«الدعم السريع»: الجيش السوداني يكسر شروط الهدنة المعلنة

السودان يترقب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق نار أعلنته واشنطن

الدخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز)
TT

«الدعم السريع»: الجيش السوداني يكسر شروط الهدنة المعلنة

الدخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز)
الدخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز)

أعلنت قوات الدعم السريع اليوم (الثلاثاء) عدم التزام الجيش السوداني بالهدنة الإنسانية المعلنة لمدة 72 ساعة، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية».
وأوضحت القوات عبر «تويتر»: «في البدء نجدد التزامنا المطلق بالهدنة الإنسانية المعلنة لمدة 72 ساعة التي وافقنا عليها والتزمنا بكل شروطها من أجل فتح ممرات إنسانية للمواطنين والمقيمين من رعايا الدول الشقيقة والصديقة». وأضافت: «نشير إلى أن الطرف الثاني (الجيش السوداني) لم يلتزم بشروط الهدنة حيث ما زالت طائراته تحلق في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث بما يمثل إخلالا بائنا للهدنة وشروطها واجبة التنفيذ». وتابعت: «إن كسر شروط الهدنة المعلنة يؤكد ما ظللنا نشير إليه مراراً وهو وجود أكثر من مركز قرار داخل قيادة القوات المسلحة، كما أن خرق الهدنة يعد دليلاً دامغاً على التعطش للحرب».
ويترقب السودانيون اليوم تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه برعاية أميركية لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد عشرة أيام من معارك دامية فشلت معها كل محاولات التهدئة.
ويبقى الاختبار لبيان مدى التزام الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم بقيادة محمد دقلو المعروف بحميدتي بالاتفاق على الأرض، إذ سبق لهما منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل (نيسان)، الإعلان أكثر من مرة عن هدنة، ما لبث كل طرف أن اتّهم الآخر بخرقها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن طرفي النزاع وافقا على وقف النار ثلاثة أيام اعتبارا من اليوم. وقال في بيان الاثنين «عقب مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد ابتداء من منتصف ليل 24 أبريل (نيسان)، ويستمر لمدة 72 ساعة».
وأضاف «خلال هذه الفترة، تحض الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام الفوري والكامل بوقف إطلاق النار». وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل أيضاً مع شركاء لتشكيل لجنة تتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار في السودان.
وأكد كل طرف عزمه التزام التهدئة. وأعلن الجيش في بيان نشر عبر صفحته الخاصة على منصة «فيسبوك»، أنه سيحترم الهدنة التي تم التوصل إليها بشرط «التزام» قوات الدعم السريع بها.
وأتى ذلك بعد تأكيد قوات الدعم الاتفاق على «هدنة مخصصة لفتح ممرات إنسانية وتسهيل تنقل المدنيين».

إلى ذلك، قال خالد عمر يوسف المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير لوكالة الصحافة الفرنسية ليل الاثنين «بوساطة أميركية وتنسيق مع الحرية والتغيير تبدأ منتصف ليل اليوم هدنة لمدة 72 لأغراض إنسانية».
أضاف «خلال هذه الهدنة سيتم حوار حول ترتيبات لوقف نهائي لإطلاق النار. الولايات المتحدة بتنسيق معنا تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع».
وكان دقلو والبرهان حليفين عندما نفذا انقلابا في 2021 أطاحا خلاله من الحكم مدنيين كانوا يتقاسمون السلطة معهما، بعد عامين على إطاحة نظام عمر البشير. لكن الصراع على السلطة ما لبث أن بدأ بينهما.
ومنذ اندلاع المعارك في الخرطوم ومدن أخرى في 15 أبريل، قتل أكثر من 420 شخصا وأصيب زهاء أربعة آلاف، ونزح عشرات الآلاف في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه والوقود، وانقطاع في التيار الكهربائي وتراجع حاد في القدرة على توفير الخدمات الصحية. وأتى إعلان اتفاق وقف النار بعد تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العنف في السودان قد «يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها».
وقال أمام مجلس الأمن إن الوضع في السودان «يواصل التدهور»، مشددا على ضرورة «أن تتوقف أعمال العنف. إنها تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها».
وأعرب بلينكن الاثنين عن «قلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين، مجموعة فاغنر (الروسية)، في السودان».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1650545860038787073?s=20

تسارع عمليات الإجلاء

أتى الإعلان عن وقف إطلاق النار بعدما تسارعت منذ عطلة نهاية الأسبوع، عمليات إجلاء آلاف الرعايا والدبلوماسيين الأجانب بمختلف وسائل النقل البري والبحري والجوي.
غير أن الأمم المتحدة أعلنت الاثنين الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان وعلى رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، فيما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان بشرق السودان لإجلائهم.
وفتحت الكثير من العواصم الغربية والعربية مسارات آمنة لإخراج الرعايا الأجانب بضمان الطرفين المتصارعين. وأعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل تمكّن من إجلاء ألف من رعاياه من السودان، وذلك في عمليات «معقّدة وناجحة».
وأعلنت الخارجية الفرنسية الاثنين أنها أجلت إلى الآن نحو 400 من رعاياها وحملة جنسيات دول أخرى مثل ألمانيا والنمسا والدنمارك وفنلندا واليونان والمجر والمملكة المتحدة والسويد وسويسرا وجنوب أفريقيا وبوروندي وإثيوبيا وليسوتو والمغرب وناميبيا والنيجر وأوغندا ورواندا، فضلا عن السودان والولايات المتحدة وكندا والهند واليابان والفلبين.

وشملت عمليات الإجلاء دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين، بينما كانت مصر والسعودية الأبرز في هذه العمليات بين البلدان العربية.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1650606924528754696?s=20
وغالبية من تمّ إجلاؤهم من الأجانب هم من الطواقم الدبلوماسية، بينما ينتظر الكثير من المدنيين دورهم للإجلاء جوا، ضمن قوافل حافلات وسيارات رباعية الدفع تنتقل بمواكبة أمنية من الخرطوم نحو قواعد عسكرية خارجها، أو إلى مدينة بورتسودان.
وفي موازاة ذلك، أثار مسؤولون ومحللون مخاوف حيال مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجددا عندما ينتهي إخراج الرعايا.
وباتت مغادرة الخرطوم هاجسا يؤرق سكانها البالغ عددهم خمسة ملايين، في ظل انقطاع الكهرباء ونقص المؤن.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1650431583583883264?s=20
إلا أن المغادرة ليست سهلة خصوصا في ظل حاجة لكميات كبيرة من الوقود لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالا (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومترا إلى الشرق) أملا بالانتقال منها بحرا لدولة أخرى.
وحذرت الأمم المتحدة من أنه «في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساسا في السودان».
وقدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن 800 ألف لاجئ من جنوب السودان يعيشون في السودان سيعتمدون على أنفسهم في العودة إلى وطنهم الذي فرّوا منه هربا من الحرب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.