لجنة إعداد قوانين الانتخابات الليبية أمام «اختبار الوقت»

بين ضغط واشنطن وباتيلي ومطالب الشارع السياسي

جانب من الاجتماع الأخير للجنة (6+6) في المجلس الأعلى للدولة بطرابلس (إدارة المجلس)
جانب من الاجتماع الأخير للجنة (6+6) في المجلس الأعلى للدولة بطرابلس (إدارة المجلس)
TT

لجنة إعداد قوانين الانتخابات الليبية أمام «اختبار الوقت»

جانب من الاجتماع الأخير للجنة (6+6) في المجلس الأعلى للدولة بطرابلس (إدارة المجلس)
جانب من الاجتماع الأخير للجنة (6+6) في المجلس الأعلى للدولة بطرابلس (إدارة المجلس)

رغم عدم رصد أي خلافات في الاجتماع التحضيري الأول لعمل اللجنة المشتركة «6+6» المكونة من ممثلين عن مجلسي النواب و«الدولة» لإعداد القوانين الانتخابية، يتوقع سياسيون أن مهمتها لن تكون يسيرة.
وفيما طالب عدد من أعضاء اللجنة بالانتظار لحين انطلاق اجتماعاتها، أشار آخرون إلى أن مجلسي النواب و«الدولة» قد بددا الكثير من الفرص للتوافق حول القوانين الانتخابية، وأنهما باتا بموقف صعب في ظل استمرار تلويح باتيلي، بوجود خطط بديلة إذا لم يلتزما بالموعد المحدد لهما بإنجاز تلك القوانين قبل منتصف يونيو (حزيران) المقبل، بجانب ضغوط الشارع السياسي.
من جانبه، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد الأوجلي، «عزم كافة أعضاء اللجنة على الانتهاء من وضع القوانين الانتخابية في أسرع وقت ممكن».
وقال الأوجلي وهو عضو لجنة (6+6) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل الحقيقي للجنة سينطلق بعد إجازة عيد الفطر»، متابعا: «لا نستطيع من الآن وقبل أن نبدأ أن نحدد موعدا مسبقا لإنجاز عملنا، ولكن جميعنا يتطلع إلى أن تسير النقاشات بشكل سلس، وحينذاك ربما قد نستطيع التوافق على القوانين حتى قبل شهر يونيو (حزيران) المقبل»، وهي المدة التي حددتها البعثة الأممية.
ونفى الأوجلي، أن تكون مطالبة المبعوث الأممي، خلال إحاطته الأخيرة بمجلس الأمن لقيادتي مجلسي النواب و«الدولة» بتسريع عمل لجنة (6+6) ونشر برنامجها المحدد بإطار زمني، قد شكلت نوعا من الضغط على أعضائها، متابعا: «نحن نتعاطى مع الأمر في سياق أن المجتمع الدولي مهتم بدرجة كبيرة بإجراء العملية الانتخابية، والأهم بالنسبة لنا هو مطالبة شعبنا بالأمر ذاته. نحن ندرك أهمية المهمة الموكلة إلينا، ولذا نتعاطى برحابة صدر مع كل ما يكتب ويقال بهذا الشأن».
ورأى الأوجلي أن وضع القوانين بالنهاية «شأن ليبي داخلي، والبعثة دورها محصور في الدعم اللوجيستي، ووفد المجلسين في لجنة (6+6) قبل عرض باتيلي بدعمها في هذا النطاق وعبر تقديم الخبرات الفنية لتمكينها من القيام بعملها».
ونوه الأوجلي إلى أن لجنته «لم تتطرق بعد بأي شكل لمناقشة المواد الخلافية بشأن شروط الترشح للرئاسة، ومنها ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، من عدمه».
وشدد على أن «القوانين المنظمة للانتخابات المقبلة هي التي سيتم وضعها وإقرارها خلال الفترة المقبلة عبر اللجنة، وفقا لما تم النص عليه بالتعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب، ووافق عليه المجلس الأعلى للدولة».
أما عضو مجلس النواب، جلال الشهويدي، فذهب إلى أن نهج باتيلي، حتى قبل تقديم إحاطته الأخيرة، «يستشعر منه محاولة توتير العلاقة مع مجلسي النواب و(الدولة)».
وقال الشهويدي، وهو عضو لجنة (6+6) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «لا بد أن يعي المبعوث الأممي، وكافة الدول المتدخلة أننا أحرص من الجميع على خدمة بلادنا، ولكن لكل كيان رؤيته حول الأمر»، وزاد: «الجميع يعرف أن ما شهدته عملية التوافق على القوانين الانتخابية بين المجلسين من تأزيم لم يكن مصدره أدائهما».
وأضاف «الجميع يتذكر أن ملتقى الحوار السياسي، لم يستطع بالمثل إصدار تلك القوانين، كون أن القرار في النهاية بيد القوى الفاعلة على الأرض».
ويرفض الشهويدي أن تطالب لجنته بالالتزام بموعد محدد لإنجاز القوانين الانتخابية «كدليل على إثبات جديتها، ومصداقيتها، حتى قبل انطلاق أعمالها»، وذهب إلى أن «التوافق حول بنود ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة من عدمه ليس هينا، وللأسف هذا الضغط من قبل بعض الدول الغربية والبعثة الأممية بالإسراع بإنجاز القوانين بأي شكل وبلا توافق حقيقي ربما سيدفع لتكرار تجربة انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2021 التي لم تكتمل».
بالمقابل برر المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، تكاثر الدعوات المحلية والدولية للجنة (6+6) لسرعة الإنجاز بقصر المدة المتبقية من مهلة المبعوث الأممي للمجلسين.
ورجح المهدوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إقدام باتيلي على إعلان تدشين لجنته رفيعة المستوى وربما تفويضها بوضع القوانين الانتخابية بحلول منتصف يونيو المقبل إذا لم تبادر لجنة (6+6) بإعلان إنجاز المهمة، لافتا إلى أن تعدد لقاءات باتيلي مع شخصيات وقوى حزبية ومدنية وشبابية خلال الفترة الأخيرة وكذلك اجتماعه مع القيادات العسكرية في شرق البلاد وغربها، إلى جانب تكرار إعلان مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى ليبيا وسفيرها ريتشارد نورلاند، دعم بلاده لمبادرة باتيلي، تعد مؤشرات واضحة للتمهيد لهذه الخطوة.
وقال إن باتيلي ونورلاند يعتبران أن المجلسين «بددا كثيرا من الوقت في التفاوض وعرقلا الانتخابات بهدف البقاء بمواقعهما، وبالتالي لا ينبغي التعويل عليهما أكثر من ذلك».
ويرى المهدوي، أن الاجتماعات الأمنية الموسعة التي نجح باتيلي في عقدها مؤخرا «أفقدت مجلسي النواب و(الدولة) الورقة التفاوضية وقوة الدعم الذي كانا يعتمدان عليهما لرفض أي قرار أو قانون لا يتوافق ومصالحهما».
وانتهى قائلاً: «موقفا المجلسين بعد تفاوض ممثلين عن قيادة (الجيش الوطني) مع قيادات التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية، باتا أكثر صعوبة، كما أنهما يستشعران عدم حصولهما على أي ضمانات بموقعهما في مشهد ما بعد الانتخابات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.