إيران تهدد التركيبة السكانية في المدن العربية

ناشط أحوازي: لا فرق بين السياسات الإيرانية في الأحواز والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين

سوق شعبي في نواحي مدينة ديزفول في محافظة الأحواز (غيتي)
سوق شعبي في نواحي مدينة ديزفول في محافظة الأحواز (غيتي)
TT

إيران تهدد التركيبة السكانية في المدن العربية

سوق شعبي في نواحي مدينة ديزفول في محافظة الأحواز (غيتي)
سوق شعبي في نواحي مدينة ديزفول في محافظة الأحواز (غيتي)

كثّفت السلطات الإيرانية سياسات التوطين في محافظة الأحواز ذات الأغلبية العربية، وضاعفت الجهود لتشجيع هجرة مواطنيها غير العرب إلى المحافظة بهدف تغيير تركيبة المدن العربية وتغيير التوزيع الديموغرافي لصالح المستوطنين الفرس في الأحواز.
وقال المساعد السياسي والاجتماعي لمحافظ الأحواز (جنوب غربي إيران)، إن الإقليم يواجه موجة هجرة واسعة من المحافظات الأخرى على إثر زيادة حجم استثمارات من قبل الأجهزة المعنية في البلد. كما أشار مساعد محافظ الأحواز، المعروفة كذلك بـ«عربستان» ورسميا بـ«خوزستان»، إلى موجات الهجرة المعاكسة وقال: «من الملاحظ أن عدد المهاجرين من المحافظات الأخرى، ولا سيما من محافظات الجوار، في تزايد وهذا الأمر قد يتسبب في تغيير التركيبة السكانية في عدد من مدن المحافظة». كما سلّط المسؤول الإيراني الضوء على تغيير التركيبة السكانية في مدينة الأحواز العاصمة بعد هجرة واسعة طالتها من طرف المحافظات الإيرانية الأخرى، وذكر عددا من المدن الأخرى ذات الغالبية العربية والتي تشهد تغييرا في تركيبتها السكانية على غرار المحمرة، ورامز، والصالحية (انديمشك)، وباب هاني (بهبهان)، والقنيطرة (ذزفول). إلى ذلك، أفادت وكالة إيسنا الإيرانية نقلاً عن المساعد السياسي - الاجتماعي لمحافظ الأحواز أن زيادة الاستثمارات الحكومية في مجال الهجرة سيؤدى إلى ارتفاع وتيرة توطين المهاجرين في هذه المحافظة.
وفي تعليق على تصريح المسؤول الإيراني، أوضح يعقوب حر التستري، وهو عضو في اللجنة التنفيذية في حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، لـ«الشرق الأوسط» إن: «سياسة الاستيطان تعتبر جزءا من سياسات الاحتلال الإيراني الممنهجة لتغيير الهوية العربية للأرض والإنسان الأحوازيين، وفرض أمر واقع جديد في الأحواز». وتابع: «هذه السياسة تمارس من قبل السلطة الإيرانية في الأحواز تماما كما يمارسها الاحتلال الصهيوني في فلسطين ولنفس الأهداف». وأضاف أن «سياسة التغيير الديموغرافي لصالح المستوطنين الفرس في الأحواز بدأت تشهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد زيادة الوعي الوطني والقومي لدى الشعب العربي - الأحوازي وتصاعد نضاله وتنظيماته السياسية لاستعادة أرضه وحريته المسلوبة».
ووفقا لدراسة أعدتها حركة النضال العربي لتحرير الأحواز حول «توطين غير العرب» فإن مساعي تغيير التركيبة السكانية وموجات الهجرة بدأت بعد إصدار قرار من طرف رضا شاه بهلوي في 1936، ينص على توطين 4000 أسرة من المحافظات الإيرانية الأخرى في الأحواز. إلا أن المؤرخ الأحوازي، الدكتور عبد النبي قيم، يذكر في كتابه «تاريخ عرب الأهواز» بأن موجات توطين غير العرب «بدأت في عهد الدولة القاجارية منذ 1830، مستغلة الأوضاع السياسية المتوترة والتنازع على الحكم في أواخر الإمارة الكعبية».
ومن جهته، توقّع فرج الله خبير، في اجتماع تنسيقي بين المحافظة وإدارة السجلات الإيرانية، استمرار تدفق المهاجرين إلى الأحواز وقال إن: «الأحواز تحتل الرتبة الأولى في سجلات الولادة والوفيات والزواج والطلاق مقارنة بالمحافظات الإيرانية»، مؤكدا على ضرورة مواصلة التقدم في هذا المجال. وشدد المسؤول الإيراني على أن إحصائيات إدارة السجلات عن حالات الزواج والوفاة والولادة والطلاق في الأحواز «تخدم أجهزة الحكومة ذات الصلة». كما طالب المساعد السياسي والاجتماعي لمحافظ الأحواز الأجهزة الطبية برصد حالات الوفاة المتزايدة للحصول على إحصائيات دقيقة، واقترح الاعتماد على رصد عدد المقابر للوصول إلى عدد تقريبي من الوفيات في ظل غياب إحصائيات رسمية دقيقة.
ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان العالمية، فإن عرب محافظة الأحواز يعانون من سياسة التطهير العرقي والتمييز العنصري والقمع والتهجير القسري. وفي السنوات الأخيرة، تدهورت الأوضاع البيئية على إثر تحويل الأنهار الكبرى من روافدها الرئيسية في الجهة الشرقية من جبال زاغروس المطلة على الإقليم. كما احتلت مدينة الأحواز في 2014، وللعام الثالث على التوالي، مرتبة أكثر مدينة تلوثا في العالم وفق منظمة الصحة العالمية. ويذكر أنه وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية في 2011، فإن نسبة التلوث في الأحواز وصلت إلى 372 ميكروغرام في المتر المكعب. وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن ساكنة المدينة تصل إلى ثلاثة ملايين، بينما تشير آخر إحصائية إيرانية في 2011 أن ساكنة الأحواز لا تتجاوز مليونا و112 ألف شخص.
هذا ويشكك الأحوازيون في مصداقية الإحصائيات الرسمية المعلنة من قبل النظام الإيراني، حيث يتوزع العرب على أربع محافظات، تبدأ من المناطق الجنوبية لمحافظة عيلام (إيلام) في الشريط الحدودي مع العراق وتمتد على طول الساحل الشرقي للخليج العربي وصولا إلى مضيق هرمز وتشمل سكان الجزر.
كما تمنع السلطات الإيرانية محاولات الأحوازيين لتوثيق عدد السكان فی المناطق العربیة، ويقدر عدد العرب بأكثر من ثمانية ملايين نسمة وفقا للمصادر الأحوازية.
وفي هذا السياق، أكد المساعد السياسي لمحافظ الأحواز جاهزية الجهات المختصة لإصدار وثائق التسجيل وإصدار هويات السجل المدني وافتتاح مكاتب جديدة لتسجيل حالات الزواج والطلاق في الأحواز، مشددا على أهمية تعاون المراكز الحكومية ودعم المهاجرين في كل المدن الأحوازية.
ويذكر أن احتجاجات واسعة النطاق اندلعت في المدن الأحوازية عام 2005، بعد تسرب وثيقة من مكتب محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، والتي كانت تشير إلى مخطط الحكومة الإيرانية الهادف إلى تهجير العرب من الأحواز وتوطين آخرين من محافظات وسط إيران.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.