مؤتمر وطني في تونس يتبنى «ميثاقًا وطنيًا» لمقاومة الأفكار التكفيرية

قوات الأمن اعتقلت 4 عناصر يشتبه في انتمائهم إلى خلايا إرهابية

مؤتمر وطني في تونس يتبنى «ميثاقًا وطنيًا» لمقاومة الأفكار التكفيرية
TT

مؤتمر وطني في تونس يتبنى «ميثاقًا وطنيًا» لمقاومة الأفكار التكفيرية

مؤتمر وطني في تونس يتبنى «ميثاقًا وطنيًا» لمقاومة الأفكار التكفيرية

توج المؤتمر الوطني ضد الإرهاب، الذي انعقد أمس بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية، بإعلان «ميثاق وطني» لمقاومة الإرهاب دفاعا عن النظام الجمهوري.
وسيوجه هذا الميثاق إلى الحكومة ومجلس نواب الشعب (البرلمان) والأحزاب السياسية والمنظمات، ويكون مدخلا لمؤتمر وطني ثان ضد الإرهاب بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من تنظيم الحكومة الحالية، التي يقودها الحبيب الصيد.
واقترح المؤتمر في بيانه الختامي مناقشة الوضع الأمني والسياسي الحالي كأرضية عمل لإسهام المثقفين التونسيين في هذا المؤتمر الوطني ضد الإرهاب. كما عرض برنامج المؤتمر تقريرا تأليفيا أسهم في إنجازه أكثر من ثلاثين باحثا ومختصا في مجالات سياسية وثقافية متعددة، وعالج ظاهرة الإرهاب، واقترح بدائل لمقاومته، وتضمن مداخلات لضيوف من الجزائر وفرنسا وليبيا وإيطاليا وإسبانيا، وممثل الهيئة الدولية للدفاع عن الحريات في تونس، وفنانين تونسيين من بينهم إبراهيم لطيف ولبنى نعمان. وكان الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد، وبسمة الخلفاوي أرملة القيادي اليساري شكري بلعيد، ضيفي شرف المؤتمر الذي أطّرته الكاتبة التونسية رجاء بن سلامة.
وبشأن هذا المؤتمر المنظم لأول مرة بعد اندلاع الثورة في تونس، قال الحبيب الكزدغلي، رئيس المؤتمر وعميد كلية الآداب بمنوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاومة الإرهاب لا يمكن أن تعتمد على الحلول الأمنية فقط، بل إن الأمر يتجاوز الحل الأمني إلى رؤية تربوية وإعلامية وثقافية شاملة. واعتبر هذا المؤتمر «بادرة من المثقفين التونسيين يبرزون من خلالها تصميمهم على تعاضد كل الأطراف التي تخوض المعركة ضد الإرهاب عبر ما يتيحه نشاطهم الثقافي والأفكار التي ينشرونها ضمن أعمال هدفها مقاومة الإرهاب».
وأشار الكزدغلي إلى تتالي الهجمات الإرهابية في تونس التي استهدفت مؤخرا السياح الأجانب وخلفت عشرات القتلى. وذكر بالهجمات المسلحة ضد قوات الجيش والأمن وكذلك اغتيال الزعماء السياسيين سنة 2013، في إشارة إلى القيادي اليساري شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي. وقال إن كل هذه الأحداث المأساوية هي التي أدت إلى التساؤل حول كيفية التعامل مع ظاهرة الإرهاب والحد من مخاطرها وتحصين المجتمع التونسي ضد الأفكار التكفيرية.
وركّزت أشغال المؤتمر على قضايا عدة، من بينها تلك التي طرحتها رجاء بن سلامة، الباحثة الجامعية التونسية، التي تساءلت: «لماذا تركنا الشباب التونسي وحيدا أمام الإرهاب؟ وكيف يتم صنع الإرهاب؟ وما هي البؤر التي تواصل إنتاج هذه الظاهرة؟».
وذكرت تقارير دولية أن نحو 5800 شاب تونسي موزعين على بؤر التوتر في ليبيا والعراق وسوريا، كما أكدت وزارة الداخلية التونسية من جانبها أنها منعت ما يفوق 12 ألف شاب تونسي خلال السنوات الأخيرة من التوجه إلى ساحات القتال.
ومن جانبه، طالب الباحث الجامعي التونسي حمادي الرديسي، وزارة الداخلية بتقديم معطيات دقيقة حول حياة الإرهابيين والمجموعات الإرهابية، ومستوياتهم التعليمية، وغيرها من المعطيات، حتى يتسنى للباحثين القيام بدراسات معمقة في هذا المجال والإحاطة بهذه الظاهرة من كل الجوانب. واقترح المؤتمر في بيانه الختامي مناقشة الوضع الأمني والسياسي الحالي كأرضية عمل لإسهام المثقفين التونسيين في هذا المؤتمر الوطني ضد الإرهاب.
ولم تخل هذه التظاهرة من انتقادات وجهت إلى المثقفين المشاركين في المؤتمر، إذ أشارت ليلى الحاج عمر، وهي باحثة في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى أن «مثقفين تونسيين وظفوا أقلامهم بعد الثورة لإنتاج خطاب الحقد والكراهية ضد أطراف وأطياف من المجتمع التونسي». وأضافت أن الكثير من المثقفين التونسيين المشاركين في المؤتمر الوطني ضد الإرهاب كان لهم دور عميق في إحداث شروخ داخل المجتمع عبر خطاب إقصائي استئصالي عنيف سعى إلى اجتثاث كل فكر مخالف للمشروع المجتمعي الحداثي الذي ادعوا تبنيه والدفاع عنه. وتابعت: «لقد غذّوا بذلك عدوانية هيمنت على المجتمع وأنتجوا بتطرفهم الحداثي تطرفا مضادا ونفورا ورفضا، خاصة لدى الشباب، لخطابهم الاستئصالي الذي كان تعبيرا عن سلفية أخرى»، على حد تعبيرها.
على صعيد متصل، قالت مصادر أمنية تونسية إنها ألقت أمس القبض في منطقة سيدي بوزيد (وسط تونس) على أربعة عناصر يشتبه في انتمائهم إلى خلايا إرهابية. وأضافت أنها حجزت لديهم رايات سوداء وكتبا تحث على التطرف، وشملت عملية الإيقاف ثلاثة متهمين بالإرهاب في مدينة المكناسي وواحدا من مدينة سيدي بوزيد (مركز المحافظة).



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».