طالب الرفاعي: فن القصة بخير... وطوفان وسائل التواصل لن يغمرها

يقدّم في الرياض ورشة «الكتابة الإبداعية في القصة القصيرة»

الأديب الكويتي طالب الرفاعي (الشرق الأوسط)
الأديب الكويتي طالب الرفاعي (الشرق الأوسط)
TT

طالب الرفاعي: فن القصة بخير... وطوفان وسائل التواصل لن يغمرها

الأديب الكويتي طالب الرفاعي (الشرق الأوسط)
الأديب الكويتي طالب الرفاعي (الشرق الأوسط)

يطلّ من جديد الروائي والقاص الكويتي طالب الرفاعي ليقدم لجمهور السرد ورشة تدريبية في العاصمة السعودية الرياض، وتظهر الورشة والإقبال عليها مدى اتساع هذا الفنّ الإبداعي، رغم هجرة كثير من رواده نحو عالم الرواية.
الرفاعي يقيم يومي الجمعة والسبت المقبلين ورشة «الكتابة الإبداعية في القصة القصيرة» في العاصمة السعودية الرياض، بالاتفاق مع «مجتمع الكتابة»، وذلك في «مكتبة صوفيا»، ويتحدث الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» عن وجوده في الرياض «في مهمة أكاديمية إبداعية تخصّ تقديم ورشة كتابة إبداعية للقصة القصيرة، بالتعاون مع (مجتمع الثقافة)، وبمشاركة الكاتبة أميمة الخميس، التي ستقدم شهادة حول علاقتها وفهمها وممارساتها للكتابة الإبداعية».
وعن القصة القصيرة وموقع هذا الفن السردي بين الفنون الإبداعية، يقول الرفاعي: «صاحبت القصة والحكاية مسيرة الإنسان، وعلى الدوام كانت إخباراً وتسلية ووصلاً بين الناس، لذا كانت القصة وستبقى ملح المجالس والمسرات». ويضيف: «فن القصة القصيرة الحديث يسير بالتوازي مع جنس الرواية، وإذا كانت الغلبة للرواية في التأليف والنشر والجوائز وجمهور القراءة، فإن القصة القصيرة حاضرة ولافتة، وفي طريقها عالمياً لمزيد من الحضور. وما انتشار جوائز القصة القصيرة عربياً وعالمياً، وكذلك ورش ودورات الكتابة الإبداعية لفن القصة، إلا صورة تؤكد ذلك».
وفي رده على سؤال عن حجم إقبال الشباب على تطوير مهاراتهم في فنّ القصة القصيرة، وسط طوفان المحتوي الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي، يقول الرفاعي: «قد يكون طوفان المحتوى، الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي، والمليء بالغث والسمين، سبباً رئيسياً في إقبال الشباب على تعلّم مهارات الكتابة الإبداعية، وتطوير قدراتهم الإبداعية، وصقل مواهبهم عبر الدرس الإبداعي الصحيح، من خلال ورش تفاعلية».
ويضيف: «العالم يعيش اليوم عصر التواصل الإنساني عبر شبكات التواصل، وكل شاب وشابة له أكثر من حساب على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما يمثل صورته ووصله مع الآخر والعالم، وبالتالي يجد الشاب في نفسه ضرورة لتطوير أدواته الكتابية، ومن ثم كتابة جملة أو قصة قصيرة لافتة».
أسس طالب الرفاعي «الملتقى الثقافي» عام 2011، وأطلق «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» بالتعاون مع جامعة الشرق الأوسط الأميركية (AUM) التي تنظم جائزة سنوية صار يُنظر إليها بوصفها أهم جائزة للقصة القصيرة العربية، حيث تتلقى مئات المشاركات، وهو يقول: «منذ انطلاق جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية بدورتها الأولى، وهي تتلقى سنوياً ما يزيد على (250) مجموعة قصصية لقصاصين عرب من مختلف أنحاء العالم، ما يوحي بتعطش الساحة الإبداعية العربية لجائزة تقدّر وتثمّن جهدهم الإبداعي في كتابة القصة القصيرة».
