هل يساعد خسوف القمر على رؤية «رخات الشهب»؟

الظاهرتان تتزامنان في سماء العرب

القمر في حالته الطبيعية وفي وضع الخسوف (المركز الفلكي الدولي في الإمارات)
القمر في حالته الطبيعية وفي وضع الخسوف (المركز الفلكي الدولي في الإمارات)
TT

هل يساعد خسوف القمر على رؤية «رخات الشهب»؟

القمر في حالته الطبيعية وفي وضع الخسوف (المركز الفلكي الدولي في الإمارات)
القمر في حالته الطبيعية وفي وضع الخسوف (المركز الفلكي الدولي في الإمارات)

عند الحديث عن كيفية متابعة «رخات الشهب»، دائما ما تكون نصيحة الفلكيين هي الاتجاه للمناطق النائية المظلمة، فهل يساعد انخفاض إضاءة القمر خلال ظاهرة الخسوف على رؤية أوضح دون الحاجة للذهاب للمناطق النائية؟
هذا السؤال يثيره تزامن هطول إحدى رخات الشهب مع ظاهرة خسوف القمر الجمعة، حيث ستكون سماء العرب على موعد مع هاتين الظاهرتين اللتين تتسبب إحداهما في انخفاض إضاءة القمر، والأخرى في تشكل خط مضيء يتحرك بسرعة في السماء لمدة ثوان أو جزء من الثانية.
وينظم محبو متابعة الظواهر الفلكية رحلات للمناطق النائية لرصد هذا الخط المضيء، الذي يتشكل نتيجة تبخر الشهب عند احتكاكها بالغلاف الجوي للأرض، وهي الظاهرة التي تحدث أكثر من مرة خلال العام، وتحدث يوم الجمعة تحت اسم رخة شهب «إيتا الدلويات»، وهي من الرخات النشطة، التي يسببها المذنب «هالي».

رسم توضيحي لمراحل الخسوف
ويقول المركز الفلكي الدولي بالإمارات في بيان أصدره الخميس، إن القمر في تلك الليلة سيكون بدرا، وهو وضع يؤثر في العادة على رؤية رخات الشهب، حتى في حالة الذهاب للمناطق النائية.
ولا يتوقع أشرف شاكر، رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن يتغير هذا الوضع، رغم تزامن الظاهرة مع خسوف شبه الظل للقمر، الذي يتسبب في انخفاض إضاءة القمر.
ويقول شاكر لـ«الشرق الأوسط» إن «انخفاض الإضاءة في خسوف شبه الظل يكون محدودا، حتى مع النوع العميق منه، وبالتالي لن يؤثر ذلك كثيراً على وضع مشاهدة رخات الشهب».
وتمر سماء العالم العربي بخسوف شبه ظل عميق للقمر مساء الجمعة، ويستمر 4 ساعات و18 دقيقة، حيث سيكون 96 في المائة من قرص القمر داخل شبه ظل الأرض عند الذروة العظمى للخسوف، وقد كانت آخر مرة يحدث فيها خسوف بهذا العمق في يناير (كانون الثاني) 2020، كما يقول بيان أصدرته الجمعية الفلكية بجدة.

إحدى رخات الشهب
وأوضحت الجمعية في بيانها الذي نشرته الخميس على صفحتها بموقع «فيسبوك»، أن خسوف شبه الظل يحدث عندما يمر القمر عبر منطقة خارجية من ظل الأرض تسمى شبه الظل، وعادة في هذا النوع من الخسوف تخفت إضاءة القمر، ولكن بالكاد يمكن ملاحظة أي تغيير عند رصده بالعين المجردة، ولكن خسوف الجمعة يتمتع بخصائص تجعله استثنائياً، حيث سيمر القمر بأكمله تقريبا داخل ظل شبه الأرض، وبالتالي سيكون انخفاض إضاءة القمر أكثر وضوحا من المعتاد، وتسمى مثل هذه الحالات بـ«خسوف شبه ظل كامل»، والسبب في ندرة ذلك أن الفرصة لدخول القمر إلى ظل الأرض في نقطة ما تكون عالية جدا بمجرد مروره بالكامل داخل شبه ظل الأرض.
وأضافت الجمعية الفلكية بجدة في بيانها، أن مراحل الخسوف ستكون في المناطق كافة بالوقت نفسه، حيث سيبدأ بدخول القمر إلى منطقة شبه ظل الأرض عند الساعة 6:14 مساء بتوقيت مكة (3:14 مساء بتوقيت غرينيتش) وفي هذه المرحلة سيكون القمر لا يزال تحت الأفق محليا، وبعد ظهوره فوق الأفق لن يشاهد أي تغيير في إضاءة قرص القمر، حيث سيبدو كالمعتاد في مثل هذا الوقت من الشهر القمري، وسيتبع ذلك وصول الخسوف إلى ذروته العظمى عند الساعة 8:22 مساء بتوقيت مكة (5:22 مساءً بتوقيت غرينيتش) باتجاه الأفق الجنوب الشرقي، وسيكون هذا أفضل وقت لرصد خفوت إضاءة قرص القمر ورؤية عتمة واضحة في طرفه الأيسر، نظراً لاقتراب القمر إلى حدود 5 في المائة من ظل الأرض في ذلك الوقت.

 


مقالات ذات صلة

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

آسيا لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

اندلع حريق ضخم صباح اليوم (الثلاثاء) في موقع تجارب تابع لوكالة الفضاء اليابانية أثناء اختبارها صاروخ «إبسيلون إس» الذي يعمل بالوقود الصلب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».