اجتماع عمّان: جواب سوري على مقترحات عربية

مصدر أردني لـ«الشرق الأوسط»: العودة ترتبط بعملية سياسية في سوريا

لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في نيويورك سبتمبر الماضي مع نظيره السوري فيصل المقداد (بترا)
لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في نيويورك سبتمبر الماضي مع نظيره السوري فيصل المقداد (بترا)
TT

اجتماع عمّان: جواب سوري على مقترحات عربية

لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في نيويورك سبتمبر الماضي مع نظيره السوري فيصل المقداد (بترا)
لقاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في نيويورك سبتمبر الماضي مع نظيره السوري فيصل المقداد (بترا)

قد يبدو أن خطوات عودة سوريا للجامعة العربية باتت قريبة، فتسارع لقاءات وزراء خارجية الأردن والسعودية ومصر والعراق مع وزير الخارجية السوري في النسخة الثانية من الاجتماعات التي ستنعقد في عمان، غدا الإثنين، استكمالاً للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون الخليجي والأردن والعراق ومصر، الذي استضافته جدة منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ترك انطباعاً لدى المتابعين بتوفر عنصر المرونة لدى النظام السوري في شروطه، بعد حديث عن «فرصة قدمتها دول عربية قد لا تتكرر».
وإذ استثمرت دمشق «دبلوماسية كارثة الزلزال» بعد كسر دول عربية الحصار عليها، واستقرار طائرات وزراء خارجية عرب على مدارج مطارها، فقد أصغت سوريا لتطابق النصائح التي جاءت في سياق لقاءات مطولة، جمعت الرئيس بشار الأسد مع «مبعوثي» دولهم، لتخرق الرياض حاجز الصمت مستقبلة وزير خارجية النظام السوري، وترد الزيارة بمثلها، دون إسقاط فرضية تقول إن الرياض تسعى إلى عقد قمة عربية، موعدها الثلث الأخير من الشهر الحالي، بنصاب مكتمل وبدعوة جادة لتطويق الأزمات عبر حلول توافقية.
وفي عمان التي ستشهد اجتماعات لوزراء خارجية الأردن، والمملكة العربية السعودية، والعراق، ومصر، مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وصف مصدر أردني اجتماعات الإثنين، بأنها «تحمل جواباً سورياً على مقترحات عربية تضمن التوصل لحل سياسي يكفل وحدة أراضيها واستمرار عمل مؤسساتها، إضافة إلى ملف العودة الآمنة للاجئين السوريين»، وأن تلك الشروط وغيرها ستكون كفيلة بعودة دمشق للجامعة العربية، لكن بعيداً عن «حسابات أن يكون التقارب مع سوريا على حساب توتر العلاقات العربية مع المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية والغرب».
في الأثناء، اعتبر المصدر الأردني أن حضور الوزير السوري «يُرسل إشارة قوية على دعوة دمشق للقمة العربية المقبلة في الرياض». وأكد نفس المصدر، أن اجتماعات عمان قد تشهد «توافقاً على إعداد سيناريو سياسي يجري العمل على بلورته خلال الاجتماع، بما يضمن عدم استفزاز المجتمع الدولي، والتمسك بربط العودة بعملية سياسية في سوريا». ورداً على سؤال ما الذي ستقدمه دمشق خلال الاجتماع؟ ردّ المصدر، بأنه «لا يزال الأمر ليس معلوماً».
ومع بدء وصول وزراء خارجية الدول التي ستحضر الاجتماعات، فقد ظلت المبادرة الأردنية للحل السياسي في سوريا مطوية في جيب وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي التقى نظيره السوري المقداد في عمان في زيارات متعددة لم يتم الإعلان عنها، بحسب مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط». مضيفةً، أن سوريا بحثت في تلك الزيارات بشكل جدي فرص الخروج من الحصار المفروض عليها، عبر شفاعة جامعة الدول العربية، وانفتاحها على عواصم عربية فاعلة، كالرياض وبغداد والقاهرة، وأن عمان قد تكون الوسيط للقيام بالمهمة، مع استماع المقداد لشرط أردني، وهو أن «يقدم الرئيس السوري بشار الأسد خطوات عملية على طريق الحل السياسي المتفق عليه دولياً».
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد أعلن نهاية مارس (آذار) الماضي، خلال لقائه المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن في عمّان، عن مبادرة أردنية لإيجاد «حل سياسي للأزمة في سوريا، وأنَّ المبادرة تنطلق من دور عربي مباشر (...) وحوار سياسي لحل الأزمة وتفرعاتها الأمنية والسياسية»، من زاوية «التنسيق مع الأشقاء العرب، وتفاصيلها، بهدف التحرك العربي الجاد لحل الأزمة السورية، والتحرك وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة».
وكانت وزارة الخارجية أصدرت بياناً صحافياً على لسان الناطق الرسمي باسمها، السفير سنان المجالي، أعلن فيه استضافة الأردن اجتماع وزراء خارجية الأردن والمملكة العربية السعودية والعراق ومصر مع وزير الخارجية السوري، وأن الاجتماع يأتي استكمالاً للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن والعراق ومصر، الذي استضافته السعودية في جدة يوم 14 أبريل الحالي، وللبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية، وفي سياق طروحاتها، والمبادرة الأردنية، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.