وعن حضور الشباب، يقول: «ليس خافياً أن حضور الشباب في الجائزة واضح ومؤثر، ولقد انعكس ذلك على القامات القصصية التي فازت بالجائزة. مثل؛ مازن معروف، وشهلا العجيلي، وضياء الجبيلي، وشيخة الحليوي، وأنيس الرافعي، وواضح أن إبداع هؤلاء القصاصين بقدر ما يحمل رؤيتهم لمحيطهم الاجتماعي الإنساني، فإنه يحمل رؤية من شباب عربي تجاه الراهن الاجتماعي والاقتصادي والإنساني».
ويتحدث الرفاعي عن المشاريع المقبلة لـجائزة «الملتقى» للقصة القصيرة العربية، قائلاً: «إن هذه الجائزة في حقيقتها مشروع ثقافي إبداعي عربي، ولذا منذ الدورة الأولى يصاحب احتفالية الجائزة سنوياً برنامج ثقافي حواري، يستضيف أهم المفكرين والقصاصين والروائيين والنقاد والصحافيين العرب. وهذا المشروع الثقافي طموح، حيث إننا نعمل حالياً على إقامة ورشات إبداعية لكتاب القصة القصيرة، وكذلك نتحرك لمزيد من الانتشار العالمي، وربما جاء ذلك عبر تعاون مشترك مع جوائز عالمية، أو من خلال نشر الأعمال الفائزة بلغات أجنبية ولدى دور نشر معروفة لها سمعتها الكبيرة. كما نعمل حالياً على تجهيز إصدار قصصي يحوي أهم القصص التي وردت في المجاميع الفائزة، لتكون في متناول القارئ العربي، وربما تُرجمت لتقدم صورة باهية عن إبداع وواقع القصة القصيرة العربية، خاصة أن الجائزة تحظى بدعم وتشجيع سخي من الصديق الأستاذ فهد العثمان، رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط الأميركية في الكويت (AUM)، وهو متحمس لمزيد من إعلاء الثقافة، والقصة القصيرة تحديداً».
حصل طالب الرفاعي مؤخراً على وسام «فارس الثقافة والفنون» من وزارة الثقافة الفرنسية، كما صدرت ترجمة فرنسية جديدة لإحدى ‏رواياته، ليصبح أكثر روائي خليجي ترجمة للفرنسية، كما تُرجم بعض أعماله أيضاً للإنجليزية والإيطالية والإسبانية والصينية والتركية والألمانية. يقول عن هذا التكريم: «التكريم بالنسبة لأي إنسان، وفي أي ميدان من ميادين الحياة، يحمل قيمة نفسية كبيرة، تتمثل باعتراف الآخر بقيمة عملك، واعترافه أيضاً بتميّز هذا العمل. بالنسبة للتكريم الفرنسي لي بوسام فارس للفنون والآداب، فلقد جاء تتويجاً لترجمة 7 من رواياتي للغة الفرنسية، وصدورها عن أهم دار تنشر الأدب العربي في فرنسا (أكت سود - ACTES SUD )، خصوصاً أن هذا الترجمات حظيت بمراجعات نقدية وجلسات حوار ولقاءات تلفزيونية، وربما هذا ما حرّك وزارة الثقافة الفرنسية لتكريمي، ولقد جاء في حيثيات التكريم، أنني مددت جسراً، من الوصل الثقافي بين الكويت وفرنسا، وذلك عبر الرواية.
ومؤخراً حصلت روايته «النجدي» على جائزة الأدب التركي المترجم، وكانت أول رواية كويتية تترجم إلى اللغة التركية، وصدرت تحت عنوان «القبطان» أو «النوخذة». ويقول عن هذه التجربة: «ربما لأن رواية (النجدي) تقدم التراث البحري لمنطقة الخليج العربي، فقد تُرجمت إلى كثير من اللغات الأجنبية، من بينها الإنجليزية والإيطالية والإسبانية والصينية والتركية، ومن ثم فازت ترجمة المترجم التركي ظفر جليان بالجائزة الأولى للأعمال الإبداعية المترجمة إلى اللغة التركية، ومؤكد أن هذا الفوز بقدر ما يمسّ الكاتب ويشجعه ويُعلي من حضوره الإبداعي والإنساني، ينعكس مسؤولية كبيرة في نفسي، ويجعلني أكثر حرصاً على تقديم أعمال إبداعية تضيف رصيداً إبداعياً لي ولبلدي الكويت».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».