هذا الرقم إلى 100 مليار حتى حلول عام 2030.

ورأى بوتين أن العلاقات القوية بين قطاع الأعمال في البلدين تشكل أساساً متيناً لتطوير التعاون بين موسكو ونيودلهي. وزاد أن روسيا مستعدة لشراكة واسعة مع الهند في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً في الوقت نفسه إلى توجه لتعزيز التعاون الصناعي. وتحدث الرئيس الروسي عن تحديث البنية التحتية لطريق بحر الشمال ومشروع الممر الشمالي الجنوبي.

مؤكداً أن سهولة الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات اللوجيستية تحظى بأهمية خاصة، و«يجري العمل بالفعل على قدم وساق في هذا الاتجاه. ويجري العمل على مشروع إنشاء ممر بين الشمال والجنوب - من روسيا وبيلاروسيا إلى ساحل المحيط الهندي».

مودي، بدوره، تحدث عن شراكة مع الشركات الروسية في إنتاج المركبات الكهربائية ومكوناتها. وأعرب عن قناعة بأن التعاون في هذا المجال لن يلبي احتياجات البلدين فحسب، بل سيسهم أيضاً في تنمية دول الجنوب العالمي، كما اقترح تطوير علاجات جديدة للسرطان بشكل مشترك. وتطرق إلى إمدادات الطاقة، مؤكداً الاستعداد لضمان إمدادات الوقود دون انقطاع للاقتصاد الهندي سريع النمو.

وبات معلوماً أن الطرفين ناقشا خلال الزيارة توسيع التعاون في مجال الطاقة الذرية.

وقال مودي إن موسكو ونيودلهي تتجهان للتعاون في مجال بناء المفاعلات المعيارية الصغيرة ومحطات الطاقة النووية العائمة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا النووية في الطب. وأكد أن محطة كودانكولام للطاقة النووية سوف تقدم مساهمة كبيرة في إمدادات الطاقة الهندية.

وأشاد مودي بالشراكة الاستراتيجية الممتدة على مدى ربع قرن مع روسيا، مؤكداً أنها صمدت وتعمقت رغم جميع التحديات والتغيرات العالمية. ووجَّه مودي الشكر للرئيس الروسي على صداقته وعمله المتفاني، مؤكداً أن «حكمة بوتين وخبرته كانتا حاسمتين في تعزيز هذه العلاقات».

وفي إطار التعاون المستقبلي، أشار مودي إلى أن الشراكة في منطقة القطب الشمالي ستحقق منفعة مشتركة، وستسهم في خلق فرص عمل للشباب الهندي.