حكومة الثني تستبق اجتماعًا طارئًا للجامعة غدًا بالدعوة لقصف «داعش» في سرت

وسط توقعات باعتراض قطر والجزائر

جانب من مظاهرات مؤيدة للقائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في بنغازي أول من أمس (رويترز )
جانب من مظاهرات مؤيدة للقائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في بنغازي أول من أمس (رويترز )
TT

حكومة الثني تستبق اجتماعًا طارئًا للجامعة غدًا بالدعوة لقصف «داعش» في سرت

جانب من مظاهرات مؤيدة للقائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في بنغازي أول من أمس (رويترز )
جانب من مظاهرات مؤيدة للقائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في بنغازي أول من أمس (رويترز )

هاجمت طائرات حربية مجهولة الهوية مواقع تابعة لتنظيم داعش بمدينة سرت الساحلية وسط ليبيا، بعد ساعات من مطالبة الحكومة الانتقالية المعترف بها دوليا، الدول العربية، بتوجيه ضربات جوية محددة لتمركزات تنظيم داعش الإرهابي في مدينة سرت. وقال مسؤولون ليبيون وعرب إن الاجتماع الطارئ الذي سيعقد في القاهرة يوم غد (الثلاثاء) على مستوى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء بالجامعة العربية، سيبحث طلب الحكومة الليبية توجيه ضربات جوية ضد تنظيم داعش والجماعات المتطرفة.
وتوقع مسؤولون عسكريون وسياسيون في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» أن تعترض قطر والجزائر والسودان على هذا الطلب، بالنظر إلى مواقف الدول الثلاث غير المتحمسة لتبنى وجهات نظر السلطات الشرعية في ليبيا. وتقود مصر والأردن داخل أروقة الجامعة العربية، اتجاها لمساعدة ليبيا عسكريا، لكن سبق لقطر والجزائر أن أعلنتا رسميا تحفظهما على تسليح الجيش الليبي أو أي دور عربي جماعي في هذا الصدد.
وطلبت ليبيا رسميا عقد هذا الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية لاتخاذ ما وصفته بالإجراءات الكفيلة للتصدي للجرائم البشعة التي يرتكبها تنظيم داعش في سرت، بالإضافة إلى مناطق ليبية أخرى. إلى ذلك، قال شهود عيان إن طائرتين حربيتين استهدفتا في ساعة مبكرة من صباح أمس مقرات «داعش» داخل المدينة، كما قصفت فندقًا يستخدمه التنظيم مخزنا للسلاح.
وأعلن مسؤول في المجلس المحلي لسرت التي تبعد نحو 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس أن معارك دارت في منطقة الحي الثالث، لكن مسؤولا محليا أعلن توقف المواجهات، وأضاف: «الوضع هادئ، بعض الشبان المسلحين الذين قاتلوا تنظيم الدولة غادروا مناطق القتال والمدينة أيضا». وأعدم تنظيم داعش أربعة أفراد في جماعة منافسة وعرض جثثهم، بينما شيع أهالي سرت جثامين خمسة من ضحايا الاشتباكات التي دارت أخيرا في المنطقة الثالثة. ونقلت وكالة «رويترز» عن سكان أنه كتحذير للآخرين قتل التنظيم أربعة مقاتلين من الجماعة المنافسة، وعلق جثثهم لعرضها أمام الناس، كما دمروا أيضًا منازل في سرت خاصة بمقاتلين منافسين.
وبينما تزعم الحكومتان المتنازعتان على الشرعية في ليبيا تقديم دعم عسكري لسكان سرت، قال المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية إن المقاتلين لم يتلقوا أي دعم حقيقي من الحكومتين، لذا كان عليهم أن يتوقفوا عن القتال، أو حتى أن ينسحبوا من مدينتهم.
وتعد سرت مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي ولا تسيطر عليها أي من الحكومتين في ليبيا التي تعانى أيضًا من فوضى سياسية وعسكرية عارمة منذ نحو أربعة أعوام. وقالت الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني في بيان لها
إنها انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية، فإنها تناشد الدول العربية الشقيقة من واقع التزاماتها بالإخوة العربية وتطبيقا لقرارات الجامعة العربية بشأن اتفاقية الدفاع العربي المشترك، بقصف مواقع تنظيم داعش المتطرف. واعترفت حكومة الثني من مقرها المؤقت بمدينة البيضاء في شرق ليبيا بعجزها عن التصدي لهذه لجماعات الإرهابية بسبب استمرار مجلس الأمن الدولي في فرض حظر التسليح على الجيش الليبي.
وحثت الحكومة، الدول الصديقة والحليفة لليبيا، على مواصلة لضغوط على مجلس الأمن لرفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي، وهو يخوض معركته ضد الإرهاب على حد تعبيرها. وقالت الحكومة إنها تضع إمكانياتها تحت تصرف لجنة الأزمة الخاصة بسرت، من أجل توفير ممرات آمنة لإجلاء المدنيين وإسعاف الجرحى داخل وخارج ليبيا.
ولفتت إلى ما وصفته بتمادي طغيان تنظيم داعش الإرهابي بارتكابه جرائم الإبادة الجماعية في حق الأبرياء، مشيرة إلى ما ارتكبه التنظيم أخيرا من حرق وهدم وتشريد بالإضافة إلى تنفيذ إعدامات بالجملة بحق سكان مدينة سرت المنكوبة.
كما انتقدت الحكومة ما وصفته بتخاذل المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم البشعة التي يرتكبها التنظيم المتطرف وانتشاره في مختلف المدن الليبية.
واندلعت الاشتباكات في سرت مع إعلان وزارة الدفاع في الحكومة التي تدير طرابلس انطلاق «عملية تحرير سرت من تنظيم الدولة الإرهابي»، وبعيد مقتل شيخ سلفي يدعى خالد الفرجاني على أيدي التنظيم المتطرف. من جهة أخرى، قال مدير المطار في مدينة بنغازي بشرق ليبيا إن مسلحين أطلقوا النار على المطار المغلق منذ العام الماضي، بسبب القتال بين قوات الجيش والجماعات الإسلامية. وأسفرت الاشتباكات التي خاضتها قوات الجيش ضد ميليشيات ما يسمى بـ«مجلس شورى ثوار بنغازي» بمنطقة الهواري بالمحور الغربي للمدينة عن مصرع جندي بالكتيبة 204 دبابات التابعة للجيش الليبي مصرعه وإصابة أربعة آخرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».